Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

السّبت 25 يناير 2025 9:28 مساءً - بتوقيت القدس

مغازلة أبو مرزوق لواشنطن استراتيجية أم تكتيك؟

رام الله - خاص بـ"القدس" دوت كوم

أثارت تصريحات موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" في الخارج، التي أشارت إلى استعداد الحركة للتواصل مباشرة مع واشنطن، العديد من التساؤلات حول مدى جدية هذه الخطوة وما إذا كانت تمثل تحولاً استراتيجياً في سياسة "حماس"، أم أنها مجرد محاولة لتحسين صورتها الدولية في مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة.


ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن تصريحات أبو مرزوق قد تعكس رغبة "حماس" في البحث عن شرعية قانونية واعتراف دولي، خاصة في ظل سيطرتها الفعلية على العديد من مناحي الحياة في غزة، في حين يرون أن هذه الخطوة قد تأتي في إطار سياسة أمريكية جديدة تحت قيادة الرئيس دونالد ترمب، الذي يسعى لترك إرث كصانع سلام. 


ويشيرون إلى أنه مع ذلك، فإن التحديات كبيرة لكلا الطرفين، فمن ناحية، تواجه "حماس" تحديات قانونية كونها مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية، إضافة إلى قضايا جوهرية، مثل: الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وتسليم السلاح، ومن ناحية أُخرى، تحتاج الإدارة الأمريكية إلى موافقة الكونغرس على أيّ خطوات تتعلق بفتح حوار مع "حماس"، وهذه العقبات تجعل من الصعب التنبؤ بمدى نجاح أي حوار مستقبلي، علاوة على وجود الانقسامات الداخلية الفلسطينية وعدم وجود إجماع وطني حول كيفية التعامل مع هذه التطورات.


رغبة "حماس" في البحث عن شرعية قانونية واعتراف دولي


يعتقد الكاتب والمحليل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية د.أمجد أبو العز، أن استعداد حركة "حماس" لفتح حوار مع الولايات المتحدة يعكس رغبة الحركة في البحث عن شرعية قانونية واعتراف دولي، خاصة في ظل سيطرتها الفعلية على العديد من مناحي الحياة في قطاع غزة. 


ويوضح أبو العز أن هذه الخطوة تأتي في إطار حقبة جديدة من السياسة الأمريكية تحت قيادة الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي يسعى لترك إرث كصانع سلام.


ويشير أبو العز إلى أن الولايات المتحدة بدأت بخطوات عملية على الأرض من خلال إرسال شركات أمنية قوامها قوات من الجيش وضباط متقاعدين إلى نقاط التفتيش في نتساريم، مما يشير إلى ضرورة وجود تفاهمات أو اتفاقيات مبدئية بين الطرفين تحتم فتح الحوار. 


ويعتقد أبو العز أن "حماس" ترغب في فتح خطوط اتصال مع الولايات المتحدة بحثاً عن شرعية قانونية، وقد تكون جزءاً من صفقة إقليمية يتم من خلالها احتواء الحركة عبر تفاهمات معينة، مثل تجنب الحرب مع إسرائيل مقابل السماح لممثليها بالمشاركة في حكومة أو أي نوع من الاتفاقيات.


ويشير أبو العز إلى أن ترمب يرغب في التعامل مع لاعبين على أرض الواقع، مما يفتح الباب أمام إمكانية فتح خط مباشر بين "حماس" والولايات المتحدة في المرحلة المقبلة، سواء أكان ذلك عبر مبادرات تكتيكية لتعزيز الهدنة وإطلاق سراح الأسرى، أم كجزء من استراتيجية أوسع للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط.


ويلفت أبو العز إلى أن التحديات كبيرة لكلا الطرفين، فمن ناحية، تواجه "حماس" تحديات قانونية كونها مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية، إضافة إلى القضايا الكبرى، مثل الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف وتسليم السلاح، وهي قضايا لا يمكن ل"حماس" اتخاذ قرارات بشأنها بسهولة، ومن ناحية أخرى، يحتاج ترمب إلى موافقة الكونغرس على أي خطوات تتعلق بفتح حوار مع "حماس".


ويوضح أبو العز أن تجربة الحوار مع الولايات المتحدة ليست جديدة بالنسبة للفلسطينيين، حيث بدأت منظمة التحرير الحوار مع واشنطن في السبعينيات، لكن هذا الحوار توقف بسبب رفض ياسر عرفات إدانة بعض العمليات الفلسطينية، مشيراً إلى أنه يفترض على حركة "حماس" أن تتعلم من تجربة المنظمة، لكنها تواجه تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين مشروعها الفلسطيني ومشاريعها الإقليمية.


