فلسطين
الأحد 19 يناير 2025 6:48 صباحًا - بتوقيت القدس
مدخل لتعميق الوحدة.. مخيم جنين.. أزمة حُلّت وثغرات أُغلقت
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د.د رفيق عوض: اتفاق مخيم جنين يجب أن يكون بداية لمرحلة من الاستعداد لمواجهة التحديات الكبيرة التي تتهدد الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية
د. عمار الدويك: ندعو لاتخاذ خطوات تعزز إنهاء الأزمة وتمنع تكرارها والتوقيع على ميثاق شرف يمنع الظهور العلني للسلاح خارج إطار أجهزة إنفاذ القانون
عدنان الصباح: حل الأزمة خطوة ضرورية خاصة في ظل الاستعدادات لاستقبال أسرى الصفقة.. والوحدة الوطنية يجب أن تكون حقيقة وليست شعاراً
د. تمارا حداد: الاتفاق يفتح آفاقاً لإنهاء الخلافات واستعادة الاستقرار وسيسهم في توحيد الحالة المجتمعية وحماية النسيج الاجتماعي داخل المخيم
فراس ياغي: التوافق في جنين بين قيادة السلطة ولجنة الإصلاح ومسؤولي الفصائل يشير إلى فهم عميق للمخططات الإسرائيلية التي تستهدف الضفة
د. سعد نمر: المطلوب الآن ليس فقط تعزيز الاتفاق الجزئي في مخيم جنين بل الذهاب نحو تفاهمات شاملة تشمل كل الوضع الفلسطيني
يأتي تنفيذ الاتفاق لإنهاء الأزمة في مخيم جنين في وقت حرج يتهدد فيه الخطر الضفة الغربية، وعلى وقع صفقة التبادل التي تتطلب موقفاً موحداً لاستقبال الأسرى، وتأتي هذه الخطوة في تهدئة الأوضاع لتضع الجميع أمام مسؤولية تعزيز الوحدة وبناء استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة التحديات الكبرى.
ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات ومسؤولون، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن هذا الاتفاق لحل أزمة مخيم جنين يأتي لقطع الطريق على المخططات الإسرائيلية التوسعية التي قد تتصاعد خلال المرحلة المقبلة، حيث يعمل الاحتلال على ضم أجزاء من الضفة الغربية وإضعاف السلطة الفلسطينية، كخطوة نحو إنهاء حل الدولتين بشكل نهائي، مؤكدين ضرورة أن يكون هذا الاتفاق بداية لمرحلة جديدة من الوحدة الوطنية ومواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي.
ويشدد الكتاب والمحللون وأساتذة الجامعات ومسؤولون على أن الحل المستدام للأزمة يتطلب خطوات عملية تشمل إعادة بناء الثقة بين المواطنين والسلطة، وتعزيز سيادة القانون، والاتفاق على ميثاق شرف ينظم العمل العسكري ومنع الظهور العلني بالسلاح، كما يشددون على أهمية العمل الجماعي لتجاوز الخلافات، بما يضمن تعزيز الوحدة الوطنية وحماية الحقوق الفلسطينية في وجه المخططات الإسرائيلية.
مرحلة جديدة من المواجهة بعد قصف الاحتلال المخيم مرتين
يرى الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض أن الاتفاق لإنهاء الأزمة في مخيم جنين في وقت تُقبل فيه الضفة الغربية على مرحلة خطيرة للغاية، مشيراً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تفجير الوضع في الضفة الغربية لتحقيق أهدافه التوسعية وإضعاف السلطة الفلسطينية تمهيداً لإنهاء حل الدولتين عملياً.
ويؤكد عوض أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وإضعاف السلطة الفلسطينية وتهميشها، كخطوة أولى نحو إنهاء حل الدولتين بشكل نهائي، كما أن إسرائيل تسعى إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وإسقاط فكرة حل الدولتين، مع فرض سيادتها الكاملة على كامل أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتحويل الشعب الفلسطيني من شعبٍ ذي هوية وطنية إلى مجرد جماعات أو أفراد متناثرة.
ويشير عوض إلى أن ما يجري في مخيم جنين هو جزء من هذه الاستراتيجية الخطيرة، مؤكداً أن التصعيد الإسرائيلي في المخيم له أبعادٌ متعددة، وأن الاحتلال قد دخل مرحلةً جديدة من المواجهة بعد قصفه المخيم مرتين، مما أدى إلى سقوط شهداء كثر.
