Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 27 يناير 2025 10:00 صباحًا - بتوقيت القدس

الضفة الغربية بين "السور الواقي" و"السور الحديدي"


لا تزال حملة جيش الاحتلال الإسرائيلي العسكرية في الضفة الغربية التي بدأت من مخيم جنين مستمرة لليوم السابع على التوالي، إذ كانت قد بدأت يوم الثلاثاء الماضي الموافق 21-1-2025، وأطلق عليها الجيش اسم (السور الحديدي).


وكانت الضفة الغربية مسرحا لحملة عسكرية إسرائيلية العام 2002، أطلق عليها الجيش في حينه اسم (السور الواقي)، حيث اعتُبرت العملية العسكرية الأكبر للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ احتلالها العام 1967.

يسعى هذا المقال الى فحص التوافق والاختلاف بين العمليتين من حيث التسمية والأهداف والسياقات الاستراتيجية لكل منهما، ثم المرور على ما حققته إسرائيل من إنجازات حسب تعبيرها في العملية الأولى، في محاولة للوقوف على ما تسعى إسرائيل لتحقيقه في الإعتداء الجاري، وهل سيكون النجاح من نصيبها؟


فمن حيث التوافق بين العمليتين، يتجلى أولاً في الجغرافيا، إذ إن الضفة الغربية هي مسرحهما، وإن جنين، لا سيما مخيمها، نقطة البداية للعمليتين، علاوة على تجلي التوافق في إطلاق مسمى (السور) على كل منهما.


أما من حيث الاختلاف، فيتجلى أول جوانبه في طبيعة هذا السور، إذ كانت في العملية الأولى "وقائية"، أي ذات طبيعة دفاعية، أما في الثانية فهي حديدية، أي ذات طبيعة هجومية أكثر منها دفاعية. 


ويكمن ثاني جوانب الاختلاف بين العمليتين في أهداف كل منهما، إذ كانت إسرائيل أعلنت في حينه أن هدف عملية "السور الواقي" هو القضاء على البنية التحتية للمقاومة في الضفة الغربية، بما في ذلك القضاء على بنية السلطة الوطنية الفلسطينية التي اعتبرتها إسرائيل جزءاً أصيلاً من بنية المقاومة الفلسطينية، لا سيما أن حركة "فتح"، التنظيم الذي تقوم عليه منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، قد انخرط عميقاً في المقاومة من خلال جناحها العسكري الذي حمل اسم كتائب شهداء الأقصى.


فقد أعاد الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية كاملة، ودمر كل مؤسسات السلطة الأمنية (السيادية)، وحاصر مقر الرئاسة (المقاطعة) ودمر معظم مبانيها، والأهم في هذا الشأن كان تجرّؤ  إسرائيل على اغتيال الرئيس ياسر عرفات بعد مرور عامين على بدأ "السور الواقي".


وفيما يبدو أن هناك توافقاً بين أهداف الحملتين في ما يتعلق بالقضاء على البنية التحتية للمقاومة، فإن الاختلاف هذه المرة وفقاً للخطاب الإسرائيلي الرسمي يكمن في مكونات هذه البنية، إذ إن السلطة الفلسطينية، خاصة أجهزتها الأمنية، غير مشمولة في البنية التحتية للمقاومة. ويكمن ثاني جوانب الاختلاف في الأهداف المعلنة لحملة "السور الحديدي"، إذ أعلن وزير المالية الإسرائيلي والوزير الثاني في وزارة الجيش (سموتريتش) أن هدف العملية هو فرض فهوم الأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية، ومن جهته أضاف نتنياهو أن هدف العملية هو ملاحقة أيادي إيران في الضفة الغربية.


