Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الخميس 14 نوفمبر 2024 8:33 صباحًا - بتوقيت القدس

خطة الحسم بدأت بالقضم قبل الهضم.. بدء العمل بالبنية التحتية لابتلاع الضفة الغربية!

رام الله - خاص بـ"القدس" والقدس دوت كوم-

هاني أبو السباع: ضم الضفة يعني نهاية أيّ أمل في عملية سلام سياسية وانهيار السلطة ومؤسساتها

خليل شاهين: إسرائيل تحاول سحب مزيد من صلاحيات السلطة ما يهدد بانهيارها أو تحويلها لبلدية كبرى

محمد أبو علان دراغمة: إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة خطير ويعني تهجير منطقة "ج" والقضاء على حل الدولتين

محمد هواش: المطلوب اتحاد العرب لمواجهة أي خطة لا تلبي الطموحات الفلسطينية والعمل على حماية حل الدولتين

ساري عرابي: أي عملية ضم للضفة تعني فعلياً إنهاء مسار التسوية الذي تأسست عليه السلطة الفلسطينية  

فايز عباس: توقيت تصريحات سموتريتش قد يكون بسبب تراجع شعبيته.. وموقف إدارة ترمب سيكون الحاسم

 

تسابق الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو إلى فرض السيادة الكاملة على الضفة الغربية، وسط تحركات وتصريحات متسارعة من وزرائها، وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أعلن أن عام 2025 سيكون موعدًا لتحقيق هذا الهدف. 


ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن المسؤولين الإسرائيليين يُعوّلون على عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، ما قد يوفر دعماً قوياً لتوسيع الاستيطان، وتعطيل أي جهود للسلام، بل إنهم يضعون ملف السيادة على الضفة الغربية على طاولة إدارة ترامب لتكون من أوائل الملفات.


ويؤكد الكتاب والمختصون أن السلطة الفلسطينية تواجه تحديات كبرى، مع تحذيرات من انهيارها المحتمل إذا استمرت إسرائيل في سحب صلاحياتها وتقويض دورها، مما يهدد بمزيد من التصعيد والمواجهة.

 

مواقف إسرائيلية أكثر تطرفاً

 

يشير الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع إلى أن تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بشأن فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية بحلول عام 2025، جاءت مصحوبة بتعليمات صريحة للبدء في تطبيق هذا المخطط، وبدا من اللافت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد ساعات من تلك التصريحات، أشار إلى ضرورة استغلال الفرصة التاريخية التي قد توفرها عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفرض السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة. 


ويؤكد أبو السباع أن هذه التصريحات تعكس مواقف أكثر تطرفاً في الحكومة الإسرائيلية، وتهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية داخلية في ظل استحقاقات انتخابية حاسمة.


وبحسب أبو السباع، فإن التحركات التي تقودها حكومة نتنياهو تتزامن مع نتائج استطلاعات رأي أظهرت أن حزب الليكود بقيادة نتنياهو قد يعاني في الانتخابات المقبلة، وربما لن يحقق نسبة الحسم المطلوبة، ثم جاء الخطاب المتشدد الذي يتبناه سموتريتش في محاولة للاحتفاظ بدعم القاعدة الانتخابية من المستوطنين المتطرفين، الذين يشكلون قوة انتخابية لا يُستهان بها. 

 

 تعطيل أي مسار سياسي أو تسويات محتملة

 

وبحسب أبو السباع، لكن هذه السياسة تخدم أيضاً هدفاً أعمق: تعطيل أي مسار سياسي أو تسويات محتملة قد تعقب فوز ترامب، والتي قد تشمل الضفة الغربية ضمن ترتيبات جديدة، ما يعزز رغبة الحكومة الإسرائيلية في فرض أمر واقع قبل أي مستجدات دبلوماسية.


