أقلام وأراء
الأربعاء 13 أبريل 2022 8:22 صباحًا - بتوقيت القدس
لا كرامة من غير ثمن
بقلم:سهيل كيوان
تستخدم سلطات الاحتلال والعنصرية مصطلح “التحريض على العنف”، ضدّ كل شخصية سياسية أو دينية أو مواطن عادي يحرّض على مقاومة الأمر الواقع الذي تحاول السلطة العنصرية فرضه، حتى لو كانت هذه دعوة إلى مقاومة شعبية سلمية غير مسلحة وبعيدة عن العنف.
بغض النظر عن الحكومة التي ستقود البلاد، فالاتجاه العام هو اليمين المتطرف أو الأكثر تطرّفًا.
تقترب البلاد كلها من لحظة مفصلية، إما الاستسلام التام للمشروع الصهيوني الديني الغيبي، أو المقاومة الشعبية على أوسع نطاق ممكن ولمدة طويلة.
سوف تزداد أعداد المعتقلين بتهم مشابهة، من القيادات ومن الشعب، لأن المواجهة العنصرية المنفلتة سوف تتفاقم.
الصراع القومي سوف يتفاقم مع إصرار دولة الاحتلال على تجاهل وجود شعب آخر له حقوقه المساوية لحقوق اليهودي في الحياة والكرامة وتقرير المصير.
لن يتحقق الحلم الصهيوني النهائي إلا بالتخلّص من أكبر عدد ممكن من أبناء شعبنا بين النهر والبحر، وهذا مطروح، والقضية قضية فرصة تاريخية قد تلوح ليجري استغلالها لتنفيذ هذا الغرض في حال توفّرها.
انتفاضة الكرامة غيَّرت الصورة المضللة التي سبقتها، فقد ساد نوع من اللامبالاة تجاه ما يجري، وجرت محاولات مكثَّفة مقصودة وغير مقصودة لطمس الوعي وتشويهه، من خلال إلقاء مشاكلنا على مجالسنا البلدية وسوء إدارتها، خصوصًا في قضية المسكن والمسطحات، بل إن الغضب كلُّه وجِّه إلى أعضاء الكنيست العرب وإلى قيادات الجمهور العربي بحجة أنهم لا يخدمون قضايانا، وانتشرت عصابات العنف بلا رادع، وبشراسة كبيرة، وبدعم واضح من السلطة.
انتفاضة الكرامة أعادت الكثير من الأمور إلى نصابها الصحيح، وأظهرت حقيقة أن السلطات هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن كل معاناتنا، وجريمة بعضنا هي أنه يتواطأ معها، فهي التي تنتهج هذا الخط العدائي مع سبق إصرار.
تحاول السلطة من خلال حملة الاعتقالات الواسعة إعادة الصورة إلى ما كانت عليه قبل الانتفاضة، أي أن تعيدنا إلى التقوقع، واتهام بعضنا بعضًا بالمسؤولية عن أوضاعنا الرَّثة، وتجاهل مواجهة السياسة العامة.
قد نضطر في السنوات القريبة القادمة إلى دفع أثمان باهظة في المواجهة الحتمية لسياسة الأبرتهايد، ويبدو أنه لا مفر من دفعها.
الدخول كشركاء في هذه الحكومة أو تلك، لن يجدي نفعًا، فالمال الذي قد يُدفع لن يكون سوى مسكنّات موضعية، لأن الخطوط الأساسية لهذه الحكومات مؤسسة على أيديولوجيا واضحة لا يمكن تبديلها من خلال تحالفات مع السلطة، ولهذا فإن دخول بعضنا أو تأييده لهذه الحكومة أو تلك لن يغيّر شيئا في الجوهر، وهو مؤقت، وقد تنقلب الأمور خلال لحظات، في موقف واحد.
التكتيكات السياسية مهما كانت ذكية أو متذاكية، فهي لن تغني عن النضال الحقيقي ودفع ثمن الموقف.
سوف نواجه المزيد من القمع، لأن أكثرهم موقِنٌ بأن المساواة ليست من حقِّنا، وينظر إلينا كمحتلين وكمهاجرين، ونسبة من يؤمنون بأنه يجب التخلص منا في ازدياد مستمر.
ما حدث في انتفاضة الكرامة، مرشح لأن يتكرَّر وبعنف أكبر وأوسع، وضحايا أكثر.
يجب أن نبقى موحدين، وأن نسعى إلى توحيد ما هو منقسم، وأن لا نسمح بشق صفوفنا، لأن الانشقاقات تضعفنا.
المبادرة الاقتصادية التي أطلقتها جمعية الثقافة العربية جيَّدة، ويجب أن يكون مفهومًا ضمنًا بأن ندعم اقتصادنا المحلي بقدر الممكن، فالمنتوج الذي ممكن أن نجده في قرانا ومدننا أولى بأن نشتريه من تجارنا وفلاحينا أو من ورشاتنا إذا وُجد.
لقد أثبتت الجماهير الشابة أنها لا تنتظر قائدًا عبقريًا يرشدها إلى ما يجب أن تفعله، فانطلقت بغريزة البقاء، ورفض الذل، وانتصارًا لكرامتها.