ويرى أبو العز أنه يجب على "حماس" أن تفتح حواراً مع منظمة التحرير لتحقيق توافق على جميع النقاط، بما في ذلك المقاومة والعلاقات مع إسرائيل ودول الجوار، بدلاً عن البحث عن قنوات مع الولايات المتحدة الأمريكية.


ويؤكد أبو العز أن أي حوار مع الولايات المتحدة يجب أن يكون مدعومًا بمظلة قانونية فلسطينية موحدة، لتجنب المناورات التكتيكية التي قد تضعف الفلسطينيين على المدى البعيد. 


ويدعو أبو العز إلى فتح حوار وطني شامل لتطبيق الوحدة الوطنية على أرض الواقع، لقطع الطريق على أي خطط وبرامج قد لا تتناسب مع طموحات الفلسطينيين وحقوقهم السياسية المشروعة.


ويرى أبو العز أن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) يمكن أن يلعب دوراً محورياً في هذه المرحلة من خلال طرح مبادرة للحوار الوطني تشمل الجميع بمن فيهم حركة "حماس"، ما يسحب البساط من تحت أي قنوات حوار لا تتماشى مع الإجماع الوطني.


ويحذر أبو العز من أن إعادة إعمار غزة بمنظور اقتصادي بحت قد يتجاهل الأبعاد السياسية والجذرية للقضية الفلسطينية، مما يطرح أسئلة حول مدى قدرة هذا الحوار على تلبية حقوق الفلسطينيين المشروعة دون الوقوع بأي فخ سياسي.


"حماس" وقعت في لبس كبير بشأن زيارة ويتكوف


يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن حركة "حماس" وقعت في لبس كبير بشأن زيارة ستيفن ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص لدى الرئيس دونالد ترمب، إلى قطاع غزة، حيث كانت "حماس" تعتقد أن ويتكوف سيزور غزة على رأس وفد أمريكي مستقل عبر معبر رفح أو معبر بيت حانون، دون أن تدرك أن الزيارة ستتم تحت الغطاءين الأمني والإداري الإسرائيلي، وأن إسرائيل هي التي ستُنظم لهذه الزيارة.


ويشير عطا الله إلى أن هذا الالتباس دفع "حماس" إلى الإعلان عن استعدادها لتأمين الحماية للوفد الأمريكي، وهو تصريح تبعه تصريح آخر من قبل موسى أبو مرزوق أكد فيه استعداد الحركة لفتح حوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بنيت هذه التصريحات على افتراض خاطئ.


ولا يرجح عطا الله أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تفتح حواراً مع "حماس"، وذلك لأسباب عدة، منها القرار الأمريكي الراسخ بإنهاء حكم الحركة في غزة، والذي يتوافق مع الموقف الإسرائيلي. 


ويشير عطا الله إلى تغريدات صادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومستشار الأمن القومي الأمريكي، والتي أكدت على أن "لا مكان للمنظمات المسلحة في غزة"، ودعت إلى "سلخ غزة عنها وإعادة بنائها". 


هذه التصريحات، بحسب عطا الله، تعكس تطابقاً في الرؤية الأمريكية والإسرائيلية بشأن ضرورة إنهاء دور "حماس" كحركة مقاومة مسلحة.


ويؤكد عطا الله أن "حماس" ستواجه صعوبات جمة حتى لو فتحت الولايات المتحدة حواراً معها، وذلك لأن الشروط الأمريكية ستتنافى مع طبيعة الحركة وتكوينها، فمن المتوقع أن تطلب واشنطن من "حماس" التخلي عن سلاحها والاعتراف بإسرائيل، وهي شروط تتعارض مع الدور الوظيفي ل"حماس" كحركة مقاومة إسلامية. 


ويوضح عطا الله أن "حركة "حماس" قامت من أجل مقاومة الاحتلال، وإذا جردتها الولايات المتحدة من سلاحها، فإنها ستسلبها مبرر وجودها الأساسي".


ويشير عطا الله إلى أن التصريحات الأخيرة ل"حماس" بشأن استعدادها للحوار مع الولايات المتحدة جاءت نتيجة افتراض خاطئ، حيث اعتقدت الحركة أن المبعوث الأمريكي سيصل إلى غزة عبر معبر رفح المصري، دون أن تدرك أن الزيارة ستتم تحت عباءة الاحتلال الإسرائيلي.