ويشير أبو السباع إلى أن دعوات المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك تصريحات وزراء في حكومة نتنياهو، لم تقتصر على الضم فقط، بل تطالب بعض الأصوات بإجراءات أشد، مثل إزالة المخيمات الفلسطينية ودفع الفلسطينيين للرحيل عن وطنهم، حيث إن هذه الدعوات تكشف عن أبعاد المشروع الإسرائيلي الأوسع، الذي يتجاوز مجرد السيطرة الجغرافية إلى محاولة إحداث تغيير ديموغرافي مستدام.


ويلفت إلى أنه على الجانب الفلسطيني، جاءت تصريحات الرئيس محمود عباس في القمة غير العادية بالرياض محذرة من خطر انهيار السلطة الفلسطينية، إذ إن الرئيس عباس أكد أن السياسات الإسرائيلية الأحادية على الأرض، التي تتضمن التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي، تهدد الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة وتضع مستقبل السلطة في مهب الريح. 


ووفقاً لما قاله أبو السباع، فإن السلطة الفلسطينية قد واجهت تحديات كبرى في الماضي، أبرزها "صفقة القرن"، التي كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتمرير التطبيع العربي دون حل سياسي عادل، واليوم، تقف السلطة أمام سيناريو أكثر خطورة يتطلب مواجهة شاملة. 


ويشدد أبو السباع على ضرورة أن تستخدم القيادة الفلسطينية كل الوسائل المتاحة، بدءاً من التوجه إلى المحافل الدولية لفضح السياسات الإسرائيلية، إلى تعزيز التنسيق العربي والإسلامي للضغط على حكومة نتنياهو، كما أن تعزيز صمود الفلسطينيين على الأرض، خصوصاً في المناطق المصنفة "ج"، يُعد أولوية حيوية، بالرغم من الإمكانات المحدودة التي تمتلكها السلطة.


ولكن ابو السباع يشدد على أنه في ظل عودة ترامب، وهو الذي قدم لإسرائيل هدايا سياسية غير مسبوقة في ولايته السابقة، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وشرعنة السيادة الإسرائيلية على الجولان، تزداد التحديات تعقيداً.


ويؤكد أبو السباع أنه إذا نجحت الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ خططها حول السيادة على الضفة الغربية، فسيعني ذلك نهاية أي أمل في عملية سلام سياسية، وانهيار السلطة ومؤسساتها، ما سيترك ملايين الفلسطينيين تحت حكم الاحتلال المباشر.


وعلى الرغم من قتامة هذا السيناريو، يشير أبو السباع إلى أن فرض السياسات الإسرائيلية المتطرفة سيغرق المنطقة في دوامة من العنف المستمر، وسيعزز روح المقاومة لدى الفلسطينيين، حيث إن التجارب التاريخية تُظهر أن الاحتلال الإسرائيلي، عندما يتكبد خسائر فادحة جراء مقاومة طويلة الأمد، يضطر في النهاية إلى الانسحاب، تاركاً خلفه مشاريع استيطانية كلفته الكثير.

 

بند رئيسي في البرنامج الحكومي لنتنياهو

 

يحذر الكاتب والمحلل السياسي، خليل شاهين من خطورة طرح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن عام 2025 سيكون عام فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مؤكداً أن هذا الطرح ليس مجرد حلم، بل يمثل بنداً رئيسياً في البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.


ويشير شاهين إلى أن هذا البند ورد بشكل صريح في الاتفاقيات الائتلافية الموقعة بين حزبي "الليكود" و"الصهيونية الدينية" بقيادة سموتريتش في ديسمبر/ كانون الأول 2022، التي نصت على أن الحكومة الإسرائيلية ستسعى لفرض سيادة "الدولة اليهودية" على مناطق ما تسمى "يهودا والسامرة" أي (الضفة الغربية)، وأن التنفيذ سيعتمد على قرارات نتنياهو في ضوء الظروف المواتية.


