فلسطين

الإثنين 12 ديسمبر 2022 8:30 مساءً - بتوقيت القدس

"خرزة وسنارة".. مشروع أساسه الشغف والحب

رام الله - "القدس" دوت كوم - روان الأسعد - رُبَّ صُدْفَةٍ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ ميعادٍ، مثل يُضرب في المفاجأة برؤية ما يسر بلا توقع، فأحيانا ما تكون الصدف في حياتنا تحمل في طياتها الكثير من الخير لنا وتلعب عاملا أساسيا في تغيير مسار حياتنا، فكل منا يصادف مالا يصادفه غيره والجميل أن تكون هذه الصدفة قدرا جميلا يبعث فينا الأمل ويجدد نكهة حياتنا دون توقع منا.


رهام الداري، شابة في مقتبل العمر وهي أم لثلاث بنات، لعبت الصدفة في حياتها دورا هاما لتمتلك فيما بعد مشروعا للأشغال اليدوية أطلقت عليه اسم (خرزة وسنارة)، وبات فضاءً ممتلذا بالعديد من المشغولات اليدوية المميزة بجودتها العالية وإتقانها اللامتناهي والمصنوعة بكل حب.

الصدفة كانت الخطوة الأولى ،،

تتحدث رهام بفرح يقفز من عينيها لـ"القدس" دوت كوم، عن خطوتها الاولى بسعادة وتقول: البداية كانت محض صدفة لا أكثر، فأنا أم لدي ثلاث بنات إحداهن كانت تحب كثيرا عمل الإكسسوارات، فكنت أحضر لها الربطات المصنوعة من المطاطة لتتسلى بها وتصنع منها أساور ترتديها، وحتى يشجعها والدها أحضر لها ذات يوم خرزا لتعمل به حليها، فأمسكت الخرز وصنعت منه اسوارة ثم أحضر لها الأسلاك المعدنية والعديد من الأغراض البسيطة لعمل اكسسوارات لها، فما كان مني إلا أن أمسكت أدواتها وصنعت منها ميدالية وقمت بتصويرها وعرضها على موقع من مواقع التواصل الإجتماعي اسمه "السناب شات" وتفاجأت برسالة من فتاة تسألني عن سعر الميدالية لتشتريها، أخبرت زوجي فلم يعترض وقال لي إن أردت بيعها فلي حرية الخيار شريطة أن لا يكون ثمنها غاليا، وبالفعل أرسلت للفتاه أن ثمنها عشرة شواقل وكانت أثمن عشرة شواقل حصلت عليها في حياتي، صدقا لم يكن ببالي أبدا أن أعمل في مشروع ويكون التسويق له الكرونيا ولم أفكر بالزمر مطلقا، هي الصدفة البحته التي كانت منها الانطلاقة والبداية.

بداية العمل ،،

رهام هي صاحبة فكرة هذا المشروع حيث جاءت هذه الفكرة بمحض الصدفة إليها، إلا أنها تمكنت من إثبات جدارتها والعمل بكل حب فيما تهواه وتحبه واستطاعت أن تعلم نفسها بنفسها وتكتب قصة من قصص نجاح المشاريع الصغيرة، وهي قصة مكللة بنجاح حقيقي بدأت بعده العمل على فكرة تلو الأخرى وبأقل التكاليف الممكنة.


وتابعت: دائما ما كان يلفتني الخيط ويشد انتباهي رغم أنني كنت لا أعرف العمل إلا بالصوف، وبالفعل اشتريت لونين من الخيوط الصوفية وأذكر أن لونيهما لم يكونا منسجمين، واحد أزرق والآخر أخضر وبدأت أعمل بهما وأتدرب، صدقا لم أتوجه للحصول على أية دورة بهذا المجال واعتمدت على نفسي والتعليم الذاتي من خلال اليوتيوب، كنت أستغل الوقت بعد أن تنام بناتي وأبدأ أشاهد وأطبق وأجرب وأغلط، جلست قرابة الثلاثة شهور وأنا أتعلم دون كلل أو ملل بل على العكس تماما كان يزداد شغفي بما أتعلم يوما تلو الآخر، فقد احتجت لأسبوع ونصف حتى استطعت إتقان عمل القاعدة الدائرية بالسنارة، وهكذا يوما بعد يوم حتى استطعت أن أتمكن من هذا العمل وقمت بإعداد بعض القطع لمنزلية.


وأدرفت: في يوم التراث الفلسطيني طلبت مني ابنتي أن تأخذ ما صنعت معها كنشاط للمدرسة ووافقت، وهنا كانت الصدفة الأخرى حيث اتصلت بي معلمتها وطلبت مني أن أقوم بصنع سلات لها لتشتريهن مني فوافقت وأعطتني المقاسات المطلوبة وكنت سعيدة جدا وأعددت لها طلبيتها وقمت بتصويرها وعرضها على السناب شات ليصلني طلب آخر أن أصنع طقما كاملا لصبية باللون البني وفعلا قمت بصناعته، وهكذا كانت البداية. لم يكن الهدف منها هو البيع والربح، بل كان الحب والشغف بما أقوم بصناعته.

