Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الجمعة 25 أغسطس 2023 7:35 مساءً - بتوقيت القدس

مزارع من "سالم" يبتدع الأفكار لتعمير أرضه وحمايتها من غول الاستيطان

نابلس -"القدس" دوت كوم- وفاء أبو ترابي

مع ساعات الفجر الأولى من كل يوم، يمتطي ظهر دابته، وينطلق صوب أرضه الزراعية سالكاً طرقاً وعرة وبديلة، بعيداً عن أعين المستوطنين وقوات الاحتلال، وهناك يمضي عدة ساعات في اقتلاع الصخور وتفتيتها وبناء السلاسل الحجرية حولها واستغلالها أحسن استغلال لحمايتها من غول الاستيطان الذي يفتح شهيته لالتهام المزيد من أراضي الفلسطينيين، بذريعة أنها مهجورة أو متروكة وغير مستغلة.


إنه المُزارع الستيني (باسم عادل أحمد اشتية) الذي يقطن في قرية سالم شرق مدينة نابلس، وفضل أن يذكر اسمه كاملاً، معبّراً بذلك عن ارتباط عائلته الوثيق بالأرض، ابتداءً من جده مروراً بأبيه ووصولاً له وأخوته، وقد باتت الأنشطة الزراعية المختلفة عادة متوارثة لدى هذه العائلة، حيث أن أشجار الزيتون والتين واللوزيات تشكل عصب الحياة في أراضيهم.


بلهجة فلاحية، يسرد اشتية والمعروف في بلدته باسم "حارس الأرض، لـ "القدس" دوت كوم، تفاصيل حكايته مع أرضه الواقعة شرقي القرية، والمهددة بخطر الاستيطان، لكنه احتار من أين يبدأ! أيتحدث عن اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال عليه وعلى الأرض، أم يشرح تفاصيل العذاب الذي يعيشه يومياً حينما يذهب للاعتناء بتربتها وغرس الاشجار بها، أم عن قيود الاحتلال المجحفة بحق المزارعين وأصحاب الأراضي الواقعة في أطراف القرية لا سيما بالجزء الشرقي منها، ما يمنعهم من الوصول إليها بحرية.


ولا يبالغ حينما يُظهر لنا مدى تعلّقه بأرضه، حيث كان منذ سن العاشرة من عمره يذهب برفقة والده من أجل تعمير أرضهم وزراعتها بالأشجار المتعددة، فيبذل جُل جهده في تقطيع الصخور الكبيرة وتسويتها، وبناء سلاسل حجرية تناسب طبيعتها المنحدرة وتحميها من الانجراف.


وعقب شق شارع مستوطنة "ألون موريه" منذ عام 2000، بالتزامن مع اندلاع انتفاضة الأقصى، والذي بات يلتف حول أراضي قرية سالم من ثلاث جهات ازدادت مطامع الاحتلال ومستوطنيه بالسيطرة على المزيد من أراضيها ما يخدم مشروع التوسع الاستيطاني في المنطقة، بينما تسيطر هذه المستوطنة "الون موريه" على أراضي قريتي عزموط ودير الحطب المجاورتين منذ عام 1980.


وقال اشتية: "منذ قيام الاحتلال بشق الشارع الالتفافي أصبحت أراضينا، والتي تصل مساحتها إلى ما يقارب سبعة آلاف دونم، معزولة خلف الشارع، ولا يمكننا الوصول لها سوى بواسطة تنسيق من ما تسمى بالإدارة المدنية الاسرائيلية، وهذا فقط في أيام قطف ثمار الزيتون وحراثة الأرض".


ويستطرد، المزارع اشتية، ومرارة الوضع لا تخفى عن حديثه، قائلاً: "كما أن التنسيق الذي نحصل عليه مُذل ومجحف بحقنا، فالأراضي الزراعية تحتاج منا خدمة طوال العام، والحراثة لا تكفيها إنما يتوجب علينا الاعتناء الدائم بها لنحمي تربتها من النباتات الضارة والاشواك، ولا بد أن نبني الجدران الاستنادية والسلاسل الحجرية لمنع انجرافها، كما أن الأشجار بحاجة إلى تشذيب لإزالة الفروع التالفة، وتطعيم لوقايتها من الآفات ما يضمن استمرار نموها ويحسن انتاجيتها".


ويحاول مستوطنو "ألون موريه" الاستيلاء على أرضه وغيره من المزارعين في تلك المنطقة ما يفاقم الوضع سوءاً، حيث أنهم أقاموا بؤرة استيطانية على مساحات شاسعة من أراضي الأهالي فوق سفح الجبل شرقي القرية، ووضعوا فيها عدة بيوت متنقلة (كرفانات)، وباتت جميع هذه الأراضي مهددة بخطر الاستيطان المتفشي فيها، كما تزداد معاناة المزارعين جراء اعتداءات المستوطنين المتكررة عليهم وعلى أراضيهم محاولين سرقتها بشتى الطرق.