ويلفت شاهين إلى أن سموتريتش يرى أن عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية قد تخلق فرصة مثالية لتحقيق هذه المطالب، بل وربما رفع سقف الطموحات إلى ما هو أبعد من ضم 30% من الضفة الغربية الذي طرح في "صفقة القرن".


اليمين المتطرف، بحسب سموتريتش، قد يسعى لفرض السيادة على كامل الضفة الغربية، لكن الأمور لا تتوقف عند الانتظار الإسرائيلي لظروف مواتية، إذ تعمل الحكومة الحالية على تمهيد الواقع على الأرض، فقد شهدنا منذ البداية تعيين سموتريتش كوزير ثانٍ في وزارة الدفاع ومنحه صلاحيات واسعة تتعلق بإدارة شؤون الاستيطان وهدم المنازل الفلسطينية، ما ينتقص بشكل فعلي من سلطات السلطة الفلسطينية، خاصة في المناطق المصنفة "ب"،  مشيراً إلى الخطوات التصعيدية الأخيرة التي انتزعت صلاحيات من السلطة الفلسطينية في جنوب غرب بيت لحم، وكذلك "الضم الزاحف" من خلال توسيع الاستيطان وربط المستوطنات ببنية تحتية واسعة. 


ويوضح شاهين أن هذه السياسات تختلف جذرياً عن تلك التي اتبعتها حكومات إسرائيلية سابقة، والتي كانت تركز بالاستيطان على مناطق تخدم أغراضاً أمنية مثل الأغوار أو على تخوم الخط الأخضر، أما الآن، فسياسات حكومة نتنياهو تتسم بالطابع الهجومي، حيث يسعى المستوطنون إلى إقامة بؤر استيطانية في عمق الضفة الغربية، وشن هجمات إرهابية على القرى والتجمعات الفلسطينية.


ويعبر شاهين عن قلقه من هجمات المستوطنين التي لم تعد تقتصر على المناطق الريفية، بل امتدت إلى أطراف المدن الفلسطينية، كما حدث في الهجوم الأخير على مدينة البيرة، حيث تعرضت سيارات للحرق وتضررت وحدات سكنية. 


ويرى شاهين أن إسرائيل تحاول حصر الفلسطينيين في مناطق معزولة، مع سحب المزيد من صلاحيات السلطة الفلسطينية، مما يهدد بانهيارها أو تحويلها إلى كيان يقدم الخدمات دون أي صلاحيات سيادية.


وبما يتعلق بمصير السلطة الفلسطينية في حال تم فرض السيادة الإسرائيلية، يؤكد شاهين أن فرض السيادة يعني أن الضفة الغربية ستصبح تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ولن يُسمح للسلطة بممارسة أي مظاهر دولة، مثل رفع الأعلام أو وجود قوات أمن، بل إجبارها قسراً على أن تتحول إلى مجرد بلدية كبرى، بينما الفلسطينيون سيُعاملون كمقيمين بدون حقوق المواطنة الكاملة، على غرار وضع الفلسطينيين في مدينة القدس.


ويشير شاهين إلى أن إسرائيل قد تذهب أبعد من ذلك لتعديل البيئة القانونية بما يتماشى مع قانون "الدولة القومية اليهودية"، الذي يكرس حقوق تقرير المصير لليهود وحدهم، ويعزز الاستيطان كقيمة عليا للدولة. 


ويرى شاهين أن خطر الضم لا يهدد الضفة الغربية فقط، بل قد يمتد إلى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، فيما يعتقد شاهين أنه في حال تنفيذ هذه الخطوات، فإنها ستطلق ما أسماه بـ"رصاصة الرحمة" على مسار التطبيع، وتنقل الصراع إلى مواجهة مفتوحة، قد تشمل سيناريوهات تهجير وحربا بكافة أشكالها الثقافية والسياسية.

