تفاخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الأربعاء، بأن إدارته أوقفت إرسال 50 مليون دولار من "الواقيات الذكرية المستخدمة من قبل (حركة) حماس في صنع القنابل إلى غزة". ولم يقدم ترامب أي دليل على مزاعمه - بأن الواقيات الذكرية كانت تُرسل إلى غزة أو أن حماس تستخدم وسائل منع الحمل لصنع القنابل - وترك العديد من الناس يتساءلون عما كان يتحدث عنه الرئيس الأميركي.

وقد كشف موقع دروبسات نيوز ( DropSiteNews ) الخميس أن الرئيس ترامب والإدارة خلطا بين مقاطعة غزة في جنوب موزامبيق التي أرسلت إليها المساعدات الصحية ، وليس غزة فلسطين.

وكان ترامب قد أدلى بادعاء وسائل منع الحمل أثناء سرد إنجازات إدارته منذ توليه منصبه.

وقال ترامب يوم الأربعاء: "لقد حددنا وأوقفنا إرسال 50 مليون دولار إلى غزة لشراء الواقيات الذكرية لحماس. لقد استخدموها كوسيلة لصنع القنابل. ماذا عن ذلك؟". وكانت قد أدلت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض (الناطقة الرسمية باسم الرئيس ترامب)، قد قامت بادعاء مماثل يوم الثلاثاء خلال أول إحاطة صحفية لها. وصرحت بأن وزارة كفاءة الحكومةDOGE)  ) ومكتب الإدارة والميزانية (OMB) "وجدا أن هناك ما يقرب من 50 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب خرجت لتمويل الواقيات الذكرية في غزة".

ووصفت ليفيت المساعدات المزعومة في مؤتمرها الصحفي الأول بأنها "إهدار سخيف لأموال دافعي الضرائب"

كما قال جيسي واترز، وهو مقدم برنامج حواري يميني على قناة فوكس نيوز، إن حماس تستخدم الشحنات الأميركية غير الموجودة (للواقيات الذكرية) لصنع "قنابل الواقيات الذكرية"، وإطلاق بالونات محملة بالمتفجرات إلى إسرائيل، دون أن يقدم أي دليل على ذلك.             

وبحسب الخبراء، وجه ترامب الاتهام لتصوير غزة كمثال على الإنفاق المسرف للمساعدات الخارجية الأميركية. وقد بررت إدارته تعليقها لجميع المساعدات الأجنبية تقريبًا من خلال تسليط الضوء على أمثلة على "التمويل الفظيع"، مثل برامج منع الحمل والرعاية الصحية الإنجابية.

وتقول الإدارة إنها تجري مراجعة لضمان أن عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات الخارجية الأميركية تتوافق مع سياسة ترامب الخارجية "أمريكا أولاً" وليس إهدارًا لأموال دافعي الضرائب.

يشار إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر مانح للمساعدات على مستوى العالم. وفي السنة المالية 2023، صرفت 72 مليار دولار من المساعدات في جميع أنحاء العالم على كل شيء من صحة المرأة في مناطق الصراع إلى الوصول إلى المياه النظيفة وعلاجات فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز وأمن الطاقة وأعمال مكافحة الفساد.

وبعد فترة وجيزة من عودته إلى منصبه لفترة ولاية ثانية في 20 كانون الثاني، أمر ترامب بتجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا للتأكد من أن المساعدات تتوافق مع سياسات إدارته، التي تعارض الإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً وبرامج التنوع.

من جهته، قال وزير الخارجية ماركو روبيو في مذكرة أصدرها يوم الجمعة الماضي، 24 كانون الثاني 2025، إن الولايات المتحدة تجمد جميع صرف المساعدات تقريبًا باستثناء مساعدات الغذاء الطارئة والمساعدات العسكرية إلى مصر وإسرائيل.

عدد الواقيات الذكرية التي يمكن شراؤها بمبلغ 50 مليون دولار:

وقد دحض رئيس منظمة اللاجئين الدولية جيريمي كونينديك، الذي أشرف على حقيبة مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) الخاصة بكوفيد-19 لإدارة الرئيس جو بايدن، ادعاءات ترامب وليفيت ووصفها بأنها غير واقعية.

