فلسطين
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:18 صباحًا - بتوقيت القدس
محاكمة نتنياهو... هل تنتهي بإطاحته وسجنه؟
رام الله - خاص بالـ "القدس" دوت كوم -
د. سهيل دياب: المحاكمة سابقة في تاريخ إسرائيل بمثول رئيس وزرائها أمام القضاء خلال ولايته ولتتحول إلى محطة حاسمة
محمد أبو علان دراغمة: التنبؤ بمآلات محاكمة نتنياهو أمر بالغ الصعوبة.. وهي لن تترك أي تأثير على سير الحرب لأنه لم تتم إدانته بعد
أنطوان شلحت: نتنياهو يطمح إلى إعادة تشكيل القضاء الإسرائيلي بما يخدم أهدافه الشخصية وتقليل حدة الأحكام المحتملة بحقه
إيهاب جبارين: المحاكمة قد تهدف لتخفيف الضغوط المتعلقة بمحاسبة نتنياهو في الجنائية الدولية للحفاظ على مصداقية منصب رئيس الوزراء
فايز عباس: نتنياهو يواجه تحديات لا تقتصر على الأحكام القضائية بل تتعداها إلى احتمال عزله عن منصبه كرئيس للوزراء
ياسر مناع: هناك إجماع بين مختلف أطياف المعارضة على أن القضاء هو السبيل الوحيد لإزاحة نتنياهو عن السلطة
تثير محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلاً واسعاً، إذ تأتي في سياق استثنائي يتداخل فيه الصراع الداخلي الإسرائيلي مع تداعيات الحرب على عدة جبهات، فيما تمثل هذه المحاكمة حدثًا غير مسبوق في تاريخ إسرائيل منذ انشائها، إذ لم يسبق لرئيس حكومة أن مثل أمام القضاء وهو في منصبه، ما يجعلها محطة حاسمة لتحديد معالم النظام السياسي والقضائي.
ويرى عدد من الكتاب والمحللين السياسيين والمختصين في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن محاكمة نتنياهو قد تكون محاولة لتصفية الحسابات بين أركان دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويشيرون إلى أن نتنياهو قد يستغل المحاكمة والتحريض على المحكمة كأنها تعطله عن دوره الذي يحاول فيه تصوير نفسه كمدافع عن "مصالح إسرائيل الكبرى"، معتبراً أن المحاكمة تعيق جهوده في إدارة الأزمات الأمنية والسياسية، بينما قد تكون المحاكمة نفسها محاولة من الدولة العميقة في اسرائيل لتخفيف الضغوط الدولية لمحاسبة نتنياهو كون لديها قضاء يحاسب حتى رئيس الوزراء.
المحاكمة تتزامن مع تطورات عميقة التأثير على المشهد الإسرائيلي
يشير أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي د. سهيل دياب إلى أن محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهم الفساد تتزامن مع تطورات داخلية وخارجية عميقة التأثير على المشهد الإسرائيلي.
ووفقاً لدياب، فإن هذه المحاكمة في أهميتها سابقة في تاريخ إسرائيل مثول رئيس وزرائها أمام القضاء خلال ولايته، ولتتحول إلى محطة حاسمة في تاريخ إسرائيل، حيث تتداخل تداعيات الحرب المستمرة في غزة ولبنان وسوريا مع صراع داخلي محتدم على طبيعة النظام القضائي والمؤسساتي.
ويوضح د. دياب أن محاكمة نتنياهو تأخذ طابعاً غير مسبوق بسبب تزامنها مع حالتين بارزتين: الأولى، الحرب المستعرة على عدة جبهات في غزة ولبنان وسوريا، وما يصاحبها من تداعيات سياسية وأمنية؛ والثانية، استمرار الصراع على منظومة القضاء والإعلام والأجهزة الأمنية في إطار ما وصفه بـ"الانقلاب القضائي" الذي بدأ قبل عملية "طوفان الأقصى" واستمر خلالها.
ويشير دياب إلى أن المحاكمة لا تنفصل عن هذه السياقات، إذ تشمل ملفات الفساد ضد نتنياهو تهمًا تتعلق بالتلاعب بوسائل الإعلام واستغلالها لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية، ما يربط المحاكمة بشكل مباشر بالصراع القائم على المؤسسات.