 

مطلوب من السلطة تبني استراتيجية جديدة

 

ويؤكد أن مواجهة هذا الخطر تتطلب من السلطة الفلسطينية تبني استراتيجية جديدة تعمل بالتنسيق مع الفصائل والمجتمع المدني، بعيداً عن مقاربة أوسلو التي ركزت على إدارة السكان وليس الأرض. 


ويلفت شاهين إلى أنه ربما نشهد العودة لنمط مقاومة شعبي، يعيد تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع، مستلهماً تجارب النضال السابقة. 


ويرى شاهين أن المخططات الإسرائيلية قد تدفع الفلسطينيين للعودة إلى المقاومة بكافة أشكالها، ما يعيد للقضية الفلسطينية وهجها وتعريف الصراع الفلسطيني كحركة تحرر وطني.

 

الاحتلال يفرض سيطرته الكاملة على الضفة

 

يعتقد الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن سيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي على مناطق "ج"، التي تشكل 63% من مساحة الضفة الغربية، أصبحت أمراً واقعاً، إذ إن هذه السيطرة ليست مجرد مسألة مصطلحات، بل إن الاحتلال يفرض سيطرته الكاملة على الضفة عبر شبكات من المستوطنات، ومعسكرات الجيش، ومناطق التدريب العسكرية، والمحميات الطبيعية. 


ويلفت دراغمة إلى أنه رغم غياب الإعلان الرسمي بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، فإن سلطات الاحتلال تفرض سيطرتها الفعلية من خلال قوانين عسكرية تخدم مصالحها، في حين يبقى الإعلان الرسمي مرهوناً بموقف الإدارة الأمريكية، التي تعد اللاعب الدولي الوحيد القادر على توفير الشرعية لمثل هذه الخطوة كما تعتقد حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ولذا جاءت تصريحات وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن العام 2025 هو عام الضم الفعلي للضفة الغربية.


ويؤكد دراغمة أن مسألة الإعلان عن السيادة على الضفة الغربية يتوقف إلى حد كبير على كيفية تعامل الولايات المتحدة مع حكومة الاحتلال، نظراً لأن تل أبيب لا تستطيع تجاهل أهمية موافقة واشنطن، وحتى الآن، وعلى الرغم من أن القانون الإسرائيلي لم يُفرض رسمياً على مناطق الضفة، فإن سيطرة الاحتلال تُطبق على الأرض، ما يترك التساؤل حول مدى إمكانية إعلان هذه السيادة بشكل رسمي.

 

نقاشات إسرائيلية بشأن مصير السلطة

 

وحول مصير السلطة الفلسطينية، يوضح دراغمة أن النقاش بشأن وجودها مستمر داخل أروقة السياسة الإسرائيلية، سواء في المستوى العسكري أو السياسي، وعلى الرغم من الاختلافات الظاهرية بين الأطراف، حيث يدعو المتطرفون مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير إلى التخلص من السلطة، بذريعة أنها تدعم ما يسمونه "الإرهاب"، وتعد نواة لدولة فلسطينية محتملة، يرى الجيش الإسرائيلي أهمية الإبقاء على السلطة كأداة لضبط الأمن، فمن وجهة نظر المستوى العسكري، وجود السلطة يعزز جهود مكافحة "الإرهاب"، لكن بشرط أن تظل ضعيفة وتعمل ضمن حدود مقبولة إسرائيلياً.


ويشير دراغمة الى أن سموتريتش يروج لضرورة بقاء السلطة تحت سيطرة الاحتلال، مع إبقاء تأثيرها ضعيفاً، حتى في المناطق المصنفة "أ"، فيما يتم منعها من أي وجود فعلي أو تأثير في مناطق "ج"، كما أن تصريحات سموتريتش، التي تدعو لبقاء السلطة بشكل يخدم مصالح الاحتلال، تعكس التوجه العام نحو فرض السيطرة الكاملة، مع إبقاء الفلسطينيين في حالة تبعية دائمة.


