أقلام وأراء
الخميس 16 مايو 2024 9:28 صباحًا - بتوقيت القدس
النكبة الفلسطينية نزيف مستمر وشاهد على عجز الأمم المتحدة
تلخيص
تعرض الشعب الفلسطيني وما يزال لأشرس إبادة جماعية عرفت في التاريخ الحديث، ومما يزيد من بشاعتها هو وجود انحياز واضح من البعض من دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان لحكومة اليمين الصهيونية المتطرفة، وما تتلقاها من قبلهم من تأييد سياسي معلن (الفيتو)، وإمداد غير منقطع بالعتاد وآلة القتل بما فيها المحرمة دولياً، ليذبح فيها الشعب الفلسطيني أمام نظر العالم، ليستمر الجرح الفلسطيني نازفاً ويزداد معه عجز الإرادة الدولية وأجهزتها في قمع الاحتلال الاسرائيلي ومحاسبته من أجل إنهاء الاحتلال وايقاف النكبة المعاصرة.
ومنذ قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي وحتى تاريخنا المعاصر فإنها تمارس كافة أنواع الاعتداءات والجرائم، إذ تظهر الإحصاءات أرقاماً مرعبة، تعكس حجم الهجمة الصهيونية ومخططها الإحلالي الاستيطاني قبل النكبة وبعدها، فحسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فقد هُجر عام 1948م، حوالي مليون ونصف فلسطيني (يشكلون اليوم نحو 6,5 مليون لاجىء فلسطيني في العالم يعيش جزء كبير منهم في مخيمات اللجوء)، كما استولت العصابات الصهيونية من البالماخ والأرغون والهاجاناة وشتيرن، المسؤولة عن أكثر من 70 مجزرة، على 774 مدينة وقرية فلسطينية دمرت منها أكثر من 531 قرية ومدينة، واستشهد على إثرها أكثر من 137 ألف شهيد فلسطيني.
وفيما يخص الاستيطان (الاستعمار)، هذا السرطان الذي يفتت الأراضي الفلسطينية فقد بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية نهاية عام 2022م في الضفة الغربية 583 موقعاً، بواقع 151 مستعمرة و25 بؤرة مأهولة تابعة لمستعمرات قائمة، و 163 بؤرة استعمارية، و 144 موقع مصنف "مناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال".
وتجدر الإشارة إلى التوسع الحالي في نوع خطير من المستوطنات وهو (المستوطنات الرعوية، أي مناطق مصادرة بذريعة تخصيصها كمراع للمستوطنين) وتنشط فيه منظمة صهيونية متطرفة "فتيان أو شباب التلال" وتقوم عقيدتهم التوراتية المزيفة على مشروع أرض إسرائيل الكبرى، ويرفضون فكرة إخلاء المستوطنات، وينفذون اليوم الكثير من الهجمات على القرى والمدن الفلسطينية المجاورة لبؤر الاستيطان.
وتستمر النكبة بمشاهد لجرائم ومجازر إبادة جماعية مفزعة في قطاع غزة والضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر (معركة طوفان الأقصى)، حيث ارتقى أكثر من 35 ألف شهيد، و 83 ألف جريح، وتدمير 360 ألف وحدة سكنية، و 13 ألف حالة اعتقال، وخسائر تزيد عن 30 مليار دولار، ما عرض الحياة الاقتصادية والصحية والتعليمية والخدماتية لضرر كبير، إلى جانب الحصار المفروض على إدخال المساعدات الإغاثية (العلاجية والغذائية)، وإغلاق مراكز الأونروا في غزة والقدس بعد الاعتداء المباشر عليها بما في ذلك هجمات المستوطنين كما جرى في مدينة القدس، والملاحظ أن هذه النكبة المتجددة تجري بشكل متسارع وسط محاولة إسرائيلية لتعطيل عمل الإعلام وقتل الإعلاميين وتكذيب ما يتسرب من أخبار تظهر حجم الفاجعة الكبير، إضافة إلى التضييق الإعلامي الذي شمل استشهاد أكثر من 140 صحفيا منذ السابع من أكتوبر، ومحاولة الترويج للرواية الإعلامية الصهيونية القائمة على مصطلحات مغلوطة ومضللة تصف الجرائم الاسرائيلية بحق الدفاع عن النفس وتعتبر النضال الفلسطيني عن الأرض والإنسان والمقدسات إرهاباً.
إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن النكبة الفلسطينية مستمرة على الرغم من مرور 76 عاماً من الظلم والإبادة، والتي تبدلت فيها أدوار القتل والقمع والظلم بين العصابات الصهيونية وجماعات الهيكل المزعوم وحكومة اليمين المتطرفة، في ظل غياب تام للرقابة والعدالة الدولية، وعدم فعالية ما يسمى اليسار الاسرائيلي الذي أُزيح تماماً عن المشهد السياسي الإسرائيلي في الحكومة والكنيست، باستثناء بعض الأصوات المتذمرة في الإعلام الاسرائيلي أو الأروقة السياسية، التي يُضيق عليها ويتم اتهامها بمعاداة السامية، هذه التهمة الباطلة التي توجه لكل الفئات الإنسانية من الرأي العام العالمي كما هو الحال اليوم من اتهام طلبة الجامعات في أمريكا والكتاب والساسة في العالم، وحتى ضد من يرفع صوته بشكل قانوني في محكمة العدل الدولية، وهذه السياسة الصهيونية المدعومة من اللوبي الصهيوني في العالم الغربي ومراكز صنع القرار يساندها إعلام غربي يسير خلف مصالحه المادية، ملقياً من قاموسه شرف المهنة وأخلاق الإنسانية وعدالة الحقوق الشرعية.
وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس أن النكبة ليست مجرد أرقام شهداء وجرحى وأسرى، وملايين دونمات الأراضي المصادرة وملايين المشردين فقط، بل هي ذكرى نستحضر معها رغم حجم الألم تضحيات خالدة لرجال أحرار صنعوا خلفهم أجيالا لن تنسى حقها بالتقادم، وما زالوا وسيبقون يرابطون في فلسطين من البحر إلى النهر، بل هي أيضاً نكبة في ضمير الإنسانية نفسها لعجزها عن نصرة المظلوم ومواجهة عنجهية إسرائيل التي تضرب بالشرعية الدولية ومئات القرارات الدولية عرض الحائط، فمن غير المعقول والمنطقي قطعاً أن تصنع إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) لنفسها شرعية وجود مزعوم أسطوري على جثث الأبرياء والشهداء وممتلكاتهم وتاريخهم وهويتهم العربية الخالدة.
إن درس ذكرى النكبة لامتنا العربية والإسلامية هي الوحدة ونبذ الخلافات، فقوة أمتنا دعم لصمود وحرية فلسطين وأهلها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ورسالة إنسانية للأحرار في العالم وللمنظمات الإنسانية والقانونية والشرعية، بضرورة الضغط باتجاه إلزام إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ورسالة النكبة أيضاً موجهة للإعلام بكافة أشكاله بما في ذلك القائمين على وسائل التواصل الاجتماعي هي تذكير العالم بجرائم ومجازر إسرائيلية ما تزال تُذبح بحرابها المسمومة الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يجب أن تعاقب عليه إسرائيل وتحاكم، أسوة بغيرها ممن ثبت جرمهم بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي والفصل العنصري والتهجير القسري، إذا كان العالم فعلا يحترم حقوق الإنسان ويبتعد عن المعايير المزدوجة.
فتحية إجلال لأهلنا في فلسطين والقدس من البحر إلى النهر، الصامدين المرابطين المنافحين عن حقوقهم وقضيتهم الفلسطينية الخالدة، والرحمة لشهداء النكبة المستمرة والحرية للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وسيبقى الأردن شعباً وقيادة هاشمية، صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، السند والداعم لأهلنا في فلسطين والقدس، والبلسم الذي يضمد جراح نكبتهم، مهما كان الثمن، وبلغت التضحيات.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
ماذا يقول القانون الدولي عن الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان؟
الأكثر قراءة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 80)
شارك برأيك
النكبة الفلسطينية نزيف مستمر وشاهد على عجز الأمم المتحدة