Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الجمعة 09 ديسمبر 2022 5:25 مساءً - بتوقيت القدس

ماريا حمايل .. تحدت الظروف بالكفاح

نابلس - "القدس" دوت كوم - روان الأسعد - بإصرارها، رسمت قصة نجاح يحتذى بها في بيتا، رغم ظروفها المادية والصحية الصعبة، أصرت من داخلها أن تهزم الجهل وتتابع تعليمها، وانتشلت نفسها متحدية كل الواقع المرير وما عايشته من مآسٍ في حياتها، لم تستسلم لهذه الظروف لحبها للعلم وقررت أن تبدأ من جديد وتحمل شهادتها، لتبدأ رحلة جديدة مع النور في بلدتها، حتى انتهى بها الأمر إلى الحصول على بكالوريس تكنولوجيا المعلومات، عملت في العديد من المهن لكي تنفق على نفسها ودراستها.


ماريا حمایل (51 عاما)، مثال حقيقي وواقعي للمرأة المكافحة، التي لا تستسلم مهما جارت عليها الظروف، نجحت في مهمتها بجدارة، رغم الظروف القاسية ولكنها رأت الأمور من منظور آخر، فالطموح بداخلها دفعها ألا تستسلم للظروف، وواصلت رحلة كفاحها بعدما عانت كثيرا، قصة كفاح فريدة تؤكد أن الظروف الصعبة لا تقف عائقا أمام من يريد تحقيق أحلامه، وخاصة إذا كان يتعلق الأمر بالتعليم كحق أساسي للجميع.

الإرادة تتحدى الصعاب ..


"القدس" دوت كوم، التقى ماريا الناشطة الاجتماعية والمتطوعة بالعديد من المؤسسات والجمعيات لتروي قصة كفاحها، فقالت: قبل ثمانية وعشرين عاما، سنة ١٩٩٣ تعرضت أنا وعائلتي لحادث سير مروع في المملكة العربية السعودية، وتوفي معظم أفراد العائلة، وما تبقى منا على قيد الحياة أصبنا بالعديد من الكسور ونسب متفاوته من العجز، والدي دخل في غيبوبة فقدنا الأمل بنجاته منها، الا انه استفاق بعد اكثر من شهر، اما انا فقد عانيت من كسور متعددة في الحوض والكاحل وعدة فقرات، وصلت نسبة العجز عندي ٤٥٪ ، وبقينا لمدة عام نتعالج ما بين الاردن والسعودية ثم اجتمعت العائلة وعدنا الى فلسطين لنعيش في بلدتنا بيتا.

الطموح حلم يتعثر بصخرة الواقع ..

تواصل حمايل: بعد ذلك سافر والدي الى امريكا للبحث عن أخ لي هناك مصيره مجهول، وبقي 11 عاما، وعندما وجده كان مصابا بتخلف عقلي رغم انه سافر طبيعيا سليما لا يعاني من أية مشاكل، وقد عانى كثيرا وتعرض أكثر من مرة للاصابة بالرصاص بسبب جنود الاحتلال الى ان توفي، كما ان والدتي توفيت كذلك. عندما تزوجت، توقفت عن الدراسة لأن زوجي منعني ان اكمل تعليمي الجامعي بعد ان انهيت سنتي الثانية وأنجبت ٤ أطفال، واكتفيت بالعمل في المنزل وتربية الأبناء وانطفأ بداخلي كل طموح وشغف تجاه العمل والتطوع والتعليم. كانت هذه السنوات العشر صعبة وقاسية إلى ان انفصلت. مررت في حياتي بالعديد من المآسي التي يطول الحديث عنها، الا انني مهما أغلقت في وجهي الأبواب، ومهما وقفت في طريقي الصعاب، كنت على يقين أن هناك من هو أشقى مني، فأرضى وأطمئن، وكان وما زال هاجس الدراسة يراودني، إلا أنه لا توجد خيارات تعطيك الدافع للاستمرار في ذات الوقت.

حب العلم لم يخمد ..


تقتضي ظروف الإنسان أحيانا أن يتخلى عن طموحاته وأحلامه إما بإرادته، وإما على مضض، أو مجبرا، وكثيرا ما نستغرب قدرة البعض على الرضى بالأمر الواقع والاستسلام للظروف والاكتفاء بما هو عليه، الا ان ماريا لم تقتل طموحها الظروف، بل تمسكت بأحلامها واجتازت المرحلة متمسكة ببصيص الأمل، وهذا ما أكدته لنا من خلال حديثها.


بعد الطلاق بدأت أستعيد نفسي السابقة التي فقدتها، وبدأت أعمل بجد واجتهاد وقررت أن أعود لاستكمال تعليمي، إلا انني فوجئت برفض شهادتي الثانوية العامة التي كنت حصلت عليها من الامارات، حيث كنت أقطن وعائلتي، وطُلب مني شهادة جديدة، وبالفعل تقدمت لامتحانات الثانوية العامة بعد انقطاع 23 عاما عن التعليم ونجحت ودخلت جامعة القدس المفتوحة بتخصص تكنولوجيا المعلومات.


