أقلام وأراء

الأحد 29 يناير 2023 10:27 صباحًا - بتوقيت القدس

لا تعدو العشرة .....أشلاء قتلانا على نهر الدماء قنطرة

بقلم: عيسى قراقع


عدد الشهداء في فلسطين يفوق عدد أيام السنة ، تغيرت حركة الأفلاك والحسابات والمعادلة ، انطفأت النجوم وانحبس المطر وتفتحت شهية الصهيوني على المذبحة، وكيف تصير جنين من شرقها الى غربها ساحة مقبرة ؟ الارض تطفح بالدماء وبالشهداء، الارض متخمة ، تعج بالأجساد والعظام والأرواح والبكاء، الرياح صفراء صفراء محتقنة.
الأحلام الجميلة صارت في السماء ، اطفال مخيم الدهيشة يكتبون وصاياهم ويضعونها في جيوب قمصانهم وفي جهة القلب ، مبللة بالدم والرصاص ، السماء مغلقة ، والأرض مغلقة ، ولا أحد في الساحة غير هذا القناص الصهيوني والمجنزرة.
هل جاءكم النبأ العظيم ؟ أنهت القدس صلاة الفجر وكبرت لله ونادت على جنين ، ومن ألف موت وموت ومن كل جثة وجثة ، ومن كل بيت وبيت ، ومن غرف التدريس والزنازين وأقبية التحقيق ، استيقظ الموتى ، استيقظ التعب والصمت الثقيل ، استيقظ الشيخ والراهب والولد والفتاة والشجرة ، استيقظ البحر والطوفان والبروق وعين العاصفة ، فلا يناطح الحديد غير الحديد .
نهض كل الذين سلخت جلودهم السياط والهراوات ، افاق المعذب والجريح والفقير، والذين توهموا ان انتظار النبي هو الخلاص ، نهض التاريخ بزمانه ومكانه ، الاجداد والاحفاد ، السهول والجبال ، المحاريث والفؤوس والأغاني ، كل شيء فوق التراب ، وكل شيء يقوله التراب ، الكل فوق التراب ، مقنع بالأحمر والماء والجذور ، العين بالعين ، رأس برأس ، جيل يستفيق وقبضة تدور وتدور .

أيها الاسرائيليون ننتظركم الليلة ، كم شهيدا ستقتلون ؟ كي تحتفلوا بالموت والجريمة، كم اسيرا وجريحا ومشردا كي يرضى الرب عنكم في صلاة السبت ؟ وتهتفوا لابن غفير ولأرض الميعاد وتنتصرون ، ننتظركم الليلة ، تعودنا على اصوات الوحوش المسلحة ، حجارتنا جاهزة ، الاكفان والرصاص وما تيسر من اناشيد وخبز وهواء ، اقرأوا المزامير ، عمّروا السلاح ، ليلتكم طويلة ، الكل في الشوارع ، وكل واحد فينا مشروع شهيد وحياة ، صوت غضب يتنزل فوق رؤوسكم في الدنيا والآخرة .
ايها الاسرائيليون ، خمسة وسبعون عاما وانتم تقتلون وتحفرون في لحمنا ولم تجدوا هيكلكم المزعوم ، كل شيء هنا يرفضكم ويلفظكم ، الاسماء واللغات والعادات والحكايات ورائحة الوقت صيفاً وشتاء ، ليس لكم وطن ولا منفى ، كأن مصيركم تقرره هواجس الخوف وأشباح المحرقة ، دولة مختلقة ، دولة بلا ذاكرة ، قومية اثنية عنصرية هجينة لا تلتئم الا بالكراهية والحرب والمذبحة .