ويلفت دياب إلى أن نتنياهو يعيش حالة من القلق الشديد، حيث إنه خلال السنوات الخمس الماضية لجأ إلى كل الوسائل الممكنة لتأجيل المحاكمة، لكنه الآن يخوض معركة للبقاء السياسي والشخصي، من خلال إطالة أمد المحاكمة على أمل حدوث تطورات غير متوقعة قد تنقذه من مصيره المحتوم.
المحكمة بدورها قررت الاستمرار في إجراءات المحاكمة رغم الظروف الأمنية والحربية، حيث يرجع دياب ذلك إلى عدة أسباب، منها أن القضية بدأت منذ ثماني سنوات، وتم تقديم لائحة الاتهام قبل خمس سنوات، كما أن المحكمة تجاوبت سابقاً مع العديد من طلبات التأجيل التي تقدم بها نتنياهو، لكن الأمور الآن وصلت إلى نهايتها بعد توقيع نتنياهو على تعهد خطي بالالتزام بفصل دوره كرئيس حكومة عن إجراءات المحاكمة.
ويصف دياب استراتيجيات نتنياهو بأنها تعتمد على استغلال ثلاثة محاور أساسية: المحاكمة، والحرب، والنقاش الداخلي في المجتمع الإسرائيلي.
ويشير دياب إلى أن نتنياهو يحاول تقديم نفسه للجمهور الإسرائيلي كزعيم يعمل على حماية "مصالح إسرائيل الكبرى"، بينما يصف المحاكمة بأنها مضيعة للوقت تُعيق جهوده لإنقاذ البلاد.
ويضرب دياب مثالًا على ذلك بما حدث بعد جلسة مثوله أمام المحكمة التي استمرت ست ساعات، حيث تجنب نتنياهو الحديث عن المحاكمة، وبدلًا من ذلك ركز على العمليات العسكرية في سوريا، ليظهر كمدافع عن أمن إسرائيل في مواجهة محكمة تسلبه الوقت اللازم "لخدمة الشعب".
وبحسب دياب، فقد استغل نتنياهو ملف تبادل الأسرى مع غزة لتوجيه رسائل إلى عائلات الأسرى الإسرائيليين، محاولًا تحميل المحكمة مسؤولية تأخير إتمام الصفقة، في خطوة تعكس سعيه للربط بين الملفات الداخلية والخارجية لتعزيز موقفه أمام المحكمة والرأي العام.
ويؤكد دياب أن القضاء الإسرائيلي يدرك أن المحاكمة ليست مجرد قضية عادية، بل هي جزء من صراع أوسع يتعلق بمستقبل النظام القضائي الإسرائيلي.
ويوضح دياب أن المحكمة ترى في القضية فرصة لتأكيد استقلال القضاء ومحاسبته حتى أعلى المسؤولين، في رسالة موجهة للداخل الإسرائيلي وللمجتمع الدولي.
ويشير دياب إلى أن المحاكمة تأتي رغم محاولات نتنياهو المستمرة لتقويض النظام القضائي، بما في ذلك مهاجمته للقضاء والإعلام وتغيير طبيعة المؤسسات الأمنية والعسكرية.
ويعتبر دياب أن المحكمة تنظر إلى محاكمة نتنياهو كخطوة أخيرة لمنع استكمال "الانقلاب القضائي"، الذي يمثل تهديدًا مباشرًا لما يسمى "الدولة العميقة" في إسرائيل.
وحول تأثير المحاكمة على الحرب، يشير دياب إلى أن الكشف عن تفاصيل قضايا الفساد قد يؤدي إلى تراجع إضافي في شعبية نتنياهو، مما يزيد من الضغوط الداخلية عليه.
ويوضح دياب أن المحكمة تراهن على أن تآكل الدعم الشعبي لنتنياهو سيضعف موقفه في الحرب وفي الملفات الداخلية الأخرى، ما قد يسرّع من محاسبته قضائياً وسياسياً.
