Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 02 يونيو 2024 10:14 صباحًا - بتوقيت القدس

لماذا لا تلاحق المحكمة الجنائية الدولية مُهدديها؟

تلخيص

ورد في تقارير حديثة مفزعة، نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، أن المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية (المحكمة) السيدة فاتو بن سودا (فطيمة بنسودة) الغانية، وزوجها قد تعرضا لحملة تهديد مباشرة وشخصية، من رئيس الموساد السابق يوسي كوهين في حالة مباشرتها أي تحقيقات بخصوص مجرمي الحرب الإسرائيليين، وبخاصة بعد انضمام دولة فلسطين لميثاق روما عام 2015. بل شمل التهديد فلسطينيين يسكنون قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس، وهددت بشكل مباشر أو غير مباشر منظمات فلسطينية غير حكومية لحقوق الإنسان.


وفي تطور لاحق، قام أكثر من اثني عشر نائباً في الكونغرس الأمريكي، وبتحريض إسرائيلي، بإرسال كتاب تهديد للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشكل مباشر ووقح، ولم يتورعوا عن التهديد بأساليب مستعارة من عصابات المافيا، ووصل بهم الأمر إلى التهديد باستعمال العدوان العسكري وغزو لاهاي في هولندا، عاصمة المحكمة، إعمالاً لقانون 2001 الذي سُنّ أيام جورج بوش الابن في زمن المحافظين الجدد. وهو القانون الذي يجيز الغزو الأمريكي لتحرير متهم أمريكي أو من دولة حليفة متهم بجريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب أو جريمة عدوان، ويمثل أمام المحكمة. وهو أمر شائن، لم تفكر به أي دولة، فكيف بصياغة قانون له، يخول الجيش الأمريكي، بشن غزو لدولة غربية مستقلة ذات سيادة لتحرير متهم.


ناهيك عن أن ردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية على قرار المدعي العام للمحكمة، كانت تتسم بالتهديد، أو نفي الاختصاص والصلاحية عن المحكمة، أو باتهام قضاتها بالسامية ومعاداة اليهود، أو بصرف الانتباه لسلوكياتٍ حدثت في دول مجاورة أو لمنظمات مقاومة فلسطينية.


رغم التصريحات الرسمية الإسرائيلية العلنية المستخفة بالمحكمة وتقريعها، فإن الكيان، عميقاً، كان يحاول أن يشل عمل المحكمة في هذا الإطار، بحيث يشكل لجان تحقيق شكلية وهمية لشل اختصاصها التكميلي، رغم رد اليمين المتعجرف. ولا يريد أن تصل المحكمة لإعمال اختصاصها في حقولها الأربعة (جرائم الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جريمة العدوان)، ويبذل أقصى جهوده لمنع المحكمة من ممارسة اختصاصها. ولعل إعلان المدعية العامة الإسرائيلية فتح تحقيق حول رفح وقتل المدنيين يمثل خطوة في هذا الاتجاه. وفي هذا الصدد تشير تقارير صحفية إلى أنه كان هناك إعمال لتطبيق بيغاسوس للتنصت على هواتف بعض العاملين في المحكمة، بشأن أي خطوات مستقبلية للمحكمة، وبخاصة مدعيها العام. وقد تسرب خبر مذكرة القبض على نتنياهو وجالانت قبل صدوره رسميا بأيام، وشنت حملة مسعورة، على مكتب المدعي العام للتراجع عنه.


إنصافاً للحقيقة، كما تبدو عن بُعد، فإن فاتو بنسودة، المدعية العامة الثانية للمحكمة، لم تُخِفْها تهديدات يوسي كوهين، واستمرت في خطواتها الإجرائية ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين. أما السيد كريم خان، المدعي العام الثالث للمحكمة، فقد تثاقلت خطاه، وأهمل الملف الفلسطيني، رغم أن سابقته كانت قد أعدته ومهدت له كل الخطوات للتنفيذ، لكنه آثر العدول عن ذلك، وذهب للتركيز على بوتين وأوكرانيا. ومضت سنتان على تقاعس كريم خان، إلا أن أحداث غزة وبخاصة هدم المستشفيات والجامعات والمدارس وقتل الآلاف من المدنيين الأبرياء لم تُبق له أي وسيلة أو عذر يمنعه من توجيه التهمة لنتنياهو وغالانت فقط، وأهمل بقية العسكريين الضالعين في هذه الجرائم. ورغم ذلك، جاءت خطوته مشوبة بالتحيز حيث وجه اتهامات لقادة فلسطينيين بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية، بناء على أعذار واهية ومعلومات خاطئة ومضللة وتقارير صحفية مزعومة ثبت بطلانها تحت ستار الحياد. وللتنويه، فإن المدعي العام الأول للمحكمة الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو، الذي ذهب للتدريس في جامعة هارفارد بعد انتهاء ولايته، كان يعتقد بعدم امتداد ولاية المحكمة للإقليم الفلسطيني، وقد صرح بذلك في محاضرات قدمها في الجامعات الفلسطينية.


أياً كان، فالمدعي العام للمحكمة السيد خان عاد إلى صمته المريب الذي شاب عمله من ساعة توليه، حيث تجاهل تقارير صحيفة الغارديان البريطانية بتهديد سابقته رغم مرور سنين طويلة على التهديد ومعرفته به، وعلم المحكمة كذلك من عقد زمني. وكذلك كتاب التهديد الصريح من النواب الأمريكيين تجاه جميع العاملين بالمحكمة من قضاة ومدعين عامين وموظفين، وتصريحات بومبيو وزير خارجية ترامب، بما يشكل أساساً جلياً واضحاً لخرقٍ صريحٍ للمادة 70 من ميثاق روما، وبخاصة الفقرات الأخيرة منه.