أما عن تداعيات إعلان السيادة في حال حدوثه، يرى دراغمة أن الخطوة تعني القضاء بشكل نهائي على فكرة حل الدولتين، وهو ما يتسق مع رؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يعتبر الاستيطان الوسيلة الأهم لمنع قيام الدولة الفلسطينية. 


ويحذر دراغمة من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تهجير واسع للفلسطينيين من مناطق "ج"، بهدف تركيز وجودهم في أقل مساحة ممكنة بالضفة، ما يضمن سيطرة المستوطنين على المساحة الأكبر، وبالتالي تحقيق الهدف الأساسي الذي يسعى إليه سموتريتش.

 

خيارات السلطة شبه معدومة

 

وفي ما يتعلق بخيارات السلطة الفلسطينية، يؤكد دراغمة أن خياراتها تبدو شبه معدومة، خاصة في ظل الدعم الأمريكي اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي، والذي يوفر له الحماية الدولية في المؤسسات الأممية. 


ويشير دراغمة إلى أن إسرائيل لا تعير اهتماماً للقرارات الدولية، سواء الصادرة عن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، ما يجعل أي ردود فعل فلسطينية رسمية مقتصرة على بيانات الشجب والاستنكار أو عقد اجتماعات دولية، مثل تلك التي ترعاها جامعة الدول العربية، دون أن تسفر عن نتائج ملموسة على الأرض.


ويلفت دراغمة إلى أن الانقسام الداخلي الفلسطيني يُعد عاملا ًمعرقلاً يشتت الجهود الفلسطينية، ويضعف قدرتها على مواجهة الاحتلال بفاعلية على مختلف المستويات، فهذا الانقسام يضعف أيضاً الموقف الفلسطيني العام، ويجعل من الصعب استثمار أي زخم شعبي أو دولي في مواجهة المخططات الإسرائيلية.


أما على الجانب الإسرائيلي، فيوضح دراغمة أن الإعلام أشار إلى أن حكومة نتنياهو لا تنتظر انتهاء ولاية إدارة بايدن، بل تسرع في إعداد الملفات المرتبطة بخطط الضم لتقديمها إلى طاولة إدارة دونالد ترامب المقبلة. 


هذا الاستعجال الإسرائيلي، بحسب دراغمة، ينذر بأن الخطوات الفعلية نحو الضم يجري الترتيب لها، خصوصاً أن تصريحات نتنياهو الأخيرة تعكس توافقه مع توجهات سموتريتش، ما يعني أن إسرائيل تمضي قدماً في تحقيق هذه الأجندة دون انتظار غطاء دولي جديد.


ويؤكد دراغمة أن هذه التطورات تعكس مدى تصميم حكومة الاحتلال على تقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية، من خلال خطوات عملية تتمثل في الاستيطان، وخطوات سياسية تتمثل في السعي لفرض السيادة، وسط غياب أي أدوات فعالة بيد الفلسطينيين لمواجهة هذه التحديات المتسارعة.

 

مطلوب موقف عربي موحد

 

يوضح الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش أنه منذ عام 2017، يروج بتسلئيل سموتريتش لمشروعه القاضي بضم الضفة الغربية في إطار ما يسميه "خطة الحسم"، حتى قبل أن يصبح وزيرا للمالية في حكومة نتنياهو.


ويلفت هواش إلى أن سموتريتش يؤمن بأن هذه المنطقة لا تحتمل وجود دولتين، ويطالب الفلسطينيين بالتخلي عن تطلعاتهم القومية، حتى لو كان ذلك بالقوة، وهذه الفكرة المتطرفة لاقت تشجيعاً متزايداً منذ الولاية السابقة لدونالد ترامب في الرئاسة الأمريكية، الذي قدم دعماً غير مسبوق لإسرائيل، وشهدت بعض التراجع في فترة رئاسة جو بايدن، لكنها عادت لتتصاعد بقوة مع تعيين سموتريتش وزيراً في حكومة بنيامين نتنياهو، واليوم، ومع عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، تبدو الطموحات التوسعية الإسرائيلية كأنها تحظى بجرعة جديدة من الدعم.


