Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الإثنين 17 أكتوبر 2022 8:31 صباحًا - بتوقيت القدس

نور .. السرطان ولادة جديدة للحياة

رام الله - "القدس" دوت كوم - روان الأسعد -  هناك الكثير من النساء ممن استحققن أن يطلق على كل واحدة منهن "المرأة الحديدية"، وهذا ليس انتقاصا من أنوثتهن، بل توصيف لما تمتعن به من قوة وصلابة ورباطة جأش في تحمل الكثير من مصاعب الحياة التي عصفت بهن وتكالبت عليهن بوقت واحد، لما هو معروف عن المرأة من رقة ولين، إلا أنها تقدر على الثبات والتحدي والشجاعة عندما يتطلب منها الأمر ذلك.


نور هي إحدى السيدات الناجيات والمتعافيات من سرطان الثدي الذي أصابها في وقت كانت فيه بظروف نفسية صعبة، ومع ذلك بعزيمتها واصرارها استطاعت أن تهزمه وأن تكون ملهمة ومؤثرة لكثير من النساء، سواء من خلال منحهن القوة لتحمل المرض أو من خلال حملات قامت بها .

"ے" التقت نور وهي أم لطفلين، وهي في مطلع الثلاثينيات من العمر، لتتحدث عن تجربتها وعن مسار حياتها الذي اعتبرته ميلادا جديدا لها، وطريقا غير مسار حياتها للأفضل، ومنحها الصلابة والقوة كأنها تُبعث من جديد، لتخرج منتصرة من هذه المعركة بعد مشوار علاجي، جعلها رغم كل مايحمله من آلام وعذابات تتسلح بالأمل والإرادة والعزيمة لتحويل رحلة علاجها المرهقة إلى مسيرة انتصار يسودها الأمل والتفاؤل وصولا للشفاء.

الإصابة بالسرطان

بدأت نور خريشة ريماوي (وهي صاحبة محل لبيع الملابس وتعمل مديرة للمبيعات باحدى الشركات) تروي قصتها قائلة: لم يمض على وفاة زوجي 30 يوما، وقبل ان أستوعب تلك الصدمة ووقعها المؤلم وانعكاستها على نفسيتي ونفسية طفلاي، أكتشفت وجود كتلة كالكرة في صدري، وكان المقربون يخبروني بأنها من الزعل والقهر والحزن، لكني لم ارتح في ذاك الوقت، ورغم أنها لا تسبب الألم، ذهبت إلى مركز للاشعه وقمت باجراء صورة لها واخبروني بأنها ألياف، وبعد فترة شعرت بانها تكبر، فذهبت لمركز آخر واخبروني وقتها بأن هذه الكتله دهون ولا يوجد لها أدوية وتذهب من تلقاء نفسها، ومرت الأيام وما زلت غير مطمئنه لهذه الكتلة التي كانت تكبر مع الوقت فقررت الذهاب لمركز دنيا المتخصص بالأورام .

وواصلت : بالفعل في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني قمت باجراء صورة، لكنها لم تكن كافية فطلبوا مني أن أقوم بأخذ خزعة للتأكد والإطمئنان، وبالفعل تم أخذ الخرعة مني وكان علي الإنتظار عشرة أيام حتى تظهر النتيجة، في هذا الوقت كنت أشعر وربما حدسي الداخلي كان يتوقع أن هذه الكتلة ماهي إلا ورم سرطاني، فالانسان منا يحس بجسمه وهو أعلم به وبالتغيرات التي تحدث عليه وفيه، وعند ظهور النتيجة توجهت للمركز وحين طلبت مني الطبيبة أن أغلق الباب لتخبرني بنتيجة الفحص، هنا تأكدت تماما وشعرت بأن لحظة من الانهيار قادمة، لكن هذه التوقعات كانت للحظات تدور برأسي، وحين قالت بانه ورم سرطاني لم أتكلم وكأنما أصابني الجمود، ولم أظهر أية ردة فعل، وكانت ملامحي باردة، وسألتها بكل بساطة ماذا يجب أن أفعل، فنصحتني بعمل تأمين طبي والتوجه فورا لزيارة طبيب مختص. شكرتها والف سؤال يدور برأسي، وهي تتكلم لم أكن مهتمه بما سيؤل له حالي أو بالمرض ولا حتى العلاج، وما خطر ببالي هو ابني وابنتي، فهل سيخسرون والدتهم بعد فقدان أبيهم. وحين وصلت السيارة لا أدري كيف انهرت تماما، ولم أستطع أن أتمالك نفسي، وبكيت كثيرا وبحرقة وألم وكان خوفي على أبنائي أكبر همومي.

