فلسطين
الخميس 23 يناير 2025 7:54 صباحًا - بتوقيت القدس
العدوان على مخيم جنين.. التهجير لمسح الشاهد الأخير على حق العودة
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. رائد أبو بدوية: قرار حكومة الاحتلال اعتبار الضفة "جبهة قتال" يأتي في إطار استرضاء اليمين وتعزيز أجندة الاستيطان والضم
محمد هواش: العدوان على مخيم جنين رسالة إسرائيلية بأن المقاربة الأمنية هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع الفلسطينيين في الضفة
هاني أبو السباع: جيش الاحتلال يرى الضفة الساحة الأصعب مع خطط لزيادة عدد المستوطنين إلى مليون.. واستقالات الجنرالات للحفاظ على مستقبلهم السياسي
د. سهيل دياب: أربعة أسباب سياسية رئيسية لتصعيد العدوان على مخيم جنين.. وهليفي المستقيل قد يلعب دوراً مستقبلياً في المعارضة
محمد أبو علان دراغمة: "الجدار الحديدي" عملية سياسية بأدوات عسكرية تم تنفيذها لتحقيق أهداف تتعلق ببقاء سموتريتش في الائتلاف الحكومي
عماد موسى: العدوان على مخيم جنين جزء من استراتيجية إسرائيلية لضم الضفة الغربية وتدمير المخيمات لإسقاط فكرة حق العودة
تشهد الضفة الغربية، خاصة مخيم جنين، تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً غير مسبوق، وسط مخاوف من أن يكون العدوان في إطار استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى ضم الضفة الغربية وإنهاء قضية اللاجئين.
ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن هذه الحملة العسكرية، التي أُطلق عليها الاحتلال الإسرائيلي اسم "الجدار الحديدي"، ليست مجرد عملية أمنية بحتة، بل تحمل أبعاداً سياسية عميقة، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو إلى تعويض إخفاقاتها في حرب غزة، وإرضاء اليمين المتشدد، ومحاولة فرض أمر واقع جديد في الضفة الغربية.
ويشيرون إلى أن العدوان على مخيم جنين يهدف إلى إضعاف المقاومة الفلسطينية وتفريغ المخيمات من محتواها النضالي، إضافة إلى تعزيز أجندة الاستيطان والضم.
من ناحية أُخرى، يرى الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات أن الاستقالات الأخيرة لكبار القادة العسكريين الإسرائيليين، بمن في ذلك رئيس هيئة الأركان، تؤكد وجود خلافات عميقة بين المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي في إسرائيل، إذ إن هذه الاستقالات، التي تأتي في أعقاب الإخفاق الأمني الكبير الذي تمثله أحداث السابع من أكتوبر 2023، تعكس محاولة من هؤلاء الجنرالات للحفاظ على مستقبلهم السياسي، حيث قد يشكلون معارضة جديدة تتفق مع الإدارة الأمريكية التي تسعى للسيطرة الكاملة على إدارة إسرائيل.
ومع توقعات بإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل بحلول يونيو/حزيران 2025، يرى بعض الكتاب والمحللين أن ما يجري في الضفة الغربية يبدو كأنه جزء من محاولة حصد مزيد من الأصوات الانتخابية.
تناغم مع الرؤية اليمينية لتعزيز السيطرة على الضفة
يوضح أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية د.رائد أبو بدوية أن قرار الحكومة الإسرائيلية اعتبار الضفة الغربية "جبهة قتال" خلال الموافقة على إبرام اتفاق في غزة يأتي في إطار استرضاء اليمين الإسرائيلي وتعزيز أجندة الاستيطان والضم.
ويؤكد أبو بدوية أن الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة على مخيم جنين وشمال الضفة تتناغم مع الرؤية اليمينية التي تسعى إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة، خاصة في ظل دعم إدارة ترمب للأطماع الإسرائيلية في الضفة الغربية.
ويوضح أبو بدوية أن توجهات ترمب، التي تتجلى في دعمه صفقة القرن ونقل السفارة إلى القدس، فتحت شهية اليمين الإسرائيلي لاتخاذ خطوات عملية نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية.
ويؤكد أن الضفة الغربية ستكون "محل دفع ثمن" سياسي وأمني للفلسطينيين في ظل التوافق بين إدارة ترمب والحكومة الإسرائيلية.
