Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأحد 18 سبتمبر 2022 12:04 مساءً - بتوقيت القدس

أحمد عابد.. وداع الليلة الأخيرة

جنين – "القدس" دوت كوم - تقرير: علي سمودي - لا تفارق صور وكلمات ومشاهد اللحظات الأخيرة في حياة الشهيد أحمد أيمن إبراهيم  عابد، ذاكرة والدته الأربعينية "رحمة"، والتي أكثر ما تتمناه حاليًا أن يسلم جثمانه سريعًا لدفنه في مقبرة العائلة في بلدة كفردان غرب جنين، ويصبح جسده قريبًا منها، وتزوره باستمرار ليطفئ نارًا مشتعلة في قلبها على رحيله.


تقول الأم المكلومة، إن أكثر ما يؤلمها حرمانها من عناقه ورائحته التي كانت كثيرًا ما تكون مثل المسك، ولم يكن يغادر المنزل دون أن يعانقها ويقبلها ويسمع دعواتها له، لكن حرمت من كل ذلك بفعل الاحتلال الذي يأسر حتى جثامين الفلسطينيين ويرفض تسليمهم لذويهم.


في بيت العزاء المشترك للشهيدين الصديقين وأبناء القرابة الوثيقة أحمد وعبد الرحمن في بلدة كفردان، تنتصب والدتي الشهيدين وسط الجموع الحاشدة، غمنذ استشهادهما خلال اشتباك مسلح داخل حاجز الجلمة، لاتتوقف النساء عن التوافد من كل مكان لمؤازرة العائلة، لكن والدة الشهيد أحمد ترفض استقبال المعزيات، واستبدلت التمر بالحلوى ابتهاجًا وإعتزازًا ببطولاته كما تصفها وتتحدث عنها باستمرار.


وتقول: "أحمد وعبد الرحمن .. دومًا سنبقى  نفخر ببطولاتهم .. هم رفعوا رأس الشعب الفلسطيني عاليًا وأمثالهم يحتفل  ولا يعزى بهم، لذلك رفضنا منذ اللحظة الأولى استقبال المعزين، ومازلنا نستقبل المهنئيين".


يعتبر الشهيد أحمد وحيد والديه بين أربع بنات، أبصر النور في قرية كفردان، نشأ وتربى فيها وتعلم في مدارسها حتى الثانوية العامة، وتقول والدته أنه كان مجتهدًا ومتفوقًا ومحبًا للتعليم وصاحب طموح كبير، وبعد نجاحه في الثانوية العامة، التحق بكلية الاستقلال وحصل على شهادة الدبلوم، وأكمل تعليمه الجامعي في تخصص الخدمة الاجتماعية في جامعة القدس المفتوحة فرع جنين، مشيرًا إلى أنه حياته كانت ما بين وظيفته في الاستخبارات ودراسته الجامعية، وكانت كثيرًا ما تحدثه عن رغبتها في الفرح بخطوبته وزواجه، لكن الله اختاره ليكون شهيدًا. كما تضيف.


تروي ام أحمد ،أن ابنها المحبب لقلبها والمدلل، كان قريبًا جدًا لها ولعائلتها، وتميز  بالتواضع والشهامة والأخلاق العالية وحب عائلته وشقيقاته، وعندما نجحت شقيقته بالثانوية العامة خلال العام الحالي طلبت منه هدية جهاز هاتف خلوي فسارع لاحضاره لها واسعادها، دون تأخير أو تردد، كما كان يحرص على رعاية شقيقاته وتلبية احتياجاتهن بحب ووفاء.


وطوال حديثها، حافظت الوالدة "رحمة" على رباطة جأشها ومعنوياتها العالية، فقاومت دموعها وهي تستعيد الذكريات عن ابنها الذي كان يملأ حياة عائلتها فرحًا وسعادة ومحبة، مشيرةً إلى أنه حين كان يسافر للدوام في الجامعة، أو مكان خدمته العسكرية ، يواظب على الاتصال بها والاطمئنان عليها وعلى شقيقاته وأخبار بلدته وخاصة صديقه عبد الرحمن الذي كان أكثر من أخ وقريب له.


وتقول: "في الفترة الأخيرة ومنذ استشهاد صديقه وقريبنا شوكت عابد برصاص الاحتلال، تغيرت حياته، وأصبح دومًا يتحدث عن الوطن والحرية والشهادة  ويعبر عن محبته للقدس، كما أصبح يشارك في المسيرات والفعاليات الوطنية حتى أنه تعرض للإصابة بيديه قبل شهرين".


وتضيف: "لاحظت خلال تأدية أحمد للصلاة التي كان ملتزمًا بها أنه يسجد لفترات طويلة وكأنه يطلب شيئًا من الله، لدرجة أن هنالك علامة ظهرت على جبينه، واليوم اعتقد أنه كان يطلب الشهادة".


