أقلام وأراء
الثّلاثاء 04 يونيو 2024 9:01 صباحًا - بتوقيت القدس
اَلتَّعَثُّر اَلْمَالِيِّ لِلْهَيْئَاتِ اَلْمَحَلِّيَّةِ . . . وَالْحُلُولُ اَلْمُمْكِنَةُ
تلخيص
أناط المشرّع الفلسطيني بالهيئات المحلية مجموعة كبيرة من الوظائف والمهام ذات العلاقة المباشرة بالخدمات الحيوية للمواطنين، تبعاً لنص المادة رقم (15) من قانون الهيئات المحلية رقم (1) لعام 1997، وبالتالي فإنّ الهيئات المحلية هي الأكثر تماساً مع المواطن، ومع الخدمات الحيوية اليومية، حيث تعتبر الهيئات المحلية وحدات الحكم المحلي في نطاق جغرافي وإداري معين.
ورغم الأهمية الكبيرة للهيئات المحلية، إلّا أنّ جزءاً كبيراًّ منها يعاني من التعثر المالي، ظهرت تجليّاته بشكل كبير في السنوات الأخيرة، رغم محاولات الحكومة، ووزارة الحكم المحلي المتعددة خلق استدامة مالية لها، حيث تضمنت خطة التنمية الوطنية في السياسة الوطنية السابعة جملة تدخلات لتطوير عمل الهيئات المحلية، وتعزيز استدامتها المالية من خلال إعادة هيكلة الهيئات المحلية، وتوسيع صلاحياتها في جباية الضرائب وإدارة الموارد المحلية، أمّا استراتيجية وزارة الحكم المحلي، فقد نصّت في الهدف الاستراتيجي الثاني على تمكين الهيئات المحلية لتكون أكثر استدامة واستقراراً من الناحية المالية. كما نصت أجندة الإصلاح الحكومي على إصلاح وتنظيم قطاع الحكم المحلي وعلى تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية والشراكة مع القطاع الخاص والأهلي.
وقد رافق تلك الخطط والسياسات إجراءات على الأرض تجاه تعزيز الاستدامة المالية للهيئات المحلية، حيث تم تأسيس وحدة حكومية خاصة لصافي الإقراض، كما تم منح مجموعة من الهيئات المحلية صلاحية جباية ضريبة الأملاك، تبعاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في جلسته رقم (168) بتاريخ 25/7/2022، والقرارات اللاحقة، كما تم إقرار نظام الشراكة بين الهيئات المحلية والقطاع الخاص رقم (27) لسنة 2022م، لتعزيز التنمية الاقتصادية، إضافة إلى دعم الهيئات المحلية فنياً، كذلك فإن للاتحاد الفلسطيني للهيئات المحلية دور داعم لها، من خلال مساندة ودعم الهيئات المحلية والدفاع عن مصالحها وحقوقها من أجل تطويرها وتحقيق استقلاليتها بما يتوافق مع السياسات الوطنية وبما يتماشى مع مبادئ الحكم الرشيد ويساهم بتحقيق مستوى أكبر من العدالة والشمول والاستدامة، إضافة إلى دور صندوق تطوير وإقراض الهيئات المحلية في دعم عملية التطوير والإصلاح للهيئات المحلية.
ورغم كل تلك الخطط والسياسات والإجراءات، إلا أنّ مخاطر التعثر المالي ما زالت محدقة بالهيئات المحلية، وتوجد هيئات محلية متعثرة مالياً بشكل فعلي، وهذا ما أشارت إليه تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وأيضا ارتفاع بند صافي الإقراض، وهو المصطلح المتداول للمبالغ المخصومة من إيرادات المقاصّة؛ لتسوية ديون مستحقة للشركات الإسرائيلية المزودة للكهرباء، والمياه، وخدمات الصرف الصحي للهيئات المحليّة، ولشركات التوزيع الفلسطينية، وغيرها من البنود، حيث بلغت قيمة صافي الإقراض في العام 2023 (1.34) مليار شيكل، في حين بلغ صافي الإقراض في الربع الأول من العام 2024 (432.1) مليون شيكل، بمتوسط شهري (144) مليون شيكل، في حين كان المتوسط الشهري في العام 2018 (80) مليون شيكل، ممل يدلل على الارتفاع الكبير على هذا البند، والمكوّن الرئيس لصافي الإقراض هو أثمان الكهرباء والمياه للشركات الإسرائيلية المزودة للخدمات.
وهنا يبرز السؤال الرئيس، في ظل الخطط والسياسات والإجراءات الحكومية لدعم الهيئات المحلية، وتوفر أجسام مهنية داعمة فنياً ومالياً، لماذا التعثّر المالي للهيئات المحلية؟ الإجابة المباشرة هي ضعف "الحوكمة" في الهيئات المحلية، وحتى لا أقع في فخ التعميم، فانه توجد "بعض" الهيئات المحلية على درجة جيدة من الحوكمة، ولكن السواد الأعظم منها يعاني من ضعفها، أو إنفاذ مبادئها، وما زالت تتعامل بعض مجالسها بسياقات “المخترة”، أو إدارة الهيئات المحلية بشكل ارتجالي، أو ضمن الإدارة الظرفية الموقفية، وليس ضمن خطة استراتيجية بعيدة الأمد، ورؤية ذكية، تعمل على استثمار الموارد المتاحة بطريقة كفؤة، وخلق تنمية مستدامة، وتوفير التمويل والدعم لأعمالها ومشاريعها التطويرية، بعيداً عن الاتكاء على جيوب المواطنين، كبديل عن فشل قدراتها على تجنيد الأموال، أو خلق مشاريع مُدرة للدخل، أو تفعيل التنمية الاقتصادية، لذا فإنّ أولى الحلول لمعالجة تعثّر الهيئات المحلية المالي الالتزام بمبادئ الحوكمة والتي تشمل: الالتزام بالتشريعات، النزاهة، الشفافية، المساءلة، الكفاءة والفاعلية، المشاركة، العدالة، مكافحة الفساد، ومنع تضارب المصالح، والحد من الاستثناءات التي تعتبر مدخل للفساد.
يضاف إلى ذلك ضرورة توظيف الهيئات المحلية للتوجهات الإدارية الحديثة في عملها، كالقيادة التشاركية والتحويلية في مواجهة البيروقراطية، واعتماد الرشاقة التنظيمية في مواجهة الترهل الإداري، و"الهندرة" في مواجهة ضعف الأداء وتدنى مستوى الفاعلية والكفاءة، والنزاهة والشفافية في مواجهة الفساد، وتفعيل المساءلة المجتمعية لأشراك المواطنين في أعمال الهيئات المحلية، والتي تُعَدّ الإطار الحاكم للعقد الاجتماعي ما بين الهيئة والمواطنين، وتُوفّر مساحة تسمح للمجتمع المدني بالمشاركة في عملية التنمية، وتعزز دورهم في إدارة الهيئة المحلية، وختاماً لا بُدّ للهيئات المحلية تشكيل مجالس استشارية من الكفاءات وأصحاب الخبرات والاكاديميين والباحثين، للاستفادة من خبراتهم في تحسين أدائها، وتجنبيها مخاطر التعثّر المالي.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 90)
شارك برأيك
اَلتَّعَثُّر اَلْمَالِيِّ لِلْهَيْئَاتِ اَلْمَحَلِّيَّةِ . . . وَالْحُلُولُ اَلْمُمْكِنَةُ