أقلام وأراء
الثّلاثاء 14 مارس 2023 10:30 صباحًا - بتوقيت القدس
الحرب ألأوكرانية والحروب الطويلة!
بقلم:دكتور ناجى صادق شراب
[email protected]
في أدبيات الحرب من السهل أن تبدأ الحرب لكن من الصعب أن تنتهى. والحرب تبدأ بقرار واحد وقد تنتهى بأكثر من قرار، وهذا ينطبق على الحرب الأوكرانية التي بدأت بقرار روسي للرئيس بوتين بدوافع كثيرة أبرزها أستعادة مجد الأمبراطورية الروسية حيث تسعى روسيا إلى الحفاظ على نفوذها في منطقة البحر الأسود ومضيق كيرتش. والنزعة القومية حيث ان المناطق الشرقية لأوكرانياتعد موطنا للأوكرانيين الناطقين بالروسية. وكما يقول المؤرخ ألأوكراني إيلي بوشاك:إن العلاقة بين روسيا وأوكرانيا وبين كييف وموسكو تشكل المشكلة ألأساس لتاريخ أوروبا الشرقية.
وبرغبة روسيا تغيير قواعد النظام الدولي من احادية القطبية الي متعدد الاقطاب .وبالمقابل الأطراف الأخرى المباشرة للحرب وتتمثل في الولايات المتحدة تسعى إلى إجهاض القوة الروسية والحيلولة دون منافستها لأحاديتها، وأوروبيا تحاول إستعادة قوة الناتو , بضم دول جديده مثل السويد وفنلندا. وهذه الدول اليوم تتحكم في نهايات الحرب وليس روسيا اوهذا ما يفسر لنا أحد الأسباب لإستمرارها. ولعل الخطأ الذي وقع فيه بوتين إعتقادة انها حرب لأيام قليلة يتم خلالها إسقاط حكم زيلنسكي وكييف التي تعتبرها روسيا أم المدن الروسية . اما مالا يتوقعه بوتين هذا الحراك ألأمريكي وألأوروبي، لتتحول هذه الحرب إلى حرب كونية في تداعياتها ، فلم تنجو دولة من آثارها الاقتصادية . ولعلها تكون من أكثر الحروب التي تترتب عليها خسائر كبيرة خلال عام واحد. فزادت الخسائر المالية عن 8-2 تريليون دولار تكفي لمعاجلة كل المشاكل الاقتصادية من فقر وكساد إقتصادي عالميا.وتجميد 300 مليار دولار روسي في البنوك الأوروبية كانت تدر أكثر من مائة مليار دولار على الخزينة الروسية.وأكثر من 100 الف قتيل روسي ومثلهم أوكرانيين.إلى جانب أكثر من 16 مليون لاجى أوكراني .وتدمير بنية الدولة كلها، وحاجتها اليوم لأكثر من 750 مليار دولار لإعادة إعمارها.وفقدانها حوالي 20 في المائة من أراضيها التي أحتلتها روسيا وتصر على بقائها بعد إستفتاء سكانها.وهذه الخسائر خلال عام واحد فكيف لو أستمرت الحرب عاما آخر؟ولوعدنا إلى الموقف الأمريكي الذي بات العامل الرئيس في إستمرار هذه الحرب وعدم توقفها ما أشار إليه السفير الفرنسي موريس غوردو والذي عمل مستشارا للرئيس شيراك من أن الرئيس الفرنسي كلفه إجراء إتصالات مع كل من موسكو وواشنطن عام 2006 لبحث إمكانية تسوية الأزمة بمنح حماية متبادلة لأوكرانيا من قبل ألأطلسي وروسيا. لكن الولايات المتحده رفضت الفكرة.. وهذا يؤكد لدينا مصداقية الفرضية التي تقوم عليها الحرب وموقف الولايات المتحدة الذي أكد عليه الرئيس بايدن في زياته المفاجئة لكييف وتصريحه لن نسمح لروسيا أن تنتصر في الحرب.ويقف وراء هذا الموقف ان هذه الحرب قد تقود روسيا لحرب على أقاليم أخرى.وإشكالية هذه الحرب ان الحروب الكبرى تحكمها توازنات القوة والقدرة على إستمرارها نظرا لتوفر الموارد والقدرات العسكرية والإقتصادية لديها، ونحن هنا أمام نموذج للحرب الكبرى بين روسيا وأمريكا وأوروبا تقوم أوكرانيا فيه بدور الوكالة فيها. وسبب آخر قدرة روسيا على الصمود في مواجهة العقوبات وتعويضا بالإنفتاح على دول آسيا وتصدير النفط والغاز وتغذية الروح القومية الروسية والإلتفاف حول الرئيس بوتين وتعليق المشاركة في معاهدة الأسلحة الإستراتيجية ستارت.وفي الوقت ذاته هناك دولا أستفادت من الحرب وخصوصا الصين والدول النفطية ودول الغاز كالدول العربية الخليجية وهو ما منح هذه الدول دورا أكبر للمساعدة في تخفيف تداعيات الحرب والإستعداد للتوسط لإنهائها. وقد تكون الصين بقوتها وقدرتها وعلاقاتها الأكثر إستفادة من الحرب وتاثيرا على روسيا ،وتفتح المبادرة التي أعلنت عنها الصين نافذة من التفاؤل لدبلوماسية الحل وتقوم على ركيزتين الأولى عدم جواز ضم ألأراضي بالقوة ، والركيزة الثانية إعتبار وتفهم للدواعي الأمنية الروسية لكن المعضلة هنا في الأقاليم التي ضمتها روسيا بعد إستفتائها..وتبدو هذه الحرب أمام اكثر من سيناريو، السيناريو القبرصي بتقسيم الأراضي وقيام حالة دولة للأقاليم التي ضمتها روسيا.وسيناريو إستمرار النزاع في إطاره القائم وإحتوائه جغرافيا. وسيناريو التسوية والحل الدبلوماسي وتبني إستراتيجية حفظ ماء الوجه لكل من روسيا وأكرانيا. وأستبعاد سيناريو النصر والهزيمة النهائية.ويبقى أن هناك وجها آخر لهذه الحرب لفهمها وتفسير تطوراتها وهو الجانب الحضاري والأيدولوجي العقيدي ، وهنا يبرز كتاب فو كومايا نهاية التاريخ الذي كتبه في أعقاب إنهيار الإتحاد السوفيتي.وتصديقا لمقولة المفكر الأمريكي هنتنجتون صدام الحضارات. وما قاله جوزيب بوريل سكرتير الشؤون الخارجية للاتحاد ألأوروبي:بأن أوروبا هي الحديقة الغناء وواحة الديموقراطية وما عداها سوى مساحات من ألأحراش وألأدغال تعيش بها الوحوش الكاسرة. وبالمقابل يقول الفيلسوف الروسي الأفضل لروسيا بأن لا تعيش في أوروبا ليكون شعبها غجرا في وسط القارة ألأوروبية، وألأفضل لها التوجه نحو الشرق أي أسيا. يبقى أن هذه الحرب قد غيرت من قواعد النظام الدولي القائم بالتحول نحو القطبية وسباق التسلح ودخول دول مهمة في هذا السباق مثل اليابان وألمانيا.وأن الولايات المتحده لم تعد تملك نفس عناصر الهيمنة الأحادية ، وهذا قديكون المفتاح لنهاية هذه الحرب قبل أن تتحول لحرب نووية الكل خاسر فيها وفي عصر اللايقين تبقى كل السيناريوهات قائمة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
الحرب ألأوكرانية والحروب الطويلة!