ويوضح هواش أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية تزايد بصورة ملحوظة خلال فترة سموتريتش في الحكومة، إذ شددت إسرائيل إجراءاتها ضد الفلسطينيين، وسعت إلى تكثيف السيطرة على الأرض. 


ومع ذلك، يلفت هواش إلى أن فكرة الضم الكامل لا تزال مرهونة بتوازنات سياسية معقدة على المستويات الدولية والإقليمية والإسرائيلية، حيث تتداخل المصالح والقوى المؤثرة في هذه القضية.


ويؤكد هواش أن الفلسطينيين، بطبيعة الحال، يرفضون هذه الخطط من حيث المبدأ، ويرون أنها تشكل تهديداً صارخاً لطموحاتهم الوطنية وحقوقهم المشروعة.


أما على الصعيد الإقليمي، فيؤكد هواش أنّ هناك رفضاً واضحاً لأي محاولة لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، كما أن المجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك الولايات المتحدة، يعترف رسمياً بالسلطة الفلسطينية، ولا تزال إدارة بايدن متمسكة برفض الطروحات المتطرفة التي يروج لها وزراء مثل سموتريتش وإيتمار بن غفير.


لكن، وفقاً لهواش، يظل الغموض يحيط بموقف ترامب المستقبلي من هذه القضية، بالرغم من أن بعض المؤشرات توحي بعدم نيته العودة إلى "صفقة القرن" بشكلها السابق، إلا أن الخبراء يحذرون من أن سياسة ترامب قد تتأثر بتوازنات جديدة في المنطقة. 


في هذا السياق، يرى هواش أنه من الضروري أن يتحد العرب في موقف واضح لمواجهة أي خطة لا تلبي الطموحات الفلسطينية، والعمل على حماية حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي.


ووفقاً لهواش، فإن الضم الكامل للضفة الغربية يعني، في حال تنفيذه، أن إسرائيل ستتحمل مسؤولية السكان الفلسطينيين، وهذا السيناريو يثير تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل مستعدة حقًا للعيش في دولة واحدة تضم الفلسطينيين، مع ضمان حقوق متساوية للجميع، أو ما إذا كانت تسعى لفرض نظام شبيه بالأبارتهايد، وهو ما لا يقبله المجتمع الدولي بأي حال، والعالم يجمع على ضرورة تحقيق حل الدولتين، ويعارض بشكل قاطع أي سياسة من شأنها القضاء على هذا الخيار.


وعلى الرغم من تهديدات الضم للضفة الغربية، يؤكد هواش أن السلطة الفلسطينية ستبقى قائمة، سواء قبلت إسرائيل بذلك أم لم تقبل، فهي معترف بها دولياً وتتحمل مسؤولية الشعب الفلسطيني، وسيظل وجودها حاضراً كعائق أمام السياسات الإسرائيلية المتطرفة.


ومع ذلك، يتوقع هواش أن يكون الفلسطينيون أمام مواجهة سياسية حادة، تشمل كل جوانب الحياة في الضفة الغربية، في ظل محاولات إسرائيل للسيطرة الكاملة، التي يصعب تحقيقها دون موافقة دولية وإقليمية.


ويؤكد هواش أن أولى خطوات التصدي لخطة سموتريتش تمثلت في القمة العربية الإسلامية، التي عبرت بوضوح عن رفض أي حل يُفرض من جانب واحد. 


ويشدد هواش على أن التصدي لهذه المخططات الإسرائيلية يتطلب حراكاً دبلوماسياً واسعاً على المستوى الدولي لحماية حل الدولتين ومنع تصفية القضية الفلسطينية، والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني في ظل التحديات المتفاقمة.