العلاج من أجل من تحب

من أصعب لحظات الحياة التي عصفت بنور لحظة تأكدها بأنها مصابه بسرطان الثدي، ورغم تجاوزها صحتها، لم تكن تفكر إلا في أولادها، وهل سيخسروا الأم والأب وماذا سيحل بهم، إلا أن شجاعتها وعزيمتها وصبرها ، كانت كالعكاز تستند عليها لتستمد القوة على تجاوز محنتها والمضي قدما لأجل عائلتها والسير على درب العلاج .

وتروي نور: لم أخبر ابنائي إلا بعد أسبوع، وقمت بتبسيط الموضوع لهم، خاصة وأن قصي ما زال عمره 12 سنة، والبنت 9 سنوات، وهم أطفال، فأخبرتهم بأني مصابة بسرطان الثدي، وانه كأي مرض عادي، نأخذ الدواء ونشفى منه، ولأبسط الموضوع أكثر أخبرتهم انه كالكورونا، نصاب بها ونتعب قليلا، ثم نعود كما كنا أصحاء. ابنتي ما زالت صغيرة، ولكن قصي لاحظت عليه أنه بدأ يقرا عن مصابين السرطان، وماذا يحصل لهم، وربما هذا ما جعلني أتألم أكثر من أي شيء آخر ، أما عائلتي فقد كان الحزن والألم يخيم عليهم ، إلا أن قوتي واصراري على هزيمة المرض كانت تمنحهم شعورا بالامل في الشفاء، فهذا المرض الخبيث كأي مرض يحتاج منا إلى نفسية جميلة وعزيمة لمجابهته والانتصار عليه .

وتكمل: قمت بعمل تأمين صحي ولم أتغلب ابدا، وذهبت إلى أكثر من طبيب وكلهم شخصوني بنفس التشخيص، لكن الخلاف كان هل أبدا بجلسات الكيماوي قبل استئصال الورم أم بعده، إلى أن قرر الأطباء استئصال الورم واجراء العملية قبل مرحلة العلاج . لم أتعب أبدا من العملية وكانت ناجحة والحمد لله ، وبعدها كان لابد أن آخد ٨ جلسات من العلاج الكيماوي المخفف أو أربعة جلسات مكثفة، فاخترت أن تكون الجلسات مكثفة، وبالفعل ذهبت للجلسة الأولى في مستشفى رام الله الحكومي ، ولم ينتظر شعري طويلا حيث سقط بعد أول جلسة، وكنت أحتاج لخمسة أيام من الراحة بسبب ما تسببه الجلسات من تعب وألم، وبالفعل كان الشعور الأشد مرارة عندما حلقت شعري بالماكنة، واستخدمت الشعر المستعار حتى لا يراني أولادي بهذه الحالة.

كانت هناك غصة بصوتها رغم صلابتها، إلا أن بعض الآلام الداخلية لا تزول بسرعة وتحتاج منا الوقت الكافي للتشافي.
وتابعت نور حديثها عن مرحلة العلاج: كنت أذهب بعزيمة قوية وبروح وردية وأستعد للجسات لأكون بكامل أناقتي، فأنا ذاهبة لأشفى من المرض وليس لأموت، وكنت أذهب مبتسمة واخرج مبتسمة رغم كمية الوجع التي أعانيها بعد الجلسة، ولكن يجب أن نتحلى بالطاقة الايجابية والقوة أثناء العلاج لأن العامل النفسي مهم جدا ودوره أساسي في الشفاء، مع العلاج الكيماوي وتغير لون مفاصلي للنيلي. الكيماوي صعب جدا، وبعد الجلسة التانية كنت ساوقف العلاج، فكل منا يمر بلحظة ضعف لكني أتممت العلاج ، ثم أخذت العلاج الإشعاعي، وكان في مستشفى المطلع في القدس، وأخذت ٢٠ جلسة اشعاع، ولم يكن مؤلما لكنه يسبب حروقا على الجلد، تزول مع الوقت وفي تاريخ الثاني والعشرين من شهر آب أنهيت علاجي وانتصرت على السرطان وتمكنت من هزيمته، ولم يتبق إلا إجراء الفحوصات الدورية وتناول الادوية الهرمونية لخمس سنوات .

مشاركة التجربة وعمل حملات


الأمل مع قوة الإرادة قوة لا مثيل لها في المعركة ضد السرطان، ويسهم وجود المقربين منا في النجاح بطريق التعافي و تجاوز العقبات، بصرف النظر عن أن التكنولوجيا أتاحت لنا فرصة كبيرة في التأثير على الاخرين بطريقة ايجابية عند الحديث عن تجاربنا الشخصية وتحويل منصات التواصل لما فيه فائدة الجميع، وعن مشاركة نور لتجربتها تحدثنا قائلة: بالبداية كنت مترددة، لكن قررت أن أتحدث عن تجربتي ضد هذا المرض، وتفاجأت من كمية الرسائل الهائلة التي وصلتني من المتابعين ومن أشخاص أعرفهم، منهم من أصيب، ومنهم من يمر بمرحلة العلاج، ومنهم من أنهى علاجه، واخرون مترددون ومتخوفون من الفحص ، كان الحديث مؤثرا بشكل ايجابي ، وبدأت أتحدث أكثر عن تجربتي وعن كل مراحل العلاج التي مررت بها، كما وأصبحت أنصح الكثيرات ممن يسألن وشجعت عددا كبيرا على الفحص، وكانت هناك مجموعة لابأس بها اكتشفن أن لديهن السرطان من خلالي. كنت سعيدة أنني كمؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي استطعت أن أقدم النصح لكثيرات ممن يهملن أنفسهن وتطرقت لمرض مهم كل منا معرض للاصابة به.

