Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

عربي ودولي

الخميس 28 نوفمبر 2024 1:34 مساءً - بتوقيت القدس

اتفاق وقف إطلاق النار في الشمال.. ما الأهداف الكامنة وراء فك الارتباط بين الساحات المفتوحة؟

القدس - خاص بـ "القدس" والقدس دوت كوم

د. بلال الشوبكي: نجاح إسرائيل في فصل الساحات مؤقتاً لا يعني أنه سيكون دائماً وسيتيح لها مواصلة سياساتها العدائية في غزة والضفة

أنطوان شلحت: إسرائيل حققت نجاحاً بفك الارتباط بين ساحتي غزة ولبنان لكن تبقى الساحات الأُخرى مفتوحة على احتمالات التصعيد

داود كُتّاب: احتمالية انهيار الاتفاق على المدى البعيد وقد يعود التصعيد إلى الواجهة في حال لم يتم تحقيق اختراقات سياسية حقيقية

د. عمرو حسين: الاتفاق مع لبنان يعزز احتمالية تصعيد إسرائيل عدوانها على غزة واستمرار نتنياهو في استراتيجياته نحو الهيمنة الإقليمية

نبهان خريشة: إسرائيل سوف تُصعّد حرب الإبادة بحق المدنيين وبدأت فعلياً إقامة بنية تحتية في القطاع تعكس نيتها احتلاله فترة طويلة

ماجد هديب: المرحلة المقبلة قد تشهد تحولات بعلاقات لبنان وإسرائيل بضغوط خارجية قد تصل حد التطبيع والمعاهدات دون اعتراض حزب الله


يبدو أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يعكس تطورات معقدة في المشهد الإقليمي، إذ يعتبره البعض محاولة إسرائيلية لفك الترابط بين ساحات المقاومة المختلفة، خاصة بين غزة ولبنان، وسط تساؤلات إن كان الاتفاق سيصمد ليكون بداية حلول متواترة، أم أنه سيكون بداية تصعيد متدحرج.


وعلى الرغم من وصفه كإنجاز استراتيجي من قبل إسرائيل، فإن محللين ومختصين وأساتذة جامعات يرون، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن هذا الاتفاق يحمل العديد من التحديات والتساؤلات حول استدامته وتأثيره على ديناميكيات الصراع المستمرة في المنطقة، معتبرين أن الاتفاق سيؤدي إلى تقليل الضغط العسكري على إسرائيل في الجبهة الشمالية، ما يتيح لها التركيز على قطاع غزة. 


الاتفاق سيؤدي لمزيد من الضغوط على غزة


يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل د. بلال الشوبكي أن الاتفاق الأخير بين إسرائيل ولبنان يهدف إلى فك الارتباط بين جبهتي الجنوب والشمال، ويُشكل خطوة استراتيجية من المنظورين الأمريكي والإسرائيلي لمحاولة إضعاف حركة "حماس" والضغط عليها بشكل مضاعف. 


ووفقاً للشوبكي، فإن الاتفاق يُقدم كإنجاز إسرائيلي يعكس فك الترابط بين ساحتي المقاومة في غزة ولبنان، وهو ما يُعتبر إسرائيلياً ضربة لإحدى ركائز القوة لدى حماس المتمثلة بجبهة الإسناد اللبناني.


ويعتقد أن الولايات المتحدة وإسرائيل تريان أن "حماس" أصبحت أكثر ضعفاً بعد فقدانها دعم جبهة لبنان في المرحلة الحالية وبناءً على ذلك، فإنهما تعتقدان أن هذه المرحلة قد تكون الأنسب لدفع الحركة نحو تقديم تنازلات، وإن كانت هذه التنازلات لن تتجاوز صيغة محدودة تتمثل في صفقة لتبادل الأسرى. 


ويؤكد الشوبكي أن الحديث الأمريكي والإسرائيلي عن صفقة لا يتضمن اتفاقاً شاملاً يتعلق بالوضع العام في غزة، ولا يشمل مسائل الانسحاب الإسرائيلي أو إنهاء الحرب بشكل دائم، بل يقتصر على تبادل الأسرى فقط.