ويلفت دياب إلى أن المحاكمة قد تؤثر على المواقف الدولية تجاه نتنياهو، لا سيما في ما يتعلق بقرارات المحكمة الجنائية الدولية، إذ تسعى إسرائيل لتقديم صورة عن استقلال قضائها، ما قد يخفف من الضغوط الدولية عليها.
ويعتقد دياب أن المحاكمة تمثل "المعركة الأخيرة" لكل من نتنياهو والقضاء الإسرائيلي، فمن جانب القضاء، يسعى إلى إثبات استقلاليته وحماية "النظام الديمقراطي"، ومن جانب نتنياهو، تمثل المحاكمة محاولة للبقاء السياسي والشخصي.
قضية تتسم بالتعقيد.. وملفات شائكة
يرى الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن التنبؤ بمآلات محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمر بالغ الصعوبة، فالمسار الذي قد تسلكه القضية يعتمد على عدة عوامل متغيرة، مثل الأدلة التي ستُقدَّم للمحكمة، وقوة الدفاع، واستراتيجية فريق محامي نتنياهو.
ويؤكد دراغمة أن تفاصيل القضية ما زالت غير واضحة بالكامل للرأي العام، مما يجعل استقراء نتيجتها أمراً صعباً.
ويوضح دراغمة أن قضية نتنياهو تتسم بالتعقيد، حيث تتضمن ملفات شائكة تشمل شهادات العديد من الشهود وتداخل أطراف متعددة.
ويشير دراغمة أن محاكمة رئيس حكومة تختلف عن محاكمة المواطن العادي، حيث لا يمكن توقيفه أو محاكمته يومياً بسبب طبيعة منصبه وحساسية القضية. ويؤكد دراغمة أن المحاكمة ستستمر لفترة طويلة قد تمتد لسنوات، نظراً لتشابك القضية وتعدد أبعادها.
ويشير دراغمة إلى أن المحكمة رفضت محاولات فريق الدفاع عن نتنياهو لتأجيل جلسات الاستماع للشهود بحجة الحرب الجارية، ورغم الموافقة على تقليل مدة مثول نتنياهو أمام المحكمة، إلا أن القضاء الإسرائيلي أصرّ على مواصلة الإجراءات بشكل لا يؤثر على سير المحاكمة.
وفي هذا السياق، يلفت دراغمة إلى أن القضاء الإسرائيلي يسعى إلى إبراز مبدأ المساواة أمام القانون عندما يتعلق الأمر بالقضايا الجنائية، حيث لا يتم تمييز نتنياهو عن غيره في هذه المسائل.
ويرى دراغمة أن محاكمة نتنياهو لن تترك أي تأثير على سير الحرب، سواء في غزة، أو جنوب لبنان، أو في أي جبهة أخرى في الإقليم.
ويؤكد دراغمة أن نتنياهو يحاول استغلال الحرب كذريعة للتهرب من المحاكمة أو تأجيلها، إلا أن المحكمة أظهرت إصراراً على استكمال الإجراءات القانونية رغم حالة الحرب.
ويشير دراغمة إلى أن محاكمة نتنياهو لن تؤثر على سياساته أو على دوره القيادي في الحرب الجارية، فيما يعتقد دراغمة أن هذه المحاكمة، رغم أهميتها، لن تغيّر شيئاً على المستوى السياسي أو العسكري، حيث سيستمر نتنياهو في تنفيذ سياساته العدوانية والاستيطانية، مستغلاً الحرب لتعزيز موقفه.
ويرى دراغمة أن المحاكمة لن تُحدث تغييراً جوهرياً في المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث أن نتنياهو، الذي ما زال في مرحلة المحاكمة ولم يُدان بعد، وسيبقى في منصبه ويواصل تنفيذ سياساته دون أن يتأثر بالقضايا الجنائية المرفوعة ضده.
ويبيّن دراغمة أن هذه القضايا تتطلب وقتاً طويلاً للحسم، وهو ما يمنحه مساحة للتحرك السياسي والمناورة على الصعيد الداخلي والخارجي.
ويشير دراغمة إلى أن هذه المحاكمة تمثل اختباراً للقضاء الإسرائيلي الذي يسعى لتأكيد استقلاليته وقدرته على محاسبة الجميع دون استثناء، حتى في ظل الأزمات الكبرى كالحرب، وفي الوقت ذاته، تعكس المحاكمة محاولات نتنياهو استخدام منصبه وأزمة الحرب لتأجيل المحاسبة ومواصلة تنفيذ مشاريعه السياسية.
