Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الجمعة 14 أكتوبر 2022 6:52 مساءً - بتوقيت القدس

هكذا صارعت رائدة السرطان وانتصرت

رام الله - "القدس" دوت كوم - روان الأسعد - بدأت قصة رائدة عام 2016، دون سابق إنذار حيث اقتحم حياتها زائر ثقيل غير مرحب به، هو سرطان الثدي، وقلب حياتها رأسا على عقب، إلا أن ايمانها القوي وتسلحها بالإرادة والعزيمة والأمل، ومساندة عائلتها لها جعلها تتحداه بقوة لتطرده من جسدها وتنتصر عليه.


كانت رحلتها فصول متعددة من الألم والأمل من الحزن والفرح، من الخوف والشجاعة، لتنتصر في نهاية المطاف وتفتح صفحة جديدة في حياتها جعلتها أقوى من ذي قبل لتلهم كثيرا من النساء أمثالها أن الفوز حليفهن بالنهاية.

اكتشاف المرض ..


المرحلة ما بين الإصابة بالسرطان حتى الشفاء، رحلة اختارت رائدة حمد ولم تختارها.. لكنها اختارت العيش بإيجابية للتغلب والانتصار على المرض الخبيث، وتمكنت من ذلك.


تقول عن مرحلة اكتشاف المرض: رغم أنني تزوجت في سن صغيرة إلا أنني أكملت تعليمي الجامعي بتخصص إدارة الأعمال، والتحقت بدورات للعناية بكبار السن وتقديم خدمات تمريضية لهم، وقد عملت في هذا المجال لسنوات، في عام 2016 تحديدًا شعرت بدوخة شديدة وتعب، وأجريت العديد من الفحوصات وكانت نسبة دمي منخفضة ونصحني الأطباء بأخذ الفيتامينات والمقويات وغيرها، وعللوا وقتها السبب لاتباعي حمية غذائية للحفاظ على وزني، رغم أن هذه الحمية كانت صحية، وبالفعل أخذت المقويات والفيتامينات وارتفعت نسبة دمي فترة، إلا أنها عاودت النزول وعادت معها أعراض الدوخة، إلى أن طلبت مني الطبيبة إجراء فحص سرطان الثدي، وحينها استغربت الأمر خاصة أنني لا أعاني من وجود كتلة او تغير في مظهر الثدي، لكنها أخبرتني أنه يجب إجراء الفحص بشكل دوري وخاصة وأنني في أواخر الثلاثينات من عمري.


وتابعت: بالفعل ذهبت لإجراء الفحوصات اللازمة في المراكز الحكومية، وكانت النتيجة كالصاعقة التي نزلت عليّ. لا أستطيع أن أصف تلك المشاعر لشدة اختلاطها مع بعضها لكنني كنت قوية. أخبرني الطبيب أن الكتله حجمها سنتيمتران. ذهبت إلى مركز دنيا وأجريت الفحوصات مرة ثانية وصورة الماموغرام وأخبروني أن أراجع طبيبًا حسب حالتي، وبالفعل ذهبت للطبيب الأول وكان وقتها غير متواجد بالعيادة، فذهبت لطبيب آخر وقال لي معك سرطان، هكذا دون أي مقدمات وسألني إن خفت فأجبته لا لماذا أخاف وحمدت الله على كل شيء، نصحني بإجراء عملية وكتب لي التقرير الطبي وتوجهت إلى مستشفى رام الله الحكومي، فمن المعروف أنه يتم تحويل الحالات في ذاك الوقت إلى مستشفى المطلع ولكن لم يتم تحويلي بناء على تقرير الطبيب وتقرر إجراء عملية لي لإزالة الورم في المستشفى نفسه.

مراحل العلاج ..


سكتت رائدة برهة لعلها كانت تستذكر تلك اللحظات العصية على النسيان لتقول: عندما علمت أنني مصابة بالسرطان، كانت الشجاعة بالبداية تتملكني حتى أنني أخبرت عائلتي، وبدأ الكل يبكي وسيطر الحزن عليهم، وكنت أنا من أواسيهم وأصبرهم، وفي ذاك اليوم تركتهم وذهبت لحضور أحد الأعراس، وبينما أنا هناك بدأت أفكر بما سيحل بي وماذا سيحدث وأفكر بأبنائي وزوجي، وعدت من العرس مثقلة بالهموم وكأنني إنسان آخر، وما إن وصلت حتى شرعت بالبكاء علّي ارتاح، وبدأ أولادي مواساتي ومساندتي والتخفيف عني.