ويوضح عوض أن الاحتلال يستغل أي فرصة لتأكيد روايته أمام العالم بأن الفلسطينيين غير ناضجين سياسياً، وغير قادرين على تشكيل دولة، وبالتالي تصويرهم كطرف إرهابي دائم.
ويحذر عوض من أن هناك مخططاً إسرائيلياً لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وشطب وكالة "الأونروا"، وإلغاء حق العودة، مؤكداً أن المخاطر كبيرة جداً، وأن الاحتلال يعمل على استغلال أي فرصة لفرض شروطه وتثبيت روايته، ولذا فإن الاتفاق لإنهاء الأزمة في مخيم جنين جاء لقطع الذرائع على الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأمن والمقاتلين في مخيم جنين لإنهاء الأزمة في المخيم، يؤكد عوض أن هذا الاتفاق يجب أن يكون بداية لمرحلة جديدة من التضامن والاستعداد لمواجهة التحديات الكبيرة التي تهدد الشعب الفلسطيني.
ويؤكد أن تعزيز هذا الاتفاق يتطلب إدراكاً من جميع الأطراف بأنهم جزءٌ من شعبٍ واحد، داعياً إلى توحيد الجهود بين فصائل المقاومة، والمجتمع المدني، والشخصيات الاعتبارية، والإعلام، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، لتشكيل جبهة ضخمة تضغط من أجل تثبيت الاتفاق ومنع أي محاولات لتقويضه، والوصول إلى حلٍ دائم يضمن وحدة الشعب الفلسطيني ويحفظ حقوقه الوطنية.
ويؤكد عوض أن التشويش الإسرائيلي على المشهد من خلال الهجمات العسكرية الجوية على مخيم جنين كان على حافة زيادة تعقيد الوضع وتعميق الفرقة بين الأطراف الفلسطينية، وهو ما وضع الجميع عند مسؤولياته.
ويدعو عوض إلى توفّر الإرادات الحقيقية لإنهاء هذا الوضع وعدم تكرار ما جرى، لأنه ليس فقط محرجاً، بل إنه يضر بمستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
مزيد من الخطوات من أجل حل الأزمة بشكل كامل
في الوقت الذي رحب فيه د. عمار الدويك، مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، بالتطورات الإيجابية الأخيرة التي ساهمت في تخفيف التوتر بشكل كبير وتمهد الطريق لإنهاء الأزمة في مخيم جنين، فإنه يؤكد أن هناك مزيد من الخطوات يجب اتخاذها من أجل حل الأزمة بشكل كامل، بما يؤدي الى فرض سيادة القانون داخل المخيم، ومنع تكرار الظواهر السلبية التي أدت إلى الاشتباكات وحالات الاصطفاف التي شهدناها خلال الفترة الماضية، وكذلك التوقيع على ميثاق شرف ينظم العمل العسكري في الضفة الغربية ويمنع الظهور العلني للسلاح خارج إطار أجهزة إنفاذ القانون.
ويوضح الدويك أن إنهاء الأزمة بشكل كامل يتطلب عدة خطوات عاجلة، أولاها الإفراج عن جميع الأشخاص الذين لم تثبت عليهم أي مخالفات قانونية، بمن في ذلك الموقوفون على ذمة محافظ جنين ومن صدرت بحقهم قرارات إفراج عن المحاكم، وكذلك إجراء تحقيقات دقيقة وشفافة في حالات القتل التي وقعت خلال الأزمة، مع ضرورة الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات وتعويض الضحايا بشكل عادل، كما أن هناك حاجة أيضاً للتحقيق في الشكاوى الأخرى التي تلقتها الهيئة، بما في ذلك شكاوى تتعلق بحرق المنازل وتدمير الممتلكات، وتعويض المتضررين.
ويشدد على أهمية قيام السلطة الفلسطينية بإعادة تقديم الخدمات بشكل فاعل داخل مخيم جنين، والعمل على إعادة الحياة الطبيعية بأسرع وقت ممكن مع الشروع في تطبيق المشاريع التي تحدث عنها رئيس الوزراء لجنين ومخيمها.
ويؤكد الدويك أن هذه الخطوات ضرورية لاستعادة الثقة بين المواطنين والمؤسسات الرسمية، ولضمان عدم تكرار الأزمات التي تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والمعيشي داخل المخيمات.
ويدعو الدويك جميع الفصائل والقوى الفلسطينية إلى التوافق على ميثاق شرف ينظم شكل العمل العسكري في الضفة الغربية، بحيث لا تكون هناك تشكيلات عسكرية علنية داخل المدن الفلسطينية والمخيمات، وان يكون السلاح العلني والظاهر هو فقط سلاح أجهزة انفاذ القانون بالزي الرسمي.
