فلسطين
الخميس 16 يناير 2025 8:56 صباحًا - بتوقيت القدس
الغارات على العائلات في المخيمات.. هل تُنزل إسرائيل بالضفة ما أنزلته بغزة؟
رام الله- خاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم:
د. أحمد رفيق عوض: قصف مخيم جنين يحمل أبعاداً سياسية وأمنية واستراتيجية عميقة تهدف لتعقيد المشهد الفلسطيني
أكرم عطا الله: الغارات على مخيم جنين قد تكون جزءاً من خطة لفرض السيطرة التامة والضم الكامل للضفة الغربية
د. رائد أبو بدوية: الضفة تواجه مستقبلاً صعباً في ظل التطورات وستدفع أثماناً باهظة على المستويين الأمني والسياسي
فايز عباس: استهداف مخيم جنين بالقصف محاولة رخيصة لخلط الأوراق وزيادة التوتر وللتحريض ضد السلطة الوطنية
د. سهيل دياب: نتنياهو يهدف لتحويل الضفة إلى ورقة انتخابية تساعده في استعادة شعبيته التي تضررت خلال الحرب
تنذر الغارتان الجويتان الإسرائيليتان الأخيرتان على مخيم جنين خلال اليومين الماضيين، واللتان أسفرتا عن استشهاد 11 مواطناً وإصابة آخرين، مخاوف من تحول الضفة الغربية إلى جبهة جديدة بعد انتهاء الحرب على غزة، في ظل توقيع الصفقة وتنفيذ الهدنة، ما يضع الضفة الغربية في دائرة التوتر مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية الهادفة لترسيخ الضم والسيطرة.
ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن هذا التصعيد على مخيم جنين يأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الفلسطيني وإضعاف المقاومة، ما يعكس أبعاداً سياسية وأمنية أوسع، ومحاولات لفرض وقائع جديدة بالسيطرة على الضفة الغربية.
ويرى الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات أن استهداف مخيم جنين يشير إلى استراتيجية إسرائيلية تتجاوز استهداف المقاومين، إذ تسعى إسرائيل إلى تعميق الانقسام الفلسطيني وتقويض الثقة بين الشعب وقيادته، فيما تتزامن هذه العمليات مع خطط لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، ما يجعل من القصف أداة ضغط إضافية لإعادة خلط الأوراق في ظل واقع متغير بعد وقف إطلاق النار في غزة.
ويشيرون إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً أكبر في الضفة الغربية، مع تحولها إلى ساحة مركزية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ إن الغارات الجوية واستخدام الطائرات المسيّرة يعكسان تحولاً في أساليب الاحتلال للسيطرة على الأرض وتنفيذ خططه التوسعية.
نهج قديم متجدد يهدف لتعميق الأزمة الفلسطينية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي د.أحمد رفيق عوض أن الغارتين الإسرائيليتين الأخيرتين على مخيم جنين ليستا حدثاً استثنائياً بقدر ما هما استمرار لنهج إسرائيلي قديم متجدد يهدف إلى تعميق الأزمة الفلسطينية.
ويعتقد عوض أن حكومة الاحتلال، منذ تشكيلها، تتبنى سياسات عدوانية تشمل التوسع الاستيطاني، ومصادرة الأراضي، والطرد القسري، وعمليات القتل، وتخريب المخيمات، خاصة في شمال الضفة الغربية، وزيادة الضغط على الفلسطينيين لدفعهم إلى الهجرة.
ويوضح عوض أن قصف المخيم يأتي في سياق محاولة إسرائيلية لإضفاء مزيد من الضبابية والتعقيد على المشهد الفلسطيني، إذ إن الهدف ليس فقط استهداف المقاومين، وإنما أيضاً تعزيز الانقسام، وتقويض الثقة بين الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية.
ويقول عوض: "إن الغارتين على مخيم جنين اللتين أوقعتا شهداء وجرحى ليستا مجرد عملية عسكرية؛ بل تحملان أبعاداً سياسية وأمنية واستراتيجية عميقة تهدف إلى تخريب المشهد الفلسطيني وتعميقه في بحر من الفوضى والتوتر".