ورغم كل الصعوبات كان حبي للعلم والتعلم اكبر منها جميعا، عملت في العديد من المهن، أعتمد على نفسي بشكل كلي في مصاريفي وتعليمي رغم انني أسكن مع اخي وعائلته في منزله، وهنا برزت أكثر المشاكل الصحية التي كنت اعاني منها.
وتردف حمايل: في عام ٢٠١٦ مرضت كثيرا وتم تحويلي الى مستشفى المقاصد وهناك تم اکتشاف مرضي بالساركويد، ويعتبر من الأمراض المناعية المزمنة التي تصيب الرئتين والغدد اللمفاوية، ويمكن أن يؤثر أيضا في العينين والجلد والقلب والأعضاء الأخرى، اضافة لاكتشاف فتحة في القلب موجودة عندي منذ الطفولة ولحمية زائدة داخل المعدة. أجريت لي عملية للقلب وكذلك للمعدة، وأصبح مرض السكري ومرض الساركويد معي، وأبرز أعراضة الكحة الجافة، ضيق النفس، صفير الصدر (أزيز)، ألم الصدر، الإرهاق ونقص الاكسجين في الجسم يسبب الخمول لي، ما يجعلني انام لثلاث او اربع ايام متتالية، اضافة الى انه كان يسبب لي فقدان ذاكرة جزئيا، ما حرمني من ان اكون من اوائل جامعتي، هذه الجامعة التي قدمت لي الكثير من أساتذتي ومدير الجامعة ومجلس الطلبة الذين مهما شكرتهم لن أوفيهم حقهم، فقد كانوا داعمين لي وسندا في دراستي.


ماريا، التي هي عضو في نادي جبل النار وبرنامج التأهيل، عضو هيئة استشارية متطوعة في بلدية بيتا، وعضو في لجنة المساءلة في البلدية ايضا وعضو بجمعية نساء بيتا التنموية، كما انها عنصر نشيط في مبادرة أقل واجب لحراس الجبل، تقوم بإعداد الطعام وحدها للحراس كما تشارك زميلاتها في أنشطتهن المنوعة اللواتي يقدمنها للحراس. لم تكتفِ بذلك بل تعمل على اعادة تدوير كل ما يمكن اعادة تدويره في المنزل وتمتلك ماكينة خياطة تعمل عليها ايضا إضافة الى التحاقها بدورة تغليف، لترسم بإصرارها قصة نجاح يحتذى بها.

مهما قست الظروف فالنتائج مع الإصرار رائعة ،،

ماريا التي قاومت المرض بالأعشاب الطبية، لم تكن تعلم سبب تدني علاماتها في الجامعة، رغم انها معروفة بتميزها عن الجميع واهتمامها بالتعلم، الا ان المرض وما سببه لها من فقدان الذاكرة كان عائقا، ومع ذلك تجاوزته وتخرجت، وكانت الى جانب الدراسة تعمل على تدريس الطلاب معتمدة اسلوب التنمية البشرية والتحفيز الايجابي من القلب وليس بعبارات تنموية بحتة فقط، لتعطي دروسا من الصفوف الاساسية حتى الثانوية في نادي جبل النار حتى تمكن نفسها ماديا، واستمر الطموح يزداد ولم يثنها عن عزمها أي مرض.


الطموح لا حدود له، هكذا بدأت ماريا الحديث عن مشاريعها المستقبلية لتتابع: لا بد لي من العمل على تمكين نفسي ماديا حتى أستطيع مواصلة العلم والتعلم، فانا احب العلم بشكل لا يمكن وصفه او تخيله، لذا أسعى للتمكين المادي لأمكن نفسي دراسيا، فخططي المستقبلية ان أكمل دراسة الماجستير وأنوي ايضا ان أتخصص في لغة البرمجة، كما انني تقدمت للوظيفة الحكومية للتربية والتعليم، وسأدرس من اجل التقدم للامتحان هذا العام، وبدأت العمل على مشروعين زراعيين، الأول من خلال عملي كناشطة اجتماعية وعضو بجمعية بيتا قاموا بدعمي لأزرع قطعة ارض لي بمحاصيل منوعة، وسيكون هنالك من يساعدني بحكم وضعي الصحي، كما أنني ألتحق حاليا بدورة مع مجموعة من السيدات في مدينة رام الله وأتمنى بعد نهايتها أن نتمكن من الحصول على الدعم والبدء بمشروع خاص بنا ويتناسب مع وضعي الصحي، فقد ازداد سوءا عن ذي قبل، والحمد لله دائما الحياة تستمر وهنالك أمل بتحقيق الأحلام مهما طال الانتظار.


أما المشروع الزراعي الثاني فهو زراعة الزعتر مع جارة لي، وأسعى حاليا للحصول على كرفان من أجل ان يكون مكانا مخصصا لأستطيع إعطاء الدروس الخاصة فيه للطلاب وكذلك سكن لي، فانا حاليا لا اعمل بسبب سكني مع أخي وأسرته، أحترم خصوصية كل بيت، فلا يمكن إحضار الطلاب للمنزل إضافة لأنني كنت أقوم بتدريسهم خارج المنزل، وحالة الطقس حاليا لا تساعد، كما ان المنزل اصبح له سور فتوقفت عن التدريس، والهدف اساسا ليس ماديا بحتا، فانا احتاج المال فقط لما يكفي معيشتي ولأكمل دراستي. فلو تسنح لي الفرصة سأظل أدرس حتى الموت.


ماريا التي تقول إن العمر ليس مقياسا للفشل او النجاح وجهت نصيحتها للفتيات بألا يستسلمن لأي ظروف مهما كانت وأن يتعلمن، فالتعليم سلاح لأي فتاة، وأضافت أنها واصلت رحلتها. ورغم أنها سعيدة بما وصلت إليه وفخورة بنفسها، إلا أنها تتمنى أن تكمل تعليمها حتى اللحد.

دلالات

شارك برأيك

ماريا حمايل .. تحدت الظروف بالكفاح

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 141)