من جهة أُخرى، يعتقد أبو بدوية أن الأبعاد السياسية الكامنة وراء استقالات كبار القادة العسكريين الإسرائيليين، بمن في ذلك رئيس هيئة الأركان، والتي تأتي في ظل توترات واضحة بين المؤسسة العسكرية والحكومة الإسرائيلية، ليست مجرد رد فعل على الفشل الأمني الإسرائيلي الذي ميز أحداث السابع من أكتوبر، بل تحمل أهدافاً سياسية متعددة، بما في ذلك الحفاظ على مستقبل سياسي محتمل للجنرالات والضباط المستقيلين.
ويشير أبو بدوية إلى أن الخلافات بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل برزت بشكل واضح في الأشهر الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالرؤى المختلفة حول الحل العسكري لقطاع غزة، حيث إن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو تفتقر إلى استراتيجية واضحة لما بعد العدوان على غزة، ما أربك المؤسسة العسكرية، وعمّق الفجوة بين الطرفين.
ويؤكد أبو بدوية أن هذا الاختلاف أدى إلى غياب التناغم بين المؤسسة العسكرية والحكومة، ما دفع بعض القادة العسكريين إلى تقديم استقالاتهم.
ويوضح أبو بدوية أن استقالة رئيس هيئة الأركان تأتي أيضاً في إطار ضغوط سياسية من اليمين الإسرائيلي، بما في ذلك تحريض وزير المالية بتسلئيل سموترش ووزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير ضد القيادة العسكرية.
ويشير أبو بدوية إلى أن نتنياهو اضطر إلى دفع "ثمن سياسي" لاسترضاء اليمين، مما دفع رئيس هيئة الأركان إلى تقديم استقالته استباقياً لتجنب الإقالة.
ويؤكد أبو بدوية أن توقيت الاستقالة، الذي يتزامن مع بدء نفاذها في آذار/ مارس المقبل، يهدف إلى تجنب المشاركة في أي عمليات عسكرية مستقبلية في غزة في حال فشل الصفقة مع حماس.
ويشير أبو بدوية إلى أن هذه الاستقالات ستترك آثاراً كبيرة على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خاصة مع توالي استقالات أُخرى في صفوف القيادة.
ويعتقد أبو بدوية أن نتنياهو قد يستغل الفرصة لتعيين قادة متشددين في هيئة الأركان يتناغمون مع رؤيته السياسية، سواء في غزة أو الضفة الغربية.
العمل على ضم أكبر مساحة ممكنة من الضفة
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش أن العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين لم يستهدف أهدافاً عسكرية حقيقية، بل كان في سياق رسالة متواصلة من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، تؤكد أن المقاربة الأمنية هي الطريقة الوحيدة التي تتعامل بها إسرائيل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ويشير هواش إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل على ضم أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية، والسيطرة عليها، مع التخلي عن أي مسؤولية تجاه مستقبل المنطقة ومستقبل الصراع مع الفلسطينيين.
ويوضح هواش أن هذه الحكومة الإسرائيلية تفتقر إلى أي مقاربات سياسية، وتعتمد بشكل كلي على العمليات العسكرية المتكررة لإجبار الفلسطينيين على الاستسلام، إلا أن هذه الاستراتيجية، بحسب هواش، قد فشلت حتى الآن، ولن تنجح في المستقبل، لأن قضية الشعب الفلسطيني أعمق بكثير من أن يتم حلها عبر القوة العسكرية، فالقضية الفلسطينية ليست مجرد مشكلة أمنية، بل هي قضية وجودية تتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وحريته.
ويشدد هواش على أن الحكومات الإسرائيلية، بما في ذلك اليمين المعتدل، تتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، وتتعامل مع القضية على أنها مشكلة أمنية يمكن حلها عبر إخضاع الفلسطينيين وإجبارهم على قبول "فتات" من الحلول التي تقدمها إسرائيل.
إلا أن هذه الحلول، بحسب هواش، تهدف في جوهرها إلى إبقاء السيطرة الإسرائيلية ومنظومة التحكم الاستعمارية على الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، ومنع أي حل سياسي حقيقي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، لكن الفلسطينيين لن يتنازلوا عن حقوقهم في أرضهم، وسيواصلون النضال من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة.