تتذكر الوالدة رحمة، أن آخر مرة شاهدت فيها أحمد قبل استشهاده مساء يوم الثلاثاء الماضي، وتقول: "حضر إلى المنزل بطلعته البهية وشخصيته الجميلة، وكان يحمل لنا معه كمية من أصناف الفواكه ومنها الموز الذي يحبه كثيرًا، ورغم أنه اعتاد على ذلك لكني فوجئت من الكمية الكبيرة، وعندما سألته قال لي هذه هدية لك ولاخواتي".


وتضيف: "بشكل دائم كان يلح أحمد علي لإنجاب ولد ثاني ليكون سندًا له، لكن رب العالمين رزقني بطفلة سميتها زينة، فكانت مقربة له ويحبها كثيرًا، وفي تلك الليلة حضنها لفترة طويلة واستمر في تقبيلها، وعندها شعرت بإحساس غريب لكنني لم أفهم أنها لحظاته الأخيرة معنا".


تتذكر أم أحمد، كل حركة وكلمة في آخر ساعات أحمد، وتقاوم دموعها لشدة شوقها لعناقه، وتقول "في تلك الليلة، وعندما أراد المغادرة، طلبت منه البقاء والسهر معنا ومرافقتنا لمنزل جده، لكنه قال لي اذهبوا وسألحق بكم، والتقطنا صورة جماعية بناء على طلبي، ولم أتوقع للحظة أنها ستكون الصورة الأخيرة".


عندما انتصف الليل ولم يعد أحمد، انتابت الوالدة مشاعر قلق وخوف تزايدت عندما بدأت بالاتصال به وجواله مغلق، لجأت إلى قراءة القرآن والدعاء لله، وتقول:"لا أدري لماذا  افتقدته كثيرًا في تلك الليلة، وكلما  اتصلت به دون الحصول على رد يزداد قلقي، وقبيل آذان الفجر بقليل، شعرت بنار تأكلني، ولم أكن أعلم أن ابني قد استشهد في هذه الفترة، لأن الاحتلال تأخر في الإعلان عن العملية".


 تعانق أم احمد صورته وتقبلها، وتقول: "فجأة بدأت تتوارد الاتصالات على منزلنا والجميع يسال عن أحمد، فبدأت أشعر بقلق رهيب، خاصة وأننا اتصلنا مع جميع معارفه ولم يعلم أحد شيء عنه، حتى اتصل بنا أبو عبد الرحمن وأبلغنا أنه شاهد صور جثة ابني وابنه".


في تلك اللحظات التي كانت تخيم فيها أجواء التوتر والقلق في كل محافظة جنين في ظل تضارب الأنباء حول عملية على حاجز الجلمة، تلقى والد الشهيد عبد الرحمن عابد اتصالاً من ضابط المخابرات الاسرائيلية الذي طلب منه الحضور فورًا إلى الحاجز، وهناك  عرض عليه الضابط، صور على هاتفه الخلوي تمكن من خلالها من تشخيص ابنه عبد الرحمن وابن شقيقته احمد، الذي تقول والدته "لم أصدق في البداية، وشعرت بألم وصدمة ولكن بعدما تواردت الأخبار حول دوره وعمليته، شعرت بفخر واعتزاز لأن ابني ضحى في سبيل وطنه وشعبه".


لم تنال تهديدات الاحتلال بعقاب أسرتي منفذي الهجوم على الجلمة من معنويات عائلة  الشهيد أحمد، والتي هدد الاحتلال بعقاب كبير لأسرتها، وتقول والدته: "أمام التهديدات استعدينا وانتظرنا وصول جيش الاحتلال إلى منزلنا والذي اقتحموه بطريقة وحشية، احتجزوا عائلتي تحت حراسة مشددة، واخضعوا والده للتحقيق الميداني، واقتحموا غرفة الشهيد وتفقدوها وفتشوا كل ركن وزاوية وكل قطعة من ملابسه، ومزقوا كل شيء يحمل اسمه، حتى الميداليات والكؤوس التي حصل عليها بمشاركة في بطولات كرة القدم دمروها ".


وأضافت: "الاحتلال أراد ان ينتقم منا بأي طريقة ويدمر ويمسح كل مايرتبط بأحمد الذي كان رياضيًا متميزًا في فريق كرة القدم، فحتى الكرات وأحذية الرياضة والنياشين والأوسمة التي تحمل اسمه مزقوها وصادروها، ثم قاموا بأخذ القياسات، لكن كل ذلك لم ينال من عزيمتنا، فنحن دومًا أقوى من الاحتلال".

دلالات

شارك برأيك

أحمد عابد.. وداع الليلة الأخيرة

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.12

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 129)