ويشير عوض إلى أن إسرائيل تسعى من خلال ذلك إلى إضعاف السلطة الفلسطينية، ودفعها إلى حالة من فقدان السيطرة، ما يتيح للاحتلال التدخل بشكل أكبر في تفاصيل الحياة الفلسطينية.
ويبيّن عوض أن اليمين الإسرائيلي المتطرف، الممثل بشخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يسعى إلى تنفيذ مخطط شامل لضم الضفة الغربية، سواء بشكل كلي أو جزئي.
ويشير إلى أن هذه الأطماع تتجلى من خلال السياسات الإسرائيلية على الأرض، مثل بناء المستوطنات، وتشريع قوانين جديدة تعزز وجود المستوطنين، وزيادة عددهم، وتحويل الاستيطان إلى مشروع متنوع يشمل الأبعاد الرعوية والدينية والسياحية والأمنية والصناعية.
ويقول عوض: "رغم أن نتنياهو يبدو أكثر عقلانية في التعامل مع ملف الضم، خشية تأثيره السلبي على علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة والدول العربية المطبعة، فإنه قد يقدم تنازلات للمتطرفين في حكومته لضمان استمرار دعمهم".
ويؤكد عوض أن "قصف مخيم جنين يرتبط بشكل وثيق بمخطط الضم، حيث يُستخدم كأداة لتعزيز هذا المشروع، كما أن عمليات القتل واستهداف المقاومين في جنين تعد جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى القضاء على أي شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية، وبالتالي تسهيل مشروع الضم الإسرائيلي".
ويرى عوض أن نتنياهو يسعى إلى تهدئة سموتريتش وبن غفير بعد الصفقة في غزة، حيث يطالبان بتسريع وتيرة الضم، من خلال تقديم حوافز سياسية ومالية تشمل ضخ أموال للاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية.
ويشير عوض إلى أن عملية الضم تجري بالفعل على الأرض من خلال إجراءات إسرائيلية متعددة، تشمل توسع الاستيطان في مناطق "ج"، وزيادة أعداد المستوطنين، وتغيير طبيعة الاستيطان لجعله أكثر شمولية.
ويؤكد عوض أن هذه السياسات تعكس نوايا إسرائيلية واضحة لفرض واقع جديد يجعل من الضفة الغربية منطقة خاضعة تماماً للسيطرة الإسرائيلية.
ويرى عوض أن هذه السياسات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتحويلها إلى مسألة إنسانية وإدارية، بدلاً من كونها قضية سياسية ووطنية.
ويشير عوض إلى أن الاحتلال يعتمد على استراتيجيات متعددة، تشمل التهجير القسري، والضغط الاقتصادي، وتصعيد العمليات العسكرية، لدفع الفلسطينيين إلى التنازل عن حقوقهم التاريخية.
ويشير عوض إلى أن نتنياهو يجد نفسه مضطراً لتحقيق توازن دقيق بين تنفيذ أجندة اليمين المتطرف والحفاظ على استقرار حكومته، كما أن نتنياهو يدرك أن أي انسحاب لسموتريتش أو بن غفير من الحكومة يعني انهيارها، ما يدفعه لتقديم تنازلات كبيرة لضمان بقائهما، تشمل تنفيذ عمليات عسكرية مثل الغارات على مخيم جنين لدعم أجندتهما السياسية.
ويعتقد عوض أن الغارات الإسرائيلية على مخيم جنين ليست مجرد استهداف للمقاومين، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني بما يخدم مصالح الاحتلال، ومع تصاعد وتيرة الضم والاستيطان، فإن الفلسطينيين يواجهون تحدياً وجودياً يتطلب استجابة سياسية ووطنية شاملة لمواجهة هذه السياسات التوسعية.
خلط الأوراق فلسطينياً على الصعيدين الداخلي والخارجي
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن الغارتين الأخيرتين على مخيم جنين تأتيان ضمن استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى خلط الأوراق فلسطينياً على الصعيدين الداخلي والخارجي، في إطار مشروع استيطاني متجدد يستهدف الضفة الغربية، وقد تكونان جزءاً من خطة استراتيجية أوسع تسعى لخلق واقع جديد على الأرض، حيث أن إسرائيل تحاول فرض سيطرتها التامة على الضفة الغربية، بما في ذلك المناطق التي تشهد مقاومة فلسطينية، وذلك بهدف تمهيد الطريق لتنفيذ مخطط الضم الكامل، الذي طالما سعت إليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
ويؤكد عطا الله أن المشروع الإسرائيلي للاستيطان والضم لا يقتصر على السيطرة الأمنية والعسكرية، بل يمتد ليشمل استهداف الوجود الفلسطيني بأكمله في الضفة الغربية.
