أقلام وأراء
الإثنين 18 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا - بتوقيت القدس
لنسقط الأوهام عن ترامب ونستعد للأسوأ
يقولون إنه تاجر يحب الصفقات ويكره الحروب، ويقولون إنه غير متوقع، وإنه سيكون متحرراً من الضغوط الصهيونية وإن هذا قد يسهل عليه فرض تسوية على الجميع، ويقولون إنه نرجسي وعصبي وعدواني، وبالتالي سيصنع مجده بطريقته، وأضافوا أيضاً إنه حظي بأصوات العرب والمسلمين وإنه لذلك سيجاملهم بطريقة أو بأخرى، وقالوا أيضاً إنه يعود مره ثانية أكثر خبرة وأعمق تجربة، وقد يكون لهؤلاء بعض العذر أو بعض الفهم، فقد بلغ بنا الضعف والعجز والخور إلى درجة أن ننتظر الحلول من صانع الأزمات، وأن نرجو العون من أعدائنا وأصدقاء أعدائنا، فصار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أشبه بمن يأتي ومعه جبل من طعام وجبل من نار، بين يديه ثواب وعذاب، بحيث تتعلق القلوب والأبصار به ترجو عطفه وتتجنب غضبه، حتى أن المذيعة العربية سألته عن حفيده نصف العربي فتعطف الرجل وقال إن العرب أذكياء .. شكرا لله سبحانه وتعالى، فهذا الوصف ينسف أكثر من 70 سنة من إلحاح استوديوهات هوليوود بأن العرب أغبياء ولا يستحقون ما هم فيه من نفط وشفط .
وترامب تاجر حقاً ومفاجئ ونرجسي ويتجاوز المؤسسة الرسمية، ويحاول أن يقدم مضموناً جديداً للإدارة والمجتمع ولدور الولايات المتحدة الجديد، وهو يعمل من أجل إمبريالية جديدة عنيفة وعدوانية أكثر تدقيقاً وأنانية وانعزالاً، تعيد تشكيل ذاتها لتقليل الخسائر إلى حد كبير، إمبريالية تسعى إلى استعادة القوة والنفوذ من خلال عمليات الاحتواء والمصالح المشتركة والصفقات المربحة.
إمبريالية مبادرة وسريعة وحاسمةـ ولكنها عدوانية إلى أبعد حدود العدوانية، إمبريالية الشركات والبنوك والتكنولوجيا الفائقة، التي لا تعترف كثيراً بالخصوصيات والأحلام القومية والثقافية، ولهذا فهي إمبريالية تتحالف فيها نخب المال مع نخب السياسة التي ترى في العالم مجرد ملعب جولف تتحرك فيه كما تريد لا تردعها حدود أو جماعات أو قانون.
ترامب بهذا المعنى يحيط نفسه بشخصيات تعكس ذلك كله وأكثر، شخصيات تدعي التطهرية الدينية والحماسة الإلهية وأنهم رسل السماء، تقع على أكتافهم تحقيق النبوءات وتجسيد كل البشارات، شخصيات لا تمتلك من الخبرة إلا أنهم يعشقون إسرائيل وأن إسرائيل تعشقهم، وأنهم متطرفون في حبها ومستعدون لفعل كل شيء من أجلها، وأنهم أعداء للشعب الفلسطيني ولحقوقه وتاريخه ووجوده ونضاله، وهم بذلك ضد القانون الدولي وضد كل ما صدر عن الهيئات الدولية، فيما يتعلق بهذا الصراع، وهم ضد كل المبادرات والاقتراحات حتى تلك التي أطلقها رؤساء أمريكيون سابقون، وهم ضد المزاج الشعبي العالمي، وضد الواقع وضد التاريخـ وضد حتى الدين الذي يدعون أنهم يؤمنون به.
هذا التطرف الذي يأتي به ترامب من خلال إدارته الجديدة الثانية خطير جداً، ليس علينا فقط، وإنما حتى على الإسرائيليين وكيانهم كما قال أحد كتابهم.
التطرف الذي يتجلى في هذه التعيينات وفي هذه الإدارة يوضح لنا أن ترامب يعود إلى البيت الأبيض مرة ثانية وهو أكثر وضوحاً في رؤيته المعادية للشعب الفلسطيني، وأكثر انحيازاً للرؤية المشيحانية الصهيونية، ولهذا احتفل المستوطنون وبعض السياسيين الإسرائيليين بانتصار ترامب، وأخذوا يتحدثون علناً عن ضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية.
إن التعيينات الجديدة تعكس أن ترامب يأتي لإعطاء إسرائيل كل ما حلمت به على ما يبدو، فلماذا نتوقع أن رجلاً في السبعينيات مثله سيتغير؟! ولماذا نتوقع أن يتغير وهو يأتي من خلفيه أنجليكانية متطرفة، وهو يعبر عن جماعات التطرف الديني والإثني والطبقي، ولماذا نتوقع أن يتغير وهو ممول من لوبيات صهيونية يهودية بالغة التأثير؟! ولماذا نتوقع أن يتغير دون أن يكون هناك من يضغط عليه من عرب ومسلمين؟!
لا داعي للأوهام حول هذا الرئيس، والأجدر والأفضل أن نستعد منذ الآن للتعامل مع ما قد تحمل هذه الإدارة من خطط قديمة وجديدة، ليس أخطرها ضم الضفة الغربية المحتلة، وإسقاط الحل التسووي وتغييب السلطة الوطنية الفلسطينية، وتفكيك الشعب الفلسطيني ديموغرافياً وسياسياً.
ترامب يأتي محاطاً بشخصيات لا ترانا ولا تعترف بنا، وإذا لم نستعد لأمثال هؤلاء، فإن الأسوأ قادم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
الأكثر قراءة
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 304)
شارك برأيك
لنسقط الأوهام عن ترامب ونستعد للأسوأ