Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 24 مارس 2025 9:31 صباحًا - بتوقيت القدس

هل خطاب الإدارة الأمريكية متناقض حقاً؟!



منذ أن دخل دونالد ترامب البيت الأبيض وهو يتحفنا بتصريحاته العدائية حيناً، والأقل عدوانية حيناً آخر، والمتفهمة في أحيان أخرى،  فمن التهجير الكامل وبناء الريفيرا إلى التنازل عن الفكرة ثم العودة إليها ثم تحسينها أو تسويقها أو فرضها أو بيعها للاحتلال الاسرائيلي الذي تلقفها وأسرع إلى تشكيل هيئة للطرد أسماها التهجير الطوعي، وكأن هناك فرقاً بين الطوعي والإكراهي، ولكن لا بد من تلك اللفتات الإنسانية المثيرة للضحك التي يلجأ إليها المحتل عادة. فمن يسمع ترامب يتحدث عن غزة ودمارها ومعاناة سكانها وضرورة نقلهم إلى أماكن جميلة وآمنة يشعر أن الرجل يشبه بابا الفاتيكان، ولكن هذا "البابا" لا يستطيع ولا يجسر اطلاقاً أن يقول من هو المسبب لتلك المشاهد الكارثية.

هذا التناقض في تصريحات ترامب أو ما قد يفسر على أنه اضطراب أو تناقض انتقل أيضاً إلى تصريحات وزير الخارجية روبيو الذي ظهر في مقابلة تلفزيونية وهو يرسم صليباً على جبهته في إعلان صريح لتوجهاته التطهيرية والمتطرفة أيضاً في إعلان سافر وواضح عن انتقال العلمانية الأميركية إلى ليبرالية دينية متوحشة تريد مصادرة العالم أو "إصلاحه" أو ارتهانه لرؤية معينة، وظهر التناقض أيضاً  في تصريحات آدم بوهلر الذي أزيح بقوة اللوبيات الخفية والعلنية بعد تصريحاته المثيرة والجديدة والصادمة، وظهر التناقض كذلك في تصريحات المتحدثة الصحفية الجميلة باسم البيت الأبيض في محاولاتها المستمرة للتفسير أو التبرير إلا في حالة دعم إسرائيل في حربها الثانية على قطاع غزة المدمر، وظهر التناقض أيضاً في تصريحات ستيف ويتكوف المبعوث الموثوق لدونالد ترامب، فهل هناك تناقض حقاً في أقوال وتصريحات الإدارة الأميركية؟!

برأيي فإن ما يبدو وكأنه تناقض للوهلة الأولى إنما هو انعكاس لجدل اللوبيات الصهيونية واليهودية من جهة، وبين مطامع ورغبات ترامب من جهة أخرى، بمعنى أن هذه اللوبيات ليست متفقة فيما بينها على خيارات نتنياهو واليمين الحاخامي التوراتي عموماً. إذ أن هناك أطراف كبيرة في هذه اللوبيات لا تدعم إسرائيل الحاخامية التوراتية وتعتقد أنها تؤدي بها إلى الدمار كما حدث ذلك في الماضي البعيد، فيما توجد أطراف أخرى تريد إسرائيل علمانية وديمقراطية ومقبولة لدى الغرب الاستعماري. بمعنى آخر، فإن نتنياهو ليس هو العنوان الذي تلتقي عليه جميع المكونات في هذه اللوبيات، لهذا تجد اتفاقاً كاملاً حول دعم إسرائيل وأمنها واستقرارها وسيطرتها على الإقليم، ولكن هذا الدعم لا يعني إعطاء نتنياهو كل ما يريد أو كل ما يطلب، هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإن مطامح ترامب  ومطامعه أيضاً تتمثل في حل هذا الصراع جزئياً أو كلياً بأسرع ما يمكن من خلال البناء على "إنجازه" الأول وهو السلام الإبراهيمي، ولا يمكن لهذا السلام أن يستمر أو يتواصل إذا بقي نتنياهو بهذه العدوانية وهذه التدميرية، لا يمكن تسويق هذا السلام دون حل للقضية الفلسطينية أو على الأقل رسم ملامح فعلية وحقيقية لهذا الحل، لا يمكن للدول العربية المطبعة وغير المطبعة أن تقبل نصراً نهائياً إسرائيلياً في الإقليم وأن تقبل إلغاءً للدولة والشعب الفلسطيني، أو على الأقل فإن هذه الدول مستعدة لقبول وتسويق، وربما فرض تسوية على الفلسطينيين بدعم أمريكي وأوروبي لا تتضمن تهجيراً أو تجاوزاً للحقوق الفلسطينية، ويبدو أن ترامب يدرك هذا جيداً، هو يريد إسرائيل قوية، ولكن يعرف أن مصالح أميركا لا تحفظ فقط من قبل إسرائيل، وأن أزمات أميركا لا تحلها إسرائيل فقط، بل على العكس فإن إسرائيل تستنزف المال والجهد وحتى القيم الأميركية، وهذا ما أخذ الشارع الأمريكي يتحدث عنه علناً.

