أقلام وأراء
الثّلاثاء 03 يناير 2023 10:22 صباحًا - بتوقيت القدس
اسرائيل تنتقل الى دولة شريعة
بقلم : راسم عبيدات
القراءة المعمقة لما يحصل في دولة الكيان، نرى أن شكل الحكومة الإسرائيلية القادمة سيترك تأثيراته السلبية العميقة على وحدة المجتمع الصهيوني ، وكذلك على "هوية دولة الكيان" واعادة تعريف اليهودي،ناهيك عن العديد من القضايا الأمنية الإستراتيجية،التي اجل عمداً الأباء والمؤسسين للحركة الصهيونية حسمها،حتى لا تحدث تصدعات وتشققات تلقي بظلالها على وحدة الكيان الصهيوني المتبلور.
واضح بأن تلك الدولة تنتقل من دولة يهودية الى دولة شريعة،وبان الأصولية الصهيونية تنتقل من اطراف المشروع الصهيوني الى قلب هذا المشروع،وباتت المتحكم في مفاصل القرار السياسي لدولة الكيان،وكذلك ستصبح المتحكم في الحكومات الإسرائيلية من حيث البقاء والسقوط، وما تحدث عنه مؤسس الحركة الصهيونية بن غوريون،بأن "بوتقة الصهر" للمجتمع الإسرائيلي،والتي يقف في مقدمة ادواتها، الجيش مدركاً اهمية اقامة جيش عسكري واحد موحد يمثل دولة الكيان،بديل لجيش العصابات الصهيونية الذي ساد قبل نكبة شعبنا الفلسطيني عام 1948،عصابات الهاغانا والأرجون وشتيرن والايتسل والبلماخ ذراع النخبة للهاجانا.
وضمن هذه الرؤيا والقناعة لم يتردد بن غوريون بعد مضي وقت قصير على إقامة دولة الكيان على اتخاذ قرار بحل كل التشكيلات والعصابات الصهيونية ودمجها في الجيش الناشيء،وفي سبيل تكريس احتكار السلاح والعسكرة في يد الجيش لم يتورع عن اغراق السفينة "التلينا" التي كانت تهرب السلاح لعصابات ايتسل في 23/6/ 1948،وعندما رفض القائمين عليها تسليم السلاح للجيش،أمر بقصفها،حيث قتل 16 عنصرا من طاقمها و3 من جنود الكيان.
إعطاء صلاحيات حرس الحدود بالضفة لـ "بن غفير" يعتبر أول تأثير على وزارة الجيش. فهذا الأمر سيُحدث تداخل في الصلاحيات وتضارب في نشاطات جيش الاحتلال وحرس الحدود لأن كل مؤسسة لها مرجعية مختلفة. فالجيش سيزداد حقداً وتطرفاً تجاه الفلسطينيين أكثر من السابق لأنه بات يركن أنه له ظهرا يحميه من الصهيونية اليهودية.. وكذلك الجماعات الاستيطانية والمتطرفة ستزيد من وتيرة اعتداءاتها ضد الفلسطينيين لأنها تعلم أن لديها وزراء في الكنيست يقفون خلفهم. ولا ننسى كذلك تعزيز مكانة الحاخام العسكري الرئيسي،والتي سيجري شرعنة منصبة عبر نص في القانون،يحدد آليات تعينه واستقلاليته،وبموجب القانون، "سيُعيّن الحاخام العسكري الرئيسي من جانب لجنة برئاسة الحاخام السفاردي الأكبر، ومؤلفة من 5 حاخامات وسياسي وضابط،ووفق القانون أيضاً، "سيخضع الحاخام للحاخامية الكبرى، وليس لقائد هيئة الأركان العامة للجيش".وكذلك بن غفير سيكون له جيش خاص في الضفة الغربية مكون من المسرحين من الجيش والشرطة وزعران المستوطنين باسم الحرس الوطني،ناهيك عن مسؤوليته عن الجيش والشرطة العاملة في الضفة الغربية والقدس.
"بوتقة الصهر" نتيجة جملة التطورات والتغيرات السياسية والإجتماعية والإقتصادية،والإنزياحات التي تشهدها دولة الكيان منذ عام 1996 نحو اليمين والتطرف،وما نشهده حالياً من تحول الكيان من دولة يهودية الى دولة شريعة باتت أمام تحديات جدية وجذرية،وبما ينذر بحدوث تصدعات وتشققات في جيش الكيان،وكذلك ان تنتقل السيطرة للمليشات على الجيش.
