عربي ودولي
الجمعة 31 يناير 2025 8:09 صباحًا - بتوقيت القدس
إليوت أبرامز والمحافظين الجدد: يجب إبقاء القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى الأبد
واشنطن- "القدس" دوت كوم- سعيد عريقات
أصدر أحد أبرز المحافظين الجدد طيلة نصف القرن الماضي سلسلة شاملة من التوصيات بشأن سياسة الشرق الأوسط لإدارة ترامب الجديدة، وكلها تقريبًا أفكار نشأت من عند رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود ، و"سيقبلونها بسرور بكل سرور" بحسب الباحث جيم لوب، نائب المحرر في موقع "ريسبونسيبل ستيتكرافت".
التقرير المكون من 16 صفحة، بعنوان "صفقات القرن: حل الشرق الأوسط"، منشور من قبل ما يسمى ب"تحالف فاندنبرغ"، الذي أسسه وترأسه إليوت آبرامز، أحد أشد الصقور من الذين روجوا في الماضي، ويروجون الآن لكل الخطط الإسرائيلية الاستيطانية، ويعملون بدون كلل في العاصمة الأميركية لخدمة نتنياهو.
وقد شغل إليوت أبرامز، وهو صهيوني أيديواوجي، مناصب عليا في السياسة الخارجية في كل إدارة جمهورية منذ رونالد ريجان (باستثناء جورج بوش الأب)، بما في ذلك منصب المبعوث الخاص لفنزويلا ثم لإيران خلال فترة ولاية ترامب الأولى.
وقد تم إنشاء التحالف بعد فترة وجيزة من تولي الرئيس السابق بايدن منصبه يوم 20 كانون الثاني 2021، وكان بمثابة مشروع حديث "للقرن الأميركي الجديد"، وهي منظمة عملت كمركز ومنصة للمحافظين الجدد المؤيدين لليكود والقوميين العدوانيين واليمين المسيحي التبشيري في حشد الدعم العام لـ "الحرب العالمية على الإرهاب"، وغزو العراق عام 2003، والابتعاد عن حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وخاصة في ظل إدارة جورج دبليو بوش التي عمل فيها أبرامز كمساعد خاص للرئيس ومدير أول لشؤون الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، ونجا من عدد من عمليات التطهير للمحافظين الجدد البارزين في تلك الإدارة بعد أن ألمت العراقيل والتعقيدات في احتلال العراق.
ويدعو التقرير الجديد كما كان متوقعًا الإدارة الجديدة إلى "استخدام جميع عناصر القوة الوطنية [الأميركية]" لمنع إيران، "أعظم تهديد للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط وسبب معظم مشاكل الأمن في المنطقة"، من الحصول على قنبلة نووية. وتصف التوصيات إسرائيل بأنها "حليفنا الأساسي في المنطقة" والتي ينبغي لواشنطن أن تزودها بكل "الأسلحة التي تحتاجها لمساعدتها على الفوز بالحرب في غزة ومنع التصعيد على نطاق أوسع".
وتدعو التوصيات واشنطن أيضا إلى الحفاظ على وجودها العسكري في كل من العراق وسوريا، وتعليق كل المساعدات للقوات المسلحة اللبنانية "حتى تظهر استعدادها لمعارضة حزب الله، وتسريع مبيعات الأسلحة الأميركية وتوسيع التعاون ألاستخباراتي مع الإمارات العربية المتحدة"، وتعزيز التعاون العسكري والأمني مع المملكة العربية السعودية شريطة أن "تبتعد عن الصين وروسيا".
كما تدعو السعوديين إلى "زيادة التزاماتهم بالاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الأميركية"، و"التوقف عن التصريحات العامة" التي تنتقد إسرائيل وتدعم إيران. ويصر التقرير على أن "التعاون المعزز مع المملكة العربية السعودية يجب أن يكون مشروطا بكونهم لا لبس في الجانب الذي يقفون فيه".
كما ينبغي لواشنطن أن تصنف قوات الحشد الشعبي العراقية المدعومة من إيران والميليشيات ذات الصلة كمنظمات إرهابية أجنبية وأن تتوقف عن التعامل معها سياسيا، وأن تعمل مع المجلس القيادي الرئاسي اليمني المدعوم من السعودية ضد الحوثيين الذين أشاد التقرير بتصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية الأسبوع الماضي.