 

الوقائع على الأرض تمضي دون تردد

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي ضرورة التعامل بجدية مع خطط وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي يخطط لحسم قضية السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية في عام 2025. 


ويشير عرابي إلى أن الإجراءات والوقائع على الأرض تمضي دون تردد لتحقيق هذا الهدف، ما يستدعي انتباهاً كبيراً، خاصة أن مشروع الضم لا ينحصر بسموتريتش وحده، بل يعد جزءاً من أجندة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو،  حينما كان نتنياهو أعلن نيته ضم أجزاء من الضفة خلال فترة ولايته السابقة، التي تزامنت مع ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وإطلاق "صفقة القرن" آنذاك.


عرابي يوضح أن الضم لا يتم فقط عبر تصريحات سموتريتش، بل عبر خطوات عملية، وعلى سبيل المثال، تم منح سموتريتش وزارة ثانية في وزارة الحرب الإسرائيلية، حيث يفصل الإدارة المدنية للمستوطنين في الضفة عن الحكم العسكري، وهذه الخطوة، التي تعني عملياً إنشاء إدارة مدنية خاصة بالمستوطنين، تعد ضماً فعلياً دون الحاجة إلى ضجيج قانوني، وهو ما يجعل من السهل تقنينه في المستقبل.


ويشير عرابي إلى أن هناك بالفعل مشاريع قيد المناقشة لضم مناطق معينة من الضفة الغربية، تشمل المستوطنات ومناطق "ج"، وهناك قرارات إسرائيلية حديثة، مثل مصادرة محميّة تقع شرقي بيت لحم، ومنح صلاحيات الإدارة المدنية في مناطق "ب"، ما يؤكد أن إسرائيل ماضية في تنفيذ خطط الضم تدريجياً.


بالنسبة لمصير السلطة الفلسطينية، يرى عرابي أن هذا يعد سؤالاً كبيراً لا بد من طرحه، خاصة أن أي عملية ضم تعني فعلياً إنهاء مسار التسوية الذي تأسست عليه السلطة، من مؤتمر مدريد إلى اتفاقية أوسلو وما تبعها من اتفاقات. 


ويشير عرابي إلى أن الاحتلال يسعى لتحويل السلطة من كيان سياسي يمثل الفلسطينيين إلى مجرد إدارة ذاتية بلا أفق سياسي، وتعمل كوكيل أمني يخدم مصالح الاحتلال، وهذا يشير إلى أن مصير السلطة بات في خطر كبير، حيث يجري تهميش دورها تدريجياً، وهو أمر يجب التنبه له.

 

الاحتلال يتعامل مع الضفة كأرض تُضم دون سكان

 

وفي ما يتعلق بمصير السكان الفلسطينيين بعد الإعلان الرسمي عن الضم، يلفت عرابي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الضفة الغربية كأرض تُضم دون سكان، ما يطرح أسئلة حقيقية حول الوضع القانوني للفلسطينيين في ظل الضم، وإذا باتت مناطق الضفة تخضع للقوانين الإسرائيلية، فإن الوضع القانوني للفلسطينيين سيصبح غامضاً وملتبساً، ما قد يسهّل تنفيذ سياسات تهجير وخنق للسكان، في محاولة لدفعهم للعيش في أصغر مساحة ممكنة.


عرابي يحذر من تداعيات خطيرة للضم، من بينها إنهاء الوضع القانوني للضفة كأرض محتلة وفق القانون الدولي، وفرض وقائع جديدة تقنن وتشرعن الاحتلال.


هذا الواقع، بحسب عرابي، يفاقم المأزق الفلسطيني ويجعل السلطة في موقف صعب، لا سيما مع استمرار حالة الانقسام الداخلي الذي يشتت الجهود الوطنية.


ويرى عرابي أنه لا يمكن مواجهة تهديدات سموتريتش بالسكوت أو عبر البيانات والشجب والاستنكار، ولا من خلال مسار التسوية الذي استخدمته إسرائيل لمصلحتها. 


