Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الخميس 16 يناير 2025 9:05 صباحًا - بتوقيت القدس

تصاعد في جرائم المستوطنين بالضفة.. أحزمة استيطانية لمحاصرة التجمعات البدوية

القدس- خاص بـ"القدس" دوت كوم


البروفيسور جمال حرفوش: مخطط إسرائيلي ممنهج لإخلاء الأرض الفلسطينية من أصحابها وتنفيذ تهجير قسري على مراحل

ثائر حنني: اعتداءات المستوطنين وانتهاكاتهم بلغت ذروتها في استهداف الأراضي الزراعية والمناطق الرعوية

فخري أبو دياب: الاحتلال يسعى إلى تفريغ التجمعات البدوية التي تُعد البوابة الشرقية للقدس وتعزيز المستوطنات

بسام بحر: استهداف التجمعات البدوية بإنشاء "أحزمة استيطانية" يهدف لمنع أي توسع فلسطيني مستقبلي

أبو عماد الجهالين: بعد إعادة بناء ما يهدمه الاحتلال لجأ منذ بداية العدوان على غزة إلى سياسة الاستيطان الرعوي

أسيل مليحات: اعتداءات المستوطنين على التجمعات البدوية والقرى ليست عشوائية بل جزء من مخطط للتهجير القسري

 

تواصل ميليشيات المستوطنين المسلحة اعتداءاتها في الضفة الغربية، والتي بلغت ذروتها في استهداف الأراضي الزراعية والتجمعات البدوية، وذلك بحماية وإسناد من قوات الاحتلال، وبإشراف مباشر من الوزيرين الإسرائيليين المتطرفَين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ضمن مخطط ممنهج لإخلاء الأرض الفلسطينية من أصحابها وتنفيذ تهجير قسري على مراحل.


ويرى كتاب ومحللون في أحاديث لـ"ے" أن هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى جريمة "التطهير العرقي"، وتندرج في إطار الضم التدريجي المتواصل للضفة الغربية المحتلة ومحاولات تفريغها من سكانها وأصحابها الأصليين، وفي المقابل تعزيز الاستيطان والسيطرة على المزيد من الثروات الطبيعية لدولة فلسطين، وبالتالي تقويض أي إمكانية لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض بعاصمتها القدس الشرقية.


وأكدوا ضرورة متابعة هذه الجرائم المركّبة التي يحاسب عليها القانون الدولي، مشيرين إلى أن كل ما صدر عن المجتمع الدولي أو الدول من قرارات أو عقوبات بشأن الاستيطان الاستعماري والمستعمرين الذين يرتكبون الجرائم بحق المواطنين وأراضيهم وأملاكهم لا ترتقي إلى مستوى جريمة "التطهير العرقي"، مطالبين بعقوبات دولية رادعة على المستوطنين المستعمرين وميلشياتهم المسلحة، وكذلك على الوزراء والمسؤولين في حكومة الاحتلال الذين يوفرون لهم الحماية والدعم والتمويل والإسناد.

 

جرائم تندرج ضمن إطار "التطهير العرقي"

 

أكد البروفيسور جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسة في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث، أن "تزايد اعتداءات المستوطنين في مناطق متعددة، وبوتيرة متسارعة، يمثل جزءاً من مخطط ممنهج يستهدف إخلاء الأرض الفلسطينية من سكانها الشرعيين، لا سيما في القرى والتجمعات البدوية التي تُعتبر خط الدفاع الأول عن الأرض".


وأكد أن "هذه السياسة تُجسد نية الاحتلال تنفيذ تهجير قسري على مراحل، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وتحديداً المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل القسري للسكان تحت أي ذريعة".


وأشار حرفوش إلى أن ما نشهده ليس سوى محاولات لإحكام السيطرة على الأراضي عبر أدوات متعددة، مثل: إنشاء البؤر الاستيطانية، وتدمير سبل عيش السكان، وفرض ظروف معيشية قاهرة تدفعهم إلى الرحيل.


وقال إن "هذه الجرائم تندرج ضمن إطار "التطهير العرقي"، الذي يُعد جريمة ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية".