ويشير الشوبكي إلى أن تنفيذ هذا التصور يعتمد على أدوات ضغط متعددة؛ أُولاها الضغط نحو اتفاقية لتبادل الأسرى، وثانيها استمرار العمليات العسكرية في غزة، وثالثها تكثيف الضغوط الدولية على قيادات حماس في الخارج. 


ويشير الشوبكي إلى أن هذه التكتيكات الثلاثة ليست جديدة، بل تأتي امتداداً لضغوط مستمرة منذ السابع من أكتوبر، سواء على المستوى العسكري داخل قطاع غزة، أو سياسياً ودولياً عبر استهداف قيادات الحركة في الخارج، أو من خلال الجهود لفصل الساحات وتقليل دعم حزب الله لجبهة غزة.


على المدى القريب، يعتقد الشوبكي أن الاتفاق سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على فصائل المقاومة في قطاع غزة، وربما إلى حالة من الإحباط لدى بعض الأطراف الفلسطينية، كما أنه سيتيح لإسرائيل التفرغ لمواصلة سياساتها العدائية في الضفة الغربية، خاصة مع رغبة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في استغلال هذا الاتفاق لتنفيذ مخططاته ضد الفلسطينيين في الضفة.


أما على المديَين المتوسط والبعيد، فيؤكد الشوبكي أن الترابط بين مكونات محور المقاومة ليس مرتبطاً فقط بالظروف الحالية للحرب. 


ويقول الشوبكي: "إن هذا الترابط سيبقى قائماً بحكم الواقع وبفعل العوامل الأيديولوجية والسياسية المشتركة". 


ويبيّن الشوبكي أن نجاح إسرائيل في فصل الساحات مؤقتاً لا يعني أن هذا الفصل سيكون دائماً، لأن طبيعة الصراع والقضايا المشتركة بين مكونات المقاومة تجعل من إعادة الترابط مسألة وقت.


ويرى الشوبكي أن الاتفاق الذي وقعته إسرائيل ولبنان يتضمن العديد من النقاط التي تجعل منه هشاً وقابلاً للانهيار، ومن أبرز هذه النقاط البنود القابلة للتأويل، التي وُضعت بطريقة تُتيح لأحد الأطراف، خصوصاً إسرائيل، استغلالها لصالحه. 


ويشير الشوبكي إلى أنه على سبيل المثال، يتضمن الاتفاق بنداً يمنح الطرفين حق الدفاع عن النفس، وهو ما يثير تساؤلات حول الجهة التي ستحدد المبررات القانونية لأي طرف لاستخدام هذا الحق.


ويوضح الشوبكي أن هذا البند يمنح إسرائيل غطاءً لخرق الاتفاق تحت ذريعة الدفاع عن النفس، وهو أمر تكرر في اتفاقيات سابقة، مثل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي لم تلتزم به إسرائيل بشكل كامل، مشيراً إلى أن الاتفاق الجديد يتضمن إنشاء "لجنة خماسية" تضم الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يعتبره محاولة إسرائيلية لتأسيس وجود متقدم داخل لبنان تحت غطاء الاتفاق.


ويشير الشوبكي إلى أن الجانب اللبناني قد ينظر إلى الاتفاق على أنه "أخف الضررين"، خصوصاً في ظل الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها الشعب اللبناني من عمليات التهجير والاستهداف الإسرائيلي. 


 مستقبل قطاع غزة يواجه غموضاً كبيراً في ظل التطورات


يرى الكاتب والمحلل السياسي أنطوان شلحت أن مستقبل قطاع غزة يواجه غموضاً كبيراً في ظل التطورات الإقليمية والدولية، وهذا الغموض ينبع من الخطط الإسرائيلية التي أعلنها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر فك الارتباط بين الساحتين اللبنانية والغزاوية "إنجازاً كبيراً". 


ويشير شلحت إلى أنه وفقاً لنتنياهو، فإن هذا الإنجاز يمكّن إسرائيل من التركيز على غزة، وهو ما يعكس نيّة لتكثيف الحملة العسكرية على قطاع غزة، والاستمرار بـ"حرب إبادة وتدمير شامل" لا تبدو نهايتها وشيكة.