سيناريوهات مفتوحة على احتمالات عدة
يرى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن سيناريوهات محاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مفتوحة على احتمالات عدة، إلا أن السيناريو الأرجح هو إدانته في بعض التهم الموجهة إليه، والتي تشمل الرشوة، وخيانة الأمانة، والاحتيال.
ويوضح شلحت أن هذه التهم تُعد، وفق المعايير الإسرائيلية، تهمًا شديدة الوقع وثقيلة، وبرغم احتمالية تبرئة نتنياهو من بعض التهم، إلا أن الإدانة في جزء منها قد تعني السجن لفترة ليست بسيطة.
ويشير شلحت إلى أن نتنياهو يسعى جاهدًا لإطالة أمد المحاكمة، معتبرًا أن ذلك قد يمنحه الوقت الكافي لتغيير الجهاز القضائي الإسرائيلي.
وبحسب شلحت، يعمل نتنياهو على تحقيق تغييرات قد تؤدي إلى تشكيل هيئة قضائية قد تكون أكثر تساهلًا معه في الحكم.
ووفق شلحت، فإن نتنياهو يطمح إلى إعادة تشكيل القضاء بما يخدم أهدافه الشخصية، بما في ذلك تقليل حدة الأحكام المحتملة بحقه، ومع ذلك، يظل نجاح هذه الاستراتيجية غير مؤكد.
إلى جانب ذلك، يعتقد شلحت أن نتنياهو قد يسعى للحصول على عفو عام من الرئيس الإسرائيلي إذا ما وصلت الأمور إلى إدانة تعني السجن، فيما يعتبر شلحت أن هذا السيناريو وارد أيضًا، حيث قد يتمكن نتنياهو من تجنب دخول السجن عبر ضغط سياسي داخلي للحصول على العفو.
ويبرز شلحت أهمية قرار المحكمة الإسرائيلية بالنسبة لها، الاستمرار في إجراءات المحاكمة، حتى أثناء الحرب الدائرة، فرغم محاولات نتنياهو المتكررة لتأجيل المحاكمة، متذرعًا بوضع الحرب، رفضت المحكمة ذلك، مؤكدة أن القضية تجاوزت الحد المقبول من التأخير. ويشير شلحت إلى أن المحكمة صممت على استدعاء نتنياهو للإدلاء بشهادته الثلاثاء الماضي، بالرغم من الظروف الأمنية والسياسية، معتبرة أن العدالة تتطلب استمرار المحاكمة للوصول إلى قرار نهائي بشأن التهم الموجهة إليه.
وحول الخطوة الاستثنائية، بقرار المحكمة نقل جلساتها من القدس إلى تل أبيب، ويوضح شلحت أن هذا القرار جاء لعدة أسباب، منها تجنب احتمالية تعرض المحكمة في القدس لأي هجوم أو قصف، وهو ما يُثار كاحتمال في ظل الأوضاع الأمنية، كما أن وجود المحاكمة في تل أبيب يُسهل على نتنياهو التواجد بالقرب من مقر القيادة العسكرية "الكرياه"، مما يتيح له إمكانية التنقل السريع بين جلسات المحاكمة واجتماعات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت".
ويشير شلحت إلى أن الحرب المكثفة التي كانت تخوضها إسرائيل قد تحولت الآن إلى حرب استنزاف، وهو ما يجعل من الصعب على نتنياهو الاستمرار في تبرير تأجيل المحاكمة استنادًا إلى حالة الطوارئ.
ويوضح شلحت أن الحرب لم تعد تُصنف كحالة حرب دائمة وفق التعريف الدقيق للكلمة إسرائيليا، ما قد يضعف موقف نتنياهو في محاولاته للهروب من المساءلة القضائية.
ويرى شلحت أن استمرار الحرب يخدم أجندة نتنياهو الشخصية، مشيرًا إلى أنه يحاول توظيفها للتأثير على مسار المحاكمة.
