فلسطين
الخميس 26 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا - بتوقيت القدس
لجنة الإسناد المجتمعي.. هل تؤسس للقطيعة بين شطري الوطن؟
رام الله - خاص ب "القدس" دوت كوم
د. سهيل دياب: نجاح مصر بتشكيل اللجنة قد يُمكّنها من لعب دور رئيسي في إعادة الإعمار والعمل السياسي في مرحلة ما بعد الحرب
نعمان عابد: اللجنة المجتمعية تواجه رفضاً من منظمة التحرير والرئيس محمود عباس باعتبارها "سقطة سياسية" قد تعمق الانقسام
سليمان بشارات: تشكيل لجنة مهم لكسر الرواية الإسرائيلية حول عدم وجود عنوان فلسطيني للإشراف على إيصال المساعدات لغزة
د. عمرو حسين: مصر تبذل جهوداً كبيرة للتوافق وضمان عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة باعتبارها الطرف الذي يمكنه إدارة القطاع
عدنان الصباح: تشكيل حكومة الوفاق الوطني القاعدة التي تنبثق منها كافة اللجان المختصة لضمان عدم عزل غزة ككيان منفصل
ماجد هديب: تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي من دون مشاركة السلطة أو موافقتها بمثابة الكارثة الوطنية لأنها تهدد الدولة والهوية
تتصاعد النقاشات حول تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، خاصة مع الأنباء التي تتحدث عن رفض الرئيس محمود عباس لها، وسط آراء متباينة حول جدوى هذه اللجنة وأثرها على مستقبل القضية الفلسطينية، خاصة انها قد تعمق ليس الانقسام بل الانفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن اللجنة، التي جاءت بمبادرة إقليمية من مصر وقطر، تهدف إلى توفير إطار إداري يعالج التحديات الإنسانية وإعادة الإعمار، لكن تساؤلات جوهرية تُطرح حول مرجعيتها وصلاحياتها، ودورها المحتمل في تعزيز الانقسام أو توحيد الصف الفلسطيني، خاصة أن اللجنة قد تتحول إلى بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، ما يهدد وحدة التمثيل الفلسطيني، مشيرين إلى أن هذا الجدل يزداد حدةً مع غياب التوافق الوطني، خاصة في ظل رفض السلطة الفلسطينية أي لجنة تتجاوز صلاحياتها.
الفكرة جاءت استجابة لسببين رئيسيين
يؤكد أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي، د. سهيل دياب، أن فكرة تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي" في قطاع غزة جاءت استجابة لسببين رئيسيين، الأول هو تجاوز الفلسطينيين في التحضيرات المتعلقة بمرحلة ما بعد الحرب، حيث أُجريت مناقشات إقليمية ودولية حول مستقبل القطاع من دون إشراك فلسطيني فعّال.
ووفق دياب، فإن السبب الثاني، وهو الأكثر إلحاحاً، يتعلق بتحديد الجهة التي ستدير غزة بعد الحرب، ما استدعى تقديم مقترح لإدارة غزة بقيادة تكنوقراطية متفق عليها بين جميع الأطراف الفلسطينية تقدم خدمات مدنية خاصة ان اسرائيل لا تريد ان تكون حركة حماس في الحكم.
وبحسب دياب، تحمل اللجنة أهدافاً سياسية ومدنية مهمة، سياسياً، تسعى اللجنة إلى ضمان بقاء إدارة شؤون غزة بأيدٍ فلسطينية، ما يمنع التدخلات الإقليمية والدولية في اليوم التالي للحرب، كما تهدف اللجنة إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية عبر خلق تفاهمات أوسع في المستقبل ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية، بما يشمل إدخال حركتي حماس والجهاد الإسلامي في إطار المنظمة، حيث ان هذه الجهود قد تمهد الطريق لتشكيل حكومة فلسطينية توافقية تجمع بين الضفة الغربية وقطاع غزة في وحدة جغرافية وإدارية.
أما الأهداف المدنية لتلك اللجنة، بحسب دياب، فتشمل تيسير فتح المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار قطاع غزة، تنظيم الخدمات العامة، وتهيئة الظروف لإعادة النازحين والتخلص من آثار الدمار، وكل ذلك يأتي ضمن توافق فلسطيني داخلي يُسقط الحجج الإسرائيلية التي تعيق أي تسوية أو وقف لإطلاق النار.