تجدر الإشارة هنا أن حركة "فتح" والسلطة وأجهزتها الأمنية غير مشمولتين في بنية المقاومة الفلسطينية وفقاً للخطاب الإسرائيلي الخاص بالحملة العسكرية، إلا أنه من اللافت أن إسرائيل لا تخفي رفضها وعدم ثقتها في كل منهما، الأمر الذي يبدو واضحاً في عبارة نتنياهو الشهيرة (لاحماسستان ولا فتحستان)، ويبدو أكثر وضوحاً في تصريح وزير المستوطنين سموتريتش أن هدف عملية السور الحديدي هو فرض مفهوم الأمن الإسرائيلي قي الضفة الغربية، الأمر الذي يحرم السلطة الفلسطينية من تجسيد المفهوم الفلسطيني للأمن في الضفة الغربية ويمنع تحولها لدولة مستقلة، ذات سيادة، ويجعل من الأمن الفلسطيني وتطبيقاته وفقاً لرؤية سموتريتش ملحقاً أو تابعاً للمفهوم الأمني الإسرائيلي.


وحول جوانب الاختلاف في السياقات الاستراتيجية الناظمة للحملتين فهي كثيرة، وتتعلق بالبيئة الاستراتيجية (المحلية والإقليمية والدولية) لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أن أبرزها يكمن في اعتبار الضفة الغربية جبهة حرب من الجبهات التي تخوض فيها إسرائيل حرب إبادة منذ أكثر من خمسة عشر شهراً، لا سيما على قطاع غزة، حيث أطلقت إسرائيل عليها اسم (السيوف الحديدية)، الأمر الذي يعني أن الحرب على الضفة الغربية والتي تحمل اسم السور الحديدي هي امتداد لحرب الإبادة على غزة، الأمر الذي يعني أن استئصال المقاومة وتطبيقاتها ومن يقول بها في فلسطين هدف أساسي معلن للحرب على الجبهة الفلسطينية، سواء جبهة غزة أم جبهة الضفة الغربية.


ويتجلى جانبٌ آخر من الاختلاف بين العمليتين في الرؤية الإسرائيلية لمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ يبدو واضحاً أن الائتلاف الذي يحكم إسرائيل الآن قد استبدل استراتيجية التسوية السياسية للصراع التي لم تخرج عنها إسرائيل خلال عملية "السور الواقي"، باستراتيجية الإبادة والتطهير والتهجير، كما حدث في غزة ويحدث في جنين الآن.


جانبٌ من الاختلاف يكمن أيضاً في الموقف الأمريكي من الصراع ومعالجته، إذ أعلن الرئيس الأمريكي سابقاً (بوش الابن) خلال عملية السور الواقي، وتحديداً في 24  حزيران 2002 عن حق الفلسطينيين في دولة فلسطينية مستقلة خاصة بهم تعيش بجانب إسرائيل بأمن وسلام، فيما خلال الحملية الحالية على كل من غزة والضفة الغربية تشارك الإدارة الأمريكية إسرائيل في ابادة الشعب الفلسطيني، ويبدو أن مشاركتها في ولاية الرئيس ترمب ستكون أكثر قسوة منها في عهد الرئيس بايدن، الأمر الذي بدا واضحاً في اختياره فريقاً يعمل معه أكثر يمينية من اليمين المتطرف الذي يحكم إسرائيل بزعامة نتنياهو، وكانت تصريحاته التي نقلتها وكالة رويترز أمس عن طلبه من بعض الدول في المنطقة استقبال فلسطينيين من غزة التي لم تعد مكاناً يصلح للعيش.