ويرى عطا الله أن "حماس" تقف أمام معضلة كبيرة، حيث أن أي حوار مع الولايات المتحدة سيتطلب منها تقديم تنازلات جوهرية تتعارض مع مبادئها الأساسية، وفي الوقت نفسه، فإن استمرار عزلة الحركة الدولية قد يزيد من ضغوطها الداخلية والخارجية، ما يضعها في مأزق وجودي يصعب الخروج منه دون تغييرات جذرية في سياستها واستراتيجيتها.


موقف سياسي عميق نابع من إدراك "حماس" حجم الأزمة 


يعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض أن تصريحات موسى أبو مرزوق التي أشارت إلى رغبة الحركة في فتح قنوات اتصال جديدة مع الإدارة الأمريكية الحالية، ليست مجرد مجاملة دبلوماسية، بل تعكس موقفاً سياسياً عميقاً نابعاً من إدراك "حماس" لحجم الأزمة التي تواجهها. 


ويشير عوض إلى أنه بعد الدمار الكارثي الذي لحق بقطاع غزة، والحصار العسكري والسياسي المشدد، تشعر حركة "حماس" بأنها في مأزق وجودي، هذا المأزق لا يقتصر على الجانب العسكري أو المادي فحسب، بل يمتد إلى الجانب السياسي، حيث تشعر "حماس" بأن هناك جهوداً دولية وإقليمية تهدف إلى "شطبها" من المعادلة السياسية.


ويلفت عوض إلى أن "حماس" قد تكون على استعداد لتبني سياسات جديدة، ربما تشمل التحول إلى حركة سياسية بالكامل، أو حتى التخلي عن إدارة قطاع غزة كجزء من تسوية سياسية أوسع،وهذه الخطوات قد تهدف إلى فتح أبواب مغلقة مع الإدارة الأمريكية، والبحث عن شركاء جدد في المنطقة، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، من أجل تحقيق مصالحة فلسطينية تسمح بحوار أعمق مع المجتمع الدولي.


ويطرح د. عوض تساؤلات جوهرية حول مستقبل "حماس": هل يمكن للحركة أن تتحول إلى كيان سياسي بحت؟ وهل يمكن أن تعترف بإسرائيل كجزء من تسوية سياسية؟ وهل ستقبل بإدارة عربية أو دولية لقطاع غزة؟ هذه الأسئلة تعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها "حماس"، خاصة في ظل الضغوط الهائلة التي تتعرض لها.


ويعتقد عوض أن "حماس" قد تتعامل مع سيناريوهات متعددة تحفظ لها وجودها السياسي والعسكري، لكنه يستبعد أن تقدم الحركة أي مكافأة لإسرائيل، مثل الاعتراف بها، بعد الدمار الذي لحق بغزة، ومع ذلك، فإن "حماس" قد تكون مستعدة للتعامل مع مقترحات عربية وأمريكية تهدف إلى تحقيق هدوء طويل الأمد، أو حتى المشاركة في ترتيبات أمنية وسياسية تضمن استقراراً نسبياً في غزة.


ويشير عوض إلى أن أحد التحديات الكبيرة التي تواجه "حماس" هو كيفية بناء الثقة مع المجتمع الدولي والإقليمي، فحتى لو قدمت الحركة ضمانات بخصوص نواياها السياسية، فإنه من الصعب تصديقها في ظل تاريخها العسكري والسياسي المعقد، كما أن تسليم الأسلحة، وهو أحد المطالب الدولية الرئيسية، قد يجعل "حماس" ضعيفة للغاية وغير قادرة على فرض شروطها في أي مفاوضات مستقبلية.


ويرى عوض أن حركة "حماس" قد تلجأ إلى خيارات دراماتيكية، بما في ذلك الدخول في حوار سري أو علني مع الإدارة الأمريكية، من أجل الحفاظ على وجودها السياسي والعسكري في قطاع غزة، وهذا الحوار قد يتضمن تسويات مؤلمة، لكنها قد تكون ضرورية لضمان بقاء الحركة في ظل الظروف الحالية.


ويشير عوض إلى أن هذا التوجه قد يكون مدفوعاً أيضاً بالسياسة الأمريكية الحالية، خاصة مع عودة الرئيس دونالد ترمب إلى الواجهة السياسية، فترمب، المعروف بصفقاته السريعة وحزمه، قد يمثل فرصة ل"حماس" لتحقيق ترتيبات سياسية وأمنية سريعة في قطاع غزة.