ويوضح شلحت أن نتنياهو يسعى لإبقاء الحرب مستمرة، حتى لو تغيرت صورتها، بهدف خلق مبررات إضافية لتأجيل المحاكمة وإطالة أمدها، كما أن الأزمة الأمنية قد تمنحه الوقت اللازم للضغط على القضاء وإعادة تشكيل هيئات المحاكمة لتكون أكثر تساهلاً.
ومع ذلك، يؤكد شلحت أن المحكمة رفضت حتى الآن محاولات نتنياهو استغلال الظروف الأمنية لإطالة أمد المحاكمة، لكنه يشير إلى أن هذا قد يتغير إذا تفاقمت الأوضاع الأمنية أو تصاعدت الحرب إلى مستويات جديدة من التوتر.
وبحسب شلحت، فإن استمرار المحاكمة لفترة طويلة قد يخدم أهداف نتنياهو، إلا أنه يبقى أمرًا محفوفًا بالمخاطر، إذ أن القضاء الإسرائيلي، رغم الضغوط السياسية، لا يزال يحتفظ بدرجة من الاستقلالية التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إدانته، كما أن الإدانة قد تشكل ضربة كبيرة لمستقبله السياسي، حتى وإن حصل على عفو يمنع سجنه.
ويؤكد شلحت أن قضية محاكمة نتنياهو لا تزال مليئة بالغموض، وأن ما يجري حاليًا ليس سوى فصل من صراع طويل بين نتنياهو والجهاز القضائي الإسرائيلي، ومع استمرار المحاكمة، يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن نتنياهو من تجاوز هذه الأزمة، أم أن القضاء الإسرائيلي سيضع حدًا لمسيرته السياسية؟
المحاكمة قد تمتد سنوات نظراً للطبيعة المعقدة لملفاتها
يوضح الكاتب والمحلل السياسي والخبير بالشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين أن محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ثلاث قضايا فساد وخيانة الأمانة قد تمتد لسنوات، نظراً للطبيعة المعقدة لهذه الملفات التي تعود إلى نحو ثماني سنوات.
ويعتقد جبارين أن ما يجري حالياً ليس سوى جلسات تمهيدية ضمن سياق صراع متصاعد بين المؤسسة القضائية والمؤسسة الحاكمة في إسرائيل.
ويشير جبارين إلى أن هذا الصراع يتخذ بُعدين رئيسيين، الأول خارجي يرتبط بمحاولات إسرائيل توظيف المحاكمة لتعزيز صورتها أمام المجتمع الدولي، فإسرائيل تسعى لإظهار استقلالية ونزاهة القضاء من خلال محاكمة رئيس وزرائها، مما يهدف إلى التأكيد على أنها ما زالت دولة ديمقراطية تحكمها سيادة القانون.
ويعتبر جبارين هذا التوجه أنه ضمن استراتيجية دبلوماسية تهدف إلى تخفيف الضغوط الدولية المتعلقة بمحاكمة نتنياهو، وليس دعماً شخصياً له، بل للحفاظ على مصداقية منصب رئيس الوزراء.
أما البُعد الداخلي، بحسب جبارين، فيرتبط بمحاولة نتنياهو وحلفائه عزل المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية، التي تُعد أحد أبرز خصومه داخل النظام القضائي.
ويعتقد جبارين أن هذا الصراع يعكس انقساماً عميقاً داخل المؤسسة الإسرائيلية، حيث تحاول كل جهة تعزيز سيطرتها على حساب الأخرى، وهو ما يجعل من محاكمة نتنياهو نقطة مفصلية في هذا الصراع.
ويوضح جبارين أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية قد تنتهي بها محاكمة نتنياهو، الأول، أن يتمكن نتنياهو من التوصل إلى صفقة خلف الكواليس مع المؤسسة القضائية، ما قد يؤدي إلى تخفيف الحكم أو حتى إسقاط بعض التهم.
والسيناريو الثاني، بحسب جبارين، أن ينجح نتنياهو في السيطرة على المؤسسة القضائية من خلال تحالفاته السياسية، وهو ما قد يؤدي إلى الحكم ببراءته.