ويلفت شلحت إلى قضيتين أساسيتين تُلقيان بظلالهما على مستقبل الحرب، الأولى تتعلق بمصير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وهي قضية ذات أولوية سياسية وأمنية لإسرائيل، والثانية تتمثل في غياب خطة سياسية لما يُسمى "اليوم التالي للحرب"، وعلى رغم وجود مقترحات عربية ودولية حول إدارة غزة بعد انتهاء القتال، فإن إسرائيل لم توافق على أيٍّ منها. 


ويؤكد شلحت أن هناك أصواتاً داخل إسرائيل تدفع باتجاه إعادة الاحتلال المباشر لقطاع غزة وتشجيع المستوطنين على العودة إليه، ما يعزز احتمالات استمرار الحرب ما لم تمارس ضغوطاً دولية جدية، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.


ويعتقد أن وقف إطلاق النار في الجبهة الشمالية مع حزب الله يحمل تأثيرات مباشرة على قطاع غزة، فاستمرار الهدنة في لبنان يتيح للجيش الإسرائيلي نقل المزيد من قواته إلى غزة، ما سيزيد من الضغط العسكري على المقاومة الفلسطينية.


ويوضح شلحت أن وجود تصعيد على جبهة الشمال كان قد ساهم في تخفيف عدد القوات البرية الإسرائيلية في غزة، إلا أن أي استقرار في الشمال قد يفتح الباب لتصعيد أكبر في قطاع غزة.


وبالرغم من الضغط العسكري المكثف، يشير شلحت إلى أن المقاومة الفلسطينية في غزة لجأت إلى استراتيجيات "حرب الأنصار"، التي تُلحق أضراراً ملموسة بالجيش الإسرائيلي. 


التجويع والتدمير بغزة قد يؤثران على القدرة على الصمود


ومع ذلك، يُحذر شلحت من أن الاستخدام الممنهج لسلاح التجويع ضد أهالي قطاع غزه، إضافة إلى التدمير الشامل، قد يؤثر على قدرة المقاومة والأهالي بالصمود في المستقبل. 


ويؤكد شلحت أن الصورة ستتضح بشكل أكبر مع تطورات المشهد الميداني وما ستقرره إسرائيل بشأن استراتيجيتها العسكرية في غزة.


ويرى شلحت أن إسرائيل حققت نجاحاً محدوداً في فك الارتباط بين ساحات المقاومة، حيث تمكنت حتى الآن من الفصل بين غزة ولبنان، ومع ذلك، تبقى الساحات الأخرى، مثل العراق واليمن، مفتوحة على احتمالات التصعيد.


ويشير شلحت إلى أن هناك تساؤلات جدية حول طبيعة الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية، ما يجعل المشهد الإقليمي أكثر تعقيداً.


ويرى شلحت أن إسرائيل وحزب الله مستفيدان من الحفاظ على وقف إطلاق النار في الشمال، فالمقاومة اللبنانية، التي تلقت ضربات وُصفت بأنها "موجعة"، تحتاج إلى وقت لإعادة ترتيب صفوفها وتعزيز قدراتها، بالمقابل، تواجه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أزمة في الموارد البشرية ونقصاً في الذخيرة، ما دفع الجيش للضغط على القيادة السياسية للتوصل إلى الاتفاق، كما أن الموقف الأمريكي والإيراني يشكلان عاملين إضافيين في تعزيز هذا الهدوء النسبي.


ويؤكد شلحت أن نجاح إسرائيل في فك الارتباط بين الساحات الشمالية والجنوبية يمثل مكسباً مؤقتاً، لكنه يشدد على أن المشهد الإقليمي يبقى مليئاً بالتعقيدات، حيث لا تزال الساحات الأُخرى، بما في ذلك العراق واليمن، قابلة للاشتعال، وعلى الرغم من أن اتفاق لبنان قد يصمد لفترة، فإن التطورات المستقبلية مرهونة بمدى تأثير العوامل الإقليمية والدولية على ديناميكيات الصراع.


أي اتفاق لوقف النار يساهم في تعزيز ثقة الأطراف المتنازعة


يعتقد الكاتب والمحلل السياسي داود كُتّاب أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يساهم في تعزيز ثقة الأطراف المتنازعة، كما يعيد جزءاً من دور القوى الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة، في إدارة الصراع. 


ويرى كُتّاب أن قبول إسرائيل بمبدأ وقف إطلاق النار قد يسرّع من إنهاء الحرب على قطاع غزة، مشيراً إلى أن الظروف الحالية تدفع نحو تهدئة الأوضاع على الأقل في المدى القصير.