وحول ما حققته إسرائيل خلال حملة "السور الواقي" يمكن تلخيصه بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، ودمرت مساحة واسعة من مخيم جنين، واغتيال الرئيس ياسر عرفات، الأمر الذي يجعل من المشروع التساؤل: هل ستضم خلال عملية السور الحديدي التي هي امتداد لحرب الإبادة على غزة مساحات شاسعة من الضفة الغربية لسيادتها؟ لا سيما أن سموتريتش كان أعلن إن عام 2025 هو عام ضم الضفة الغربية؟ وهل ستكتفي إسرائيل بتدمير مخيم جنين برمته أم ستنتقل لتدمير مخيمات وقرى أخرى في الضفة الغربية؟ وهل ستعود إلى مقاربة الحل السياسي للصراع، أم ستبقي على مقاربة الحسم من خلال الإبادة؟ وهل ستنجح في استيلاد قيادة فلسطينية جديدة تتبنى مفهوم الأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية وفقاً لإعلان سموتريتش، الأمر الذي يبدو مستحيلاً، لا سيما أن القيادة الفلسطينية الحالية برئاسة الرئيس محمود عباس، آخر المؤسسين للمشروع الوطني الفلسطيني، ترى في إسرائيل مشروعاً استعمارياً استيطانياً شرساً لا يمكنه النجاح في فلسطين.


تجدر الإشارة هنا إلى أن جيلاً فلسطينياً جديداً قد نشأ في الفترة الزمنية الممتدة من "السور الواقي" إلى "السور الحديدي"، وأن تصميم هذا الجيل على مواجهة الإبادة واضح وملموس، والأهم أن إصراره على الصمود على أرضه أكثر وضوحاً، الأمر الذي يشي بوضوح أيما وضوح أن "السور الحديدي" مصيره الفشل كما كان مصير "السور الواقي"، وأن المقاربة العسكرية الإبادية التي ترى إسرائيل أنها المقاربة الأنجع لحسم الصراع مع الفلسطينيين على هذه الأرض لا تجلب لإسرائيل ومواطنيها إلا الفشل، الأمر الذي يفرض على الإسرائيليين، لا سيما اليهود منهم، توسيع دائرة النقاش الجاد فيما بينهم عن جدوى مشروعهم الاستعماري من أصله. 


* باحث متخصص في أبحاث الأمن القومي الفلسطيني والإسرائيلي

——

تجدر الإشارة هنا إلى أن جيلاً فلسطينياً جديداً قد نشأ في الفترة الزمنية الممتدة من "السور الواقي" إلى "السور الحديدي"، وأن تصميم هذا الجيل على مواجهة الإبادة واضح وملموس، والأهم أن إصراره على الصمود على أرضه أكثر وضوحاً

دلالات

شارك برأيك

الضفة الغربية بين "السور الواقي" و"السور الحديدي"

المزيد في أقلام وأراء

جائزة الشارقة في المالية العامة: أهدافها وقِيمها، وتجربة فلسطين بالفوز بالمركز الأول

بقلم: أ. هاني أبو سنفة.

المجد يركع لكم…

حديث القدس

العودة إلى الشمال

بهاء رحال

رسالة مفتوحة للرئيس والقيادات الفلسطينية

جمال زقوت

مسيرة شارع الرشيد للعودة

حمادة فراعنة

إدارة ترمب في الشرق الأوسط ، وعود زائفة ورؤية عقائدية فاشية ودينية مشوهة

مروان إميل طوباسي

ترمب والتهجير والقادم الأسوأ!

محمد جودة

معادلة: أمام هزيمة مركبة معقدة تنخر العظم والعظمة

حمدي فراج

تشميلة بني غزة

جهاد حرب

أزمة دستورية في إسرائيل

إسماعيل مسلماني

إنه الفلسطيني يا غبي!

ابراهيم ملحم

رسالة إلى ترمب .. لن يرحل الشعب

حديث القدس

تأملات حداثية في معجزتي الإسراء والمعراج

مسعود ريان

يتعاملون مع مسألة التهجير كأنها عمل خيري

د. أحمد رفيق عوض

الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين

حمادة فراعنة

عندما "تُحرَّم" الأرض على أهلها ؟

عطية الجبارين

الصفقة اليوسفية بعد أن حصحص الحق

وليد الهودلي

بين اتفاقين... إغراء المقارنة وغوايتها

عريب الرنتاوي

وللحرية باب

بهاء رحال

قدسية الأسرة في القدس.. بين التحديات والحلول

د. فريال رياض التميمي

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 513)