ويرى دياب أن مصر تلعب دوراً محورياً في هذا السياق لعدة أسباب استراتيجية وأمنية، فهي ترغب في منع أي تهديد لأمن مصر القومي ناتج عن استمرار حالة الحرب والتوتر على حدودها مع غزة، وتسعى مصر إلى تخفيف الحرج الذي تسببه إسرائيل بتصرفاتها العدوانية، والتي تؤثر سلباً على الرأي العام المصري تجاه النظام، وتحاول مصر تعزيز دورها الإقليمي في حل القضية الفلسطينية، من خلال المضي قدماً نحو حل الدولتين بالتعاون مع السعودية والإمارات ودول عربية أخرى.
ويشير دياب إلى أن نجاح مصر في قيادة هذه الجهود المتعلقة باللجنة المجتمعية لإدارة غزة قد يُمكّنها من لعب دور رئيسي في إعادة الإعمار والعمل السياسي في مرحلة ما بعد الحرب، بالتنسيق مع الأردن والسعودية، وإضافة إلى ذلك، فإن إنهاء الحرب في غزة قد يعزز العائدات الاقتصادية لمصر من خلال استقرار حركة التجارة في البحر الأحمر وزيادة إيرادات قناة السويس، التي تأثرت سلباً بالتهديدات الإقليمية الأخيرة.
ويرى دياب أن هناك ثلاثة عوامل أساسية يجب توافرها لضمان نجاح عمل اللجنة، الأول هو توفر الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف المعنية، سواء كانت السلطة الفلسطينية، او حماس، او مصر، أو غيرها.
والثاني، بحسب دياب، هو تبني مرونة دبلوماسية تتيح للفلسطينيين العمل مع مختلف الأحلاف الإقليمية والدولية، دون الانخراط بشكل كامل في أي محور سياسي أو أيديولوجي، وهذا التوازن يمكن أن يتيح للفلسطينيين تعزيز موقفهم الوطني والاستفادة من العلاقات مع جميع الأطراف.
ويشير دياب إلى العامل الثالث، الذي يتعلق بتعميق الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال إعادة هيكلة منظمة التحرير وإدخال الأطراف غير الممثلة حالياً مثل حماس والجهاد الإسلامي، والعمل وفق أجندة فلسطينية موحدة على الساحة الدولية.
ويلفت دياب إلى أن الزلزال السياسي الذي أحدثه سقوط نظام بشار الأسد في سوريا ، بالرغم من استفادة اسرائيل منه، فهو يفتح الباب أمام فرص جديدة لحل القضية الفلسطينية.
ويرى دياب أن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي هو خطوة أولى نحو تحقيق هذه الأهداف، لكنه يشدد على أهمية تجنب الأخطاء التي قد تُدخل الفلسطينيين في محاور متعارضة، والتركيز بدلاً من ذلك على التأثير في جميع المحاور بما يخدم القضية الفلسطينية.
ويؤكد دياب أن نجاح هذه الجهود يتطلب دعماً دولياً وإقليمياً، إلى جانب توافق فلسطيني داخلي يضع القضية الفلسطينية مجدداً على طاولة الحل السياسي وفق رؤية حل الدولتين.
الوحدة الوطنية ليست مجرد خيار بل ضرورة استراتيجية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالعلاقات الدولية نعمان عابد أن الانقسام السياسي الفلسطيني منذ عام 2007 كان سبباً رئيسياً في تعثر الجهود الوطنية والدبلوماسية لتحقيق الأهداف الفلسطينية.
ويشير عابد إلى أن هذا الانقسام أدى إلى تشظي التمثيل السياسي الفلسطيني، ما أضعف قدرة الفلسطينيين على الصمود ومواجهة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف الكيان الفلسطيني ووحدانيته.
ويرى عابد أن الوحدة الوطنية ليست مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية للحفاظ على وحدة التمثيل الفلسطيني ومواجهة تحديات الاحتلال.
ويوضح عابد أن الانقسام أدى إلى استغلال إسرائيل والدول الغربية له، خاصة في المفاوضات الدولية، فدائماً ما كان يُطرح تساؤل حول قدرة السلطة الفلسطينية على تنفيذ أي اتفاق يشمل قطاع غزة، ما أسهم في إضعاف الموقف الفلسطيني التفاوضي.