في فترة المرض تمر الأيام ثقالا، وكأنها عصا تضرب بقوة جسد المريض قبل أن ترحل، ومن يأكل العصي ليس كمن يعدها كما يقولون، وهذا حال رائدة كانت أيامها كالحنظل مرة وثقيلة لا تكاد تمضي، ومع تسلحها بالايمان وشكرها لربنا على عطاياه لها مهما كانت إلا أنها كانت خائفة، حيث قالت: رغم شجاعتي وايماني الا أن الخوف كان يتسلل داخلي من شقوق الأمل، فتحدثت مع صديقتي غادة خوري وكانت أيضا مديرتي في العمل، فشدت من أزري وشجعتني، وذهبت لإجراء العملية، وفي المرة الاولى تم استئصال الورم فقط، وقبل خروجي أخبرني الأطباء أن أعود بعد أسبوع بسبب وصول الخلايا السرطانية الى الغدد الليمفاوية.

وأكملت حديثها: وبالفعل بعد أسبوع رجعت للمستشفى لإجراء العملية الثانية وتم فيها تفريغ الثدي بشكل كامل، ولا يوجد في المستشفى عمليات تجميل أو ترميم للثدي وهنا ربما كان وقع المرض هو الأصعب بعد أن استفقت من العملية ورأيت ما آل له حالي، وكان الأثر النفسي الأصعب والأشد فتكا ووجعا وألما أكثر من أي شيء آخر، ومازال هذا الألم غصة بداخلي حتى الآن لن تزول، وهنا أوجه صرخة للحكومة أن توفر مثل هذه العمليات في مستشفياتها الحكومية لما تخلفه من أثر نفسي كبير على المرأة.

الصدمة النفسية الأكثر فتكًا ..


رائدة، التي لم تكن تشعر بالوجع ولا حتى الألم، وكانت تسير حياتها بشكل طبيعي حتى عندما عرفت ما حل بها كانت تذهب للعمل، كانت صدمتها بعد إجرائها العملية التي تم استئصال الثدي فيها، فاستئصال جزء أنثوي مهم من جسد المرأة أمر يصعب تصوره، بالتالي لا يستطيع أحد إدراك ولا معرفة ما يدور بداخلها من مشاعر مختلطة ومشتتة، عندما تخضع لهكذا إجراء حتى لو كان السبب إنقاذ حياتها.

تروي حمد صدماتها النفسية خلال مرحلة العلاج وما مرت به من علاجات على مدار خمس سنوات: مازلت حتى الآن وبعد مرور خمسة أعوام من العلاج الكيموثيرابي والإشعاعي وكل ما آلت إليه من تساقط للشعر والام في الجلسات وما بعدها وتساقط شعري، لازلت أتناول حتى الآن الدواء وهو عباره عن أقراص هي بمثابة علاج كيماوي مخفف على شكل حبوب وحسب البروتوكول الطبي ساجربه لخمسة أعوام أيضًا، وما يؤلم حقا ليس المرض بحد ذاته بل هي مضاعفاته التي تفتك بالجسد وتنهشه وما يتركه من ندوب نفسية وجروح عميقة، لازلت حتى اللحظة غير راضية تمامًا من شكلي بعد استئصال الثدي وكأنها حسرة بقلبي وغصة.

واسترسلت: أهم ما تحتاجه المريضة هو الدعم النفسي من عائلتها ومحيطها والايمان الداخلي بالشفاء والتغلب على هذا الوحش في معركته والانتصار عليه، والحمد لله كان زوجي وأولادي الخمسة وعائلتي وأصدقائي كلهم داعمين لي من الناحية النفسية والمعنوية، وهو ما ساعدني كثيرا على المضي قدما والحديث عن تجربتي كمتعافية وناجية انتصرت على هذا العدو وحاربته وتغلبت عليه.

مركز دنيا وأثره ..


لا يستطيع الانسان أن ينسى من يقف معه في كربه ومحنته ومن يخفف عنه أوقات ضيقه، ومن يأخذ بيده من دوامة الوجع ليخرجه إلى النور ويمسك يده ليدله على الطريق الصحيح ليصبح جزءا منه، "عائلتي". هكذا وصفت رائده مركز دنيا التخصصي لأورام النساء، حيث قالت: مركز دنيا هو الأول والأفضل والأحسن، هو عائلتي ويكاد يكون أهم جزء منها، وهذا ليس كلاما فقط، بل هو بالفعل كذلك، لأنهم أهلي وسندي أيضًا، وليس من باب المديح. فالدكتوره نفوذ المسلماني هي الأفضل على الإطلاق ولا أجامل حين أقول ذلك لانه الواقع الذي يفرض نفسه، لما وجدته داخل هذا المركز من حب واخلاص وتفانٍ، فهدفهم الأساسي هو صحة المريضة بالدرجة الأولى، وليس هدفا ماديا أبدا، إضافة لما يعملون عليه من دعم نفسي وتأهيل لكل المريضات. فالأخصائيون النفسيون كلهم دون استثناء مثال في الروعة لما قدموه من دعم جعلنا أقوياء، لن أنسى ما حييت كل ما قدموه لي ووقفتهم إلى جانبي في كل المراحل وحتى اليوم.