وكتب يوم الأربعاء على موقع X  "تشتري الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الواقيات الذكرية بحوالي 0.05 دولار للقطعة الواحدة، وإن 50 مليون دولار ستكون كافية لشراء مليار واقي ذكري. ما يحدث هنا ليس مليار واقي ذكري لغزة. ما يحدث هو أن الإخوة في وزارة الخارجية لا يستطيعون على ما يبدو قراءة جداول البيانات الحكومية".

هل كانت الولايات المتحدة سترسل حقًا 50 مليون دولار من الواقيات الذكرية إلى غزة؟

لا يوجد دليل متاح للجمهور على وجود خطط لإنفاق ملايين الدولارات من دافعي الضرائب على تمويل الواقيات الذكرية في غزة، ولم يستجب مسؤول في وزارة الخارجية لطلب أدلة من وكالة رويترز للأنباء.

ومع ذلك، هناك الكثير من الأدلة التي يبدو أنها تدحض ادعاء ترامب.

في بيان صدر يوم الأربعاء، أوضحت الهيئة الطبية الدولية  (IMC)، وهي منظمة تتلقى أموالاً أميركية لتوفير الرعاية الطبية في غزة، عملها في القطاع المحاصر.  وقالت: "لم يتم استخدام أي تمويل من الحكومة الأميركية لشراء أو توزيع الواقيات الذكرية، ولا تقديم خدمات تنظيم الأسرة".

وأضاف بيانها أن الهيئة الطبية الدولية تلقت أكثر من 68 مليون دولار من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية منذ 7 تشرين الأول 2023، والتي تم استخدامها لتشغيل مستشفيين ميدانيين كبيرين في غزة، بما في ذلك الرعاية الجراحية وعلاج سوء التغذية والرعاية الطارئة للأمهات والأطفال حديثي الولادة.

ولا تعكس أي تقارير متاحة للباحثين  العاديين من قبل "وزارة كفاءة الحكومةDOGE) ) ، التي يرأسها الملياردير إيلون ماسك (أغنى رجل في العالم)، أو مكتب الإدارة والميزانية  ( OMB ) خطة لإنفاق 100 مليون دولار على عمليات الهيئة الطبية الدولية في غزة.

كما لا تظهر التقارير الخاصة بالسنوات المالية 2007 حتى 2023 بشأن وسائل منع الحمل والواقيات الذكرية التي شحنتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى بقية العالم أي سجل للواقيات الذكرية التي تم شحنها إلى غزة.

يشار إلى أن دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط، قالت في منشور على موقع X يوم الأربعاء إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لم تنفق أموالاً على غزة في السنة المالية 2023.

ويظهر تقرير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في نيسان الماضي أن الولايات المتحدة سلمت 60.8 مليون دولار من وسائل منع الحمل والواقيات الذكرية إلى أربع مناطق - الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي - في السنة المالية السابقة.

وتلقى الشرق الأوسط 45681 دولارًا فقط بينما تلقت أفريقيا أكثر من 54 مليون دولار، أو 89 في المائة، من وسائل منع الحمل في السنة المالية 2023.

وأضاف التقرير أن مبلغ 45681 دولارًا تم تقديمه بالكامل إلى الأردن وشمل وسائل منع الحمل الفموية والحقن ولكن لم يشمل الواقيات الذكرية.

كما تظهر تقارير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عمليات التسليم إلى الشرق الأوسط في السنوات المالية 2019 و2013 و2012 و2009 و2008 و2007، ولم يذكر أي منها أي عمليات تسليم إلى غزة.

وفي عهد إدارة ترامب، قدمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية 1.1 مليون دولار إلى الشرق الأوسط في السنة المالية 2019. وذهبت جميع السلع إلى اليمن، بما في ذلك الواقيات الذكرية والأنثوية وأنواع متعددة من وسائل منع الحمل.