ويعيش المزارع اشتية مغامرة صعبة في رحلة ذهابه وإيابه لأرضه، من أجل حراثتها في فصل الربيع، مبيّناً أن فترة التنسيق التي تستمر لأربعة أيام وربما أقل غير كافية للعمل وأحياناً يحصل عليه بعد انتهاء الوقت المناسب للحراثة، ما يدفعه إلى الذهاب لأرضه على ظهر دابة (حمار) سالكاً طريقاً مغايراً، فيشرع بتقليب التربة وتفتيتها بواسطة المِحراث اليدوي الذي يجرّه الحمار، حيث أنه يُحظر عليه استخدام الجرار الزراعي إلا في أوقات التنسيق.


يتابع: "وفي تلك الأثناء يأتي جنود الاحتلال او حارس المستوطنة ويطردونني من الأرض، ولكنني لا أستسلم لذلك بل أعود لها ثانية لأكمل عملي، وأُصرّ على البقاء مهما كلفني الأمر".


ويقوم اشتية بتقطيع الصخور بطريقة هندسية متقنة، رغم بساطة المعدات التي يستخدمها، مصطحباً معه شخصين من أقاربه ذو سن صغير لمساعدته، فيما يشهد العمل حالة تأهب مستمرة، فيظل أحدهما يلتفت يميناً وشمالاً لمراقبة المنطقة والآخر يقدم له العون، وحينما تأتي مركبة الجيش يجمعون المعدات، وربما يدفنونها في باطن الأرض ثم يغادرون المكان فوراً.


وفي هذه الطريقة يواصل اشتية عمله بالأرض وخدمتها على مدار العام، متحدياً قيود الاحتلال وعربدة مستوطنيه، ومضحياً بنفسه وماله من أجل الحفاظ عليها، رغم محاولات المستوطنين سلبها ونهب خيراتها بين الفينة والأخرى، عدا عن قيامهم باقتلاع أشجارها وتخريبها بواسطة الرعي الجائر للأغنام.


وقال: "إن الممارسات الاستفزازية التي ينتهجها المستوطنون تحت حماية جنود الاحتلال، لن تزيدني إلا صموداً وثباتاً على أرضي، وإنني في صراع دائم معهم، وكثيراً ما تعرضتُ للاحتجاز لساعات طويلة وأحياناً للاعتقال، وفي إحدى المرات حاول أحد الجنود قتلي، ومستوطن اعتدى عليّ بالضرب".


وفي موسم قطاف الزيتون تعيش عائلة اشتية الأمرين طيلة أيام جني الثمار، حيث أن أيام التنسيق لا تكفي لإنجاز العمل في خمسين دونماً تحتوي جميعها على أكثر من ألف شجرة زيتون، ويحتاجون للبقاء حوالي خمسة وعشرين يوماً في تلك المنطقة الشرقية وحدها.


وأشار، اشتية، إلى أن جيش الاحتلال أثناء العمل في مواسم الزيتون يقتحم الأرض بشكل مفاجئ ويجبرهم على المغادرة، لكنه يأبى ذلك ولا يستجيب لهم.


ولذلك، يحث، المزارع اشتية، جميع الفلسطينيين على ضرورة الاهتمام بأراضيهم وعدم هجرها، خاصة الواقعة في مناطق يهددها الاستيطان، حيث أن الاحتلال يتبع أساليب خبيثة من أجل تسهيل السيطرة عليها، وأن جميع ممارساتهم بحق المزارعين من إبعاد عن الأرض ومنع استصلاحها وزراعتها، وكذلك تقييد أوقات الوصول لها، تهدف إلى تحويلها إلى أراضٍ مهجورة.


ومع مرور الوقت تخضع هذه الأراضي لسيطرة الاحتلال –وفق قوله-، زاعماً أنها أملاك دولة رغم أن أصحابها يملكون أوراقاً ثبوتية بها، بينما يتفاجؤون بقيام أحد المستوطنين بتشييد بؤرة استيطانية، ثم يبدأ بتوسعتها وضم المساحات الزراعية التي تحيطها رويداً رويداً حتى يستولي على كافة الأراضي المجاورة.


ويدعو اشتية المؤسسات الحكومية والحقوقية لتسخير جهودها من أجل مساعدة المزارع الفلسطيني وتثبيته في أرضه وتعزيز صموده فوقها حتى يرحل الاحتلال عنها.


دلالات

شارك برأيك

مزارع من "سالم" يبتدع الأفكار لتعمير أرضه وحمايتها من غول الاستيطان

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 85)