وفيما يتعلق بالحكومة الجديدة في سوريا، يقول التقرير إن العقوبات المستمرة، التي ساعدت في شل اقتصاد البلاد، لا ينبغي رفعها "ما لم تثبت الحكومة الجديدة أنها جهة فاعلة مسؤولة"، رغم أنه لا يصف ما يعنيه ذلك بأي تفاصيل. وبصرف النظر عن وضع إيران باعتبارها العدو رقم واحد في التقرير، فقد تم تخصيص ازدراء خاص لقطر، التي لعبت دورا محوريا في التوسط بين إسرائيل وحماس بشأن مصير الإسرائيليين المحتجزين في غزة والفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل. وإن الاحتقار المماثل محجوز للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وللوكالات المختلفة التابعة للأمم المتحدة، ولا سيما "الأونروا"، التي عملت مع اللاجئين الفلسطينيين وأسرهم في جميع أنحاء الشرق الأوسط لأكثر من 70 عامًا، وكبار مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذين يتعاملون مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على وجه الخصوص.
يجب على واشنطن "وقف كل التمويل للأونروا على الفور" وكذلك لليونيفيل، قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتشرة على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية ما لم يتم منح قواتها السلطة وإظهار الإرادة لمواجهة قوات حزب الله في المنطقة. أما بالنسبة لقطر، فقد "عملت على تقويض المصالح الأميركية من خلال التعاون مع إيران وإيواء الجماعات الإرهابية مثل حماس"، وفقًا للتقرير. "مع وجود أصدقاء أفضل بكثير مثل السعوديين، لم تعد واشنطن بحاجة إلى التسامح مع السلوك القطري المزعزع للاستقرار"، وبالتالي يجب نقل المقر الأمامي للقيادة المركزية الأميركية من قاعدة العديد الجوية في قطر وإلغاء "وضع الحليف الرئيسي غير التابع لحلف شمال الأطلسي" للدوحة ما لم يتغير سلوكها. وينبغي أن تُمنح هذه المكانة للإمارات العربية المتحدة، وفقًا للتقرير، شريطة أن "تقلل من اعتمادها على البائعين الروس والصينيين" للمعدات العسكرية.
التقرير، الذي يصف سياسات إدارة بايدن في الشرق الأوسط في أكثر من مناسبة بأنها "استرضاء"، وخاصة تجاه إيران، يذكر القارئ بأن ترامب أعلن الشهر الماضي فقط أن "الشرق الأوسط سوف يُحل (كمشكلة)"، وهي العبارة التي ألهمت بلا شك عنوان التقرير: "صفقات القرن: حل الشرق الأوسط". وبينما يقول التقرير إنه كان نتاج "مجموعة عمل من خبراء الشرق الأوسط"، لم تظهر في التقرير أسماء أخرى غير أبرامز، وجابرييل شينمان، ودانييل ساميت، وهما المحافظان الجديدان الأخيران من جمعية ألكسندر هاملتون. وعادة ما تسرد التقارير الصادرة عن المنظمات ذات العناوين الرئيسية المساهمين فيها. وفي تقديم ما يسميه "المصالح الأميركية الرئيسية في الشرق الأوسط"، يضع التقرير "منع إيران من تطوير سلاح نووي على رأس القائمة" ولكنه يعرب أيضًا عن قلقه إزاء توغلات الحزب الشيوعي الصيني في المنطقة، مشيرًا إلى أن الحزب الشيوعي الصيني هو "الخصم العالمي الرئيسي" لواشنطن.
وفي صدى للحرب العالمية على الإرهاب، تقول واشنطن إنه ينبغي لها أيضا "أن تحرم الإرهابيين الجهاديين من ملاذ آمن"، في إشارة جزئية إلى الضرورة التي يشعر بها مؤلفو التقرير للاحتفاظ بالقوات الأميركية في سوريا والعراق.
ولكن "تحالف أميركا مع إسرائيل يشكل أهمية مركزية للمصالح الأميركية في المنطقة، نظرا لأنه يعزز القيم الأميركية داخل الشرق الأوسط ويوفر خط الدفاع الأول ضد العدوان الإيراني". وعلاوة على ذلك، ينبغي لواشنطن أن تحاول توسيع اتفاقيات إبراهيم، و"لا ينبغي للقضية الفلسطينية أن تعوق تطبيع إسرائيل مع الدول العربية والإسلامية أو تعرض أمنها للخطر بأي شكل آخر". ويتعين على واشنطن "ضمان حصول إسرائيل على الأدوات اللازمة للدفاع عن نفسها".
ووفقا للتقرير، هناك مصلحة أخرى تتمثل في توسيع نطاق وصول حلفائنا وشركائنا في أوروبا وأماكن أخرى إلى إمدادات الطاقة في المنطقة.
ولزيادة الضغط على إيران، لا ينبغي لواشنطن أن تعيد فرض حملة "الضغط الأقصى" التي شنها ترامب فحسب، بل ينبغي لها أيضا أن تدرج ضمنها إقناع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بفرض "عقوبات سريعة" على طهران في الأمم المتحدة. ولعل من اللافت للنظر أن هذا يوفر إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد من شأنه أن "يمنع تخصيب اليورانيوم الإيراني بما يتجاوز الكميات الصغيرة اللازمة لبرنامج نووي مدني"، وهو ما حققته خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، التي انسحب منها ترامب في عام 2018، قبل أن ينسحب منها ترامب، تحت تأثير المحافظين الجدد مثل أبرامز، في عام 2018.
