Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 27 يناير 2025 9:35 صباحًا - بتوقيت القدس

قدسية الأسرة في القدس.. بين التحديات والحلول

تُعَدُّ الأسرة في مجتمعنا المقدسي النواة الأساسية لبناء الأفراد والمجتمع ككل، فهي ليست مجرد مكان للعيش المشترك، بل هي كيان مقدس يربط بين الأفراد على مستوى عميق من التفاهم والمشاركة. وقدرتها على الاستمرار والنجاح تحدد بشكل كبير استقرار المجتمع وازدهاره. في هذا السياق، أود أن أشارككم رؤيتي المهنية والتجربة العملية التي اكتسبتها خلال سنوات عملي كمستشارة تربوية وأخصائية زوجية، التي تتضمن الجلسات الإرشادية الفردية والجماعية، فضلاً عن الأبحاث العلمية التي أركز عليها بشكل مستمر في متابعة التطورات التي تطرأ على الأسر في مجتمعنا.


الأسرة في ديننا وثقافتنا


الأسرة في الإسلام تحظى بمكانة عظيمة، وقد حثنا ديننا الحنيف على ضرورة الحفاظ على هذه المؤسسة وإعلاء شأنها، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم: 21). هذه الآية تضع أمامنا نموذجاً سامياً للعلاقة الزوجية القائمة على المودة والرحمة والتفاهم. لكن في عصرنا الحالي، تزداد التحديات التي تواجه الأسرة، ما يستدعي منا التركيز على الحلول العملية والواقعية التي تتماشى مع احتياجات المجتمع.


التحديات المعاصرة للأسرة المقدسية

في مدينة القدس، التي تتسم بالكثير من الضغوطات الاجتماعية والسياسية، يواجه الأزواج والعائلات تحديات فريدة تتطلب منا الانتباه الجاد. من أبرز هذه التحديات هو محاولة هدم الأسرة المقدسية وتشتيتها، من خلال تسهيل قضايا الطّلاق وما يترتب عليها من حقوق، وتوفير مؤسسات متعددة لاحتواء الأطفال الذين انفصلوا عن أسرهم أو أطفال تُعد أسرهم خطر على حياتهم، كما يؤثر الأقران والأصدقاء والعائلة سلبيّاً على استقرار الأسرة بسبب تدخلاتهم غير الملائمة، وأيضاً الترويج للرفاهية على منصات التواصل الاجتماعي، التي تخلق حالة من المقارنات السلبية بين الأزواج. فغالباً ما يتم تصوير الحياة الزوجية بشكل مثالي، ما يجعل الأزواج يشعرون بأن حياتهم لا ترتقي إلى هذا المستوى، وهذا بدوره يخلق مشاعر من عدم الرضا والضغط النفسي.

ومن خلال عملي كمستشارة زوجية، لاحظت أن العديد من المشاكل الزوجية تنبع من غياب التواصل الفعّال بين الأزواج، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تفاقم الخلافات وتحويلها إلى مشاكل أكبر. وهذا يمكن أن يعزز من انتشار ظاهرة الطلاق، التي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في مجتمعنا، مما يهدد استقرار الأسرة في القدس بشكل خاص.


أزمة الطلاق: نظرة متخصصة

عند الحديث عن أزمة الطلاق وتأثيرها على الأسرة، يجب أن نتناول الأسباب العميقة لهذه الظاهرة. من خلال جلسات الإرشاد التي أقدمها سواء كانت فردية أو زوجية، تبيّن لي أن العديد من حالات الطلاق تحدث نتيجة عدم التأهيل الصحيح للاستعداد الزواجي، وعدم وجود تواصل واضح بين الزوجين، وافتقارهما إلى مهارات حل المشكلات. فالعديد من الأزواج يدخلون في علاقة دون أن يكون لديهم تصور مشترك لما يتوقعونه من الزواج، ما يخلق فوارق كبيرة في التوقعات والرغبات، ويؤدي إلى تراكم الخلافات الصغيرة التي تتحول بمرور الوقت إلى قضايا كبيرة. وهذا بدوره يزيد من احتمالية الطلاق وتأثيراته السلبية على الأطفال.

الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تدعونا إلى أن تكون لدينا نية صافية في الحفاظ على العلاقات الأسرية. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم" (رواه الترمذي وصححه الألباني). هذا الحديث يبرز أهمية المعاملة الطيبة والخلق الحسن بين الأزواج، وهو نموذج ينبغي أن يسعى الجميع لتحقيقه.