وبخصوص مواجهة سيناريو اعتداءات المستوطنين في القرى والتجمعات البدوية، أكد حرفوش أن "مواجهة هذا السيناريو تتطلب استراتيجية متكاملة على المستويات الشعبية، القانونية، والإعلامية، كمايلي:

على المستوى الشعبي: تعزيز صمود التجمعات البدوية عبر مبادرات وطنية توفر الدعم المباشر، مثل: تحسين البنية التحتية، وتقديم الخدمات الأساسية، وتأمين سبل العيش. يجب أن تكون هناك حملات شعبية تحث الأهالي على التمسك بأرضهم مهما كانت الظروف.


وعلى المستوى القانوني: توثيق كل انتهاك يتم بحق التجمعات البدوية بشكل مهني ودقيق، بما يشمل الصور والشهادات والتقارير. وإن هذه الوثائق تُعد أسلحة قانونية تُستخدم لتقديم شكاوى أمام المحاكم الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.


مطالبة المجتمع الدولي، عبر القنوات الدبلوماسية، باتخاذ خطوات عملية للضغط على إسرائيل لوقف هذه الممارسات التي تنتهك القانون الدولي.


وعلى المستوى الإعلامي: فضح جرائم الاحتلال والمستوطنين في وسائل الإعلام المحلية والدولية، مع التركيز على سرد قصص إنسانية تسلط الضوء على معاناة العائلات المتضررة.


إطلاق حملات توعية عالمية تشرح مدى فداحة الانتهاكات التي تُرتكب بحق التجمعات البدوية وتأثيرها على النسيج الفلسطيني.


التعاون مع المنظمات الدولية: الاستفادة من دعم المنظمات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة مثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) لتوفير الحماية الفورية للسكان.


حث محكمة الجنايات الدولية على فتح تحقيق عاجل في هذه الانتهاكات باعتبارها جرائم حرب.


وأكد حرفوش في ختام حديثه لـ"ے"  أن "التمسك بالأرض والحقوق لا يقتصر على أهل التجمعات البدوية فحسب، بل هو مسؤولية وطنية ودولية تتطلب وحدة الصف الفلسطيني ودعماً شاملاً من كل القوى الحية في العالم".

 

انتهاكات ومضايقات مستمرة

 

ويرى ثائر محمد حامد حنني، منسق الحملة الشعبية للدفاع عن خربة طانا وعضو لجنة التنسيق الفصائلي في بيت فوريك بمحافظة نابلس نابلس أن اعتداءات المستوطنين بلغت ذروتها في استهداف الأراضي الزراعية والمناطق الرعوية.


وقال على سبيل المثال، قام الاحتلال بزراعة المستوطن الرعوي الملقب "كوبي" في أراضي خربة طانا عام 2014، وبدأ هذا المستوطن بمضايقة سكان الخربة الواقعة شرق بيت فوريك، حيث عمل على حصر وتقليص مناطق الرعي، وسرقة وتسميم الأغنام.

وأضاف: وقد أدى ذلك إلى تناقص عدد سكان الخربة من أربعين عائلة كانت تعتمد على الماشية والرعي في عام 2014، إلى ثلاثين عائلة عام 2017، ثم إلى عشرين عائلة فقط بحلول عام 2020.


وأكد حنني أنه بعد السابع من أكتوبر 2023، صعّد المستوطن الرعوي اعتداءاته، إذ قام بهدم الكهوف والخيام، واعتدى بالضرب المبرح على السكان، وأطلق الرصاص الحي عليهم، مما أجبرهم على النزوح.


وتابع يقول: ومع ذلك، وبفضل نشاطات اللجنة الشعبية للدفاع عن خربة طانا وتجييش الجماهير، تجمّع الآلاف من المواطنين وأقاموا الصلاة على الخندق الذي حفره المستوطن "كوبي"، الذي يفصل بيت فوريك عن خربة طانا.


وأكد أن هذه الضغوط أجبرت حكومة الاحتلال على فتح الطريق المؤدي إلى الخربة، ما مكّن عشر عائلات من العودة إليها.


لكنه أشار إلى أن هذه العائلات واجهت استفزازات ومضايقات مستمرة، حيث سيطر المستوطن "كوبي" على منابع المياه، ما حرم السكان من سقي مواشيهم. كما واصل اعتداءاته على المدرسة والمسجد في المنطقة، إذ سرق ألواح الطاقة الشمسية، والثلاجة، وخزان المياه المخصص للوضوء، إضافة إلى تدمير المدرسة بالكامل.