ويشير إلى أن مستقبل المقاومة اللبنانية يواجه تحديات متزايدة، خاصة مع الثمن الذي ستدفعه في إطار صفقة تبادل الأسرى وما يترتب على ذلك من إشكالات تتعلق بأحقية الجهات غير الرسمية في حمل السلاح. وبالرغم من هذه الضغوط، يؤكد كُتَّاب أن الاتفاق لم يلغ دور المقاومة الفلسطينية، أو يُنهي قدرتها على تحقيق أهدافها.


ويوضح كُتَّاب أن إسرائيل تمكّنت من خلال هذا الاتفاق من تحقيق هدفها بفصل الساحات بين غزة ولبنان، إلا أن هذا الفصل جاء بتكلفة كبيرة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي.


وفي ما يتعلق بمحور المقاومة الأوسع، يشدد كُتّاب على أن حزب الله دفع ثمناً باهظاً لمحاولته الحفاظ على ترابط الساحات، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعاني منها لبنان كدولة. 


ويوضح كُتّاب أن استمرار هذا الربط يبدو صعباً على المدى الطويل بالنظر إلى ما تتحمله لبنان من أعباء، والتي لا يمكن زيادتها دون تهديد الاستقرار الداخلي.


ويرى كُتّاب أن الاتفاق الراهن سيصمد في المديَين القصير والمتوسط لغياب الرغبة لدى الطرفين في تصعيد إضافي. 


ومع ذلك، يحذر كُتّاب من وجود احتمالية انهيار الاتفاق على المدى البعيد إذا لم يتم تحقيق اختراقات سياسية حقيقية، مثل التوصل إلى تسويات حول ترسيم الحدود أو إنهاء الحرب على غزة. 


ويشدد كُتّاب على أنه من دون هذه الخطوات، قد يعود التصعيد إلى الواجهة، لكنه يتوقع أن الاتفاق سيستمر لعدة أشهر مقبلة، نظراً للضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة على جميع الأطراف للتهدئة، خاصة مع انتهاء الانتخابات الأمريكية ومرور فترة طويلة نسبياً على بداية الحرب.


حكومة نتنياهو تتجه لتكريس الاحتلال في غزة


يرى الكاتب والمحلل السياسي المصري والمختص بالعلاقات الدولية والإستراتيجية د.عمرو حسين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، واجه تحديات كبيرة تمثلت في تصاعد المقاومة في الجنوب اللبناني، وقد زادت وتيرة إطلاق الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي، حيث استُهدفت مدن حيوية مثل حيفا وتل أبيب بضربات وصفها بالمؤثرة، وهو من أبرز الأسباب التي دفعته نحو التسريع بالاتفاق.


ويوضح حسين أن نتنياهو يسعى من خلال الاتفاق إلى فصل جبهة لبنان عن غزة، ثم الاتجاه نحو مخطط أوسع يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، والذي يهدف إلى تقطيع أوصال قطاع غزة وإعادة احتلاله تدريجيًا، مع فرض سيطرة عسكرية كاملة عليه. 


ويُشير حسين إلى أن هذه التحركات تأتي في سياق رؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يسابق الزمن لتصفية القضية الفلسطينية، خاصة في ظل دعم أمريكي غير محدود.


ويلفت حسين إلى أن الحكومة الإسرائيلية ترى في نهاية الحرب الحالية "اليوم التالي للحرب" فرصة لتكريس الاحتلال في غزة، وليس الانسحاب منها. 


ويعتقد حسين ان عمليات إعادة الاستيطان الجارية في شمال غزة، إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري في مناطق محوري نتساريم وفيلادلفيا، تؤكد أن إسرائيل لا تنوي إنهاء الحرب قريبًا، بل تسعى لترسيخ وجود طويل الأمد في القطاع.


ويشير إلى أن هذه المخططات تتسارع مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث قد يُفضي ذلك إلى تسويات تخدم الأجندة الإسرائيلية، دون الانسحاب من القطاع. 