الجيل الصاعد يحذّر، بأنه لن يقبل بنصف المواطنة، ولن يقبل بتجاهل هويته الوطنية والقومية.
في هذه الانتفاضة، برزت أهمية تفعيل الرأي العام العالمي، وإمكانية التأثير عليه، وهو في طريقه إلى الزيادة في تعاطفه مع قضية شعبنا.
ظهرت قوة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا في استخدام الفيديوهات في صياغة الرأي العام من جديد، إذا ما قُدّمت الحقيقة كما هي بدون فذلكات وإضافات وبدون مزايدات.
أصبح العالم أصغر بكثير مما كان قبل بضع سنوات، صار كل شيء مكشوفًا، ولا مجال لإخفائه.
أثبت شبابنا قدرته على استغلال وسائط التواصل الإجتماعي لصالح قضايا جدية ومصيرية وليس للهو فقط.
أثبتت الانتفاضة أن الشعوب العربية ما زالت بخير، ولن تتخلى عن قضية شعب فلسطين، بغض النَّظر عن الحكومات والسُّلطات، حتى المُطَّبعة منها لا تستطيع تجاهل شعوبها.
يجب احتضان القوى اليهودية المؤيِّدة لحق شعبنا وعدم تجاهلها مهما كانت قليلة.
التضامن واجب مع أهالي المعتقلين والمصابين، وبثّ روح الجماعة والتكافل كواجب أخلاقي ووطني.
أخيرًا لا توجد فروق واضحة بين الحكومة المنتهية والقادمة، ولا بين رئيس هذه أو تلك، وعلينا أن نقتنع ونذوِّت أن النضال الحقيقي هو الطريق الوحيد لنيل الحقوق والكرامة، فلا حقوق ولا كرامة من دون ثمن.
عن “عرب ٤٨”
المزيد في أقلام وأراء
حرب بلا نهاية على غزة
حديث القدس
المبادرة السعودية الجديدة وإيران وحرب غزة
إبراهيم أبراش
404
بهاء رحال
لماذا سيواصل ترامب سياسته في ولايته الأولى ؟
نبهان خريشة
مستقبل السلام في الشرق العربي أرض السلام والأنبياء
كريستين حنا نصر
"الدولة" التي تعبث بالعالم
د. إياد البرغوثي
حرب التجويع متواصلة في غزة
حديث القدس
المجاعة المجاعة!
ابراهيم ملحم
قمة الرياض.. الإرادة السياسية واستقلالية آليات التنفيذ هما الأهم
مروان إميل طوباسي
آليات للانتقال من حالة الهشاشة إلى حالة المناعة النفسيّة
د. غسان عبد الله / القدس
نتائج القمة المشتركة
حمادة فراعنة
عامٌ من طوفان المجازر ولا تزال حرب الإبادة مستعرة
د. رياض العيلة
غزة والإبادة.. الضفة والسيادة
حديث القدس
القمة العربية والإسلامية في الرياض
بهاء رحال
حرب الانبعاث الإسرائيلية
حمادة فراعنة
عودة ترامب والمصير الفلسطيني
جمال زقوت
فرصة قد لا تسنح في خمسين سنة
حمدي فراج
جرائم القتل والفوضى والانهيار مستمرة.. أين الخلل؟!
راسم عبيدات
ترامب والقضية الفلسطينية وإمكانية تحويل الأزمة إلى فرصة
هاني المصري
المؤامرة الإسرائيلية على الدور القطري مرفوضة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
"الدولة" التي تعبث بالعالم
الرئيس عباس: نعمل على وضع آليات لإدارة قطاع غزة تحت ولاية دولة فلسطين ومنظمة التحرير
إحياء الذكرى الـ 20 لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات في عدد من المحافظات
عشرون عاماً في حضرة الغياب.. دماءٌ غزيرةٌ جرت في نهر الحريّة
مقتل 4 جنود إسرائيليين في معارك شمال قطاع غزة
القمة العربية الإسلامية المشتركة تدين جرائم الاحتلال المروعة والصادمة في قطاع غزة
نتنياهو: حين يصل ترمب سنضم الضفة
الأكثر قراءة
القمة العربية الإسلامية المشتركة تدين جرائم الاحتلال المروعة والصادمة في قطاع غزة
عشرون عاماً في حضرة الغياب.. دماءٌ غزيرةٌ جرت في نهر الحريّة
تداعيات تخلّي قطر عن دور الوساطة على جهود إتمام الصفقة
مقتل 4 جنود إسرائيليين في معارك شمال قطاع غزة
وزير الاقتصاد الإسرائيلي: فليذهب القطريون للجحيم
نتنياهو: حين يصل ترمب سنضم الضفة
"الدولة" التي تعبث بالعالم
أسعار العملات
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:48 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.76
شراء 3.75
يورو / شيكل
بيع 3.99
شراء 3.98
دينار / شيكل
بيع 5.3
شراء 5.29
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%58
%42
(مجموع المصوتين 19)
شارك برأيك
لا كرامة من غير ثمن