رؤوف زيفلين رئيس الكيان السابق تحدث عن أربع قبائل تتقاسم الكيان، العلمانيون 38% و27% عرب، و25% يهود أصوليون دينيون و15% يهود صهاينة متطرفون، وتذوب كتلة العلمانيين برأي زيفلين تدريجياً لصالح تعاظم مكانة كتلتي الأصوليين الدينيين والصهاينة المتطرفين، اي جماعة الكنيس بدلاً من الكنيست،وفي هذا السياق وجدنا رئيس وزراء دولة الكيان نتنياهو اضطر ، إلى تقديم تنازلات كبيرة ومثيرة للجدل - على الصعيد الداخلي والخارجي على حد سواء - لحلفائه من الأحزاب اليمينية الدينية القومية المتطرفة، كجزء من الاتفاقات الائتلافية التي تشكلت على أساسها حكومته الجديدة،ومن بين هذه التنازلات التي تؤشر الى سيطرة سلطة الكنيس على الكنيست، سيتم إدراج ميزانيات المدارس والمعاهد اليهودية الدينية ضمن ميزانية الدولة والتي تشمل رصد ميزانية إضافية ضخمة، كما سيتم إلغاء "الإصلاحات الدينية" التي قامت بها الحكومة المنتهية ولايتها بما يعزز الصبغة الدينية اليهودية للدولة، كذلك سيتم استحداث تشريع يجيز الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة،يضاف الى ذلك تولي حزب "ناعوم" ،اليمين المتطرف آفي ماعوز، المناهض لمجتمع "الميم"، دائرة "الهوية اليهودية القومية"، وهي مديرية محدثة ستكون مسؤولة عن البرامج الخارجية في وزارة التعليم.
اما عند الحديث عن سيطرة العصابة على الدولة،فيجب ان نلحظ المتغيرات الكبرى التي حصلت وتحصل،والتي تؤشر الى تعمق أزمة الكيان السياسية والمجتمعية،وخطورة التنازلات التي قدمها نتنياهو لشركائه من الكهانية اليهودية ومجتمع الحرديين "يهوديت هتوراة" و"شاس" ، حيث سيشرف زعيم حزب "الصهيونية الدينية"، المتطرف والمستوطن، بتسلئيل سموتريتش، على وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (المحتلة) و"الإدارة المدنية" للاحتلال في الضفة الغربية، وهو منصب وزاري مستجد في وزارة الأمن. علما بأن هذه الوحدة والتعيينات المرتبطة بها (المنسقة ورئيس "الإدارة المدنية") والتي كانت تخضع لقرار المؤسسة العسكرية،كما حصل حزبي "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت" على تعهدات من نتنياهو بالدفع قدما بعملية ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وفرض "السيادة الإسرائيلية" عليها، وتعزيز الاستيطان في الضفة.
في حين سيتسلم زعيم حزب "عوتسما يهوديت" المتطرف، إيتمار بن غفير، وزارة الأمن القومي مع سلطة توجيه السياسة العامة للشرطة وتحديد "المبادئ العامة لعملها"، كما سيكون مسؤولا عن وحدة "حرس الحدود" العاملة في الضفة والقدس المحتلتين، وستمنح وزارته ميزانية إضافية تقدر بـ45 مليار شيكل لسبع سنوات،وقبل إقرار موازنة العام 2023، سيقدم حزب "عوتسما يهوديت" للكنيست مشروع قانون جديدا يقترح إعدام الفلسطينيين المدانين (في القضاء الإسرائيلي) بتنفذ عمليات ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه،وستعترف الحكومة بالبؤر الاستيطانية غير القانونية المقامة في الضفة الغربية بدون موافقة الحكومة خلال 60 يوما،ولن يخضع مستوطنو الضفة الغربية للحكم العسكري بعد الآن بل سيكونون ذراعا أمنية لوزارة أمن الاحتلال.
ما يحدث عملياً في حكومة نتنياهو، وما يحصل من تطورات وتحولات في دولة الكيان،تؤشر الى سيطرة الكنيس على الكنيست واليمين المتطرف على الدولة والمليشيا على الجيش،وكل هذه التحولات والتغيرات، بمثابة وصفات الانتحار في قلعة ماتسادا أو الموت قبل الثمانين لدولة الكيان في حروب أهلية متعددة الجبهات.
[email protected]
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 89)
شارك برأيك
اسرائيل تنتقل الى دولة شريعة