أقلام وأراء
السّبت 02 نوفمبر 2024 9:41 صباحًا - بتوقيت القدس
ماذا لو توشّح الذكاء الاصطناعي بالكوفية الفلسطينية؟
تخيّل لو أن الذكاء الاصطناعي، بكل ما يحمله من قوة وتحكّم في تشكيل المعلومات والتأثير على الرأي العام، توشّح بالكوفية الفلسطينية وأصبح منصفًا للشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة، ففي عصر تتضاعف فيه تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الوعي الجمعي وتشكيل الروايات التاريخية والاجتماعية، باتت الحاجة ملحّة لتوجيه هذه التكنولوجيا نحو استخدامات تساهم في دعم العدالة والحرية والإنصاف، لنتخيل لحظةً لو كانت الأدوات والنماذج الذكية تنبثق عن سردية الشعب الفلسطيني، لتعبر عن صوته وآماله، وتساهم في دعم حقه في التحرر من والانعتاق.
في ظل الهيمنة الكبيرة التي تتسيدها التكنولوجيا، هناك غياب ملحوظ للرواية الفلسطينية الحقيقية في المحتوى الذي يتم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي، هذه الرواية، التي تعكس حقائق الحياة اليومية لشعبنا الفلسطيني، وقصص النضال المستمر والصمود، تظلّ غائبة عن إنتاجات الذكاء الاصطناعي التقليدية، حيث تعتمد هذه النماذج بشكل أساسي على المعلومات المتاحة التي قد تكون غير منصفة أو تعكس وجهات نظر معينة، وفي هذا السياق، يبدو أن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى "إعادة توجيه" بحيث يصبح منصة تعبر عن المظالم التي يعاني منها شعبنا البطل.
إذا توشّح الذكاء الاصطناعي بالكوفية الفلسطينية، فإن قدراته في إنتاج الفيديوهات والنصوص والصور يمكن أن تُستخدم لإبراز معاناة الشعب الفلسطيني وتوثيق نضالاته اليومية بواقعية وموضوعية. تخيّل أن النماذج اللغوية المعروفة اختصارا (LLM)، على سبيل المثال، تتبنى لغة تبرز التحديات التي يواجهها الفلسطينيون وتعكس في الوقت نفسه ثقافتهم العميقة، فستعمل هذه النماذج على إنتاج نصوص تُظهر حقيقة الصراع بطريقة تحاكي الواقع، بدلاً من الانحياز إلى السرديات المضللة التي تخدم أجندات معينة.
لو كانت هذه الأدوات مصمّمة بحيث تضع في اعتبارها الرواية الفلسطينية، فسيصبح بالإمكان إنشاء صور تُظهر حياة الفلسطينيين بواقعية وجمالية، تعبر عن مزيج من المشاعر المتضاربة، عن الصمود والعزيمة، عن الحنين إلى الأرض والحرية. ستكون الصور بمثابة لوحات ناطقة تسلط الضوء على صمود الشعب الفلسطيني وتفاصيل حياته اليومية، حيث تكون هذه الصور نافذة للعالم كي يرى الحقيقة بعيداً عن التشويه أو الإغفال.
وفي مجال الفيديو، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً فاعلاً في إنتاج أفلام قصيرة توثق معاناة الأسر الفلسطينية، وتقرب قصصهم إلى العالم، فيمكن لهذه الأدوات أن تبرز مشاهد من حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، وتسرد قصصاً عن المعاناة والأمل، وإذا صُمم الذكاء الاصطناعي ليكون منبرا أصيلا لشعبنا وقضيتنا، فسيعمل على إحياء مشاهد تعكس التحديات التي نعيشها يومياً، وفي الوقت نفسه، سينقل للاخرين شعوراً بأنهم جزء من هذه القصة وهذا الحال.
ولأن الذكاء الاصطناعي يعتمد على البيانات في بناء مخرجاته، فسيكون هناك دور حيوي في توفير بيانات حقيقية تعكس تاريخ شعبنا وتضحياته. مثل هذه البيانات ستكون أساساً لتوجيه النماذج نحو سردية عادلة وموضوعية عن قضيتنا، ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من العمل على تطوير أدوات تعمل وفقاً للمعايير الأخلاقية، وتراعي الشفافية والإنصاف في نقل الروايات والحقائق، وتبتعد عن الانحيازات التي قد يفرضها مقص الرقيب أو الشركات الكبرى أو الأنظمة المسيطرة على هذه التكنولوجيا.
ومن زاوية أخلاقية، يتعين على مطوري الذكاء الاصطناعي والشركات التقنية أن يدركوا المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقهم في توجيه هذه التكنولوجيا لخدمة قضايا العدالة وحقوق الإنسان. عليهم أن يفهموا أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية قبل أن تكون سياسية، وأن التكنولوجيا يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تصحيح المفاهيم وتوضيح الحقائق أمام العالم.
إن توشّح الذكاء الاصطناعي للكوفية الفلسطينية يعني أن يكون هناك التزام بنقل صوت الشعب الفلسطيني وإبراز عدالة قضيته.
إذاً، فإن هذا التوجّه نحو الإنصاف باستخدام الذكاء الاصطناعي لن يكون مجرد عملية تقنية، بل هو جزء من حركة أخلاقية تدعو إلى استخدام التكنولوجيا لدعم الحق والعدالة. إنه استثمار في رؤية مستقبلية تجعل الذكاء الاصطناعي أداة للسلام والحرية، وليس أداة للسيطرة والتضليل. بهذا النهج، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في بناء جسور بين الشعوب، ونقل الحكايات الإنسانية التي تلمس وجدان العالم.
إن الفكرة التي تستند إلى "توشّح الذكاء الاصطناعي للكوفية الفلسطينية" هي تجسيد لأمل الشعب الفلسطيني بأن تُسمع أصواته، وأن تُعرف قصصه، وأن يُحتفى بثقافته ونضاله، بعيداً عن الظلم والتجاهل.
عبد الرحمن الخطيب
مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
قانون المعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة: خطوة نحو التحول الرقمي في فلسطين
بالدمع أكتب!
ابراهيم ملحم
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
دعم إنساني إماراتي لغزة: سفينة مساعدات خامسة تشمل مواد غذائية ومستلزمات طبية
شمال غزة يباد.. بلدية بيت لاهيا تعلنها "منكوبة" وتستغيث بـ5 مطالب
أن تجد "الأونروا" نفسها لاجئةً في خيمة!
نتنياهو يحاول الدفاع عن نفسه أمام التسريبات الأمنية الخطيرة
الأكثر قراءة
ستاندرد آند بورز تتوقع انكماش اقتصاد إسرائيل في 2024
نجاة قائدي منطقتي الشمال والضفة بجيش الاحتلال
التحذيرات الأمريكية من انهيار الاقتصاد الفلسطيني.. رسائل سياسية أم مخاوف حقيقية؟
"مجلس الأمن" يطالب بتمكين الأونروا من تنفيذ مهامها ويحذر من المساس بها
"المعابر والحدود": السماح بإدخال زيت الزيتون إلى الأردن بواقع 16 لترا لكل عائلة
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
أسعار العملات
السّبت 02 نوفمبر 2024 12:08 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.73
يورو / شيكل
بيع 4.07
شراء 4.05
دينار / شيكل
بيع 5.29
شراء 5.27
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%63
%38
(مجموع المصوتين 8)
شارك برأيك
ماذا لو توشّح الذكاء الاصطناعي بالكوفية الفلسطينية؟