ويحذر عطا الله أن الفلسطينيين يواجهون تحدياً غير مسبوق في ظل تصاعد السياسات الإسرائيلية القمعية، التي باتت تستهدف إنهاء أي إمكانية لمقاومة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.
تشير الغارات الإسرائيلية على جنين، وفقاً لعطا الله، إلى تحول في أدوات الاحتلال نحو تصعيد أمني وعسكري جديد، في إطار رؤية استراتيجية تسعى لفرض سيطرة شاملة على الضفة الغربية، وتحقيق أهداف المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الأكبر.
ويوضح عطا الله أن هذا المشروع يتماشى مع رؤية سموتريتش، الذي أعلن سابقاً خياراته الثلاثة للفلسطينيين: الهجرة، أو الحياة تحت الحكم الإسرائيلي دون أي حقوق، أو القتل.
ويعتقد عطا الله أن إسرائيل تسعى من خلال هذه العمليات إلى القضاء على أي شكل من أشكال المعارضة الفلسطينية، بما يمهد الطريق لتنفيذ برنامج ضم الضفة الغربية بالكامل.
ويشير عطا الله إلى أن هذا المشروع ليس جديداً، إذ تسعى إسرائيل لتحقيقه منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، لكنه تكثف بشكل كبير في الآونة الأخيرة مع تصاعد نفوذ اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية.
ويشير عطا الله إلى أن التطور اللافت في تنفيذ هذا المشروع الاستيطاني هو استخدام الطيران الإسرائيلي في الهجمات على مخيم جنين.
ويقول عطا الله: "إن هذا التحول يشير إلى سياسة إسرائيلية جديدة تستهدف فرض السيطرة التامة على الضفة الغربية، وهو مؤشر واضح على نوايا الاحتلال لتصعيد العمليات العسكرية ضمن مشروع استيطاني أكبر".
ويوضح عطا الله أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه تحدياً داخلياً يتمثل في الحفاظ على دعم سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يمثلان الجناح المتشدد في الحكومة.
ويشير عطا الله إلى أن أي انسحاب من جانب هذين الوزيرين يعني فقدان نتنياهو للأغلبية البرلمانية في الكنيست، ما يهدد بقاء حكومته.
ويلفت عطا الله إلى أن نتنياهو يسعى لتعويض دعم سموتريتش وبن غفير عبر تبني سياسات أمنية تتماشى مع رؤيتهما، لكن المشروع الإسرائيلي أكبر من مجرد إرضاء اليمين المتطرف.
ويؤكد عطا الله أن الغاية النهائية لهذا المشروع هي تكثيف الاستيطان والسيطرة الكاملة على الضفة الغربية، في إطار رؤية إسرائيلية عامة تهدف إلى ترسيخ الهيمنة الاستيطانية وفرض أمر واقع سياسي جديد.
تصعيد عسكري لاسترضاء اليمين الإسرائيلي المتشدد
يؤكد أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية د.رائد أبو بدوية أن الضفة الغربية تواجه مستقبلاً صعباً في ظل التطورات السياسية والأمنية الإقليمية والدولية.
ويوضح أبو بدوية أن الفلسطينيين في الضفة سيدفعون أثماناً باهظة على مستويين: أمني وسياسي، نتيجة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وكذلك مع عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة الأمريكية، الذي يحمل توجهات داعمة للسياسات الإسرائيلية التوسعية.
على المدى القصير، يتوقع أبو بدوية أن تشهد الضفة الغربية عمليات عسكرية مكثفة ضد المقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى أن هذا التصعيد يهدف إلى استرضاء اليمين الإسرائيلي المتشدد، بقيادة شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، خاصة في أعقاب العمليات الأخيرة للمقاومة، مثل عملية الفندق الأخيرة.
ويشير أبو بدوية إلى أن أصواتاً يمينية داخل الحكومة الإسرائيلية، وحتى من أعضاء حزب الليكود، تطالب بتصعيد عسكري يستهدف مدناً ومخيمات مثل جنين، نابلس، وطولكرم، لتحييد المقاومة في شمال الضفة.