النجاح ليس حكرا على أحد ،،


رهام التي كانت من المتفوقات في مدرستها والتي درست الصيدلة ولم تعمل بها، قادها شغفها لطريق آخر وهو الأشغال اليدوية، فقد وجدتها كل ما تحبه في هذا العمل الفني الإبداعي الذي يحتاج الى الصبر والذوق العالي لمزج الألوان وخلق الأفكار ومساحة كبيرة طورت فيه ابداعها، وسعت لتعليم غيرها.


واسترسلت رهام: قمة المتعة عندي عندما أحضر خيوطي وأمسك سنارتي وأبدأ عملي وفق أجوائي الخاصة، هنا أكون في غاية الإستمتاع لأخرج بقطعة متقنة وغزلة كل قطبة فيها حب، وعندما أنتهي من العمل يكون الرضى والسعادة ويزول التعب والسعادة الأخرى عندما يفرح الزبون بقطعته ويدرك أنها صنعت بحب واسمع دعواته لي في تلك اللحظات أشعر بأنني امتلكت الدنيا وما فيها فهدفي صدقا لم يكن البيع بقصد الربح بل على العكس تماما هدفي هو زبائن كثر وربح قليل.


وتابعت: بدأت مشروعي في نهاية عام ٢٠٢٠، ولأنني لا أمتلك حسابات شخصية على مواقع التواصل الإجتماعي قمت بعمل حساب على موقع الإنستغرام يحمل اسم مشروعي "خرزة وسنارة" وبدأت من خلاله أعرض منتجاتي على تنوعها فأنا أعمل السلات والمسابح والميداليات والإكسسوارات بخامات متعددة وأمزج العديد من الخامات مع بعضها كالخرز والخيوط والخشب وغيرها، وأحرص دائما على التجديد والتنوع، لذلك قمت بمتابعة العديد من المواقع الأجنبية لأواكب كل جديد سواء من الأفكار أو الألوان أو المواد، كما حرصت على عمل فيديوهات تعليمية شرحت فيها كل مايخص هذا العمل من الألف الى الياء ولم أبخل بأية معلومة، فهذا علم أحب أن ينتفع به غيري لأن كل منا له لمسته الإبداعية الخاصة وبصمته التي تختلف عن غيره، ولا يمكن تقليدها تماما كالطبخ، فكلنا نعمل نفس الأكلة لكن لكل منا مذاقه الخاص الذي يتميز به عن غيره.


وواصلت: من خلال مشروعي تعلمت أن أبحث عن كل ما هو جديد وأن أعمل كل شيء بنفسي سواء من خلال احضار الخامات أو شركات التوصيل أو الخشب وغيرها، وهذا بحد ذاته صقل شخصيتي أكثر وغيرني للأفضل، كما سعيت لتعليم غيري كل ما أعرفه فهو ليس سرا أود الإحتفاظ به لنفسي خاصة وأن الأرزاق بيد الله وهو من يقسمها وكنت فخورة بنفسي وسعيدة جدا عندما وصلتني رسائل أن هنالك من تعلم هذا الفن من خلالي وأصبح لديه مشروع خاص وطلبيات، صدقا شعرت وكأن هذه الطلبيات لي من شدة سعادتي بأنني استطعت أن أفيد غيري ليؤسس عمله الخاص.

الدعم اساس النجاح والاستمرار ،،

للمحيط الخارجي دائما دور كبير في التأثير علينا سواء بالايجابية او السلبية، فنحن بشر نؤثر ونتأثر ودائما هنالك من يكون عاملا محفزا ويدفعنا للأمام ومنهم من من يحاول أن يسحبنا للخلف.


تتحدث رهام عن محيطها وتقول: الداعم الأول لي في كل شيء هو زوجي، فقد شجعني كثيرا على العمل كما أنه دائما مايساعدني برأيه كونه تاجر ويعمل في قطاع الملابس، فدائما ما يرشدني بالألوان وتنسيقها ويعطيني رأيه بأي قطعة أنتجها، وصدقا عندما أنهي أي عمل أقوم به أكون بانتظاره ليعطيني رأيه فيه ويكون أول من يشاهده، إضافة لأمي وأخواتي الواتي يفخرن بي ودائما ما يحفززني على العمل والإنتاج، ولكن ليس كل طريق مفروش بالزهور فقد كان هنالك كلام محبط كثير ومن اشخاص مقربين وسمعت كثيرا كيف أنني أعمل بالخياطة وأنا لا أحتاج المال وأنني كنت متفوقة ودرست ولم أعمل بشهادتي، لم يدركوا أنني أعمل لأنني أحب هذا النوع من الفنون والحرف وليس بهدف المال أبدا فوضعي المادي ممتاز، إلا أنني استطعت التغلب على ذلك وإسكاتهم بنجاحي وتميزي فيما أعمل.