وذكر حنني أنه وفي تصعيد خطير، هاجم "كوبي" من تبقى من السكان بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز، ما أدى إلى طردهم كلياً من الخربة بتاريخ 5-1-2025.


وأشار إلى أن خربة طانا تشكل نصف مساحة بيت فوريك، التي تبلغ 36 ألف دونم، وكانت تُعد السلة الغذائية لبيت فوريك ومحافظة نابلس.


وقال إنه في عام 2020، وفي ظل المخاطر التي تواجهها خربة طانا، تم تشكيل اللجنة الشعبية للدفاع عن الخربة. وقامت اللجنة بإحياء الصلاة في مسجد الخربة، وغرس أشجار عن أرواح الشهداء، حيث تم غرس عشرات الأشجار الكبيرة التي تحمل أسماء شهداء البلدة. كما عملت اللجنة على مساندة السكان والتصدي لاعتداءات المستوطنين، بما في ذلك الاشتباك بالأيدي معهم أحياناً.


وأكد حنني أن جهود اللجنة الشعبية أسهمت في تأخير المشاريع الاستيطانية، ما يُبرز أهمية العمل الشعبي في مواجهة الاستيطان.


لكنه أضاف أن هذه النشاطات تحتاج إلى دعم سياسي واسع من قبل الحكومة الفلسطينية، وبذل كل الجهود الممكنة مهما بلغت التضحيات، بهدف وقف المشروع الاستيطاني الذي يستهدف المراعي والأراضي الزراعية.


وأكد حنني أن خسارة هذه الأراضي تدفع السكان إلى الهجرة الطوعية إلى الدول العربية المجاورة، وهو ما يستدعي تحركاً جاداً للحفاظ على صمود الشعب الفلسطيني على أرضه.

 

ازدياد وتيرة هجمات المستوطنين

 

وأكد الباحث في الشؤون الفلسطينية فخري أبو دياب أن وتيرة هجمات المستوطنين ازدادت، خصوصاً في المناطق المصنفة (ج)، وتحديداً في مناطق التجمعات البدوية.


وأشار إلى أن هذه التجمعات تشكل البوابة الشرقية لمدينة القدس، لافتاً إلى أن الاحتلال يعمل على توسيع مدينة القدس فيما يسمى "القدس الكبرى"، التي وفق مخططاته ستشمل 10% من مساحة الضفة الغربية.


وأكد أن الاحتلال يسعى إلى تعزيز المستوطنات في تلك المنطقة لخلق تواصل جغرافي بينها، ما يقطع الطريق أمام أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية.

وأوضح أن الاحتلال يركز على فصل الجزء الشمالي من الضفة الغربية عن الجزء الجنوبي من خلال إقامة حزام أو جدار من المستوطنات في المنطقة الواقعة بين القدس من الشرق والأغوار ومنطقة أريحا.


وقال أبو دياب: إن الاحتلال يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في تلك المناطق لصالح المستوطنين وإبعاد التجمعات البدوية التي تتواجد في المناطق الأغنى بالثروات المائية والحيوانية.


وأضاف: هذا جزء من سياسة الاحتلال لخنق الاقتصاد الفلسطيني وإضعافه.


وبيّن أن من مخططات الاحتلال الحالية، التي تديرها ما يسمى "الإدارة المدنية" والجهات الاستيطانية، إبعاد وتفريغ التجمعات البدوية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتجزئة المناطق الفلسطينية، لافتاً إلى أن هدف الاحتلال هو القضاء على أي إمكانية مستقبلية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

 

تنفيذ عمليات ضم خفية

 

وكشف أبو دياب أنه في الوقت الحالي ينفذ الاحتلال عمليات ضم خفية من خلال السيطرة على الأراضي وترحيل السكان، حيث يعتبر وجود هذه التجمعات البدوية عائقاً أمام مشاريعه التوسعية، بما في ذلك توسعة مستوطنات مثل "معاليه أدوميم" و"كيدار".