ايها الاسرائيليون ننتظركم الليلة ، اعلامنا الفلسطينية ترفرف فوق السطوح ، المقاليع والنكافات والولادات والنطف المهربة ، لقد بلغ الضحايا فينا النصابا ، ننتظركم في الضوء وفي العتمة ، في النهار وفي المساء ، في اي وقت ، نحن لا نخاف الموت ، نحن نرتب الغياب لحياتنا القادمة .
ايها الاسرائيليون جربوا الموت ، اشربوا من ذات الكأس المرة الذي نشربه منذ سنوات طويلة ، هل تعرفون الحزن وطعم الفجع والفقدان ؟ موتوا كي تصدقوا ان الرب الذي وضعتموه في علبة اسطورتكم وثقافتكم قد تخلى عنكم وسحب الوعد ، موتوا ، لن تكونوا دولة يهودية نقية خالية منا ومن دمنا ومن ذكرياتنا ، فنحن شعب ولد بين الشمس والرعد .
ايها الاسرائيليون عودوا الى الجيتو والمعسكر ، خلف الجدار والميثيلوجيا وامراضكم العنيفة ، لا تسكنوا فوق احلامنا واجسادنا ونومنا وصدى ايامنا ، نحن هنا، لا تكذبوا على انفسكم وتدّعوا ان هذه الارض كانت فارغة ، ننتظركم الليلة ، كم شهيدا ستقتلون يا اصحاب السلاح الطاهر والدولة الديمقراطية ؟
ايها الاسرائيليون كم مرة ستجربون الموت الجماعي الذي جربناه ؟ اكوام الجثث وصرخات الامهات والاطفال ؟ الاف المعتقلين الذين التهمت اعمارهم القيود ورطوبة الزنازين ، كم مرة ستقتحمون جنين ومخيمها ؟ كم مرة ستعدمون ابو جندل وتنصبون حول رقبته المشنقة ؟ تتجندون وتحتشدون وتقتحمون ، مشحونون باسفار الانتقام وايديولوجية التطهير العرقي ، ايها التائهون في غابات موتنا ، ايها المستوطنون والمستعمرون لن تنتصروا علينا ، فلنا تحت هذا التراب ،وفوق هذا التراب خطى انبيائنا ، وتعاويذ ارواحنا ، وأننا اول القادمين مع الغيث ، وأول الواقفين تحت ماء السماء .
ايها الاسرائيليون عدّوا جثثكم ، لقد تعبنا من عدّ جثثنا ، جنازاتنا كثيرة ، بيوت عزاء في كل الامكنة ، ارسلوا وحدات الموت ، الطائرات ، القذائف الحارقة ، ارسلوا كتيبة الاعدامات الميدانية ، الموت في فلسطين لا يذهب هدرا، يتجمع النزيف قطرة قطرة وينهمر مرة واحدة .
ايها الاسرائيليون الموت ليس مصيرنا وحدنا، من ينهب ويسرق ويهدم ويعتقل ويقتل ويحرق ويبني على ارضنا مستوطنة ، من يضرب بعرض الحائط كل المواثيق والشرائع الانسانية والدولية ، من يحرم الضوء عن الاخرين ويسجنهم في المعازل والظلمة الداكنة ، من يسلب الاسيرين المحررين كريم وماهر يونس البهجة والفرحة ، من لا يرانا سوى موتى وجثثا ، لن ينجوا من لعنة التاريخ وسيقع في نفس الدائرة.
ايها الاسرائيليون ، كان عليكم ان تموتوا كي تعرفوا قيمة السلام العادل واحترام حياة وكرامة الانسان ، وما دمتم محتلين ومستعمرين ستبقى حياتكم مهدورة ، عدّوا جثثكم، ننتظركم الليلة ، وكما قال لكم شاعرنا الكبير سميح القاسم :
لا لا تعدوا العشرة
يوم الحساب فاتكم
وبعثرت أوقاتكم
ارقامها المبعثرة
تدفقوا من مجزرة
وانطلقوا في مجزرة
اشلاء قتلانا على
نهر الدماء قنطرة

دلالات

شارك برأيك

لا تعدو العشرة .....أشلاء قتلانا على نهر الدماء قنطرة

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 219)

القدس حالة الطقس