طال ليل غزة واستطال، وأرخى سدوله بكل أنواع الهموم ليبتلي، وتمطّى حتى ناء بكلكلِ، كما جاء في وصف الشاعر الجاهلي امرئ القيس، حين قال لصاحبه الذي بكى لما رأى الدرب دونه: "نحاول مُلكاً أو نموت فنُعذرا".
يمضي ليل غزة بخطواتٍ ثقيلةٍ بين الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، ودخوله حيّز التنفيذ، تجمّد كتجمّد الأطفال في خيام النزوح، وتوقّف عقارب الساعة فيه، ونحن نستعجل معانقتها الموعد المضروب عند الساعة ١٢:١٥ دقيقة من يوم غدٍ الأحد.
ليل غزة يحصد أرواحنا، ينهش قلوبنا، يعذّبنا بطوله، ويقهرنا بثقل حركته، فهو ليلٌ ليس ككل ليلٍ يمضي، ليتبعه آخر بعد نهارٍ دامٍ.
إنه ليل المعذبين، ليل المصلوبين على أعواد المحرقة، ليل المنتظرين على أحرّ من المجمرة، نهاية الإبادة المستعرة.
رغم نزف الجراح، ووجع المعاناة، فإننا نعتصم بالأمل واليقين بحتميّة انتصار الحق على الباطل، والوطن على الاحتلال، والسّجين على السجّان.
وإذ ننتظر توقف المقتلة غداً، واحتضان أبنائنا الخارجين من خلف ستائر العتمة في مدافن الأحياء، ومهما بعدت بيننا المسافات، واختلفت الآراء، وتباينت التقييمات والتوصيفات، وتنوعت الوجهات والتوجّهات، فلنردد معاً: "ليس بعد الليل إلا فجر مجدٍ يتسامى"!
شارك برأيك
ليس بعد الليل إلا فجر مجدٍ يتسامى!