لكن عوض يحذر من أن أي حوار منفرد بين "حماس" والولايات المتحدة قد يؤثر سلباً على الرؤية الاستراتيجية الموحدة للفلسطينيين، ويضعف فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، كما أن هذا الحوار قد يخلق انقسامات جديدة داخل المشهد السياسي الفلسطيني، مما يعقد جهود المصالحة الوطنية.


ويرى عوض أن "حماس" تقف عند مفترق طرق، حيث يجب عليها أن توازن بين الحفاظ على مبادئها وكسب شرعية دولية جديدة، وهذا التوازن الدقيق قد يكون المفتاح لبقاء الحركة في ظل الظروف السياسية المتغيرة في المنطقة والعالم.


تطور نوعي في الديناميكيات السياسية


يشير البروفيسور د. جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، إلى أن تصريحات موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الخارج، حول استعداد الحركة لفتح حوار مع الولايات المتحدة وتوفير الحماية لمبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، تُعد تطوراً نوعياً في الديناميكيات السياسية الفلسطينية والدولية. 


ويوضح حرفوش أن هذه الخطوة قد تفتح آفاقًا جديدة لمسارات دبلوماسية مختلفة، قد تنطوي على إعادة صياغة العلاقة بين الولايات المتحدة والحركات السياسية الفلسطينية.


ويؤكد حرفوش أن هذه المبادرة تُعتبر محاولة من "حماس" لتوسيع دائرة الفاعلين الدوليين المنخرطين في القضية الفلسطينية، وهو ما قد يُسهم في كسر حالة الجمود الراهنة. 


ويؤكد حرفوش أن هذا التطور يُعد مؤشراً على مرونة جديدة تتبناها "حماس"، خصوصاً في ظل الحاجة الملحة لتحسين الظروف الإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة، كما أن هذه الخطوة قد تعكس رغبة "حماس" في إبراز نفسها كطرف فاعل ومسؤول قادر على التواصل مع أطراف دولية مؤثرة.


من الناحية العملية، يشير حرفوش إلى أن نجاح هذه المسارات يعتمد على تجاوب الولايات المتحدة مع هذا العرض، ومدى استعدادها لإعادة النظر في سياساتها التقليدية تجاه حركة "حماس"، حيث أن هذه الخطوة قد تشكل بوابة لإعادة ترتيب الأوراق على الساحة الفلسطينية إذا ما استُغلت بحكمة ودراية.


ويوضح حرفوش أن "حماس" كحركة مقاومة لها منهجها السياسي والعسكري الخاص، وقد تبنت منذ نشأتها موقفاً مغايراً لمنظمة التحرير الفلسطينية فيما يتعلق بالاعتراف بإسرائيل، بينما انتهت منظمة التحرير إلى اتفاقيات أوسلو التي اعترفت فيها بإسرائيل كجزء من مسار التسوية، ولا يزال موقف "حماس" يركز على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، ورفض تقديم أي تنازل يتعلق بمبدأ السيادة الوطنية أو التنازل عن الأراضي.


ومع ذلك، يشير حرفوش إلى أن "حماس" اليوم تعمل ضمن واقع سياسي مختلف، يفرض عليها النظر باستراتيجية لتحقيق مكاسب ملموسة للشعب الفلسطيني مع الحفاظ على الثوابت الوطنية، لذلك، يمكن القول إن "حماس"، إذا ما انخرطت في أي مسار حواري، فإنها قد تبدأ من منطلق إعادة تقييم الظروف والاحتياجات الميدانية دون أن يعني ذلك تبني مواقف متطابقة مع منظمة التحرير، بل بناء استراتيجيات مغايرة تتناسب مع رؤيتها ومبادئها.


ويؤكد حرفوش أن الشروط الأمريكية المعروفة للحوار، والتي تشمل الاعتراف بإسرائيل، نبذ العنف، والالتزام بالاتفاقيات السابقة، لطالما شكّلت عقبة أمام أي تواصل بين "حماس" والإدارة الأمريكية، ومع ذلك، فإن السياسة هي فن الممكن، وتعتمد على المرونة والتكيف مع المتغيرات.


ويؤكد حرفوش أن "حماس"، كما يبدو من تصريحات قياداتها، لا تتعامل مع هذه الشروط بصيغة قبول أو رفض مطلق، بل تنطلق من مقاربة براغماتية تسعى لتحقيق مصالح شعبها ضمن الإطار السياسي المتاح، كما أن استعداد الحركة لتوفير الحماية لمبعوث أمريكي وزيارته لغزة قد يكون رسالة ضمنية مفادها أن هناك استعدادًا للحوار دون التخلي عن المبادئ الجوهرية.