وعلى المدى المتوسط والطويل، يرى أبو بدوية أن الضفة الغربية ستواجه استحقاقات سياسية خطيرة، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو إلى تنفيذ مخططات الضم تدريجياً، خاصة في المناطق المصنفة "ج".
ويشير أبو بدوية إلى أن هذه المخططات تشمل أيضاً تقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية بشكل كبير، بحيث تتحول إلى إدارة مدنية بحتة، تتولى تقديم خدمات للسكان الفلسطينيين مثل التعليم والصحة دون أي مظاهر سيادية.
ويوضح أبو بدوية أن إسرائيل تسعى من خلال هذه السياسات إلى تحقيق مكاسب متعددة، تشمل السيطرة الكاملة على الأرض، وتقليص دور السلطة الفلسطينية، مع تحميل الأخيرة مسؤولية إدارة شؤون السكان المدنيين.
ويشير أبو بدوية إلى أن ذلك يأتي مع دعوات إسرائيلية لسحب الإقامات من سكان الضفة الغربية الذين يحملون جنسيات أخرى، بما في ذلك الجنسية الأردنية، في خطوة تهدف إلى تقليص أعداد السكان الفلسطينيين القادرين على المطالبة بحقوق سياسية أو سيادية.
ويشير أبو بدوية إلى أن عودة ترمب إلى الرئاسة الأمريكية قد تدفع بالأوضاع في الضفة الغربية نحو مزيد من التدهور، حيث من المتوقع أن يدعم ترمب خطط الضم الإسرائيلية ويقدم تسهيلات إضافية لتوسيع المستوطنات.
ويلفت إلى أن هذا الدعم الامريكي يترافق مع ضغوط أمريكية ودولية على السلطة الفلسطينية التي ستجد نفسها في وضع صعب، حيث ستُجبر على تقليص دورها إلى إدارة مدنية، مع فقدانها لأي مظاهر سيادية في مناطق "أ" و"ب".
ويوضح أبو بدوية أن إسرائيل قد تلجأ إلى إجراءات إضافية مثل ضم مناطق "ج" بالكامل، مع تضييق الخناق على السلطة الفلسطينية في المناطق الأخرى.
زيادة الضغط على المخيم وتأجيج التوتر
يؤكد المختص بالشأن الإسرائيلي، فايز عباس، أن الغارتين الأخيرتين على مخيم جنين ليستا تطوراً جديداً، حيث تعرض المخيم سابقًا لقصف قبل السابع من أكتوبر 2023، لكنهما تهدفان إلى إثارة التوتر وخلط الأوراق وزيادة الضغط على المخيم، خاصة في ظل العملية الأمنية التي تنفذها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في محيطه.
ويرى عباس أن إسرائيل تحاول بشكل رخيص خلط الأوراق واستغلال عملية الأجهزة الأمنية الفلسطينية لاتهام السلطة الوطنية الفلسطينية بمحاصرة المخيم، بينما تقوم إسرائيل بقصفه جوياً.
ويشير عباس إلى أن التحريض الإسرائيلي ضد السلطة الوطنية ومخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية يزداد بشكل ممنهج، حيث تلعب الحكومة الإسرائيلية والإعلام الموالي للاستيطان دوراً كبيراً في تأجيج هذه التوترات.
ولم يستبعد عباس أن تصعّد إسرائيل من عملياتها العسكرية لتصل إلى مستوى القصف المكثف الذي شهدته مناطق مثل جباليا وبيت حانون في قطاع غزة، مستشهداً بسيطرة اليمين الفاشي في الحكومة الإسرائيلية وعدم اكتراث المجتمع الإسرائيلي بتبعات هذه العمليات، خاصة في ما يتعلق بقتل الأطفال وتدمير البنى التحتية.
ويوضح عباس أن الإعلام الإسرائيلي يعمل على تزييف الواقع من خلال تجاهله التام للجرائم المرتكبة في قطاع غزة، حيث لا تُنشر أي صور أو تقارير توثق الدمار والإبادة بحق أطفال القطاع، ما يخلق تواطؤاً إعلامياً داخلياً يمنح الحكومة غطاءً للاستمرار في هذه السياسات.