وأشار إلى ازدياد شهية الاحتلال مع اقتراب تولي إدارة أمريكية جديدة برئاسة ترمب، الذي يُتوقع دعمه مخططات الضم والتوسع. وقال: بالرغم من معارضة المجتمع الدولي، فإنه قد يبقى عاجزاً دون تدخل الولايات المتحدة، التي إما ستدعم المخططات الإسرائيلية أو على الأقل ستغض الطرف عنها، خصوصاً فيما يتعلق بنشاطات المستوطنين.


ورأى أبو دياب أنه لمواجهة هذا السيناريو، يجب التركيز على تعزيز صمود الأهالي من خلال تمكينهم اقتصادياً واجتماعياً ودعمهم للبقاء في أراضيهم والاستثمار في التجمعات البدوية عبر إقامة مشاريع تنموية تسهم في استقرارهم وتحد من الهجرة القسري ووضع خطط استراتيجية لتمكينهم وتعزيز صمودهم على أرضهم.

 

الاحتلال يسعى لإجبار الفلسطينيين على التهجير

 

ويرى المحامي بسام بحر، المختص بشؤون الاستيطان، أنه في الفترة الأخيرة، وبالأخص خلال العام الماضي مع اندلاع الحرب في غزة، شهدت مناطق الضفة الغربية تصعيداً يومياً في اعتداءات المستوطنين، التي أصبحت تتسارع بشكل ملحوظ.


وأشار إلى أن هذه الاعتداءات تهدف إلى توسيع السيطرة وفرض الأمر الواقع على الأرض، وذلك عبر إقامة الكرفانات، والحفريات، وزراعة الأراضي، وبناء المنشآت، لتفريغ الأراضي الفلسطينية وضمان عدم إدراجها في أي مفاوضات مستقبلية.


وأوضح أن المستوطنين يستهدفون التجمعات البدوية والمناطق السكانية في الضفة الغربية عبر إنشاء "أحزمة استيطانية".


وقال: إن هذه المستوطنات تعيق التوسع العمراني للقرى والمدن الفلسطينية، سواء في القدس الشرقية، أو رام الله، أو بيت لحم، أو الخليل، أو غيرها.


وأكد بحر أن الاحتلال لا يترك تلة أو منطقة في الضفة إلا ويقيم عليها خيمة أو كرفاناً، بهدف منع أي توسع فلسطيني مستقبلي.

وذكر أن هذا الاستهداف يمتد إلى مهاجمة المزارعين والمدارس والمنازل وحرق الأراضي الزراعية والمحاصيل، في إطار سياسة ممنهجة ومدروسة لإجبار الفلسطينيين على التهجير القسري أو الاختياري.

 

توزيع أدوار بين الجيش والمستوطنين

 

وأضاف المحامي بحر أن المستوطنين يحصلون على دعم كامل وتسليح من الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في الضفة الغربية، لمواجهة السكان الفلسطينيين وتهديدهم.


وأوضح إن هذه الممارسات تُنفذ بشكل منظم، حيث يتم توزيع الأدوار بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي، لضمان السيطرة على الأراضي وتنفيذ مخططات الضم الفعلي على أرض الواقع.

 

تعزيز الوحدة ووضع استراتيجيات لمواجهة مخططات الاحتلال

 

وفي ختام حديثه، أكد المحامي بسام بحر أن مواجهة هذا الواقع تتطلب تحركاً فلسطينياً جماهيرياً موحداً على الأرض، إلى جانب تفعيل المقاومة الشعبية السلمية.

كما دعا إلى تعزيز الوحدة الوطنية ووضع استراتيجيات وطنية لمواجهة مخططات الاحتلال، التي تهدف إلى القضاء على أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقبلية.

 

التجمعات البدوية بمحافظة القدس صامدة

 

من جانبه، قال أبو عماد الجهالين، رئيس لجنة تجمعات أبو النوار البدوية، إنه بعد عمليات هدم الاحتلال للتجمعات البدوية على مستوى الضفة الغربية ومحافظة القدس خاصة، واستمرار أهالي التجمعات في إفشال هذه العمليات من خلال إعادة بناء كل ما يُهدم من قبل الاحتلال، لجأ الأخير منذ بداية العدوان على قطاع غزة إلى سياسة الاستيطان الرعوي.