وتابعت : من خلال منصات التواصل ومع احتكاكي المباشر بالنساء أثناء جلسات العلاج لاحظت عددا كبيرا من النساء اللواتي يخفن أن يخبرن أحدا حتى أقرب الناس عليهن باصابتهن بالمرض، ومنهن من يخشين أن يتزوج أزواجهن عليهن، كما واستوقفتني مشكلة عند كثيرات ممن يفقدن شعرهن، ويخشين على نفسية أولادهن من رؤيتهن بلا شعر، ويبقين محجبات حتى في المنزل او يغطين رؤوسهن بشال. من هنا قررت عمل حملة بالتعاون مع صالون ايهاب النمر، وقمنا بتوفير "بواريك" للشعر" شعر مستعار" للمصابات اللواتي لا يستطعن شراء هذا الشعر، او لا يعرفن من أين، وهنا أيضا توجد مشكلة بعدم توفر محال متخصصة لبيع هذا الشعر في فلسطين، وإن وجد فأسعاره مرتفعة جدا، ولا يستطيع الجميع الحصول عليها، وما زالت مستمرة بتوفير الشعر للمصابات وسيصلني ١٠ "بواريك" قريبا جدا سأقوم بتوزيعها .

واردفت: من الجميل جدا أن تكون سببا في شفاء غيرك ومنحه الحياة، والأجمل أن تؤثر بشكل ايجابي على من حولك، وأن تمدهم بالقوة والشجاعة ليتخطوا محنتهم ويواجهوا الجميع، فالكتمان يجعل النفسية صفر ما ينعكس على ملامحنا ويبدو واضحا، ويضعف ارادتنا على تحدي المرض، كما أن دعم الاهل والاصدقاء والمحيطين مهم جدا، اضافة لممارستنا لحياتنا بشكل طبيعي، والتوجه لعملنا والاحتكاك بالناس، هذه عوامل كلها تجعل من نفسيتنا افضل لمواجهة السرطان.

تجربة غيرتني للأفضل


كل تجربة نمر بها تصقل شخصيتنا وتغير منا، والشخص الذكي دائما يستفيد من تجاربه بشكل ايجابي، وهذا ما فعلته نور، واكدت ذلك بقولها: تغيرت حياتي للافضل بعد خوض معركة السرطان ، وجعلتني هذه التجربه بالبداية أعرف من هم الاشخاص الحقيقيون والمزيفون في حياتي، ومع أني بنت وحيدة في عائلتي لاربع اخوان ذكور اكتشفت أن لدي صديقة، هي بمثابة أخت لي بقيت معي طيله محنتي وحتى الآن ، كما اكتشفت أن الدنيا صغيرة جدا، فرغم أننا ننشغل بالحياة ونبتعد عمن نحبهم ، وهذا ما جعلني أكون قريبة أكثر ممن احب واتواصل واعبر عن مشاعري اكثر ، إضافة لانني ازددت قوة واصرارا على تحقيق كل ما أريد وأصبحت أقرب من الناس وأهتم بصحتي أكثر، سواء من ناحية نمط الغذاء أو من ناحية الرياضة.

رسالة


أود أن أوجه رساله لكل السيدات، وأشدد على اهمية الفحص المبكر والالتزام به بشكل دوري حتى نتخطى المرض، واكبر دليل، فأنا في أقل من سنة كنت قد انتصرت على المرض وشفيت، إضافة إلى ن نقترب من كل أحبائنا ونسأل عنهم، فالحياة قصيرة، وبالحب وطاقته الايجابية نتخطى كل مصاعب الحياة، فلا تنتظروا أن يهزمكم المرض بل افحصوا وحافظوا على صحتكم، حتى لو لم يكن لديكم تاريخ وراثي، فأنا أجريت فحص الجينات وكنت سليمة ولا أحد من عائلتي مصاب، ومع ذلك خضت هذا الاختبار وتأكدوا أن الصبر والارادة هما مفتاح النجاح .

دلالات

شارك برأيك

نور .. السرطان ولادة جديدة للحياة

-

ماهر قبل حوالي 2 سنة

بتمنالك دوام الصحة والعافية

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 137)