لقد نصت المادة 70 تحت عنوان "الأفعال الجرمية المخلة بإقامة العدل" على أنه يكون للمحكمة اختصاص على الأفعال الجرمية التالية المخلة بمهمتها في إقامة العدل عندما ترتكب عمداً: إعاقة أحد مسؤولي المحكمة أو ترهيبه أو ممارسة تأثير مفسد عليه بغرض إجباره على عدم القيام بواجباته أو القيام بها بصورة غير سليمة، أو لإقناعه بأن يفعل ذلك، أو الانتقام من أحد مسؤولي المحكمة بسبب الواجبات التي يقوم بها ذلك المسؤول أو مسؤول آخر، أو قيام أحد مسؤولي المحكمة بطلب أو قبول رشوة فيما يتصل بواجباته الرسمية. وفي حالة الإدانة بأي تهمة سابقة يجوز أن تحكم على المتهم بعقوبة السجن و/أو بالغرامة. ليس هذا فقط، بل إن الدول الأطراف لميثاق روما مطالَبة بتوسيع نطاق تطبيق قوانينها الجنائية لتشمل هذه الجرائم المخلة بتطبيق العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية.


بعد هذا النص الواضح الصريح القاطع والشامل في ميثاق روما، لتوجيه اتهام لكل من يسعى للإخلال بمجرى العدالة أمام المحكمة، بقي هذا النص مجمداً، دون حراك ودون تطبيق. ويبدو أن الجميع يؤثر انتظار قرار المحكمة التمهيدية الإبتدائية، حول إصدار مذكرة القبض والإحضار، بحق نتياهو وجالانت.


ويجب الإشارة هنا إلى أن قضاة ومدعي المحكمة الجنائية الدولية على اختلاف درجاتهم والمسجل والموظفين يتمتعون بحصانات دبلوماسة كاملة عند اعمالهم في جميع الدول، بل تمتد هذه الحصانة بعد انتهاء فترة ولايتهم وعملهم عن جميع أفعالهم وإجراءاتهم وأقوالهم أو كتاباتهم التي تمت بصفة رسمية، فضلاً عن أن قضاة المحكمة مستقلون في أداء وظائفهم، ويُمنع أي نشاط من المحتمل أن يؤثر على استقلالهم أو الثقة بها.


رغم أن مهنة العدالة تتسم بالصعوبة والخطورة والشفافية، فإنها تحتاج إلى إجراءات عاجلة غير متثاقلة من القائمين عليها. إجراءات تعيد الثقة المهزوزة لضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حتى لا يقال إن العدالة البطيئة هي أشد أنواع الظلم، وحتى تعلم الضحية، أخيراً، وتتأكد من مقولةٍ بادت واندثرت بفعل القوة العسكرية العمياء، تقول إن القانون أقوى من فوهة المدفع، وإن الردع القانوني أجدى وأنفع وأشد من الردع العسكري.


إنصافاً للحقيقة، فإن فاتو بنسودة، المدعية العامة الثانية للمحكمة، لم تُخِفْها تهديدات يوسي كوهين، واستمرت في خطواتها الإجرائية ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين. أما السيد كريم خان المدعي العام الثالث للمحكمة، فقد تثاقلت خطاه، وأهمل الملف الفلسطيني، رغم أن سابقته كانت قد أعدته ومهدت له كل الخطوات للتنفيذ

دلالات

شارك برأيك

لماذا لا تلاحق المحكمة الجنائية الدولية مُهدديها؟

المزيد في أقلام وأراء

الاحتلال والهوية الفلسطينية: الانتهاكات الممنهجة للتراث الثقافي

د. سارة محمد الشماس

الذكاء الاصطناعي والعلاقات الرقمية: تحول شامل في نمط التواصل والاتصال

بقلم : صدقي ابوضهير، باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

هل الذكاء الاصطناعي "حرامي"؟

بقلم عبد الرحمن الخطيب، مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

بلاد الحرب أوطاني!

ابراهيم ملحم

النرويج تتضامن مع فلسطين: ملكاً وحكومة وشعباً وسفراء من كل أنحاء العالم

اياد أبو روك

تقييم متزن

غيرشون باسكن

الحل من عند رب السماء!

حديث القدس

الحـرب الإسـرائيلية عـلى لـبـنان: حـصـيـلة قـاسـيـة وهـدنة هـشـة

د. ماهر الشريف

تصريح وتغريدة يكشفان حقيقة الأطماع التركية في سوريا

وسام رفيدي

حكم الأغنياء أم حكومة الأثرياء؟

جواد العناني

هل يدمرون (الأونروا)... "دولة" اللاجئين الفلسطينيين؟

د. أسعد عبدالرحمن

نزوح تحت النيران ونيران تحرق كل مكان

حديث القدس

من لا يعرف سيدرا فليُغرق رأسه في الرمل

عيـسى قراقـع

حملات المقاطعة الرقمية بين الوعي الجماهيري والضغط الاقتصادي

مريم شومان

تحقيق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني

سري القدوة

التعليم من أجل الأمل

فواز عقل

غزة وأخطاء السياسة الأميركية

جيمس زغبي

الصراع العربي الإسرائيلي وتداعياته على بلدان الجوار الفلسطيني

حمادة فراعنة

رسالة إلى السيد الرئيس ترمب!

حديث القدس

حديث النفس التي تخزها إبَرُ الشعر

فراس حج محمد

أسعار العملات

الجمعة 06 ديسمبر 2024 8:09 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.6

شراء 3.59

يورو / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.07

شراء 5.06

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 192)