وأردفت: الأجواء الدافئة التي يوفرها المركز بعيدا عن المادة كفيلة بان تجعل المريض يشعر بالسعادة والأمل ليتخطى كل مراحل العلاج بقوة وأن ترسم ابتسامته على وجهه حين يشعر أن له أهمية، وهنالك من يهتم بصحته، وإن لم يملك المال لإجراء الفحص والعناية به، إضافة لبرامج الدعم والتأهيل التي يقومون بها من أجل المريضات والتي تغرس في نفوسنا القوة والشجاعة لنحارب هذا العدو الذي احتل أجسادنا.

مشروع إنتاج العسل ..


تتحدث حمد بصوت ممزوج بالتفاؤل والفرح عن مشروعها الجديد قائلة: بعد التعافي من المرض وفي مرحلة العلاج كنت لا أزال أمارس عملي، ولكن للأسف كون هذه الجمعيات يتم دعمها من الخارج، فمع توقف الدعم توقفت عن العمل. هنا كان لابد لي من اتخاذ خطوة جديدة وبدء العمل بمشروع جديد، وبما أن مهنة تربية النحل وقطف العسل هي مهنة متوارثة في العائله قررت أن أساعد بها وخاصة في المجال التسويقي وفي التغليف والتعبئة، وبالفعل فعائلتي وعائلة زوجي يربون النحل، وبدأت أتعلم منذ عام ٢٠١٩ كيفية التعامل مع النحل وتربيته وقطف العسل والتسويق والترويج له.


وتواصل: ورغم أنني تعلمت الكثير من زوجي ووالدتي، إلا أنني ما زلت أحتاج للكثير لأتعلمه، ولكن يبقى مشروع العسل الذي اطلقنا عليه اسم "مناحل حمد البري" مشروع عائلي يعود مردوده لكل العائلة، وهو يحتاج الكثير وسنعمل على تطويره وتوسيعه.

المشاريع المستقبلية ..


حمد التي أنهت 16 جلسة من العلاج الكيماوي فقدت خلالها شعرها وأنهك جسدها حتى أنها كانت في بعض الأيام لاتقوى على الوقوف على قدميها، وعانت الأمرين لرؤية زوجها وأبنائها يعتصرون ألما عليها لدرجة أن زوجها طلب منها أن لاتكمل الجلسات، استطاعت بصبرها أن تتخطى كل هذه الصعاب وتحلم بالمستقبل المشرق بل وتسعى لتطوير نفسها والعمل بمجالات متعددة لتكون ريادية في مجال تحبه. بدأت تخطو خطوات جديدة على درب النجاح لتبدأ بمشروعها الجديد الذي تحدثت عنه: علينا دائما أن نبحث عن كل ما هو جديد وبإمكاننا تعلمه وأن نتخذ الخطوة الاولى ونبادر ونسعى وهذا هو الحال، فمن خلال مركز دنيا بدأت أتعلم الطبخ مع الاتحاد اللوثري في الأسقفيه العربية الانجيلية، من خلال مشروع للنساء ليكنّ رياديات، واخترت هذه المهنة بالتحديد من منطلق أنني ربة منزل وأحب الطهي وإعداد الطعام وأتفنن فيه، وهذه الخطوه الأولى التي يليها افتتاح مشروعي الخاص بإعداد الأطعمة والحلويات ليكون مشروعا خاصا بي وحدي، أطمح من خلاله أن أساعد مركز دنيا وأدعمه بكل ما أستطيع علّي أوفيهم جزءا مما قدموه لي من مساعدة ودعم.

رسالة للنساء ..


رائدة، الناجية من سرطان الثدي، باتت أكثر قوة ولديها رسالة تحاول ايصالها لمساعدة المريضات ولكل النساء: لاتنتظري حتى تشعري بالأعراض لتفحصي، صحتك أغلى ما تملكين، عليك أن تفحصي بشكل دوري ومبكر، أنت الأمل وأنت عمود الأسرة، لا تخسري حياتك، بادري وافحصي، لاتجعلي مرضا يهزمك، وتحديه للوصول إلى بر الأمان.

دلالات

شارك برأيك

هكذا صارعت رائدة السرطان وانتصرت

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 137)