أقلام وأراء

الأحد 05 مايو 2024 9:48 صباحًا - بتوقيت القدس

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

تلخيص


الأكثر إثارة للاهتمام ما شهدته جامعات أمريكية منها "تكساس" و"ييل" و"كولومبيا" و"وساوثرن كاليفورنيا"، خلال الأيام الماضية، حملة اعتقالات طالت مئات الطلاب وبعض الأساتذة المحاضرين. ولا تزال الاحتجاجات مستمرة في عدة جامعات، وتتوسع إلى أخرى، في وقت يقول طلاب محتجون في جامعات عدة، إنهم يتعرّضون للتهديد باستدعاء الشرطة إذا لم يفضّوا احتجاجاتهم المطالبة بوقف الدعم الأمريكي لإسرائيل في حربها في غزة.


 ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب علق على الاحتجاجات الطلابية في بلاده للتضامن مع غزة، قائلا إن إدارة جامعة كولومبيا بولاية نيويورك ارتكبت خطأ فادحا بإلغاء حضور الفصول الدراسية واعتماد التدريس عن بعد لمن يريد، وقد وصفها بأنها عار على الولايات المتحدة الأمريكية.


وحسب هذا المنظور، يجب ان يكون للجامعات العربية كلمة، والتي تبدو بمنأى عما يجري في الجامعات الأمريكية والأوروبية، فالمحرك الإنساني هو الذي دفع المئات من طلبة جامعة كولمبيا للتظاهر ضد سياسة أمريكيا الداعمة لإسرائيل في الحرب على غزة، فالجامعة ليست مكانا فقط لتلقي العلوم، وهي المرحلة الأخيرة التي فيها تتشكل شخصية الطالب "اعلى سلم النضوج"، لهذا يجب النظر إلى هذه الشريحة من المجتمع على انهم أصحاب رأي سديد، ومشورة قوية. لا اختلاف بين طلبة كولومبيا وتكساس وييل وبين الطلبة العرب من المحيط إلى الخليج، فلا فروق فردية بين اقصى الشمال والجنوب والغرب والشرق، فالمنظومة الفكرية لا تجزأ حسب اللون والعرق، ولكن كان يجب أن يعول على دور الطلبة العرب أكثر، فغزة العربية أقرب للعرب، فرغم ما قامت به الجامعات الامريكية لا يعني أن نبقى مكتوفي الايدي فالواجب لا يسقط عنا أبدا، ونحن ننظر من خلف الشاشات فقط. لكن في هذا الصدد أيضاً، بدأت الشرارة من الجامعات الامريكية، وكرة الثلج تتدحرج، وهذا ما يعول عليه ان تصيبنا عدوى كولومبيا وغيرها.


والسؤال المطروح هنا، هل هذا المد الاحتجاجي لطلبة جامعة كولومبيا تلقته إسرائيل برحابة صدر؟ بالتأكيد لا، فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون، لهذا لقد سارعت إسرائيل كعادتها لتلقي الكرة في ملعب الغير، وقد طرحت الكرة في ملعب الجامعة ورئيستها، فرغم ما قامت به رئيسة الجامعة من العديد من الإجراءات والقرارات التي أضرت بجامعة كولومبيا"، وشملت استدعاء الشرطة والسماح باعتقال الطلاب دون استشارة أعضاء هيئة التدريس، وتحريف وتعليق مجموعات الاحتجاج الطلابية، وتوظيف محققين خاصين، كل هذا لم يشفع لها. فالرد الطبيعي لإسرائيل هو ان هذا الاحتجاج ما هو إلا معاداة للسامية، فلنا أن نتصور كيف يتحول العالم بعد ان يسمع هذا التصريح؟ للأسف معاداة السامية هي العصا التي تلوح بها إسرائيل في وجه العالم. يسمح هذا السرد الكاذب، الذي يركز على معاداة السامية، لمراكز السلطة، بما في ذلك وسائل الإعلام، بحجب القضية الحقيقية: الإبادة الجماعية. إنه يلوث النقاش. إنها حالة كلاسيكية من "الإساءة التفاعلية". ارفع صوتك لشجب الظلم، والرد على الإساءة المطولة، ومحاولة المقاومة، ويحول المعتدي نفسه فجأة إلى المظلوم واللافت للنظر والمهم في ذات الوقت هو أن طلابًا يهودًا يشاركون في الاحتجاجات.


وأما ما يتعرض له فلسطينو غزة والضفة الغربية لا يعني تطهيرا عرقيا بأي شكل من الأشكال في نظر إسرائيل ومن يدور في فلكها، ولو فرضنا بأن ما يجري في غزة اليوم من دمار للمباني وقتل للأطفال والنساء والشيوخ وهدم دور العبادة والجامعات يحدث في إسرائيل، ماذا تكون ردة فعل العالم؟


ما جعل الموضوع له أهمية قصوى، هو ما تسميه الأوساط النزيهة في العالم سياسة الكيل بمكيالين، واحتجاج طلاب الجامعات الأمريكية سلمي، ولا يوجد هنالك مظاهر عنف أو تحطيم لمرافق الجامعة، والمطلب الوحيد للطلبة المتظاهرين هو وقف الإبادة الجماعية في غزة، ولا نتخيل حجم الدعم الأمريكي لإسرائيل المالي والعسكري والسياسي والمعنوي، وحتى اللحظة لا توجد بوادر من البيت الأبيض تشير لإنهاء الاعتصام والمظاهرات داخل الحرم الجامعي لأنه لا يوجد في جعبة الإدارة الامريكية ما تقدمه لوقف الإبادة في غزة.


إسرائيل أكبر من كولومبيا الجامعة وغيرها من الجامعات، ولا يوجد مجال على الاطلاق أن تتخلى الولايات المتحدة الامريكية عن إسرائيل كدولة وظيفية، وهذا بحد ذاته مشروع الغرب برمته منذ تأسيس إسرائيل قبل حوالي سبعة عقود ونيف، وهذا ليس من باب الإحباط أو تثبيط الهمم، ولكن علينا أن نعي المشروع الصهيوني فهو مشروع عكف الغرب على صياغته قبل أن يرى النور بسنوات، ولا شك ان الحكومة الأمريكية امام احتجاجات مثقفين وعلى عاتق هؤلاء أنشئت الولايات المتحدة وغيرها، ولنا في سنغافورة مثالا آخر، فالخوف ليس من عدد الطلبة المتظاهرين بقدر الثقافة العالية لهؤلاء، فبهم يشد الرحال والنهوض بالمجتمعات من الأزل.


وفق ما تقدم، فان التركيبة البشرية لا تختلف من بيئة لأخرى، ولكن هناك هامش كبير للتعبير من خلاله كما يقولون، والفرق بين العرب والغرب نقطة، وهذه النقطة فعلت وتفعل وربما ستفعل الكثير من المفارقات العجيبة والغريبة، وتدخل في ذلك كثير من المتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، فهذا هو الفرق بيننا وبينهم، هم الغرب ونحن العرب، والفرق بيننا نقطة، هم يتفاهمون بالحوار ونحن بالخوار والفرق بيننا نقطة، هم يعيشون مع بعضهم البعض بالتحالف ونحن بالتخالف والفرق بيننا نقطة.

دلالات

شارك برأيك

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 71)

القدس حالة الطقس