ويعتقد حرفوش أنه من غير المرجح أن تقدم "حماس" تنازلات مبدئية تتناقض مع رؤيتها الوطنية، لكنها قد تسعى لإيجاد صيغة تفاهم تُحقق توازنًا بين متطلبات الواقع السياسي وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، لكن يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة الأطراف على خلق بيئة حوار تُمكّن من تجاوز الشروط المسبقة والوصول إلى حلول وسط تخدم الجميع.


تقديم نموذج واقعي للسياسة في مرحلة ما بعد الحرب


يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن استعداد حركة "حماس" لفتح حوار مع الولايات المتحدة يعكس رغبة الحركة في تقديم نموذج واقعي للسياسة في مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة. 


ويوضح بشارات أن "حماس" تسعى إلى عدم استعداء المجتمع الدولي، بل تريد أن تظهر كقوة منفتحة على الحلول السياسية التي يمكن أن تعيد بعض الحقوق للقضية الفلسطينية.


ويؤكد بشارات أن هذه الخطوة تنم عن واقعية سياسية في العلاقات الدولية، خاصة في ظل التركيبة الدولية الجديدة مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي يحمل رؤى ومشاريع سياسية يريد فرضها، سواء قبلها الفلسطينيون أم لا. 


ويشدد بشارات على أن الذكاء السياسي للفلسطينيين يكمن في كيفية التعامل مع هذه المرحلة دون استثناء أي مكون من المكونات الفلسطينية.


ويشير بشارات إلى أن المسارات المستقبلية للقضية الفلسطينية تتطلب حذراً ووعياً شديدين، إضافة إلى وحدة فلسطينية وخطاب جامع يعبر عن الحقوق الفلسطينية بشكل كامل. 


ويؤكد بشارات أن أي حوار مستقبلي مع أي طرف دولي يجب أن ينطلق من أرضية فلسطينية متكاملة وحالة تفاهم فلسطيني شامل، مما يتطلب حواراً فلسطينياً داخلياً قبل فتح أي أبواب مستقبلية مع الأطراف الدولية.


ويحذر بشارات من أن الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة تنم عن وجود رؤية إسرائيلية مستقبلية، قد تتقاطع مع الرؤية الأمريكية، مما يدفع إلى ضرورة طرح فلسطيني موحد لتخفيف الضرر الذي قد يلحق بالقضية الفلسطينية. 


ويؤكد بشارات أن هناك حاجة ماسة إلى مظلة سياسية جامعة للكل الفلسطيني تكون عنواناً أساسياً في هذه المرحلة.


ويشير بشارات إلى أن الصراعات الكبرى تشهد محطات مفصلية، كما حدث في الحرب الأمريكية على أفغانستان والحالة السورية، حيث تم فتح أبواب سياسية لقوى كانت تُصنف بالإرهابية، مؤكداً أن هذا لا يعني أن "حماس" يمكن أن تكون بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، بل يجب أن تكون هناك مظلة سياسية شاملة للكل الفلسطيني.


ويوضح بشارات أن الولايات المتحدة قد تحاول تطويع "حماس" في المسارات السياسية، لكنها لن تتعامل معها من مبدأ حسن النية، بل ستفرض مساراً سياسياً قد تضطر "حماس" لقبوله، مشيراً إلى أن "حماس" توازن بين مبادئها والواقعية السياسية، مما يضعها في مرحلة حساسة جداً.


ويشير إلى أن المرحلة الحالية هي مرحلة مخاض، ولا يمكن الجزم بالمسار الذي ستتخذه القضية الفلسطينية، خاصة مع المتغيرات المتسارعة على المستوى الفلسطيني الداخلي والإقليمي والدولي. 


ويعتقد بشارات أن الرؤية الأمريكية المستقبلية للشرق الأوسط والقضية الفلسطينية ما زالت غير واضحة، ما يجعل من المبكر الحكم على اتجاهات هذه المرحلة.


ويوضح بشارات أن "حماس" تواجه ضغوطاً كبيرة في موازنة مبادئها مع الواقعية السياسية، خاصة في ظل خشيتها من فقدان دعم جماهيرها. 


ويرى بشارات أن هذه المرحلة تتطلب حواراً فلسطينياً داخلياً لخلق مرتكزات متوافق عليها يمكن الانطلاق منها في المرحلة المقبلة.


