أقلام وأراء
الجمعة 09 أغسطس 2024 9:58 صباحًا - بتوقيت القدس
عن اغتيال اسماعيل هنية والكيان الفلسطيني المستقل
تلخيص
عندما اعتقل الاحتلال الفرنسي الزعيم السوري إبراهيم هنانو، اتهم في المحكمة بتكوين كيانات إرهابية مخالفة للقانون، حينها انتهز هنانو الفرصة التي قدمتها المحكمة له على طبق من ذهب، وقال: "إذا كنت كونت كيانات مخالفة للقانون، فلماذا فاوضتموني لسنوات؟! لقد حاججهم هنانو بأسبقية التفاوض معه، باعتباره سابقة واعترافاً بأنه زعيم وطني، ويمثل الشعب السوري، وأعماله كانت ضمن حركة تحرر وطني.
بعد اغتيال الاحتلال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، تساءل كثيرون من مستويات مختلفة وبذهول: كيف يغتالون من يفاوضهم؟ وإذا كان الاحتلال يريد التفاوض، فلماذا يغتال المفاوض؟!
الإجابة بسيطة جداً، وهي سابقة لحرب الإبادة في غزة. الاحتلال لا يريد طرفاً فلسطينياً، لا مفاوضاً ولا مستسلماً. الغاية الاحتلالية والتي تشاركت فيها قوى مختلفة معه، هي ضرب أي تمثيل فلسطيني وطني، ونقل ملف القضية إلى أطراف راعية، كل منها يستقطب جزءاً من الشعب الفلسطيني وقواه، ويفرض انتداباً عليه.
فرض الوصاية على الشعب الفلسطيني عمل قديم حديث، ولم يخل التاريخ الفلسطيني من هذه المحاولات منذ العام 1948، حين ألغي المجلس الوطني المنتخب ككيان وطني فلسطيني، لصالح تقاسم ما تبقى من الأرض، بحجة عدم أهلية المجتمع لتشكيل دولة فلسطينية أو أي كيان سياسي مستقل.
ومع ظهور منظمة التحرير الفلسطينية بإرهاصات نشأتها، بين القبول بها ورفضها، استمرت هذه المحاولات، إما بالتشكيك فيها أو ضربها مباشرة، أو محاولة خلق بدائل عنها، الأمر الذي جعل بعض الدول "الثورية" و "الحريصة" على القضية أن تتحالف مع قوى مدعومة إسرائيلياً لإنهاء الوجود السياسي والعسكري الجمعي الفلسطيني.
وتسعى قوى متعددة حالياً إلى إفراغ شعار القرار الفلسطيني المستقل الذي رفع منذ القدم في وجه محاولات الوصايا والرعاية، ولا أبالغ إذ أقول أن قوى في المجتمع الفلسطيني تساعد وتساهم في تسخيف هذا الشعار، ودور التمثيل الفلسطيني دولياً، حتى أن بعض القوى راحت إلى اقناع أنصارها أن وجود كيان مستقل تحت الاحتلال هو تطبيع بحد ذاته، وأمر غير ممكن، بل ومستحيل الاستقلالية.
ولم تكتف المحاولات بمنظمة التحرير فقط، بل ذهبت إلى تفكيك القوى الجامعة، وضرب فكرة النضال الجمعي إلى تخيلات عشوائية بالعفوية، وعدم التسييس، واعتبار أي تنظيم أو تكتل جامع هو ضد العمل الوطني "المستقل"، لخلق حالات فردية ضاغطة نسبياً.
ولا أبالغ حين أقول أن بعض هذه القوى ومنها تنظيمات، أوهمت مريديها أن وجود التنظيم الفلسطيني أو أي كيان جمعي هو عقبة أمام التحرير، وخلقت معادلة وهمية بصيغة "ثورية" لا تخلو من البلاغة، فحواها تحطيم الكيان الوطني مقابل التحرير، وأشير مرة أخرى أن البعض منهم تنظيمات عدا عن محللين ومفكرين.
وعند متابعة بعض وسائل الإعلام بتساؤل مذيعها "المذهول" و"المتحير" عن جدوى التفاوض بعد الاغتيال، أجد نفسي اسمعه يحرض على عدم القبول بأي تمثيل فلسطيني لأي مفاوضات، علما أن دول هذه القنوات مارست وتمارس التفاوض و"الوساطة"، وهي لا تلغي دورها بهذا الشأن، مهما كان الثمن، وتعتبره انجازاً لها.
فإذا كان من الصعب إقناع الفلسطيني مرة أخرى بضرورة التبرؤ من أي وجود فلسطيني، فالحل قطعاً سيكون بتغييب من يصلح أو يمكن أن يمارس هذا الدور.
وبلهجة ثورية صارمة، سيوحي المذيع أن الحل هو بالذهاب للمعركة، واقتصار الدور الفلسطيني عليها في جزء محدد من الأرض الفلسطينية.
وهنا يأتي دور "الآخرين" أو "المتباكين الأوغاد" على الضحايا، وأقول الضحايا وليس على مصلحة الشعب والقضية معاً. وكما أن طريق جهنم معبدة بالنوايا الطيبة، كما يقال، فإن الطريق إلى فرض الوصاية على القضية مليء ومفروش بالدموع على الضحايا والحالات الإنسانية.
قد لا أكون قد اتفقت سابقاً مع حركة حماس، ولا مع قيادتها، لكن هذا لا يمنعني من القول إنها وفي فترة الشهيد إسماعيل هنية، حاولت وقف الإبادة الجماعية على الأقل بمعاييرها الخاصة، التي قد لا نتفق معها بكليتها.
لا شك أن منظومة المحتل كعقلية ومنهج ومصلحة لا تسعى إلى أي حل سياسي مع نقيضها، وهذا منتهى مشروع المحتل، أو شكله المثالي الأخير، وهو يسعى إلى المجزرة أكثر من سعيه للحرب، إلا أن مقولة "اسرائيل تريد الحرب فقط"، فهي مقولة منقوصة، فأي احتلال يريد أن يضمن استقرار مجتمعه في مستوطنته المستحدثة، وهذا الاستقرار لن يتأتى باستمرار الحرب، كما أن سعيه الدائم لجذب الاستثمارات والتعاون المختلف والمتعدد لدول عديدة يقضي بإنهاء الحرب أولا، ليعبر عن مستوطنته كونها مكاناً آمناً له و"للآخرين ".. وقطعاً نحن الفلسطينيين لسنا من "الآخرين"، لا في مصلحته، ولا على طاولة المفاوضات أو المحافل الدولية.
كما أن طريق جهنم معبدة بالنوايا الطيبة، كما يقال، فإن الطريق إلى فرض الوصاية على القضية مليء ومفروش بالدموع على الضحايا والحالات الإنسانية.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
بعد وقف اطلاق النار: المعركة النفسية لا تنتهي
السلطات المتجددة ، أدوات جديدة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط .
مروان أميل طوباسي
الوطن العربي بين جحيم ترامب والنهوض؟
د. فوزي علي السمهوري
أهوال جحيم الإبادة
بهاء رحال
صوت الكفاح الفلسطيني العاقل
حمادة فراعنة
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
مقتل 4 جنود إسرائيليين جراء تفجير لغم شمال قطاع غزة
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
قلقيلية: الاحتلال يهدم منزلاً ومحلاً تجارياً ومنشأة زراعية ويجرف أراضي
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
الأكثر قراءة
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 416)
شارك برأيك
عن اغتيال اسماعيل هنية والكيان الفلسطيني المستقل