ويرى حسين أن الاتفاق مع لبنان يعزز احتمالية تصعيد إسرائيل عملياتها العسكرية ضد غزة، مستفيدة من تفكيك مفهوم "وحدة الساحات"، فإسرائيل تنظر إلى هذا التفكيك كفرصة لتكثيف استهدافها للقطاع وتنفيذ مخططاتها هناك. 


حزب الله اضطر للموافقة على الاتفاق لتجنيب لبنان الدمار


وفي المقابل، يرى حسين أن حزب الله اضطر للموافقة على الاتفاق لتجنب دمار شامل في لبنان، خاصة بعد سلسلة الهجمات النوعية الإسرائيلية التي شملت تفجيرات أجهزة البيجر واغتيالات لقادة من الصفين الأول والثاني في الحزب، واستهداف الضاحية الجنوبية وبيروت.


ويعتقد حسين أن الاتفاق الإسرائيلي مع لبنان سيصمد على الأرجح، حيث يسعى نتنياهو إلى تهدئة جبهة الشمال لإعادة سكان المستوطنات الشمالية الذين نزحوا بسبب تصاعد القصف، وتجنب المزيد من الأضرار التي ألحقتها صواريخ حزب الله والطائرات الهجومية الإسرائيلية خلال الـ14 شهراً الماضية.


ويعتقد حسين أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً جديداً، يتضمن استهداف إسرائيل جبهات المقاومة الأخرى في اليمن والعراق وسوريا، وقطع إمدادات حزب الله، ما يعكس استمرار نتنياهو في استراتيجياته نحو الهيمنة الإقليمية لتحقيق أهدافه السياسية والعسكرية.


 إسرائيل لن تستطيع سحق المقاومة بغزة


يرى الكاتب الصحفي نبهان خريشة أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان قد يفتح المجال أمام الجيش الإسرائيلي لنقل قواته المتمركزة على الجبهة الشمالية إلى قطاع غزة، ما يعزز العمليات العسكرية هناك. 


ويشير خريشة إلى غياب الأهداف العسكرية الحقيقية في قطاع غزة، لافتاً إلى أن إسرائيل ستواصل تنفيذ مخططاتها ضد الشعب الفلسطيني عبر تصعيد حرب الإبادة، التي تستهدف المدنيين بشكل رئيسي، وتشمل القتل والتهجير القسري وهدم المنازل، خاصة في شمال القطاع، لتوسيع المنطقة العازلة.


ويؤكد خريشة أن إسرائيل بدأت فعلياً بإقامة بنية تحتية في غزة تعكس نيتها احتلال القطاع لفترة طويلة، مع تمهيد الطرق وإنشاء المعسكرات، مشيراً إلى أن هذه التحركات تتزامن مع دعم إسرائيلي حكومي متزايد لمخططات استيطانية، تجاوزت كونها مجرد مقترحات من المستوطنين لتصبح جزءاً من سياسات الحكومة اليمينية الحالية. 


ومن بين أبرز المشاريع التي ترتبط بمخططات الاحتلال في غزة، يشير خريشة إلى مشروع "قناة بن غوريون"، الذي يهدف لربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وينتهي عند ساحل غزة، وهذا المشروع الذي يعود لفترة الستينيات أعيد إحياؤه اليوم ليكون جزءًا من خطط إسرائيل المستقبلية للسيطرة على القطاع.


وعلى صعيد المقاومة، يوضح خريشة أن جبهة جنوب لبنان شكلت منذ بداية الحرب عامل إسناد لغزة أكثر من كونها تجسيداً لاستراتيجية "وحدة الساحات". 


ويلفت خريشة إلى أن المقاومة الفلسطينية رغم خسائرها، بما في ذلك اغتيال عدد من قادتها البارزين، استمرت في مواجهة العدوان الإسرائيلي بأسلوب حرب العصابات، وهو ما يعكس قدرتها على التكيف مع ظروف الحرب وتكتيكات الاحتلال. 


ويرى خريشة أن تأثير وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان على المقاومة في غزة سيكون محدوداً، لأنها تعتمد استراتيجيات قتالية مختلفة، ما يُمكّنها من مواصلة استنزاف قوات الاحتلال الإسرائيلي لفترة طويلة.


ويشير خريشة إلى أن إسرائيل نجحت حتى الآن في تحقيق هدفها بفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من القادة العسكريين. 


