عاد فاعلون في الجمعيات المدنية في تونس إلى تكثيف نشاط المقاطعة، عقب تجدد الاعتداءات على غزة مستهدفين بحملاتهم الجديدة المؤسسات المطبعّة مع الكيان الصهيوني، بينما تستمر الحملات الدعائية المحفزة على عدم العودة لاستهلاك المنتجات المصنعة من الشركات التي تدعم العدوان على الفلسطينيين.
وعلى امتداد أشهر الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خاض نشطاء مدنيون في تونس العديد من الحملات الميدانية والدعائية من أجل المساعدة على تغيير السلوكيات الاستهلاكية ومقاطعة المنتجات المصنعة في مؤسسات تدعم الكيان المحتل نهائياً وتعويضها بمنتجات محلية.
وشهدت حملات المقاطعة في الدولة نجاحاً شعبياً، إذ لاقت تأييداً من الكثير من المواطنين، رغم الإغراءات الدعائية والترويجية التي قامت بها المؤسسات الموصومة بالتطبيع، بينما جرت ملاحقة النشطاء في الميادين والمحاكم للحد من تحركاتهم.
وأعلنت تنسيقية العمل المستقل من أجل فلسطين (مؤسسة مجتمع مدني) عودتها إلى التحرك الميداني، بتنظيم وقفات احتجاجية أمام مقرات المؤسسات الاقتصادية التي تؤيد الحرب الإسرائيلية على غزة. وقال الناشط في التنسيقية وائل نوار، إن التنسيقية تنوي تكثيف الوقفات الاحتجاجية أمام مقر شركة "ميرسك" للشحن البحري هذه المرة، استجابة للحملة العالمية "أغلق ميسرك" من أجل الضغط على مسؤوليها لوقف شحن الأسلحة لفائدة الكيان المحتل ومشاركتها بقتل الأبرياء في غزة.
وأكد نوار في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التحركات الميدانية المكثفة قد تؤدي إلى إجبار إدارة ميرسك عن التخلي عن نشاطها في شحن الأسلحة لفائدة جيش الاحتلال، مشيراً إلى أن كل المؤسسات الاقتصادية الداعمة للمحتل ستكون في مرمى الاحتجاج مجدداً. و"ميرسك" هي إحدى أكبر شركات الشحن البحري في العالم من حيث حجم الأسطول وسعة الشحن.
في الأثناء أكد الناشط وائل نوار، أن الحملات الدعائية للمقاطعة لم تتوقف حتى بعد وقف العدوان على غزة، مشيراً إلى أن تأصيل سلوك المقاطعة في السلوكيات الاستهلاكية للشعوب سيكون عقاباً جيداً للمؤسسات الاقتصادية المتعاونة مع الكيان والداعمة له.
وقال نوار إن المقاطعة أثبتت في العديد من بلدان العالم أنها أفضل سلاح ضد العدو، مشيراً إلى أن الاحتلال يقتل الأبرياء في غزة بأموال تحصدها المؤسسات الاقتصادية من جيوب المواطنين. وأضاف أن" تزامن تكثيف المقاطعة مع شهر رمضان الذي يعد من أهم المواسم الاستهلاكية يتطلب جهداً إضافياً لتعزيز الجهود التي بذلت سابقاً". وشهر رمضان من أكثر أشهر السنة استهلاكاً لدى التونسيين، مع الإفراط في المشتريات الغذائية والمشروبات، وتزايد الإقبال على بعض السلع بنسبة تصل إلى 100% أحياناً، ما يجعله تحدياً جدياً أمام حركة المقاطعة.
ويقابل الناشطون في مجال المقاطعة زيادة الإعلانات بحملات ميدانية مكثفة تستهدف كل المرافق التجارية والعلامات الداعمة للكيان المحتل لتجنّب انهيار الجهود المبذولة في التأثير على سلوك التونسيين، من خلال زيادة الوعي بأهمية مقاطعة المنتجات والمساحات التجارية التي أظهرت ولاء للاحتلال.
ولا يخفي نوار مخاوفه من تراجع حدة المقاطعة في ظل لجوء المساحات التجارية والعلامات المدرجة على القائمة السوداء إلى الإعلان المكثف للتأثير على سلوك التونسيين، مؤكداً أنه لوحظ خلال هذه الفترة ضخ المعلنين أموالاً طائلة لتسويق منتجاتهم في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أيضاً.
وأشار إلى أن تكثيف المؤسسات المستهدفة بالمقاطعة للحملات الدعائية والعروض التجارية كان ردة فعل على حملات المقاطعة التي قادها النشطاء منذ بدء العدوان على غزة منذ عام ونصف العام والتي سببت خسائر مهمة لهذه المؤسسات.
وقال نوار "لا نملك أرقاماً رسمية عن خسائر الشركات المستهدفة بالمقاطعة، لكن المؤكد أنها سجلت خسائر وهو ما يظهره حجم الارتباك في ردات فعلها بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم لمقاضاة النشطاء وطلب منع الوقفات الاحتجاجية التي تنظمها التنسيقية في مقرات هذه الشركات والدعاوى المباشرة لمقاطعة منتجاتها.
وتتوالى الاختبارات الصعبة في تونس لصلابة مقاطعة الشركات والعلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي. وكان برلمان تونس قد أخفق منذ أشهر في إقرار قانون يجرّم التطبيع بمختلف أشكاله، إذ ظلت جلسة المصادقة على مشروع القانون معلقة ولم تستأنف أعمالها ما أثار موجة انتقادات بسبب محاولات دفن مشروع القانون الذي يفرض عقوبات بالسجن وغرامات مالية على المطبعين أفراداً أو مؤسسات.
ويحاول النشطاء المدنيون فضح تعامل مزودين ومؤسسات تعمل في السوق التونسية مع الكيان الإسرائيلي مع توثيق الأدلة وإحالتها على القضاء رداً على القضايا المرفوعة ضدهم.
شارك برأيك
حملات المقاطعة تتجدد في تونس...والضغوط تطاول شركة شحن عالمية