وإذا أمكن التوصل إلى اتفاق، وفقا للتقرير، فينبغي التعامل معه باعتباره معاهدة؛ أي إخضاعه لأغلبية الثلثين من الأصوات في مجلس الشيوخ. وفيما يتصل بالفلسطينيين في أعقاب الأشهر الخمسة عشر الماضية من الحرب في غزة، "يجب أن تعطي السياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين الأولوية لأمن إسرائيل وشركائنا العرب". ويجب على واشنطن "فرض معايير للحكم الرشيد. إن الولايات المتحدة يجب أن "تسمح لوصاية عربية بالسيطرة على غزة بعد الحرب".
وبكلمات لابد وأن تثلج قلب نتنياهو، يشير التقرير إلى أن "ضعف السلطة الفلسطينية وعدم كفاءتها يعنيان أنها لا تستطيع حكم غزة"، وأن "إسرائيل سوف تحتاج إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية لمنع حماس من إعادة البناء، ولكنها لا ينبغي لها ولا ترغب في حكم غزة بنفسها".
يشار إلى أن لأبرامز تاريخ طويل مع كل من فلسطين وغزة، وخاصة أثناء إدارة جورج دبيو بوش (ألإبن). فبعد فوز حماس غير المتوقع في الانتخابات على منافستها فتح في انتخابات عام 2006 ــ والتي أشيد بها باعتبارها الانتخابات الأكثر حرية وعدالة في العالم العربي في ذلك الوقت ــ شجع أبرامز وغيره من كبار المسؤولين تصعيد الانقلاب المسلح ضد حماس بقيادة زعيم فتح المحلي والمفضل لدى أبرامز محمد دحلان، والذي أشعل بدوره حرباً أهلية قصيرة في القطاع، حيث خرجت حماس منتصرة وأقوى من أي وقت مضى. وبعد هذه الفضيحة، انتقل دحلان إلى الإمارات العربية المتحدة، وكان هناك الكثير من التكهنات بأنه قد يلعب دورا رئيسيا نيابة عن الإمارات إذا تم إنشاء نوع من "الوصاية العربية" إلى جانب قوات الأمن الإسرائيلية كما أوصى التقرير.
ولعل أكثر التوصيات حداثة تلك التي استندت إلى تأكيد التقرير أن حلفاء إيران من غير الدول في المنطقة يستخدمون عادة غير المقاتلين كدروع بشرية ـ وهو ما يمثل تأييداً واضحاً لدفاع إسرائيل عن قصفها للمباني السكنية والمدارس وغيرها من المباني في غزة ولبنان خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 46 ألف إنسان، أغلبهم من النساء والأطفال. وينصح التقرير الولايات المتحدة بأن تقترح على مجلس الأمن قراراً ينص على أن استخدام الدروع البشرية يشكل جريمة بموجب القانون الدولي، وأن أولئك الذين يستخدمون الدروع البشرية مسؤولون عن الوفيات بين المدنيين التي تنجم عن ذلك.
دلالات
الأكثر تعليقاً
نتنياهو: حماس هم النازيون الجدد ونحن ملتزمون بهزيمتهم نهائيا
إنه الفلسطيني يا غبي!
الأمم المتحدة: أكثر من 423 ألف مهجّر فلسطيني عادوا إلى شمال غزة
بعد دعوة ترامب لتهجير فلسطينيي غزة.. قطر: حل الدولتين الطريق الوحيد
أبو عبيدة يعلن رسمياً استشهاد محمد الضيف ومروان عيسى
غوتيريش يطالب بإجلاء فوري ﻟ2500 طفل من قطاع غزة لأسباب طبية
إعلام إسرائيلي: نتنياهو يغادر السبت إلى واشنطن
الأكثر قراءة
تعهدات أميركية لإسرائيل بتعطيل إعادة الإعمار وإدخال "الكرفانات" شمالي غزة
سويسرا ترحل الصحفي الأميركي الفلسطيني علي أبو نعمة بعد اعتقال جائر
زكريا الزبيدي... «التنين» الذي عذّب إسرائيل يُفرج عنه في إطار الهدنة
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوافقون على تفعيل مهمة المراقبة في معبر رفح
أنتوني بلينكن يوقع عقدا لكتاب عن سنواته كوزير خارجية جو بايدن
إعلان أسماء الأسرى المحررين من سجون الاحتلال ضمن الدفعة الثالثة من التبادل
"أنا بخير في غزة".. سرايا القدس تبث مقطعًا مسجلًا للمحتجزة أربيل يهود
أسعار العملات
الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 531)
شارك برأيك
إليوت أبرامز والمحافظين الجدد: يجب إبقاء القوات الأميركية في الشرق الأوسط إلى الأبد