ويشير عباس إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى جاهداً لإقناع سموتريتش بعدم الانسحاب من الحكومة، خاصة بعد صفقة تبادل الأسرى الأخيرة.
ويلمح عباس إلى أن نتنياهو ربما وعد سموتريتش بتقديم تنازلات استراتيجية، تشمل السماح للإدارة الأمريكية المقبلة بقيادة دونالد ترمب بضم مناطق في الضفة الغربية، وتعزيز الاستيطان، ورفع العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على المستوطنين.
ووفقاً لعباس، فإن سموتريتش يضغط على نتنياهو لتطبيق سياسة أكثر تشدداً تجاه الضفة الغربية، مطالباً بتحويل مناطق مثل نابلس وجنين إلى "مناطق عسكرية مغلقة" على غرار ما يحدث في قطاع غزة.
ويشير عباس إلى أن هذه التصريحات تعكس توجهات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، التي تسعى لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الأمن والاستقرار في الأراضي الفلسطينية.
الساحة المحورية لتحديد مستقبل القضية الفلسطينية والصراع
يرى أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي د.سهيل دياب أن الضفة الغربية تُشكل الساحة المحورية لتحديد مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل.
ويؤكد دياب أن أهمية الضفة الجغرافية والديموغرافية تجعلها العامل الأساسي الذي سيحدد مآلات الصراع، وليس غزة، ولا الداخل عام (48)، ولا الشتات.
ويشير دياب إلى أن الضفة الغربية تحتل موقعاً جيوسياسياً استراتيجياً بالنسبة للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فبالنسبة للشعب الفلسطيني، تمثل الضفة الغربية الركيزة الأساسية لتحقيق مشروع حل الدولتين الذي يشمل الضفة وغزة والقدس الشرقية، أما بالنسبة لإسرائيل، فإنها تراها فرصة لإنهاء القضية الفلسطينية بشكل نهائي من خلال فرض سيطرتها الجغرافية والديموغرافية عليها.
ويوضح دياب أن المرحلة الانتقالية الحالية، التي تأتي بعد وقف إطلاق النار في غزة، ستشهد تصعيداً إسرائيلياً كبيراً في الضفة الغربية، حيث تحاول إسرائيل إضعاف المقاومة الفلسطينية هناك، وضمان استمرار حالة الحرب والتوتر التي تخدم مصالح حكومة بنيامين نتنياهو.
ويبيّن دياب أن المخطط الإسرائيلي في الضفة الغربية يشمل تبني استراتيجيات تصعيد أمني مختلفة عما كان معتاداً، حيث ستشهد المرحلة المقبلة استخداماً مكثفاً للطائرات بدون طيار والصواريخ عن بُعد، إضافة إلى المداهمات والعمليات العسكرية التقليدية.
ويوضح دياب أن هذا التصعيد يهدف إلى إبقاء حالة الحرب قائمة، وهو ما يساعد نتنياهو على الحفاظ على تماسك حكومته اليمينية المتطرفة، وعلى تهدئة القاعدة الانتخابية المتشددة، التي تطالب بمزيد من الإجراءات القمعية ضد الفلسطينيين.
ويشير دياب إلى أن صناع القرار في إسرائيل باتوا يرون ضرورة حسم الصراع مع الفلسطينيين بدلاً من إدارته كما كان الحال في العقود السابقة.
ويؤكد دياب أن الضفة الغربية ستتحول إلى الساحة الأكثر اشتعالاً بعد غزة، حيث ستعمل إسرائيل على تقويض أي شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية عبر ما تسميه "العلاج الديموغرافي"، الذي يشمل التهجير القسري، والتضييق على السكان، وتقليص الصلاحيات الإدارية للسلطة الفلسطينية.
ووفقاً لدياب، فإن بنيامين نتنياهو يعتمد على استراتيجيات متعددة للحفاظ على سلطته وسط التحديات الداخلية والخارجية، فعلى الصعيد الداخلي يحاول نتنياهو منع انهيار حكومته عبر إرضاء اليمين المتطرف بقيادة سموتريتش وبن غفير، من خلال تبني سياسات تصعيدية في الضفة الغربية.