ويؤكد الدويك أن وجود مثل هذه التشكيلات يخلق توتراً داخلياً كبيراً، ويسمح لأشخاص خارجين عن القانون بالانخراط في هذه التشكيلات، كما يوفر مبرراً للاحتلال الإسرائيلي لتدخل عسكري في المدن الفلسطينية وتدمير البنى التحتية.
ويوضح الدويك أن الجهود المبذولة لحل الأزمة كانت متواصلة منذ اليوم الأول، حيث ساهم الجميع بطرق مختلفة في تخفيف التوتر.
ويعتقد الدويك أن طول أمد الأزمة، التي استمرت 43 يوماً، إضافة إلى تدخل الاحتلال الإسرائيلي بقصف مخيم جنين وقتل النشطاء والمقاومين، دفعا جميع الأطراف إلى التسريع في قبول الحلول التي كانت مطروحة منذ فترة.
ويؤكد الدويك أن هذه التطورات يجب أن تؤسس لمرحلة جديدة تخلو من التوتر الداخلي، وتُبنى على علاقات واضحة بين جميع الأطراف، مع مراعاة الظروف السياسية والقانون الفلسطيني والمصالح الوطنية العليا، داعياً إلى تعزيز هذه الخطوات الإيجابية، بما يضمن عدم تكرار الأزمات الداخلية، ويعيد التركيز على مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي.
إنهاء الخلافات وتوحيد الطاقات ضرورة كفاحية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن إنهاء الخلافات وتوحيد الجهود والطاقات الفلسطينية هي ضرورة كفاحية من الطراز الأول، ولا يمكن تأجيلها أو التفكير فيها كخيار ثانوي، لذا فإن الاتفاق في مخيم جنين ضرورة ملحة.
ويشدد الصباح على أن الوحدة الوطنية يجب أن تكون حقيقة قائمة على أرض الواقع، وليس مجرد شعار يُرفع في الخطابات السياسية.
ويشير الصباح إلى أن المعادلة الخاطئة التي يعيشها الشعب الفلسطيني اليوم هي وجود خلافات وصراعات وجهود مبعثرة، حيث "كل يغني على ليلاه"، في حين أن المفترض أن يكون الجميع قانعين بأن هذا الوطن يُبنى بالجهود المشتركة.
ويقول الصباح: "لا يمكن لوطن أن يحيى على قاعدة (أنا أو أنت)، الوطن هو الكل، والكل هو الوطن. لا يوجد وطن دون شعبه، ودون كل ألوانه ومقوماته ومكوناته".
ويعتبر الصباح أن الوحدة الوطنية والقيادة الموحدة والبرنامج الوطني الفلسطيني الواحد هي الأساس الذي لا يمكن التقدم بدونه، حيث أنه لا يمكن لأحد أن ينتصر دون الآخر، قائلاً: "إما أن ننتصر معاً، أو لا ننتصر أبداً. لا يوجد نصر يحققه ابن البلد على ابن البلد، الناس ينتصرون على الأعداء، ولا يمكن لأحد أن ينتصر على الأعداء إذا كان ظهره ليس معه، أو إذا لم يكن هناك من يسنده أو يقف إلى جانبه".
ويشدد الصباح على أنه إذا لم يكن الفلسطينيون "كتفاً إلى كتف وظهراً إلى ظهر"، فلن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم الوطنية وطموحاتهم.
ويؤكد الصباح أن الوصول إلى حل الأزمة في مخيم جنين كان خطوة ضرورية، خاصة في ظل الاستعدادات لاستقبال الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم في الصفقة القادمة مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويشير الصباح إلى أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بدأ يتنفس الصعداء بعد الإعلان عن توصل لاتفاق تتوقف فيها الحرب، مؤكداً أن ما حدث في الماضي يجب أن يبقى في الماضي، وأن التركيز الآن يجب أن يكون على تصحيح المسار.
ويقول: "ما كان كان، لكن كل ما يجري الآن هو تصحيح للحال. الوضع يسير في اتجاهه الصحيح، وتوقف الحال الذي لم يكن من الممكن أن يستمر. الحالة الطبيعية هي حالة التوافق والاتفاق".
ويؤكد الصباح أن الوحدة الوطنية ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة وجودية للشعب الفلسطيني، داعياً إلى تعزيز الجهود المشتركة وبناء استراتيجية موحدة لمواجهة التحديات المقبلة، معتبراً أن ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق النصر والحرية للشعب الفلسطيني.
