في ظلّ تصاعد التوترات التجارية الناتجة عن سياسات الرسوم الجمركية التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب، بدأت تظهر مؤشرات مقلقة في سوق العمل الأميركي، ما يثير مخاوف من دخول الاقتصاد في مرحلة ركود خلال الأشهر المقبلة.
فقد أشار تقرير صادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو إلى انخفاض معدل العثور على وظائف بين العاطلين عن العمل منذ منتصف عام 2023، وهو نمط مشابه لما حدث قبل فترات الركود السابقة.
كما ارتفعت المدة المتوسطة للبطالة من حوالي 8 أسابيع إلى أكثر من 10 أسابيع منذ منتصف عام 2022، وهو مستوى لم يُسجّل منذ الأزمة المالية بين عامي 2007 و2009.
وفي الوقت نفسه، حذّر كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، من أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب قد تُشكّل صدمة كبيرة للاقتصاد الأميركي، مع مجموعة واسعة من النتائج المحتملة.
وأشار إلى أنه إذا تم الحفاظ على الرسوم كما هو مقترح، بمتوسط يصل إلى 25%، فقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ كبير في الاقتصاد، وزيادة معدلات البطالة إلى حوالي 5%، وحتى خطر التسبب في ركود.
من جانب آخر، أظهرت بيانات من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن توقعات المستهلكين للتضخم على المدى القريب ارتفعت بشكل حاد في مارس 2025، لتصل إلى 3.6%، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 2023.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى توقعات بزيادة أسعار المواد الغذائية والإيجارات، بينما ظلت التوقعات للتضخم على المدى الطويل مستقرة أو انخفضت قليلاً.
وفيما يتعلق بسوق العمل، أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية أن عدد طلبات إعانة البطالة ارتفع قليلاً بمقدار 4,000 طلب، ليصل إلى 223,000 طلب في الأسبوع المنتهي في 5 أبريل 2025. ورغم أن هذا الارتفاع طفيف، إلا أنه يأتي في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي المتزايد بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات، والتي أضعفت ثقة الأعمال والمستهلكين.
وفي هذا السياق، أشار ألبرتو موسالم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، إلى أن النمو الاقتصادي الأميركي سيتراجع "بشكل ملموس" عن الاتجاه العام، مستشهداً بالرسوم الجمركية الجديدة، وتراجع ثقة الأسر والشركات، والانخفاض الكبير في سوق الأسهم، والاحتمال الكبير لردود فعل انتقامية من الشركاء التجاريين. ورغم أنه لا يتوقع ركوداً، إلا أنه يتوقع أن ينخفض النمو إلى أقل من الاتجاه المقدر بنسبة 2%، وأن ترتفع البطالة.
وفي ظل هذه التطورات، يجد الاحتياطي الفيدرالي نفسه أمام معضلة: هل يجب عليه خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، رغم أن التضخم لا يزال فوق الهدف المحدد؟ في الوقت الحالي، يحتفظ البنك المركزي بسعر الفائدة بين 4.25% و4.5%، مع توقعات بثلاثة تخفيضات هذا العام، لكن عدم اليقين بشأن سياسة الرسوم الجمركية يبقى عائقاً كبيراً أمام اتخاذ قرارات واضحة.
شارك برأيك
تراجع مؤشّرات سوق العمل الأميركيّ يثير مخاوف من ركود اقتصاديّ وشيك