هذا الفصل، بحسب خريشة، يخفف الأعباء عن الجيش الإسرائيلي، الذي يعاني ضغوطاً كبيرة على مستوى تعبئة الاحتياط وتوفير الموارد، كما يساهم في تقليل الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب على جبهات متعددة.


على الرغم من ذلك، يعتقد خريشة أن هذا الفصل لن يحقق الهدف الأكبر المتمثل في سحق المقاومة الفلسطينية في غزة، حيث لا تزال المقاومة قادرة على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد. 


ويلفت خريشة إلى أن الاحتلال سيصعّد من بطشه ضد المدنيين الفلسطينيين عبر القتل والتجويع، في محاولة لتهجيرهم وإضعاف بيئة المقاومة الشعبية.


ويتوقع خريشة أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان سيصمد لفترة، لكنه يقر بصعوبة تحديد مدة هذا الصمود. 

ويرى خريشة أن هناك عدة عوامل تدعم استمرار هذا الاتفاق، منها: تراجع قوة حزب الله بعد اغتيال عدد من قادته السياسيين والعسكريين من الصفين الأول والثاني، إضافة إلى شروط الاتفاق التي تصب في مصلحة إسرائيل.


ومن أبرز هذه الشروط، كما يوضح خريشة، منع الهجمات المسلحة من الأراضي اللبنانية، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني خلال شهرين، وتقديم ضمانات أمريكية لإسرائيل، إلى جانب آلية دولية لمراقبة الالتزام ببنود الاتفاق، كما أن الاتفاق يمنح إسرائيل حرية تنفيذ عمليات عسكرية في لبنان حال حدوث خروقات من جانب حزب الله.


ويشير خريشة إلى أن الموقف الإيراني يشكل عاملاً حاسماً في صمود الاتفاق، إذ إن إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله، لها مصالح استراتيجية تدفعها لتجنب تصعيد المواجهة مع إسرائيل، لافتاً إلى أنه مع انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وتصاعد تهديداته لإيران، قد تسعى طهران لتقديم تنازلات لتفادي عقوبات أشد، وربما يكون تقييد دعمها لحزب الله أحد هذه التنازلات.


 اختلاف أهداف الحربين على غزة ولبنان


يعتقد الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أن وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل لا يحمل انعكاسات مباشرة على الوضع في قطاع غزة، مشيراً إلى أن ذلك أصلا يعود إلى غياب وحدة حقيقية بين الساحات الميدانية. 


ويوضح هديب أنه لو كانت هناك وحدة ساحات فعّالة تتضمن تنسيقاً عملياً وميدانياً بين فصائل المقاومة في فلسطين وحزب الله وبقية محور المقاومة، لكان من الممكن اعتبار هذه الهدنة ضربة قاصمة للمقاومة الفلسطينية، خاصة حركة حماس.


ويشير هديب إلى أن اختلاف أهداف الحربين على غزة ولبنان يعزز هذا الانفصال، فالحرب على غزة تهدف إلى تطويع الشعب الفلسطيني وإجباره على قبول حلول سياسية تفرضها إسرائيل، فيما تركز الحرب على لبنان على إنهاء قدرات حزب الله العسكرية والعمل على تقزيم نفوذه على الساحة اللبنانية تمهيدا لمرحلة ما بعد الحرب على غزة ولبنان. 


ويلفت إلى أن الهدف الإسرائيلي في لبنان ليس تدمير البنية التحتية اللبنانية أو مقدرات الشعب اللبناني كما يحدث في غزة، حيث تم تدمير مقدرات الشعب الفلسطيني، وإنما القضاء على القدرات العسكرية لحزب الله لتهيئة لبنان للتطبيع مع إسرائيل.


وفي ما يتعلق بمستقبل غزة، يؤكد هديب أن مصير القطاع لا تحدده تطورات وقف إطلاق النار في لبنان أو استمراره، بل يحدده اللاعبون الرئيسيون في المشهد: الإدارة الأمريكية وإسرائيل وبعض الأنظمة العربية. 