ويؤكد بشارات أنه من المبكر الحديث عن فتح حوار شامل بين "حماس" والولايات المتحدة، لكنه يؤكد أن أي حوار مستقبلي يجب أن ينطلق من أرضية فلسطينية متكاملة وخطاب سياسي موحد يعبر عن الحقوق الفلسطينية بشكل كامل.


فرص الحوار المباشر لا تزال ضئيلة في المدى القريب


يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة قصي حامد أن تصريحات موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الخارج، لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، حول استعداد الحركة لفتح حوار شامل مع الولايات المتحدة وتسهيل زيارة  ويتكوف، تعكس رغبة "حماس" بتذليل العقبات أمام فتح قنوات حوار مباشرة مع إدارة ترمب، واستعدادها للاتفاق على ترتيبات جديدة فيما يتعلق بقطاع غزة، بما في ذلك قبول إدارة أو حكم غزة من قبل جهة متفق عليها، دون أن يكون هناك مشاركة مباشرة من الحركة. لكن في الإطار الأوسع، يرى حامد أن "حماس" ترسل رسائل للولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن الحركة منفتحة على الحوار والنهج السياسي، وأن سياسة الإقصاء والحصار بالإضافة إلى الضربات العسكرية التي شنتها إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة، واستهداف قياداتها السياسية والعسكرية، فشلت جميعها في القضاء على الحركة، وأن "حماس" استطاعت أن تعيد ترتيب صفوفها والظهور بمظهر المنتصر.


ويشير حامد إلى أن فرص الحوار المباشر بين "حماس" والولايات المتحدة لا تزال ضئيلة في المدى القريب، رغم وجود بعض الحوارات المتعلقة بأتمام صفقة التبادل وترتيبات "اليوم التالي" في قطاع غزة والتي تتم من خلال وسطاء.


ويلفت حامد إلى أن الإدارة الأمريكية تدرك صعوبة استثناء "حماس" من أي ترتيبات مستقبلية في غزة، رغم محاولاتها لتقليل دور الحركة في هذه الترتيبات.


وفي ما يتعلق بزيارة مبعوث ترمب إلى غزة، يعتقد حامد أن التعقيدات الأمنية المرتبطة بهذه الزيارة قد يقلل فرص إتمامها في القريب العاجل ولاسيما أن تسهيلها يتطلب تنسيقاً مع "حماس"، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لتوفير الحماية الأمنية، كما أن أي زيارة من هذا النوع ستكون محط نقاش بين الإدارة الأمريكية و"حماس" عبر وسطاء.


أما في ما يتعلق بانخراط "حماس" بمسار سياسي مع إسرائيل، فيعتقد حامد أن "حماس" لا تمانع ذلك شريطة أن يكون مسارا ذي جدوى ويفضي إلى تحقيق الفلسطينيين آمالهم وتطلعاتهم بدولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967. 


ويعتقد حامد أن "حماس" قطعت شوطاً متقدماً في تحديد موقفها من ذلك وتتوج في 2017 بإصدارها وثيقة السياسات العامة التي أظهرت فيها انفتاحاً على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، لكن تبقى مسألتا الاعتراف بإسرائيل أو التخلي عن السلاح غير خاضعتين للتنازل. 


ويعتقد حامد أن ربط الولايات المتحدة قبول الحوار مع "حماس" بشروط تقليدية (الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن العمل العسكري) غير منطقية.


ومع ذلك، يرى حامد أن خطوط التواصل بين "حماس" والولايات المتحدة قد تتكثف بشكل غير مباشر، خاصة في ظل الترتيبات الجديدة التي تخطط لها الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بقطاع غزة.


ويعتقد حامد أن تصريحات أبو مرزوق، التي جاءت في مقابلة مع صحيفة أمريكية، تمثل رسالة دبلوماسية موجهة إلى صناع القرار في الولايات المتحدة، تؤكد أن "حماس" لا تزال قوة سياسية وعسكرية مؤثرة في المشهد الفلسطيني، وأن استثناءها من أي ترتيبات مستقبلية سيكون أمراً صعباً، خاصة في ظل فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية في غزة بعد أكثر من 440 يوماً من المواجهات.

دلالات

شارك برأيك

مغازلة أبو مرزوق لواشنطن استراتيجية أم تكتيك؟

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 22 يناير 2025 9:11 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.55

شراء 3.54

دينار / شيكل

بيع 5.01

شراء 5.0

يورو / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 501)