إنهاء حالة التسلح العلني لسحب الذرائع من الاحتلال
تؤكد الكاتبة والباحثة السياسية الدكتورة تمارا حداد أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مخيم جنين يعد خطوة إيجابية نحو إنهاء الخلافات الداخلية، وتهدئة الوضع في المخيم، واستعادة الأمن والاستقرار.
وتشير حداد إلى أن هذا الاتفاق سيسهم في توحيد الحالة المجتمعية وحماية النسيج الاجتماعي داخل المخيم، الذي عانى لفترة طويلة من التوترات والاشتباكات.
وتشدد على ضرورة أن يترابط مخيم جنين مع المحافظات الأخرى، خاصة أن السلطة هي المسؤولة عن إدارة الضفة الغربية، بما في ذلك المخيمات، مؤكدة أن دور السلطة يتمثل في حماية المواطنين داخل مخيم جنين، وفرض الأمن والنظام، واستعادة الاستقرار، محذرة من أن وجود مجموعات مسلحة خارج إطار القانون يضعف السلم الأهلي والوحدة الداخلية الفلسطينية، ويؤثر سلباً على النسيج المجتمعي وطبيعة العلاقة بين المواطنين والسلطة.
وتشدد حداد على أن استمرار وجود مثل هذه المجموعات يؤدي إلى فقدان الثقة بين المواطن والسلطة، وهو أمر يجب تجنبه، خاصة أن السلطة هي النواة الأساسية للدولة الفلسطينية المستقبلية.
وتشير إلى أن الاتفاق بين السلطة وشباب مخيم جنين سيسهم في حماية المخيم من خلال إدخال طواقم الدفاع المدني لإزالة العبوات الناسفة التي تشكل خطراً على حياة المواطنين، كما سيعمل الاتفاق على تأمين المخيم بإدخال فرق الأشغال وطواقم شركات الكهرباء والمياه والاتصالات لإعادة ترميم البنية التحتية وتعبيد الشوارع، مما يهيئ المخيم ليكون مكاناً صالحاً للحياة بشكل أفضل.
وتشدد حداد حداد على أن القضاء هو الجهة الوحيدة التي يجب أن تفصل في المخالفات القانونية، وأنه من الضروري إنهاء حالة التسلح العلني التي تخلق ذريعة للاحتلال الإسرائيلي لإعادة الصراع في الضفة الغربية وتدميرها، كما حدث في قطاع غزة.
وتؤكد أن الشعب الفلسطيني يجب أن يكون في منأى عن هذا التدمير والحصار، وأن السلطة لها دور رئيسي في حماية صمود المواطنين ومنع حدوث أي أضرار كارثية.
وتدعو حداد إلى تأسيس لجان مشتركة بين السلطة ومخيم جنين لتعزيز الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية، موضحة أن هذه اللجان يجب أن تضم شخصيات اعتبارية من داخل المخيم، وأن تكون مهمتها إدارة الأوضاع وتلقي طلبات الأهالي وتنسيقها مع السلطة، بالإضافة إلى تسوية أوضاع المطلوبين أمنيًا للسلطة ممن عليهم مخالفات قانونية وحماية السلم الأهلي.
وتشدد حداد على أهمية الحفاظ على رمزية مخيم جنين كقضية جامعة للاجئين، وحمايته من أي محاولات لتدميره من قبل الاحتلال الإسرائيلي، داعية إلى تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية والاقتصادية داخل المخيم، وتحسين البنية التحتية لضمان استقرار الحياة العامة.
وتشدد حداد على دور مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني ووكالة الغوث "الأونروا" في تعزيز الهدوء ودعم صمود المواطنين على أرضهم.
وتؤكد حداد أن هذا الاتفاق يجب أن يكون بداية لمرحلة جديدة من التعاون والثقة بين جميع الأطراف، بما يضمن استقرار المخيم وحماية حقوق المواطنين.
حينما تم إعمال لغة الحوار تم إبرام الاتفاق
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه جاء بعد تدخل شخصيات فلسطينية وعشائرية وجهات إصلاحية وبعدما أخفقت كل الجهود السابقة، لكن حينما تم إعمال لغة الحوار تم إبرام الاتفاق.