الطموح والأحلام ،،

مجال الحرف اليدوية واسع، وهنالك الكثير من المنافسين فيه، إلا أن التميز كان حليف رهام واستطاعت أن تتفوق على غيرها ليكون اسم مشروعها معروفا في هذا المجال إضافة لثقة الزبائن بها فبعد أن كانت بالبداية تتخوف من عدم رضاهم باتت اليوم تنتظر دعواتهم لثقتها بما تقدمه.


تتحدث رهام قائلة: لا أخجل أبدا من اول قطع صنعتها ومن أنني تعلمت مع الوقت الكثير وبت محترفة جدا في مجالي حتى أنني أنجز طلبياتي بوقت قصير عما كنت عليه بالبداية، وفخورة جدا بما أقدمة وأحاول دائما أن أفيد غيري ممن يعملون بهذا المجال خاصة من خلال الفيديوهات التعليمية والرد على استفسارات الجميع، وأرفض أن أعطي الدورات لأنني أشعر أنها فقط من أجل الربح فلا أحد يتعلم في ثلاثة أيام فقط، كما أنني أنصح الكل بكل أمانه ان يتعلموا من خلال اليوتيوب ويبنوا أنفسهم خطوة خطوة، وفي حال لم يكن عندي طلبيات أعمل على انتاج شيء جديد كالرجل الثلجي إضافة لصناعة القطع المميزة من الإكسسوارات بأقل التكاليف وأطمح أن يكون اسم (خرزة وسنارة) معروف عند الجميع وغني عن التعريف تماما كأي ماركة عالمية كما وأطمح أن أتمكن من ايصال أشغالي للخارج.


أما الأمنية والخطوة القادمة التي أعمل عليها وأتمنى أن أجد دعما لها، فسأقوم بعمل دورة خاصة لتعليم الفتيات ذوات الهمم تكون متخصصة بالخرز لان العمل بها اسهل من السنارة مدتها أسبوع وسأحضر لهم المواد على حسابي الشخصي إضافة لأنني سأقدم لهن هدية المواد الأساسيه ليبدأن العمل وحدهن، خاصة وأن هذه الفئة تحتاج منا الدعم ويكفي عندما ينتجن أول قطعة كم سيكون فخر أهلهن بهن، ولكن حاليا لا يتوفر المكان وإن وجد الداعم لهذه الفكرة فهذا شيء جميل وأنا سأتكفل بالمواد الأولية.

مسك الختام ،،

واختتمت حديثها بكلام من القلب: العمل وتمكين نفسي من خلال المشروع غيرني كثيرا وصقل شخصيتي، فقد كنت حساسة جدا وأعطي الزعل حقه كما يقولون، ولكن بعد أن بت أفرغ طاقاتي بما هو مفيد لي تغيرت كثيرا وللأفضل، وهذا انعكس على كل جوانب حياتي وجعلني أركز أكثر على تطوير نفسي وصقل مواهبي والإبداع أكثر. لذلك أنصح كل من لديها شغف وحب لعمل ما أن تنطلق وتسعى فيه وأن تبحث وتفتش وتسعى لتنجح، كما أطلب من الجميع أن يحرصوا على الصدق لما واجهته من العديد من المواقف عن فتيات يفتحن مشاريع أشغال يدوية يقمن بسرقة الصور من أماكن أخرى وينخدع الزبون بأن التطبيق لا يمت للصورة بشيء، لذلك أطلب من الجميع أن يحرص على الأمانه والإخلاص بالعمل وأن يتذكروا دائما أن مفتاح النجاح الصدق والحب والبحث والسعي، هذه القاعدة الذهبية لتحقيق الطموح، ولذة النجاح بعد التعب لا يعادلها شيء في الكون.

دلالات

شارك برأيك

"خرزة وسنارة".. مشروع أساسه الشغف والحب

-

ساجدة عياش قبل أكثر من سنة

كل الاحترام الك وكل الفخر رهام في هذا المشروع المميز فعلا القطع التي تصنعها جميلة للغاية ماشاءالله كأنها تخرج من القلب صنعت بحب 🤩 كل التوفيق والتميز والاستمرار والإبداع مشروع خرزة وسنارة 💛💛

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الجمعة 03 مايو 2024 9:49 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.2

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%20

%5

(مجموع المصوتين 202)

القدس حالة الطقس