وأضاف: لقد انتشرت العشرات من البؤر الاستيطانية، خصوصاً في المناطق الشرقية لرام الله ونابلس، ما أدى إلى تهجير عشرات التجمعات في المنطقة الشمالية.

وأضاف الجهالين: اليوم في محافظة القدس، وتحديداً في السفوح الشرقية للمدينة، تنتشر العديد من البؤر الاستيطانية، مثل "بوعز" في برية السواحرة في منطقة المنطار، و"بوعز" قرب الخان الأحمر. 


وتابع: تم أيضاً إنشاء نقطة استيطانية جديدة فوق تجمع الخان الأحمر، لا تبعد سوى 20 متراً عن مدرسة الخان الأحمر، ونقطة أخرى في منطقة الشميس، تبعد نحو 50 متراً عن تجمع وادي صعب.


وأكد الجهالين أن هذه البؤر تهدف إلى تهجير التجمعات البدوية عبر إطلاق العنان لقطعان المستوطنين للاعتداء على المواطنين وتهجيرهم بالقوة.


لكنه أشار إلى أنه بفضل إرادة وصمود المواطنين في هذه التجمعات، لم تُمرر نكبة جديدة بحق عرب الجهالين والتجمعات البدوية.


وقال ان هذه التجمعات ما زالت تواجه المستوطن، وتتصدى لهم، وهي صامدة في محافظة القدس. على سبيل المثال، في تجمع بير المسكوب، تمكنّا من استعادة السيطرة عليه بعد أن استولى عليه المستوطنون في 7 مايو/ أيار 2024 ومكثوا فيه ثلاثة أيام. استصدرنا قرارات من محاكم الاحتلال بإخلائهم.


وأنهى أبو عماد الجهالين حديثه لـ"ے" بالقول: "اليوم هو عامر بأهله، حيث نجحنا في إعادة العائلات وتأهيل البيوت، والسكان موجودون هناك حتى الآن".

 

تهديد وجودي لمجتمعات تعاني من التهميش

 

من جانبها، ترى أسيل مليحات، مسؤولة الإعلام في منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة، أن تصاعد اعتداءات المستوطنين ضد التجمعات البدوية والقرى الفلسطينية المستهدفة يشكل تهديداً وجودياً لهذه المجتمعات التي تعاني أصلًا من التهميش والحرمان من حقوقها الأساسية.


وقالت: إن هذه الاعتداءات ليست عشوائية، بل هي جزء من مخطط ممنهج يسعى إلى تهجير السكان قسراً، وإجبارهم على ترك أراضيهم من خلال التضييق المستمر، سواء عبر العنف المباشر أو السياسات الاحتلالية التي تحرمهم من أبسط مقومات الحياة، مؤكدة أن الهدف الواضح من هذه الممارسات هو تعزيز السيطرة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، خاصة في المناطق المصنفة (ج)، التي تُعد هدفاً رئيسياً في مشروع الضم التدريجي.


وأكدت مليحات أن ما يحدث اليوم ليس مجرد سلسلة من الاعتداءات، بل امتداد لسياسة تهويد الأرض التي ينتهجها الاحتلال بشكل متصاعد.


وأشارت إلى أن التجمعات البدوية، التي تُعد من أكثر المجتمعات الفلسطينية هشاشة، تتعرض لضغوط متعددة، تبدأ من منع البناء وتدمير المنازل والمنشآت الحيوية، مروراً بمصادرة الأراضي والممتلكات، وانتهاءً بالهجمات المنظمة التي ينفذها المستوطنون تحت حماية الجيش الإسرائيلي.


واعتبرت أن هذه السياسات ليست إلا أدوات لإضعاف صمود هذه التجمعات ودفعها نحو التهجير القسري، وهو ما يشكل انتهاكاً فاضحاً لكل القوانين والمواثيق الدولية.

 

سيناريو كارثي يتطلب تحركاً شاملاً على المستويات كافة

 

ورأت مليحات أن مواجهة هذا السيناريو الكارثي يتطلب تحركاً شاملاً على كافة المستويات، فبدايةً يجب توثيق كل الانتهاكات بشكل دقيق ومنهجي، بما يشمل الاعتداءات اليومية، وعمليات الهدم، ومصادرة الأراضي، والاعتداءات الجسدية والنفسية التي يتعرض لها السكان.