ويشير هواش إلى أن ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في هذه السياسة هو الموقف الأمريكي الذي يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، ويسمح لإسرائيل بالحديث عن "حق الشعب اليهودي في الأرض" دون الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، مؤكداً أن الحل الوحيد للصراع هو التوصل إلى تسوية سلمية مقبولة من الطرفين، تضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
من جانب آخر، يؤكد هواش أن الاستقالات للجنرالات الإسرائيليين تؤكد وجود خلافات عميقة داخل الحكومة الإسرائيلية بين المستويين الأمني والسياسي، مشيراً إلى أن هذه الخلافات تظهر جلياً في إدارة حرب الإبادة في قطاع غزة، والتهرب من مسؤولية الإخفاق والفشل في أحداث السابع من أكتوبر 2023.
ويشير هواش إلى أن نتنياهو وبعض الأحزاب اليمينية يسعون إلى إضعاف مكانة الجيش والمنظومة الأمنية في الحياة السياسية الإسرائيلية، لصالح تعزيز دور المستوى السياسي، بهدف نقل صلاحيات الجيش إلى المستوى السياسي، بهدف تحميل الجيش مسؤولية الإخفاقات العسكرية، بدلاً من تحميل المستوى السياسي المسؤولية.
استباحة الضفة.. اتفاق بين نتنياهو وسموتريتش
يوضح الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع أن الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة على شمال الضفة الغربية، خاصة مخيم جنين، والتي تأتي تحت مسمى "الجدار الحديدي" تأتي في ظل تقديرات للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وجهاز الشاباك (الأمن الداخلي) بأن ظاهرة العبوات الناسفة التي تستخدمها المقاومة في شمال الضفة تشكل تطوراً نوعياً وخطيراً، خاصة مع تهديدها المباشر لمركبات وحافلات المستوطنين.
ويشير أبو السباع إلى تقديرات الاحتلال بأن المقاومة في شمال الضفة استفادت معنوياً من الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، خاصة أن قُرب المسافة بين جنين والخط الأخضر (حدود 1948) يجعل من وجود مقاومة نشطة في المنطقة تهديداً استراتيجياً لإسرائيل، لافتاً إلى أن الضفة الغربية، بمساحاتها الكبيرة، توفر للمقاومة فرصاً للمناورة في أكثر من موقع.
ويعتقد أبو السباع أن الهدف الرئيسي للحملة العسكرية الإسرائيلية هو القضاء على كتيبة جنين والمطاردين في شمال الضفة، وإرسال رسالة قوية لباقي المناطق بأن أي عمل مقاوم سيكون ثمنه باهظاً، كما أن الهجوم المكثف على جنين يهدف إلى الضغط على الحاضنة الشعبية التي تدعم المقاومة.
ويرى أبو السباع أن العدوان على جنين يأتي في إطار اتفاق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسموتريتش، حيث تم الاتفاق على عدم انسحاب سموتريتش من الحكومة مقابل السماح للجيش الإسرائيلي بالعمل بحرية في الضفة الغربية وبناء المزيد من المستوطنات، إضافة إلى محاولة تقليص الوجود الفلسطيني في المنطقة (ج).
ويؤكد أبو السباع أن الجيش الإسرائيلي بدأ يعتمد على وسائل جديدة في مواجهة المقاومة، بما في ذلك استخدام المعلومات الاستخبارية المكثفة والطيران لتقليل الخسائر في صفوف جنوده.
ويشير أبو السباع إلى أن جيش الاحتلال يرى أن الضفة الغربية هي الساحة الأصعب، خاصة مع وجود نحو 750 ألف مستوطن، وهناك خطط لزيادة عددهم إلى مليون، ما يجعل أي تهديد أمني في المنطقة خطراً استراتيجياً.
أما في ما يتعلق باستقالة الجنرالات الإسرائيليين بعد انتهاء الحرب على قطاع غزة، فيرى أبو السباع أنها كانت متوقعة، خاصة بعد توقف الحرب في غزة، حيث لم يرغب أولئك الجنرالات في تسجيل انسحابات أثناء استمرار العمليات العسكرية.
ويعتقد أبو السباع أن هذه الاستقالات ستستمر كجزء من الاعتراف بالفشل الاستخباري والأمني الكبير الذي تمثله أحداث السابع من أكتوبر 2023، إضافة إلى الفشل في اعتراض صواريخ المقاومة خلال الحرب.
ويرى أبو السباع أن استقالات الجنرالات والضباط الإسرائيليين تأتي في إطار محاولة منهم للحفاظ على مستقبلهم السياسي، حيث قد يعود بعضهم إلى الحلبة السياسية في المستقبل، كما أن انسحابهم والاعتراف بالفشل الأمني والاستخباري في أحداث السابع من أكتوبر 2023 يُسجل لهم كخطوة تهدف إلى تحسين صورتهم العامة، ما قد يفتح لهم أبواب العودة إلى الحياة السياسية لاحقاً.