ويشير ياغي إلى أن الاتفاق جاء في محاولة لوقف الأحداث التي استمرت أكثر من 46 يوماً في مخيم جنين، حيث تم التوافق على ضوابط وثوابت عبر لجنة الإصلاح الفصائلية والعشائرية تهدف إلى تحقيق حلول تتفق مع رؤية السلطة الفلسطينية وتوجهات مقاومة الاحتلال بالمفهوم العام، مع الحفاظ على حقن الدماء الفلسطينية.
ويوضح أن الاتفاق ينص على أن تكون السلطة هي الجهة صاحبة السيادة على مخيم جنين، حيث سيتم تطبيق القوانين من حيث "القانون الواحد، والسلطة الواحدة، والشرعية الواحدة"، كما سيتم نشر الشرطة الفلسطينية في المخيم، على أن لا تتم ملاحقة المطلوبين للاحتلال الإسرائيلي أو اعتقالهم، وفي المقابل، سيتم منع المظاهر المسلحة داخل المخيم.
ويشير ياغي إلى أن هذا الاتفاق يأتي في سياق تطورات مماثلة في قطاع غزة، حيث بدأت تتبلور اتفاقات قد تؤدي إلى إنهاء الحرب والإبادة في القطاع، وهو ما قد ينعكس إيجاباً على الضفة الغربية.
ويحذر ياغي من أن المشهد القادم في الضفة قد يشهد افتعالاً لأزمات من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف والمستوطنين، مما يتطلب تضافر الجهود الفلسطينية لمواجهة هذه المخططات.
ويعتبر ياغي أن التوافق بين قيادة السلطة الوطنية ولجنة الإصلاح العشائرية ومسؤولي الفصائل الفلسطينية في جنين يشير إلى فهم عميق للمخططات الإسرائيلية المستقبلية، التي تهدف إلى تقويض كل شيء فلسطيني في الضفة الغربية.
ويؤكد أهمية التوافق الذي تم عبر تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤولين عن قتل المدنيين في مخيم جنين، مؤكداً أن إراقة الدماء الفلسطينية ليست في مصلحة أي طرف، وأن اللغة الوحيدة التي يجب أن تسود هي لغة الحوار.
ويؤكد ياغي أن تعزيز هذا الاتفاق يتطلب وحدة وطنية فلسطينية شاملة، تشمل منظمة التحرير، وحركتي حماس، الجهاد الإسلامي، والفصائل الأُخرى، بحيث يتم العمل ضمن إطار منظمة التحرير وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
ويؤكد ياغي أن منظمة التحرير يجب أن تكون منظمة تشاركية، لا يسيطر عليها فصيل واحد، بل يجب أن تكون هناك قيادة جماعية تعمل على تنفيذ برنامج سياسي مستند إلى قرارات الشرعية الدولية، كما يجب أن يكون هناك إجماع وطني فلسطيني حول كيفية التعامل مع المخططات الإسرائيلية القادمة، سواء إذا كان ذلك من خلال التعاطي معها بما بصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية في الحرية والاستقلال وليس وفق مفاهيم تقليص وتخفيض حدة الصراع، كما طرحها سابقا نفتالي بينيت وتؤيدها الإدارة الأمريكية، حيث من المتوقع له أن يصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم إذا ما انهارت حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو.
ويتطرق ياغي إلى الوضع الإسرائيلي الداخلي، حيث يشير إلى الانقسامات الحادة داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة بين مؤيدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أي في داخل كتلة اليمين نفسها وليس فقط مع معارضيه، مؤكداً أن هذه الانقسامات تعكس فشل الرؤية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها، سواء في غزة أو الضفة الغربية، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي عليه ان لا يتعاطى مع الرؤية الإسرائيلية الحالية التي تؤجج الصراع، بل عليه فرض قرارات الشرعية الدولية على إسرائيل وإلزامها بتطبيقها.
وفيما يتعلق بالوضع الفلسطيني، يدعو ياغي إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية لتجديد الشرعية الفلسطينية، مؤكداً أن الإرادة الحقيقية هي للشعب الفلسطيني، الذي يجب أن يكون له الدور الأساسي في تقرير مصيره، ومشدداً في الوقت ذاته على ضرورة أن تبدأ السلطة الفلسطينية بالتحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية، مع الضغط على المجتمع الدولي لضمان إجرائها بحيث تشمل كل الجغرافيا الفلسطينية في الأرض التي احتلت عام 1967.
ويشير ياغي إلى أن الحلول النهائية للقضية الفلسطينية تبقى صعبة في ظل الوضع الحالي، لكنه يؤكد أن الحوار لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية من أهم العناصر التي ستدفع المجتمع الدولي للعمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية.