ويشير جبارين إلى أن السيناريو الثالث، يسعى إليه نتنياهو، وهو المماطلة في المحاكمة لسنوات حتى يصل إلى سن الثمانين، مما قد يمنع زجه في السجن ويقتصر العقاب على وصمة عار سياسية، وهو الخيار الأقل سوءاً بالنسبة له.
ورغم تعقيدات المحاكمة، يستبعد جبارين أن تقدم المحكمة على اتخاذ خطوة جريئة بعزل نتنياهو في الوقت الحالي، فيما يعلّل جبارين ذلك بأن المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة من التوتر والانقسام الحاد، ولا يحتمل زعزعة إضافية حيث أنه لو جرى ذلك فقد تثير اضطرابات شبيهة باقتحام أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمبنى الكابيتول في يناير 2021، بعد انتهاء فترة رئاسته.
ويعتقد جبارين أن نتنياهو حال شعوره براحة نسبية داخل أروقة المحاكم طالما لا توجد ضغوط مباشرة عليه، فقد يستغل الحرب الدائرة في غزة والجبهات الأخرى كغطاء للاستمرار في المماطلة بالمحاكمة.
ومع ذلك، يشير جبارين إلى أنه حال تصاعدت المظاهرات والضغوط الشعبية ضد نتنياهو، فقد يلجأ إلى إبرام صفقة سياسية تبادل لتخفيف الضغط، كما حدث حين إبرام صفقة شاليط، وربما استغلال ذلك للتهرب من تداعيات المظاهرات.
نتنياهو يعيش حالة من الرعب بسبب استجوابه
يوضح الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي فايز عباس أن محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهم الرشوة وخيانة الأمانة قد تستمر لفترة طويلة نتيجة محاولاته المتكررة لتأجيل الإدلاء بشهادته أمام المحكمة، مشيراً إلى أن نتنياهو يعيش حالة من الرعب بسبب استجوابه.
ويعتقد عباس أن نتنياهو استغل الحرب المستمرة في غزة والجبهات الأخرى كمبرر لتأجيل مثوله أمام المحكمة، إلا أن النيابة العامة والقضاة الذين يديرون المحكمة رفضوا طلبه.
ويشير عباس إلى أن نتنياهو متهم في قضايا تتعلق بتلقي رشاوى وسوء استغلال المنصب، وهي تهم قد تؤدي إلى إدانته بالسجن الفعلي، بحسب تقديرات خبراء في القانون الجنائي.
ويلفت عباس إلى أن التحديات التي تواجه نتنياهو لا تقتصر على الأحكام القضائية، بل تتعداها إلى احتمال عزله عن منصبه كرئيس للوزراء، فوفقاً للمستشارة القانونية للحكومة، قد يُعتبر نتنياهو غير مؤهل للاستمرار في منصبه إذا أظهر تفضيله لإدارة الحكومة على حساب التزاماته القانونية أمام المحكمة.
وبحسب عباس، فإنه في السابق، دافع نتنياهو أمام المحكمة العليا عن قدرته على إدارة الدولة وملفاته الجنائية بشكل متوازٍ، لكن إذا اعترف الآن بأولوية إدارة الدولة على المثول أمام المحكمة، فقد يُعدّ ذلك أساساً قانونياً لعزله.
ورغم الضغوط التي تواجه نتنياهو على الصعيد القضائي، يؤكد عباس أن هذه المحاكمة لن تؤثر على سير الحرب ضد قطاع غزة أو العمليات العسكرية على الجبهات الأخرى.
ويرجّح عباس أن محاكمة نتنياهو لن تؤثر على مواصلة الحرب، لأن قرارات الحرب سياسية والأجهزة الأمنية تنفذ القيادة السياسية.
القضية الجوهرية تكمن في قدرة المحكمة على إدانته
يوضح الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن القضية الجوهرية في محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تكمن في قدرة المحكمة على إدانته، وما إذا كانت ستتمكن من تجاوز الثغرات القانونية التي يعتمد عليها نتنياهو لتجنب المحاسبة.
ويرى مناع أن نتنياهو في مواجهة حقيقية مع القضاء، حيث يحاول المماطلة وكسب الوقت لتأخير أي حكم قد يؤدي إلى عزله أو سجنه، معتمداً على الإجراءات القضائية الطويلة التي تجعل أي قرار نهائي بعيد المنال في المدى القريب.