ويشير أبو السباع إلى أن هذه الاستقالات تأتي أيضاً استجابة لمطالب المعارضة الإسرائيلية، التي تطالب باستقالة كل من كان مسؤولاً عن الفشل الذي أدى إلى أحداث السابع من أكتوبر 2023، حيث أن الاعتراف بالفشل والانسحاب في الوقت الحالي قد يترك بصيص أمل لهؤلاء الضباط في العودة إلى الواجهة السياسية مستقبلاً.
إرضاء اليمين المتشدد وتعويض إخفاقات حرب غزة
يعتقد أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي د.سهيل دياب أن هناك أربعة أسباب سياسية رئيسية تقف وراء التصعيد الإسرائيلي الحالي في مخيم جنين، مؤكداً أن ما يجري ليس له طابع أمني بحت، بل هو بالأساس سياسي.
ويوضح دياب أن هذه الأسباب تشمل تعويض المجتمع الإسرائيلي عن إخفاقات حرب غزة، وإرضاء اليمين المتشدد، وفرض أمر واقع في الضفة الغربية، ومحاولة إضعاف التقارب بين الفصائل الفلسطينية.
ويشير دياب إلى أن السبب الأول يتمثل في محاولة إسرائيل تعويض المجتمع الإسرائيلي عن الإخفاقات التي واجهتها في قطاع غزة، خاصة بعد توقيعها على صفقة تبادل الأسرى التي لم تحقق أي انتصارات عسكرية، حيث إن هذه الخطوة تهدف إلى تحويل النقاش العام من محاسبة القيادة السياسية، خاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن فشلها خلال الأشهر الـ15 الماضية، إلى التركيز على "الإنجازات" الأمنية في الضفة الغربية، حيث أن هذا التصعيد بالضفة يهدف إلى حماية نتنياهو من استنتاجات المجتمع الإسرائيلي التي قد تؤدي إلى إسقاطه قبل الانتخابات القادمة.
أما السبب الثاني بشأن التصعيد في الضفة الغربية بدءاً من مخيم جنين، وفقاً لدياب، فهو إرضاء سموتريش، الذي هدد بإسقاط الحكومة، فاتخذ نتنياهو عدة إجراءات لاسترضائه، بما في ذلك الإعلان عن عفو عام عن المستوطنين المتهمين بارتكاب أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين، واتخاذ قرار في الكابينت الوزاري المصغر بفتح جبهة قتال جديدة في الضفة الغربية، وهذه الخطوات تهدف إلى ضمان بقاء سموتريش في الائتلاف الحكومي، خاصة في ظل التهديدات التي أطلقها بخصوص المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى بأنه سوف ينسحب من الحكومة الإسرائيلية.
ويؤكد دياب أن السبب الثالث يتمثل في محاولة إسرائيل إضعاف التقارب بين الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية، خاصة بين أجهزة الأمن وفصائل ومجموعات مثل حماس والجهاد الإسلامي وكتيبة جنين، مشيراً إلى أن إسرائيل تشعر بالقلق من أي تقارب فلسطيني- فلسطيني، حيث تفضل أن تبقى الفصائل في حالة توتر دائم لضمان سيطرتها على الوضع، كما أن اختيار مخيم جنين كهدف رئيسي لهذه الحملة يعكس قلق إسرائيل من أي تفاهمات فلسطينية مستقبلية.
أما السبب الرابع، وفقاً لدياب، فهو محاولة إسرائيل فرض أمر واقع جديد في الضفة الغربية يمكن استخدامه كأوراق تفاهم مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، مشيراً إلى أن نتنياهو يريد أن يدخل بتفاهمات مع ترمب بأوراق قوة، مثل توسيع الاستيطان وفرض سيطرة أمنية أكبر على الضفة، لاستخدامها في مقايضات سياسية مستقبلية.
وفي ما يتعلق باستقالة رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي وإمكانية استقالة جنرالات آخرين، يؤكد دياب أن هذه الاستقالة سياسية بامتياز، حيث جاءت في توقيت يعكس رغبة هليفي في إرسال رسالة قوية بأن الحرب في غزة قد انتهت، وأن أي محاولة لإعادة إشعالها ستكون بمسؤولية القيادة السياسية.