ويعتبر هديب أن الفلسطينيين، بمن في ذلك المقاومة وحركة حماس، ليسوا من بين اللاعبين المؤثرين بشكل كبير في تحديد مستقبل قطاع غزة، بفعل الانقسام والتناقض في الاستراتيجيات والبرامج، وبفعل عدم وجود حاضنة عربية تسعى إلى حماية حقوق الفلسطينيين السياسية، كما أن الأنظمة العربية، التي تدرك جيداً موقع الفلسطينيين وما ستؤول إليه أوضاعهم بعد الحرب الأخيرة على غزة، تلعب دوراً محورياً في هذا السياق.


مفهوم "وحدة الساحات" لم يتحقق عملياً


وينتقد هديب مفهوم "وحدة الساحات"، موضحاً أنه شعار تم إطلاقه بعد حرب 2021، لكنه لم يتحقق عملياً، بل إن هذا الشعار ولد ميتا، لعدم توفير عوامل استمراره بما يضمن تحقيق غاياته.


ويشير هديب إلى أنه حتى خلال المواجهات عام 2022، لم تتجسد هذه الوحدة حتى على مستوى الساحة الفلسطينية، حيث واجهت حركة الجهاد الإسلامي إسرائيل بمفردها، دون دعم من حركة حماس أو اسناد رغم وجود ما يُعرف في ذلك الحين بالغرفة المشتركة. 


ويعتبر هديب أن هذا المصطلح كان محاولة من إيران لربط أذرعها الإقليمية المختلفة، مثل الحوثيين والفصائل العراقية والسورية، بالإضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي.


ويؤكد هديب أن إسرائيل، من جانبها، لا تعير اهتماماً لمثل هذه الشعارات، بل تعمل وفق استراتيجيات واضحة تهدف إلى ضمان أمنها القومي وسلامة مستوطنيها، سواء في الشمال أو الجنوب. 


ويشدد هديب على أن أولويات إسرائيل تكمن في القضاء على أي تهديد يؤثر على مستوطناتها أو يزعزع استقرارها الأمني.


وعن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، يتوقع هديب أنه سيصمد، مشيراً إلى أن لبنان في المرحلة المقبلة لن يكون كما كان أثناء وجود حسن نصر الله على رأس حزب الله. 


ويوضح هديب أن حزب الله، تحت قيادة أمينه العام الحالي، يمر بمرحلة لملمة أوراقه داخلياً وخارجياً، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية أو الاجتماعية.


ويعتبر أن الأمين العام الحالي لحزب الله يواجه تحديات مختلفة مقارنة بسلفه، رغم أن الاستراتيجيات العامة لم تتغير، ومن بين هذه التحديات، إعادة بناء مكانة الحزب في المشهد السياسي اللبناني، حيث كان حزب الله قبل الحرب على لبنان أحد أبرز اللاعبين المؤثرين في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.


ويشير هديب إلى أن حزب الله بات مضطراً الآن إلى تقديم تنازلات على مستويات متعددة، بما في ذلك حلحلة الأزمات العالقة المتعلقة برئاسة الحكومة والجمهورية اللبنانية. 


ويشير هديب إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد تحولات في العلاقات بين لبنان وإسرائيل تحت ضغوط خارجية  قد  تصل إلى حد التطبيع وتوقيع المعاهدات دون اعتراض من حزب الله، حيث ستعود السعودية بدفع من الولايات المتحدة إلى صياغة التوازنات السياسية في لبنان من خلال إعادة النظر باتفاقية الطائف التي كانت السعودية قد صاغتها سابقاً وفقاً لمعادلات القوة الحزبية في ذلك الحين، حيث ستعمل السعودية على صياغة اتفاق جديد للبنان، لا مكان فيه لقوة حزب الله.


ويلفت هديب إلى أن لبنان في مرحلة ما بعد حسن نصر الله سيصبح أكثر قرباً من الفلكين الأمريكي والخليجي، في ظل محاولات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد السياسي في لبنان بما يتماشى مع هذه التوجهات. 


ويؤكد هديب أن الدور المتراجع لحزب الله سيترك فراغاً ستملأه قوى إقليمية ودولية تسعى لإعادة ترتيب الأوضاع بما يخدم مصالحها، بعيداً عن النفوذ الإيراني الذي تراجع مع غياب حسن نصر الله كواحد من أهم أذرع إيران في المنطقة.

دلالات

شارك برأيك

اتفاق وقف إطلاق النار في الشمال.. ما الأهداف الكامنة وراء فك الارتباط بين الساحات المفتوحة؟

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 132)