وقالت: إن التوثيق المدعوم بالأدلة، سواء المرئية أو المكتوبة، يساهم في فضح ممارسات الاحتلال على الصعيدين المحلي والدولي، ويمنح المتضررين صوتاً قوياً أمام المؤسسات الحقوقية والمحافل الدولية.

ورأت مليحات أن دور الإعلام له أهمية كبيرة في نقل الصورة الحقيقية لما يجري في هذه المناطق.


وقالت: إن الإعلام هو وسيلة أساسية لتسليط الضوء على المعاناة اليومية للسكان، وكشف الوجه الحقيقي لسياسات الاحتلال العنصرية، مشددة على أهمية استثمار كل الوسائل الإعلامية، سواء التقليدية أو الرقمية، للوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من الجمهور، وحشد التضامن الدولي مع هذه المجتمعات المهددة.


وأكدت أنه إلى جانب الإعلام، يأتي الدعم القانوني كإحدى أهم الأدوات في مواجهة هذه السياسات.


 وقالت: يجب تعزيز الجهود القانونية للدفاع عن حقوق السكان، سواء عبر التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية، أو اللجوء إلى المؤسسات الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية.


وأكدت أن منظمة البيدر تعمل جاهدة لتقديم الدعم القانوني للسكان المتضررين، بهدف ضمان حقهم في البقاء على أراضيهم، والتصدي لأي محاولات لتهجيرهم.


وقالت: إن تعزيز صمود السكان في التجمعات البدوية يتطلب أيضاً توفير الدعم المباشر لهم على المستوى المعيشي وكذلك الاقتصادي، وتحسين ظروفهم الحياتية من خلال توفير الخدمات الأساسية، مثل: المياه والكهرباء والتعليم والرعاية الصحية، ويعد خطوة حاسمة في تعزيز قدرتهم على الصمود في وجه الضغوط المتزايدة، الاحتلال يراهن على إضعاف هذه المجتمعات من الداخل، لكن توفير الدعم اللازم يمكن أن يقلب المعادلة لصالح السكان.


وأكدت مليحات أنه لا يمكن مواجهة هذه السياسات دون حشد التأييد الدولي للقضية الفلسطينية بشكل عام، وقضية التجمعات البدوية بشكل خاص، مشيرة إلى أن الحملات الدولية الموجهة إلى المؤسسات الأممية، ومنظمات حقوق الإنسان، والرأي العام العالمي، تلعب دوراً أساسياً في فضح هذه الممارسات وكسب الدعم للقضية الفلسطينية.


وقالت: إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة في الضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته المتواصلة، وضمان حماية حقوق السكان وفقاً للقانون الدولي.


وأشارت إلى أن صمود التجمعات البدوية هو المفتاح لمواجهة هذه السياسات الاحتلالية، والبقاء على الأرض هو الخيار الأقوى في مواجهة محاولات التهجير القسري، وقالت: نحن في منظمة البيدر ملتزمون بالوقوف إلى جانب هذه المجتمعات، وتقديم كل ما يلزم لتعزيز صمودها، سواء من خلال الدعم القانوني، التوثيق الإعلامي، أو الضغط الدولي.

ولفتت إلى أن القضية ليست مجرد معركة على الأرض، بل هي معركة وجود وهوية وحق، والشعب الفلسطيني أثبت مراراً وتكراراً أنه قادر على الصمود مهما اشتدت الظروف، وقالت: إن الاحتلال قد يمتلك القوة العسكرية، لكنه لا يمتلك شرعية وجوده على هذه الأرض، ولا يمكنه كسر إرادة الشعب الذي يدافع عن أرضه وحقوقه.


وختمت مليحات بالقول: "سنبقى نعمل في منظمة البيدر بكل طاقتنا، معتمدين على إيماننا بعدالة القضية، ودعم كل من يؤمن بحق الشعب الفلسطيني في الحياة والحرية".

دلالات

شارك برأيك

تصاعد في جرائم المستوطنين بالضفة.. أحزمة استيطانية لمحاصرة التجمعات البدوية

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.63

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.12

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%58

%42

(مجموع المصوتين 428)