أقلام وأراء
الأحد 27 أكتوبر 2024 9:00 صباحًا - بتوقيت القدس
اخـرج مـن أنانيـتك.. !
الأنانية صفة بغيضة، ومقيتة، ومزعجة للنفس والآخرين، لأنها لا تقتصر على حب الذات، والاهتمام بها، وتمني كل شيء لها، وإنما لأنها لا تنظر إلى الآخرين، ولا تشعر معهم، ولا تتحسس مشاعرهم وآلامهم وحاجاتهم.
والأنانية صفة تعني الفردية وحب الذات، والانشغال بإشباع رغباتها فقط؛ مما يجعل الفرد يحيد عن الفطرة السليمة التي خلقه الله بها، ألا وهي وجوده مع جماعة والتفاعل معها، وحب الخير لها، والشعور معها في سرّائها وضرّائها. فالإنسان مدني بالطبع ولا يجد نفسه إلاّ مع الجماعة وليس بالأنانية والتمركز حول الذات، ولا يستطيع أن يتخلص من همومه وأتعابه إلاّ إذا كان مع أناس يخففّون عنه آلامه ويشعرون معه ويساعدونه.
علاوة على أن الإنسان مهما بلغ من القدرة والغنى والذكاء، لا يستطيع أن ينجز أهدافه لوحد وإنما يحتاج إلى الآخرين، وتبادل الرأي معهم، والتعاون معهم. ولكن للأسف فقد أصبح إنسان هذا العصر لا يشعر بالراحة مع أخيه الإنسان، بل يتوجس منه خيفة، مع أن علماء النفس يقولون، إن الخوف من الآخرين خوف غير مبرر، وأن الأنانية والتمركز حول الذات لا تجلب لصاحبها إلا والقلق والضيق والهم، وأن الأناني لا يستطيع أن يشعر بالسعادة وهو بعيد عن الناس، وإنما يجدها فقط إذا انتمى للجماعة، وعمل معها، وحقق أهدافاً مشتركة معها، ومع هذا لا يعني ألاّ يأنس بالخلوة، لأنه يحتاج بين الحين والآخر إلى وقت يقضيه مع نفسه، يلملم فيه نفسه، ويقيّم أعماله، ويقف على نقاط قوته وضعفه، ويكون فيه مع ربه أيضاً في صلاته وعبادته والتفكر في ملكوته ومخلوقاته، إلاّ أن هذا يجب ألاّ يستغرق وقتاً طويلاً بحيث تصبح الوحدة عادة يمتهنها، بل يجب أن يعود إلى حياته الطبيعية ويعيش مع الجماعة سواء مع الأم، أو الأب، أو الأخوة، أو الأخوات، أو الأهل، أو الأقارب، أو الأصدقاء والمعارف، أو لدى قيامه بالأعمال الخيرية، أو مشاركته الفعاليات الثقافية، والنشاطات الرياضية، والدينية، إذ أن مثل هذه الأنشطة هي التي تنعش النفس وتسعدها، وهي التي تديم الصحة والعافية والسعادة.
والمؤسف أن الأنانية، وحب الذات، والحذر من الناس، كلها مفاهيم تروّجها جهات معادية تحت شعار الحرص على المصلحة الذاتية، وهي بعملها هذا لا تريد للشعوب الأخرى أن تعيش حياة طبيعية منتجة، وإنما لتبلبلهم وتفرقهم، حتى تبقى لوحدها في الميدان، مع أن مثل هذه الجهات هي نفسها التي تعلّم أبناءها حب العمل الجماعي، والتفاعل مع الآخر، وضرورة تحقيق هدف واحد، يخدم مجتمعاً واحداً، ودولة واحدة، ومصيراً واحداً. من هنا، فقد جاء ما يسمى بالحلفاء، والتكتلات الاقتصادية، وحلف الناتو، واستراتيجية الدفاع المشترك، لكي تظل هي الأقوى والمهيمنة على بقية الأمم.
لذا، علينا، إذا ما أردنا أن نعيش حياة طبيعية منتجة، أن نوقد الشعلة الإنسانية في داخلنا، ونبتعد عن الأنانية والمصلحة الذاتية، وذلك عن طريق الخروج من أنفسنا، وتطوير ملكة حب الآخرين فينا، والشعور بأوجاعها وهمومها وحاجاتها. علينا أن نحرر أنفسنا من حب الذات، حتى نحيا في اتحاد روحي مع المخلوقات الأخرى والوصول إلى حالة من التنوير تساعدنا على مدّ يد العون لكل من يتألم، أو يجوع، أو يمرض، أو يعرى.
فكلما تفهمنا الآخر وتعاطفنا معه، وصلنا إلى درجة من الإنسانية نصبح معها نحب كل شيء يدب على وجه الأرض من نبات وحيوان وجماد، لإدراكنا أن يد الله التي خلقتنا خلقتهم أيضاً، ولا سلطان لأحد على الآخر.
من هنا، نعود فنقول، فلنخرج من أنانيتنا، ولنفكر في غيرنا، ولنعمل مع الجماعة، يصلح حالنا ويرتاح بالنا.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
قانون المعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة: خطوة نحو التحول الرقمي في فلسطين
بالدمع أكتب!
ابراهيم ملحم
ماذا لو توشّح الذكاء الاصطناعي بالكوفية الفلسطينية؟
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
الأكثر تعليقاً
يِخرب بيتك!
لقاء بين "فتح" و "حماس" في القاهرة
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
إسرائيل توجه تحذيرا لإيران من ضربها مجددا
نتنياهو يحاول الدفاع عن نفسه أمام التسريبات الأمنية الخطيرة
دعم إنساني إماراتي لغزة: سفينة مساعدات خامسة تشمل مواد غذائية ومستلزمات طبية
الأكثر قراءة
والحركة تنعيه.. جيش الاحتلال يعلن اغتيال عضو مكتب سياسي من حماس في خان يونس
"القدس" تلتقي رئيس الممثلية الألمانية في فلسطين.. أوفتشا: لا يمكن الاستغناء عن خدمات "الأونروا" للاجئين الفلسطينيين في جميع المجالات
نجاة قائدي منطقتي الشمال والضفة بجيش الاحتلال
التحذيرات الأمريكية من انهيار الاقتصاد الفلسطيني.. رسائل سياسية أم مخاوف حقيقية؟
"مجلس الأمن" يطالب بتمكين الأونروا من تنفيذ مهامها ويحذر من المساس بها
"المعابر والحدود": السماح بإدخال زيت الزيتون إلى الأردن بواقع 16 لترا لكل عائلة
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
أسعار العملات
السّبت 02 نوفمبر 2024 12:08 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.73
يورو / شيكل
بيع 4.07
شراء 4.05
دينار / شيكل
بيع 5.29
شراء 5.27
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%47
%53
(مجموع المصوتين 17)
شارك برأيك
اخـرج مـن أنانيـتك.. !