ويوضح دياب أن الاستقالة تشير أيضاً إلى أن هليفي لن يبتعد عن المشهد السياسي، بل قد يلعب دوراً مستقبلياً في المعارضة الإسرائيلية، خاصة في ظل توقعات بحدوث استقالات أخرى في صفوف القيادات العسكرية والأمنية.
تعزيز التوازنات داخل حكومة نتنياهو الائتلافية
يرى الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن "عملية الجدار الحديدي"، التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة ومخيم جنين، ليست سوى جزء من لعبة سياسية داخلية إسرائيلية، تهدف إلى تعزيز التوازنات داخل الحكومة الائتلافية برئاسة بنيامين نتنياهو، أكثر من كونها عملية عسكرية بحتة.
ووفقاً لدراغمة، فإن العملية الأخيرة في جنين يمكن وصفها بأنها "عملية سياسية بأدوات عسكرية"، حيث تم تنفيذها بشكل أساسي لتحقيق أهداف داخلية تتعلق ببقاء سموتريتش في الحكومة الائتلافية.
ويوضح دراغمة أنه بعد رفض سموتريش لصفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، حيث طلب من نتنياهو تنفيذ عمليات عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، خاصة في جنين، تحت ذريعة "تعزيز الأمن"، فوافق نتنياهو على هذا الطلب مقابل ضمان بقاء سموتريتش في الائتلاف الحكومي، ما يعني أن العملية كانت في جوهرها "عملية سموتريتش" وليس "الجدار الحديدي".
ويشير دراغمة إلى أن مثل هذه العمليات العسكرية، رغم قسوتها وتدميرها للبنية التحتية واستهدافها للمدنيين، لن تتمكن من القضاء على المقاومة الفلسطينية، فهذه العمليات قد توجه ضربات هنا أو هناك، وقد تضعف المقاومة لفترة زمنية محدودة، لكن إسرائيل لن تقضي عليها، والاحتلال الإسرائيلي يدرك هذا جيداً.
ويتوقع دراغمة أن نشهد عمليات عسكرية أخرى في مناطق أوسع، لكنها ستظل في النهاية ذات أهداف سياسية داخلية أكثر منها عسكرية.
ويلفت دراغمة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية منذ عام 2022، بدءاً من عملية "كاسر الأمواج"، مروراً بعملية "البيت والحديقة" في مخيم جنين، ثم عملية "المخيمات الصيفية"، وصولاً إلى عملية "الجدار الحديدي" الأخيرة، وبين هذه العمليات الكبرى، كانت هناك عمليات أصغر لم تحمل أسماء محددة، لكنها استهدفت مناطق مثل طوباس ومخيم الفارعة ومخيمات طولكرم ونور شمس، وفي كل مرة يتذرع الاحتلال بالذريعة نفسها، وهي "تعزيز الأمن"، لكن الهدف الحقيقي هو تدمير البنية التحتية وقتل المدنيين، في إطار حرب إبادة جماعية بدرجة أقل.
ويوضح دراغمة أن استقالات الجنرالات الإسرائيليين في هذه المرحلة لم تكن مفاجِئة، حيث أعلن المستوى العسكري الإسرائيلي تحمّله المسؤولية عن أحداث السابع من أكتوبر 2023 مباشرة بعد وقوعها.
ويشير إلى أن تأخر استقالات الجنرالات ربما كان بسبب استمرار الحرب لفترة طويلة، والآن جاء وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً، ما أتاح لهم الوقت الكافي للاستقالة واستبدالهم بقيادات جديدة، حيث أن هذه الاستقالات جاءت كاستجابة غير مباشرة لطلب المستوى السياسي الإسرائيلي، الذي يسعى إلى إعادة تشكيل القيادة العسكرية بما يتوافق مع سياسته الحالية في غزة والضفة الغربية.
ويتوقع أن تشهد الفترة المقبلة استقالات أخرى في صفوف القيادات العسكرية والأمنية الإسرائيلية، بمن في ذلك رئيس جهاز الشاباك، الذي يُقال إنه ينوي تقديم استقالته قريباً.
ووفقاً لدراغمة، فإن هذه الاستقالات ستكون بمثابة هدية للمستوى السياسي الإسرائيلي، خاصة لنتنياهو، الذي يحاول إلقاء المسؤولية الكاملة عن أحداث السابع من أكتوبر 2023 على الجيش والمؤسسة العسكرية، بدلاً من المستوى السياسي.