لهذا كان الحوار الأمريكي مع حركة حماس، وتغير موقف الإدارة الأمريكية من الخطة العربية بشكل ما والمطالبة بتطوير وإصلاح السلطة الفلسطينية للمهام المستحدثة، ولهذا أيضاً كانت تصريحات ستيف ويتكوف الأخيرة، وهي تصريحات تفتح الأبواب كلها وتضع الخيارات كلها وتقول الشيء ونقيضه، لأن الإدارة الامريكية تدرك أن حكومة نتنياهو بهذا التطرف وهذه العدوانية قد تدمر الرؤية النهائية للإدارة الأمريكية .

البيت الأبيض يريد لإسرائيل أن تنتصر بالتأكيد، ولكنها تريد  لترامب أن ينتصر أيضاً، البيت الأبيض يريد ان يخفض من سقوف المطالب للشعب الفلسطيني لتصبح مجرد البحث عن رغيف خبز، ويريد أن يسوق لسلام منقوص مع العالم العربي يقوم على التطبيع مقابل الحماية العسكرية، ولكنه أيضاً يريد أن يحقق مصالحه الاقتصادية والأمنية أيضاً. يريد البيت الأبيض أن يجعل من منطقتنا منطقة نفوذ كامل في مواجهة الأعداء الكبار، يريد أن يضمن أنظمته وشعوبه وممراته وثرواته وهدوءه. أيضاً، وحتى يضمن البيت الأبيض كل ذلك، لا بد له من التوصل إلى حل سريع ما للصراع في فلسطين، ترامب قد يخدم إسرائيل لألف سبب وسبب ولكنه في نهاية الأمر رئيس الولايات المتحدث الأمريكية، وقد لا نفهم  - نحن العرب والمسلمين-  لماذا يتصرف رئيس إمبراطورية عظمى بهذه الطريقة مع إسرائيل، ولكن ترامب بالتأكيد لديه التبريرات والذرائع الاستراتيجية والعقائدية التي تجعله منتخباً ومدعوماَ من أكثر من نصف سكان الولايات المتحدة ليفعل ما يفعل. أخيراً، التناقض الظاهري في الخطاب الأمريكي هو خلافات في زوايا النظر وليس على المشهد، خلافات في المسالك  وليس على الأهداف، خلافات حول الأشخاص وليس على المواضيع.


.............

ما يبدو وكأنه تناقض للوهلة الأولى إنما هو انعكاس لجدل اللوبيات الصهيونية واليهودية من جهة، وبين مطامع ورغبات ترامب من جهة أخرى، بمعنى أن هذه اللوبيات ليست متفقة فيما بينها على خيارات نتنياهو واليمين الحاخامي التوراتي عموماً.

دلالات

شارك برأيك

هل خطاب الإدارة الأمريكية متناقض حقاً؟!

المزيد في أقلام وأراء

مرآة الصراع والمأزق الفلسطيني

جمال زقوت

الخطابات الشعبوية بين القول والفعل

بهاء رحال

الإبادة الموضعية!

إبراهيم ملحم

جامعة الدول العربية في خضم نكبات الشرق العربي المتتالية

كريستين حنا نصر

تفاقم ظواهر التناقض لدى المستعمرة الإسرائيلية

حمادة فراعنة

التطهير العرقي هدف حرب الإبادة الفاشية على غزّة

د. مصطفى البرغوثي

"الكابنيت" يفصل ويثبت.. والسلطة تواجه أشباح الماضي

أمين الحاج

الواقع العربي والتحديات المستعصية

محمـد علوش

على مسرح الخذلان.. ذُبح يوسف وأُغرقت غزة بدماء الشهداء

خضير المرشدي

السلوك محكوم بنتائجه

د. أفنان نظير دروزه

لماذا أعاد نتنياهو إشعال الحرب في غزة؟ خيار سياسي أم ضرورة أمنية ؟

د. دلال صائب عريقات

غزة.. إبادة ممنهجة

بهاء رحال

النهر الذي يفرش خضرته على ضفتيه

رمزي الغزوي

دبابات وأموال !!

أنهار الدم والدموع تجري في القطاع بلا انقطاع!

ابراهيم ملحم

مستقبل سوريا السياسي يحدد مستقبل الشرق العربي

كريستين حنا ناصر

معركة الحسم المقبلة في قطاع غزة

حمادة فراعنة

إيلون ماسك يستحوذ على شركة ناشئة لتوليد مقاطع الفيديو بالذكاء الاصطناعي

العائلة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي: عائلتك لم تعد كما تعتقد.. هل تتحكم بها خوارزميات...

المصانع المظلمة - مستقبل الصين المشرق

أسعار العملات

الإثنين 24 مارس 2025 9:52 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 4.0

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 903)