خطوة مهمة نحو إنهاء الخلافات الداخلية
يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د. سعد نمر أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يمثل خطوة مهمة نحو إنهاء الخلافات الداخلية، خاصة في ظل توقف الحرب على قطاع غزة، مشيراً إلى أن السلطة تسعى الآن إلى المشاركة في إدارة قطاع غزة، لكن هذه المشاركة لن تتم دون موافقة القوى الوطنية والمقاومة في القطاع، وعلى رأسها حركة حماس.
ويعتبر نمر أن هذا الوضع سيضطر السلطة وحركة فتح إلى الذهاب باتجاه حل الخلافات الداخلية، معرباً عن أمله في أن يتم ذلك قريباً.
ويؤكد نمر ضرورة أن يكون هناك ضغط شعبي على جميع الأطراف للدخول في اتفاقات تهدف إلى إنهاء مرحلة الانقسام وفتح صفحة جديدة، خاصة في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة ليس فقط على غزة، بل أيضاً على الضفة الغربية.
ويؤكد نمر أن المطلوب الآن ليس فقط تعزيز الاتفاق الجزئي في جنين، بل الذهاب نحو تفاهمات شاملة تشمل كل الوضع الفلسطيني، مشيراً إلى أن التفرد الحالي في صنع القرار لا يساعد في مواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة.
ويدعو نمر إلى التوجه نحو وحدة وطنية حقيقية، معتبراً أن ذلك سينهي الصراعات الثانوية والجانبية وسيؤسس لمرحلة جديدة يتم فيها وضع استراتيجيات واضحة لتحقيق الأهداف الفلسطينية.
ويؤكد نمر أن تجميع كل القوى الفلسطينية تحت مظلة واحدة هو أمر بالغ الأهمية، مشيراً إلى أن الموضوع ليس مجرد تقاسم وظيفي بين الضفة وغزة او بين فصيل أو آخر، بل هو موضوع استراتيجي يتعلق بكيفية مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
ويشير إلى أن الفلسطينيين لم يقوموا بمراجعة حقيقية لطبيعة استراتيجياتهم منذ اتفاق أوسلو، مؤكداً أن أوسلو فشل بشكل كبير بسبب إفشال إسرائيل له، موضحاً أن إسرائيل لا تريد إقامة دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال، مما يتطلب من الفلسطينيين إعادة ترتيب بيتهم الداخلي ووضع استراتيجيات واضحة للتعامل مع المرحلة المقبلة.
ويؤكد نمر أن المرحلة المقبلة تتطلب وضع استراتيجية فلسطينية واضحة للتعامل مع التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية، معتبراً أن ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية.
دلالات
تخلق ذريعة للاحتلال قبل حوالي 6 ساعة
إرهاب العدو لا يحتاج إلى ذريعة، فهو يردد بصراحة "الموت للعرب"، وينفذ وعيده أمام أنظار البشر، ويختلق أي ذريعة ليرتكب ما يشاء من جرائم حرب، في فلسطين وخارج فلسطين، وداعموه يصدقون أكاذيبه وحججه
الأكثر تعليقاً
قائمة بأسماء الأسرى المشمولين بصفقة التبادل
دروس "الطوفان" وارتداداته(3) انكشاف "الدولة" العربية
محاضرة في النمسا تثير تساؤلات: لماذا يسرق الاسرائيليون تراث الفلسطينيين؟
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
مصطفى: غزة تحتاج إلى حكومة قادرة على مداواة جراح شعبنا وإعادة توحيدها
خلال 15 شهراً من الإبادة.. حسابات الربح والخسارة
نتنياهو: "حماس" تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة
الأكثر قراءة
مصر تنسق لفتح معبر رفح وتنفيذ اتفاق يهدف لتحسين الأوضاع في غزة
سكان غزة يحتفلون بأنباء اتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى
"رويترز" تنشر أجزاءً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
مصادر لـ “القدس”: الإفراج عن خمس قيادات بينهم مروان البرغوثي خلال المرحلة الثانية
مصادر: إطلاق 1740 أسيرا خلال المرحلة الأولى للصفقة
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
قائمة بأسماء الأسرى المشمولين بصفقة التبادل
أسعار العملات
الأحد 19 يناير 2025 8:46 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.59
شراء 3.58
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.71
شراء 3.7
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 448)
شارك برأيك
مدخل لتعميق الوحدة.. مخيم جنين.. أزمة حُلّت وثغرات أُغلقت