ويشير مناع إلى أن جزءاً من استراتيجية نتنياهو يتمثل في شراء الوقت، ليس فقط لتجنب العزل أو السجن، بل أيضاً لتنفيذ مشروعه السياسي المتمثل في سيطرة اليمين الإسرائيلي على مفاصل الدولة (القضاء، والإعلام، والجيش)، ويأتي ذلك ضمن خطة أوسع لتطويع المؤسسات الإسرائيلية، خاصة الجهاز القضائي، لصالح مشروعه السياسي.
ويلفت مناع إلى أنه رغم النجاح في السيطرة على الإعلام والجيش، إلا أن القضاء يبقى العقبة الرئيسية أمام نتنياهو وحلفائه، ما يفسر محاولات فرض ما يُسمى بـ"الإصلاحات القضائية" التي تهدف عملياً إلى تقويض استقلالية القضاء.
وحول إصرار المحكمة على محاكمة نتنياهو في ظل الحرب، يرى مناع أن الجهاز القضائي الإسرائيلي يحاول إثبات أنه جزء من النظام الديمقراطي، وأنه قادر على المحاسبة حتى في أوقات الأزمات، حيث أن القضاء الإسرائيلي يسعى لترسيخ صورته كجهاز مستقل يحاسب الجميع بلا استثناء، في محاولة لتحسين صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي كدولة ديمقراطية.
في السياق ذاته، يُبرز مناع دور المعارضة الإسرائيلية في استمرار الضغط على نتنياهو من خلال المحاكمات، ورغم الانقسامات العميقة داخل المعارضة وغياب قيادة موحدة أو برنامج واضح، إلا أن هناك إجماعاً بين مختلف أطيافها على أن القضاء هو السبيل الوحيد لإزاحة نتنياهو عن السلطة.
من جهة أخرى، يرى مناع أن محاكمة نتنياهو لن تؤثر على استمرار الحرب، بل على العكس، فهي توفر له هامشاً واسعاً للمناورة، فنتنياهو يسعى لاستغلال الحرب كذريعة لتجنب التركيز على محاكمته.
ويلفت مناع إلى أنه خلال مثوله أول أمس الثلاثاء، أمام المحكمة، خرج نتنياهو خلال ذلك، لمشاورات أمنية بحجة إدارة الحرب، ما يثير تساؤلات حول جدية هذه المشاورات وما إذا كانت مجرد استعراض سياسي.
وبحسب مناع، يحاول نتنياهو تصوير نفسه كزعيم يخوض حروباً متعددة: مع الفلسطينيين، واللبنانيين، والسوريين، والإيرانيين، بالإضافة إلى حرب داخلية ضد القضاء والمعارضة، ليظهر وكأنه يدافع عن إسرائيل ضد "مؤامرات" متعددة، ما يعزز موقفه أمام مؤيديه.
ويشير مناع إلى أن المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته ينظرون إلى الحرب في غزة كأنها انتهت، ويرون أن العمليات الجارية الآن كإعادة احتلال وهندسة للقطاع على غرار ما حدث في الضفة الغربية، ومن هذا المنطلق، تسعى المؤسسات الإسرائيلية إلى استعادة الحياة الطبيعية قدر الإمكان، مع إبراز صورة أن الحرب لم تعطل سير العمل داخل الدولة خاصة بعد الاتفاق مع لبنان.
دلالات
محمد قبل 12 أيام
لو كان هناك عرب احرار لتولوا محاكمة مجرمي الحرب
فلسطيني قبل 13 أيام
نتنياهو وبشار الأسد يجب أن يحاكما بالشنق الطويل امام كل العالم ليكونا عبرة لكل الظالمين ليشفى صدور قوم مسلمين بما قتلا وشردا واعتقال من الأبرياء المسلمين
الأكثر تعليقاً
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
الاحتلال يخلي المستشفى الإندونيسي ويقصف المستشفيين الآخرين شمالي غزة
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
الأكثر قراءة
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
وقف إطلاق النار في غزة "أقرب من أي وقت مضى"
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 302)
شارك برأيك
محاكمة نتنياهو... هل تنتهي بإطاحته وسجنه؟