Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 12 أغسطس 2024 9:56 صباحًا - بتوقيت القدس

أمن الشرق الأوسط تقرّره «الحسابات التكتيكية»

تلخيص

علمتني خبرة السنين أن أخشى حدثين يطغيان دائماً على الأخبار، فيحجبان الاهتمام عن ما عداهما: الأول «سنة الانتخابات الرئاسية» الأميركية، والثاني المناسبات الرياضية العالمية الكبرى -كالمونديالات والأولمبيادات- التي تستحوذ على اهتمام الناس لقرابة شهر من الزمن.
نحن اليوم في خضّم سنة انتخابات رئاسية أميركية وأولمبياد باريس. وأمامنا منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أحداث جسام متلاحقة، أفرزت ما أفرزته من دون أن تلوح في الأفق أي مبادرة حقيقية أو رؤية استراتيجية لحسم الأمور. وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، نجد أن كيانات المنطقة ورعاتها الإقليميين، يسيرون كمن يسير أثناء نومه. فالخطوات والخطوات المضادة تأخذ الطابع التكتيكي بلا رؤية صريحة تبشّر بإيجاد أرضية صلبة للتسويات التاريخية. وما يظهر اليوم وكأنه حرص مشترك على المحافظة على «قواعد الاشتباك» لا يُخفي حقيقة أن بعض الأطراف الأقوى ميدانياً، والأكثر استفادة من علاقاتها العالمية الوثيقة، تتعمّد التصعيد.
القيادة الإسرائيلية، مثلاً، تعتبر نفسها راهناً في حلٍ من أي التزام بسلام لم يؤمن به يوماً اليمين المتطرف الحاكم. ثم إن إقدام هذه القيادة على تصفية إسماعيل هنية، زعيم حركة «حماس»، بينما لا تزال الحركة تحتفظ بعدد من الرهائن الإسرائيليين، تصرّف يؤكد للمرة الألف أن مصير الرهائن في «ذيل» سلم الأولويات عند بنيامين نتنياهو ومناصريه العاقدين العزم على تصفية الفلسطينيين شعباً وهوية وقضية.
في مكان آخر، قيل الكثير عن «وحدة الساحات» مساندة لحركة «حماس»، التي تُرجمت خلال الأشهر الفائتة بعمليات عسكرية يجوز القول إن أياً منها لا يرقى إلى ما ترتكبه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة... ولا إلى الضربات الإسرائيلية على لبنان وداخل سوريا واليمن، أو مسلسل الاغتيالات المتصاعد نوعياً، في قلب عواصم «محور المقاومة»، كما يحلو لأدوات طهران أن تسميه.
هذا الواقع يستدعي فعلياً إعادة تعريف مصطلحَي «محور المقاومة» و«وحدة الساحات»، لا سيما أن التناقض يتزايد بقوة بين ما نسمعه من نبرات الخُطب المُزلزِلة... وبين مضمونها المتواضع. بل في معظم هذه الخُطب ثمة تغيّر نوعي واضح الآن. وبعد عبارات مثل «إزالة إسرائيل لا تحتاج لأكثر من 7 دقائق»، كنا سمعناها كثيراً من القادة الإيرانيين، بتنا نسمع اليوم من «حلفاء» طهران كلاماً غريباً من نوعية «هدفنا منع إسرائيل من الانتصار!»... أضف إلى ذلك أن مستوى الثقة المتبادلة بين مكوّنات «محور المقاومة» وتعريف حدود التصعيد، ما عاد يبدو بالتماسك المعهود من قبل، بما فيه مستويات الرد على الاغتيالات الإسرائيلية.
في الحقيقة، من واقع ردّات الفعل، سواءً من إيران أو «حزب الله» اللبناني، بديهي جداً أنهما، على الرغم من الخسائر التي لحقت بهما معنوياً وسياسياً وأمنياً، لا يريدان الانجرار إلى مواجهة يتعمّدها بنيامين نتنياهو المستقوي بواشنطن. والسبب المنطقي أن في رأس أولويات القيادة الإيرانية «التعايش» مع إسرائيل بشروط مقبولة ومضمونة أميركياً... لا خوض حرب انتحارية ضدها.
وحتى واشنطن نفسها لا تريد القضاء على نظام طهران، الذي ترى له فوائد استراتيجية على المدى البعيد. وهنا نتذكّر أنه سبق لعدد من مخطّطي السياسة الأميركية القول إن هدف واشنطن «ليس تغيير نظام طهران، بل تغيير سلوكه». و«تغيير سلوك» النظام يشمل طبعاً إدراكه الحدود المعطاة له، والامتناع عن التورّط بتهديد وجود إسرائيل ومصالحها الحيوية. وبعيداً عن الخطب، هذا بالضبط ما فعلته القيادة الإيرانية والقوى والتنظيمات التابعة لها في العراق ولبنان واليمن وسوريا.

وأخيراً، نصل إلى ما يحصل في سوريا...

كثيرون اليوم يرصدون الوضع في سوريا بعد التطورات الأخيرة. وهي تبدأ من تعدد العمليات الإسرائيلية (بما فيها اغتيالات قيادات أمنية إيرانية)، إلى ملابسات اختفاء شخصيات عن المسرح السياسي كانت حتى الأمس القريب ملء السمع والبصر... بل في مواقع قريبة جداً من رأس السلطة، وأخيراً لا آخراً، المواقف الغريبة «الصامتة» من رأس النظام السوري حيال عملية «طوفان الأقصى»، وتصاعد الحرب على غزة، وإحجامه حتى عن التعزية باغتيالي إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضواحي الجنوبية لبيروت.
وحقاً، ترى مصادر عليمة ببواطن ارتباطات نظام الأسد (الأب ثم الابن) أن النظام ملتزم ضمنياً «تفاهم 1974» الأمني مع إسرائيل، الذي يشمل منع أي جهة من استخدام الأراضي السورية من أجل التعرّض أمنياً لإسرائيل. وشخصياً أحسب أن إيران وكذلك أذرعها، بالذات في لبنان، تتفهّم هذه «الواقعية» من نظام تعرف جيداً طبيعته ومعدنه وحرصه على تجنب الإخلال بأصول «التعايش» مع إسرائيل لقاء البقاء والاستمرار.
وبناءً عليه، في زمن طغيان «الحسابات التكتيكية» على المثاليات وأيضاً الرؤى الاستراتيجية الكبيرة، صار جميع اللاعبين باستثناء السذّج منهم، على بيّنة من أن الكلام شيء والفعل شيء آخر. ومن ثم، فلا إيران متزوجة «كاثوليكياً» من موسكو، ولا «المقاومة والممانعة» سلع معمّرة، ولا حدود الكيانات التي وُلدت استنسابياً ومصلحياً قادرة على البقاء إلا إذا التزم أصحابها بالاعتبارات التي أملت وجودها.
عن "الشرق الأوسط"
----
في الحقيقة، من واقع ردّات الفعل، سواءً من إيران أو «حزب الله» اللبناني، بديهي جداً أنهما، على الرغم من الخسائر التي لحقت بهما معنوياً وسياسياً وأمنياً، لا يريدان الانجرار إلى مواجهة يتعمّدها بنيامين نتنياهو المستقوي بواشنطن.

دلالات

شارك برأيك

أمن الشرق الأوسط تقرّره «الحسابات التكتيكية»

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 78)