 

 التأهيل النفسي قبل الزواج: الأساس لنجاح العلاقة

من خلال تجربتي كأخصائية زوجية، أرى أن التأهيل النفسي قبل الزواج هو خطوة أساسية لضمان استقرار العلاقة. على الشباب والفتيات أن يكون لديهم وعي كامل بمفهوم الزواج ومسؤولياته، وكذلك توقعاتهم تجاه الحياة الزوجية. هل تتماشى هذه التوقعات مع الواقع؟ هل هناك توافق بين الطرفين حول المسؤوليات والحقوق؟ هل لديهم المهارات الضرورية لبناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل؟

في ضوء هذه الأسئلة، تأتي أهمية الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج، حيث توفر لهم الأدوات والمهارات اللازمة لبناء علاقة متوازنة ومستقرة. فالتواصل الجيد وحل المشكلات بطرق بناءة هما أساس نجاح أي علاقة. من خلال ورش العمل التي أقدمها، وجدت أن الأزواج الذين يشاركون في هذه الدورات يكون لديهم قدرة أكبر على التكيف مع التحديات الزوجية وتحقيق التوازن في حياتهم الزوجية.


تطوير المهارات الحياتية للأزواج: استثمار طويل الأمد

أحد الحلول المهمة لتجاوز هذه التحديات هو تطوير المهارات الحياتية للأزواج، مثل مهارات الاتصال وحل النزاعات وإدارة الضغوط. في جلسات الإرشاد الزوجي التي أمارسها، أعمل مع الأزواج على تمكينهم من هذه المهارات، مما يساهم في تعزيز استقرارهم. إذا تمكن الأزواج من التواصل بشكل صحيح، والتعامل مع مشاكلهم بحكمة وصبر، فإن ذلك ينعكس بشكل إيجابي على العلاقة الزوجية والأسرية.


خاتمة: دعوة للعمل

إن هذه المقالة تستند إلى سنوات من العمل الإرشادي والتجربة العملية في تقديم الاستشارات الفردية والجماعية، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات الأسرية والزوجية في مجتمعنا المقدسي. لذا فإنني أدعو جميع الأزواج والمقبلين على الزواج إلى الانضمام إلى الدورات التأهيلية المتخصصة، التي توفر لهم الأدوات اللازمة لبناء علاقة صحية ومستدامة. هذه الدورات لا تقتصر فقط على تزويد الأفراد بالمعرفة، بل تساهم في تحسين جودة الحياة الزوجية، وتعزيز قدرة الأزواج على التكيف مع التحديات اليومية.

قدسية الأسرة هي مسؤوليتنا جميعاً، وتقديم الدعم والإرشاد للأزواج هو الطريق الأمثل لضمان استقرار الأسرة في القدس، وهو السبيل لتحقيق مجتمع أكثر قوة وتلاحماً.

دلالات

شارك برأيك

قدسية الأسرة في القدس.. بين التحديات والحلول

المزيد في أقلام وأراء

جائزة الشارقة في المالية العامة: أهدافها وقِيمها، وتجربة فلسطين بالفوز بالمركز الأول

بقلم: أ. هاني أبو سنفة.

المجد يركع لكم…

حديث القدس

العودة إلى الشمال

بهاء رحال

رسالة مفتوحة للرئيس والقيادات الفلسطينية

جمال زقوت

مسيرة شارع الرشيد للعودة

حمادة فراعنة

إدارة ترمب في الشرق الأوسط ، وعود زائفة ورؤية عقائدية فاشية ودينية مشوهة

مروان إميل طوباسي

ترمب والتهجير والقادم الأسوأ!

محمد جودة

معادلة: أمام هزيمة مركبة معقدة تنخر العظم والعظمة

حمدي فراج

تشميلة بني غزة

جهاد حرب

أزمة دستورية في إسرائيل

إسماعيل مسلماني

إنه الفلسطيني يا غبي!

ابراهيم ملحم

رسالة إلى ترمب .. لن يرحل الشعب

حديث القدس

تأملات حداثية في معجزتي الإسراء والمعراج

مسعود ريان

يتعاملون مع مسألة التهجير كأنها عمل خيري

د. أحمد رفيق عوض

الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين

حمادة فراعنة

الضفة الغربية بين "السور الواقي" و"السور الحديدي"

أحمد عيسى

عندما "تُحرَّم" الأرض على أهلها ؟

عطية الجبارين

الصفقة اليوسفية بعد أن حصحص الحق

وليد الهودلي

بين اتفاقين... إغراء المقارنة وغوايتها

عريب الرنتاوي

وللحرية باب

بهاء رحال

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 513)