ويشدد عرابي على أن مسار التسوية قد انتهى وفشل، ما يضع أمام القيادة الفلسطينية مسؤولية وطنية كبيرة لإطلاق برنامج جديد، وهذا البرنامج ينبغي أن يقوم على الوحدة الوطنية ويأخذ في الاعتبار التحديات العديدة، مثل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، والتمدد الاستيطاني، وهجمات المستوطنين.


ويخلص عرابي إلى أن المشروع الوطني الفلسطيني برمته في خطر كبير، ما يستدعي إعادة التفكير في الاستراتيجيات والبرامج، والانتقال من المراوحة في المكان إلى مواجهة حقيقية ضد السياسات الإسرائيلية التوسعية.

 

قلق إسرائيلي من الضم بسبب الديمغرافيا

 

يعتقد الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي فايز عباس أن تصريحات سموتريتش عن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية جاءت على وقع أزمة داخلية يعيشها سموتريتش، الذي يعاني من تراجع شعبيته بشكل ملحوظ حال جرت انتخابات جديدة، لدرجة أنه في استطلاعات الرأي الأخيرة بالكاد يتجاوز نسبة الحسم، ما أثار قلقه ودفعه إلى البحث عن خطاب مثير للجدل يعيد له حضوراً جماهيرياً.


ويرى عباس أن سموتريتش يتصرف كأن الضفة الغربية ليست تحت السيطرة الإسرائيلية أصلاً، في حين أن إسرائيل تفرض سيادتها العسكرية الكاملة عليها منذ عام 1967. 


ويشير عباس إلى أنه من منظور سموتريتش، تشكل المستوطنات عاملاً يُمكن استخدامه الآن لتعزيز مشروع الضم، مستغلاً التطورات السياسية المحتملة في الولايات المتحدة، إذ يعتقد أنه مع عودة ترامب، ستتاح فرصة ذهبية لإحداث تغييرات جوهرية على الأرض.


ومع ذلك، يطرح عباس سؤالاً محورياً: ما الذي منع إسرائيل من ضم الضفة الغربية منذ احتلالها في حرب 1967؟ الإجابة وفقاً له بسيطة ولكنها جوهرية: الديموغرافيا. 


ويشير عباس إلى أن الخوف من الضم ينبع من القلق الدائم لدى إسرائيل من الاضطرار إلى استيعاب السكان الفلسطينيين، وهو ما سيؤدي إلى خسارة الأغلبية اليهودية داخل الدولة خلال سنوات قليلة، حينها، لن تكون إسرائيل قادرة على الحفاظ على هويتها كدولة يهودية، بل ستتحول إلى دولة ثنائية القومية، ما يعني نهاية المشروع الصهيوني كما هو مصمم.


وفي ما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، يؤكد عباس أنه في حال تنفيذ الضم، ستُحل السلطة بشكل تلقائي، ليقع عبء إدارة شؤون الفلسطينيين على عاتق إسرائيل بالكامل، بما يشمل مسؤوليات الصحة والتعليم والبنية التحتية والخدمات الأساسية، ويتساءل عباس: هل سموتريتش، بصفته وزيراً للمالية، مستعد لتولي هذه المسؤوليات الثقيلة؟


ويشير عباس إلى أن مواجهة مثل هذا السيناريو تتطلب عملاً سياسياً دولياً وضغطاً مستمراً، لكن العامل الحاسم سيبقى موقف الإدارة الأمريكية المقبلة، فمع عودة ترامب، ستظل كل الاحتمالات مطروحة، بما فيها اتخاذ قرارات تُغيّر وجه المنطقة بأسرها

دلالات

شارك برأيك

خطة الحسم بدأت بالقضم قبل الهضم.. بدء العمل بالبنية التحتية لابتلاع الضفة الغربية!

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:48 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.75

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.29

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 16)