ويشير دياب إلى أن نتنياهو يدرك أن انسحاب هذين الوزيرين من الحكومة يعني فقدانه للأغلبية البرلمانية في الكنيست، وبالتالي انهيار حكومته.
أما على الصعيد الخارجي، فيوضح دياب أن نتنياهو يستخدم التصعيد في الضفة الغربية كورقة تفاوض مع الإدارة الأمريكية المقبلة برئاسة دونالد ترمب، حيث يأمل في مقايضة الضفة مقابل تحقيق مكاسب استراتيجية أخرى، مثل التعامل مع الملف النووي الإيراني أو تأمين اعتراف أمريكي أوسع بسياسات إسرائيل في المنطقة.
ويوضح دياب أن نتنياهو يسعى لتحويل الأنظار عن الإخفاقات التي تعرضت لها حكومته في غزة من خلال تكثيف التركيز على الضفة الغربية، كما أن إسرائيل ترى في الضفة جبهة أكثر خطورة في المستقبل القريب.
ويشير دياب إلى أن هذا التقرير استخدمه نتنياهو لتبرير تصعيد العمليات العسكرية في الضفة، وإظهار أن الحرب مع الفلسطينيين لم تنتهِ بعد، حيث إن نتنياهو يريد من خلال هذا التصعيد أن يصرف الأنظار عن إخفاقاته السياسية والعسكرية في غزة، ويمنع تشكيل أي لجان تحقيق رسمية حول أدائه في الحرب الأخيرة.
ويؤكد دياب أن نتنياهو يهدف إلى تحويل الضفة الغربية إلى ورقة انتخابية تساعده في استعادة شعبيته التي تضررت نتيجة الانتقادات الواسعة التي تعرض لها خلال الحرب على غزة.
ويوضح أن التصعيد في الضفة الغربية، سواء كان على شكل غارات جوية أو عمليات عسكرية مكثفة، سيتيح لنتنياهو تصوير نفسه أمام المجتمع الإسرائيلي كقائد قوي قادر على التعامل مع التحديات الأمنية.
ويعتقد دياب أن نتنياهو يسعى أيضاً إلى منع انزلاق الجبهة الداخلية الإسرائيلية نحو الانقسام، حيث يتوقع كثيرون أن تشهد إسرائيل محاسبة داخلية واسعة النطاق بعد انتهاء الحرب.
ويشير دياب إلى أن الإعلام الإسرائيلي والجهات العسكرية ينتظران اللحظة المناسبة لفتح ملفات الإخفاقات المتعلقة بأداء نتنياهو وحكومته خلال الحرب.
ويشير دياب إلى أن إسرائيل قد تستغل هذا الوضع لتمرير مخططات ضم مناطق "ج" في الضفة الغربية، بينما تركز على إضعاف السلطة الفلسطينية في مناطق "أ" و"ب"، ما سيزيد من تعقيد المشهد السياسي في الضفة الغربية.
ويرى دياب أن نتنياهو يسعى لاستغلال هذه المرحلة لتعزيز بقائه في السلطة، سواء عبر إرضاء اليمين المتطرف أو عبر تحقيق مكاسب سياسية على الساحة الدولية، لكنه يواجه تحديات داخلية وخارجية قد تعصف بمستقبله السياسي.
دلالات
الأكثر تعليقاً
"الرئاسة" تدين جريمة الاحتلال في مخيم جنين
رئيس الوزراء: يجب ألا تحكم أي سلطة غير السلطة الفلسطينية قطاع غزة
مصطفى: غزة تحتاج إلى حكومة قادرة على مداواة جراح شعبنا وإعادة توحيدها
محاضرة في النمسا تثير تساؤلات: لماذا يسرق الاسرائيليون تراث الفلسطينيين؟
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
مصر تنسق لفتح معبر رفح وتنفيذ اتفاق يهدف لتحسين الأوضاع في غزة
مقتل 5 عسكريين إسرائيليين بمعركة شمال غزة
الأكثر قراءة
حماس: قيادة الحركة بحثت مع وزير المخابرات التركي تطورات المفاوضات
سكان غزة يحتفلون بأنباء اتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
"رويترز" تنشر أجزاءً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%58
%42
(مجموع المصوتين 428)
شارك برأيك
الغارات على العائلات في المخيمات.. هل تُنزل إسرائيل بالضفة ما أنزلته بغزة؟