أقلام وأراء

السّبت 31 أغسطس 2024 9:38 صباحًا - بتوقيت القدس

الشباب الفلسطيني وفرص العمل الحر

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها فلسطين، يبدو أن العمل الحر وتحديداً المرتبط بتقنيات الذكاء الاصطناعي يشكل نافذة أمل للشباب الفلسطيني، حيث يوفر فرصاً جديدةً للعمل وتقليل معدلات البطالة، فالذكاء الاصطناعي يمكنه تدعيم العمل الحر من خلال تقديم أدوات وتقنيات تساعد على تسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية وتحسين كفاءة العمل، مما يفتح المجال لتحقيق دخل مستدام بمرونة وسهولة.

الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حاسماً في تمكين العاملين بالعمل الحر في العالم وتحديداً في فلسطين، حيث يتيح لهم الوصول إلى أدوات متقدمة تساعدهم في تقديم خدمات ذات جودة عالية للعملاء في كافة أماكن تواجدهم، ومن خلال استخدام تقنيات مثل التعلم الآلي وتحليل البيانات، والنماذج اللغوية الكبيرة يمكن للعاملين في مجالات مثل التسويق الرقمي، والبرمجة، وتصميم الجرافيك تحسين إنتاجيتهم وكفاءتهم، مما يجعلهم أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمي.
على سبيل المثال، يمكن للعاملين في مجال الكتابة أو الترجمة استخدام أدوات الترجمة الآلية والتدقيق اللغوي المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين جودة عملهم وتسليمه بسرعة أكبر، كما يمكن لمصممي الجرافيك الاستفادة من برامج التصميم التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتوليد أفكار جديدة أو تحسين التصاميم الحالية بشكل تلقائي. هذه الأدوات تعطي العاملين ميزة تنافسية كبيرة، وتمكنهم من تقديم خدمات عالية الجودة بتكلفة أقل ووقت أقل، مما يزيد من قبولهم وجاذبيتهم للشركات الكبرى.
ففي فلسطين، التي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة وخاصة بين الشباب، يوفر العمل الحر بدعم من تقنيات الذكاء الاصطناعي وسيلة فعالة لتوليد دخل مستمر، يمكن للشباب الفلسطيني العمل مع شركات دولية أو أفراد من جميع أنحاء العالم دون الحاجة إلى مغادرة أماكن تواجدهم لا سيما في الوضع الراهن من التعقيدات والاجراءات التي يفرضها الاحتلال على حرية الحركة، مما يقلل من الاعتماد على الفرص الوظيفية المحلية المحدودة، العمل الحر لا يقتصر على الأفراد ذوي المهارات التقنية العالية فقط، بل يمتد ليشمل مجالات متعددة مثل التعليم عبر الإنترنت، والاستشارات، والتسويق الرقمي، إدخال البيانات والترجمة، حيث يمكن للشباب الفلسطيني الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحسين خدماتهم وزيادة فرصهم في العمل.
رغم الفوائد العديدة التي يقدمها العمل الحر المدعوم بالذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك تحديات كبيرة تعترض طريق العاملين في هذا المجال. من أبرز هذه التحديات هي مسألة التحويلات المالية، فبسبب القيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، يواجه شبابنا الفلسطيني صعوبات كبيرة في تلقي مستحقاتهم المالية من الخارج، فالتحويلات المالية تخضع لرقابة مشددة، مما يعرقل عمليات الدفع ويؤدي في بعض الأحيان إلى تأخيرات طويلة في وصول الأموال إلى العاملين.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني العديد من الشباب الفلسطيني من نقص في الوعي والثقافة المتعلقة بالعمل الحر، ولا يزال البعض ينظر إلى العمل من المنزل على أنه أقل جدية أو أقل استقراراً من العمل التقليدي في مكتب. هذه النظرة تحد من انتشار العمل الحر وتجعله أقل قبولاً في المجتمع، مما يؤدي إلى تثبيط همّة الشباب لدخول هذا المجال.
كما أن قلة الخبرة والمعرفة في كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي تمثل تحدياً كبيراً. بالرغم من توفر العديد من الدورات التدريبية المجانية منها عبر الإنترنت، إلا أن نقص الوعي حول أهمية هذه الأدوات وكيفية استخدامها بشكل فعال يحد من قدرة العاملين على الاستفادة منها بشكل كامل. هذا النقص في المهارات يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والقدرة على المنافسة في السوق العالمي.
ولتجاوز هذه التحديات، من الضروري توفير دعم أكبر للعاملين في مجال العمل الحر في فلسطين، سواء من خلال تحسين البنية التحتية المالية أو من خلال تقديم برامج تدريبية مكثفة لتعزيز مهاراتهم في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك جهود مجتمعية لتغيير النظرة تجاه العمل الحر والعمل من المنزل، من خلال حملات توعية وتثقيف تشجع على قبول هذا النمط من العمل كخيار وظيفي مشروع ومربح.
من جهة أخرى، يمكن للحكومة والمؤسسات غير الحكومية لعب دور في تسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية وتحسين الوصول إلى الخدمات المالية. يمكن أن تشمل هذه الجهود إنشاء منصات محلية للعمل الحر تدعم العاملين الفلسطينيين وتساعدهم على تقديم خدماتهم بشكل آمن وفعال.
العمل الحر المدعوم بالذكاء الاصطناعي يمثل فرصة حقيقية للشباب الفلسطيني لتحقيق الاستقلال المالي والمساهمة في تعزيز الاقتصاد المحلي. ورغم التحديات القائمة، فإن استثمار الوقت والجهد في تطوير المهارات وزيادة الوعي بأهمية هذا النوع من العمل يمكن أن يؤدي إلى تغييرات إيجابية كبيرة. من خلال استغلال هذه الفرص والعمل على تجاوز العقبات، يمكن لفلسطين أن تستفيد بشكل كبير من اقتصاد العمل الحر العالمي وتحقيق مستقبل أفضل لشبابنا.

دلالات

شارك برأيك

الشباب الفلسطيني وفرص العمل الحر

المزيد في أقلام وأراء

الشرق الأوسط في قبضة الحاكم والجلاد

حديث القدس

لحظات سنوارية آلمت إسرائيل وسيخلدها التاريخ

حمدي فراج

سياسة شجاعة وحكيمة

حمادة فراعنة

الحكمــة مـن الابتــلاء

أفنان نظير دروزة

ماذا بعد استشهاد السنوار؟

هاني المصري

هل تمارس الإدارات الأمريكية الصدق لمرة واحدة؟!

راسم عبيدات

الكارثة والبطولة

جمال زقوت

رسائل صمود وكبرياء

حديث القدس

الحرب والمحتجزون والهجرة

اجتماع دول البريكس القادم.. الواقع والتحديات

جباه عالية.. جباليا

بهاء رحال

عار الصمت

محاسن الخطيب.. زهرة تُقصف!

رؤى لمواجهة آثار العنف المحلي

تشويه صورة الشهيد: حرب الوعي الإسرائيلية

بين جباليا و"دريسدن" !

ابراهيم ملحم

الـمُسَيّرة التي قضت مضاجع نتنياهو!

حديث القدس

السنوار وهنية ومذكرات الاعتقال في المحكمة الجنائية الدولية

د. دلال صائب عريقات

ضم شمال قطاع غزة والمسؤولية الأمريكية

سري القدوة

الدعم الألماني المطلق لإسرائيل.. عقدة ذنب أم استمرار في الذنب؟

د. عمار الدويك

أسعار العملات

السّبت 19 أكتوبر 2024 8:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.04

شراء 4.0

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%18

%82

(مجموع المصوتين 445)