مخيم جنين ليس سوى البداية
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين يأتي في سياق استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى ضم الضفة الغربية نهائياً إلى دولة إسرائيل، وكذلك إنهاء قضية اللاجئين.
ويوضح موسى أن هذه الاستراتيجية تختلف جزئياً عن تلك المتبعة في هدم وتدمير قطاع غزة، حيث تعتمد إسرائيل في الضفة الغربية على تدمير المخيمات بشكل منهجي، بهدف إسقاط فكرة حق العودة وإنهاء أي رابط بين الفلسطينيين وأرضهم التاريخية.
ويشير موسى إلى أن وجود السلطة في الضفة الغربية، والتي تحظى باعتراف دولي، يجعل إسرائيل تتبع سياسة تدمير المخيمات بشكل تدريجي، بدلاً من الهدم الشامل كما حدث في غزة.
ويعتقد موسى أن هذه الاستراتيجية تشمل أيضاً استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بهدف تقويض أي أمل بعودة اللاجئين إلى ديارهم.
ويشير موسى إلى أن استهداف المخيمات الفلسطينية يعود إلى كونها تشكل حاضنة للمقاومة والثورة الفلسطينية وإنهاء أي أمل بتقرير المصير للشعب الفلسطيني.
ويلفت موسى إلى أن مخيم جنين ليس سوى البداية، متوقعاً أن تنتقل إسرائيل بعد الانتهاء منه إلى استهداف مخيمات أخرى في الضفة الغربية، بهدف تفريغها من محتواها النضالي وجعلها مناطق غير قابلة للحياة.
ويؤكد موسى أن الهدف النهائي هو إنهاء ملف اللاجئين في الضفة الغربية، وتحقيق الدولة اليهودية الخالية من أي وجود فلسطيني فاعل.
وفي ما يتعلق بالاستقالات الأخيرة للجنرالات الإسرائيليين، يوضح موسى أن هذه الخطوة تأتي في إطار محاولة هؤلاء العسكريين لتصدر المشهد السياسي في إسرائيل مستقبلاً، مشيراً إلى أنهم قد يشكلون معارضة جديدة تتفق مع الإدارة الأمريكية التي تسعى للسيطرة الكاملة على إدارة إسرائيل بعدما كادت الولايات المتحدة أن تفقد إدارة إسرائيل في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
ويتوقع موسى أن تدفع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترمب، نحو إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل بحلول يونيو/ حزيران 2025 على أبعد تقدير.
ويشير موسى إلى أن ما يجري في المخيمات، بما في ذلك مخيم جنين، هو جزء من محاولة حصد مزيد من الأصوات الانتخابية قبل هذه الانتخابات.
دلالات
الأكثر تعليقاً
الرئيس يهنئ ترامب لمناسبة أدائه اليمين الدستورية
بن غفير: نترقب عودة المزيد من المحتجزين بالقوة
أبو عبيدة: شعبنا قدم من أجل حريته تضحيات غير مسبوقة خلال 471 يوما
ترامب يلغي العقوبات على المستوطنين ويجمد المساعدات للفلسطينيين
نبكي جنين!
العَلْمانِيَّةُ في العالَمِ العَرَبِيِّ: أُفُقُ التَّجْدِيدِ أَمْ تَهْدِيدٌ لِلْهُوِيَّةِ؟
هيئة البث العبرية: حماس قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات
الأكثر قراءة
ترامب يقسم اليمين ليصبح الرئيس الأميركي 47، ويفتخر بصفقة غزة
شهيدان برصاص قناصة الاحتلال في رفح جنوب قطاع غزة
أبو عبيدة: شعبنا قدم من أجل حريته تضحيات غير مسبوقة خلال 471 يوما
النقد" تصدر تعليمات للمصارف للتعامل مع أقساط المقترضين المتراكمة خلال العدوان
إطلاق سراح أول دفعة من الفلسطينيين من سجون الاحتلال بموجب اتفاق وقف إطلاق النار
ترامب يلغي العقوبات على المستوطنين ويجمد المساعدات للفلسطينيين
هيئة البث العبرية: حماس قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات
أسعار العملات
الأربعاء 22 يناير 2025 9:11 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.55
شراء 3.54
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
يورو / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 477)
شارك برأيك
العدوان على مخيم جنين.. التهجير لمسح الشاهد الأخير على حق العودة