ويشير عابد إلى أن تحقيق الوحدة الوطنية يتطلب التوافق على برنامج سياسي موحد، وهو ما تم بالفعل عندما قبلت كافة الأطراف الفلسطينية، بما فيها حركة حماس، بفكرة إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ويشدد عابد على أنه بعد ذلك كان يجب إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وإدخال جميع الفصائل، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، تحت مظلتها، بما يشكل حجر الزاوية لإعادة توحيد الصف الفلسطيني وتجديد شرعية المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وحول تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعي"، يشير عابد إلى أن الفكرة جاءت في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ورفض الولايات المتحدة وإسرائيل أن تكون حماس طرفاً في إدارة القطاع بعد الحرب.
ويوضح عابد أن اللجنة، التي يُفترض أن تركز على القضايا الإنسانية، تواجه رفضاً من منظمة التحرير والرئيس محمود عباس، باعتبارها "سقطة سياسية" قد تعمق الانقسام.
ويعتقد عابد أن خطورة هذه اللجنة تكمن في كونها قد تصبح جهة تخاطب العالم بدلاً من منظمة التحرير أو الحكومة الفلسطينية، ما يعزز الانقسام ويفتح المجال لاستغلال إسرائيلي ودولي للوضع الفلسطيني.
ويدعو عابد حماس وفتح إلى عدم التعاطي مع هذه الفكرة، والتركيز بدلاً من ذلك على تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على إدارة شؤون الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل موحد.
ويشير عابد إلى أن مصر، التي بذلت جهوداً لتحقيق المصالحة الفلسطينية ولم تنجح، وجدت نفسها معنية بإدارة الشؤون الإنسانية في قطاع غزة، لذلك، اقترحت تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لتسهيل إدخال المساعدات وإعادة الإعمار.
ومع ذلك، يشدد عابد على أن نجاح هذه اللجنة مشكوك فيه في ظل غياب مشاركة السلطة الفلسطينية وغالبية فصائل منظمة التحرير.
ويؤكد عابد أن الحل الأمثل يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، تكون قادرة على إدارة شؤون الفلسطينيين بشكل موحد، والتحدث باسمهم في المحافل الدولية.
ويعتقد عابد أن الوحدة الوطنية يجب أن تكون الأولوية، لأنها تمثل الخيار الوحيد القادر على مواجهة المخططات الإسرائيلية وتحقيق الأهداف الفلسطينية.
ويشدد عابد على أن المرحلة المقبلة تتطلب عملاً جاداً وموضوعياً لإنهاء الانقسام، مشيراً إلى أن تشكيل حكومة وطنية موحدة سيمثل خطوة حاسمة لإدارة عملية إعادة الإعمار وإدخال المساعدات الإنسانية في غزة.
ويدعو عابد إلى استغلال الدعم الإقليمي والدولي لتحقيق هذا الهدف، مؤكداً أن القضية الفلسطينية بعد الحرب في غزة أصبحت قضية ذات أبعاد إقليمية ودولية تتطلب توافقاً فلسطينياً شاملاً.
كسر المعاناة يجب أن يتصدر الأولويات في إدارة شؤون غزة
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن قطاع غزة يعيش في ظل واحدة من أشد الأزمات الإنسانية حدةً منذ بداية الحرب الأخيرة، مشددًا على أن كسر المعاناة الإنسانية يجب أن يتصدر الأولويات في إدارة شؤون قطاع غزة قبل أي حسابات سياسية، سواء كانت فلسطينية داخلية، إقليمية، أو دولية.
ويوضح بشارات أن أي خطوة تساهم في تخفيف معاناة أهالي غزة يجب أن تستثمر بشكل فوري من قبل الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمجتمع الدولي، بهدف تقليل حجم القتل والتدمير الذي يتعرض له القطاع، وإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية في ظل الظروف المأساوية.
ويشير بشارات إلى أهمية وجود أو تشكيل لجنة إدارية فلسطينة، بغض النظر عن مسمياتها أو تشكيلاتها، تكون وظيفتها الأولى كسر الرواية الإسرائيلية التي تسوق فكرة عدم وجود عنوان فلسطيني قادر على الإشراف على إيصال المساعدات الإنسانية.
ويشدد بشارات على أن نجاح هذه اللجنة في هذه المرحلة يعتمد على دورها الإنساني فقط، دون تحميلها أي تبعات سياسية قد تفشل عملها منذ البداية، مؤكداً أن استمرار الحرب بدون إيجاد مخرج إنساني يعزز مزاعم الاحتلال الإسرائيلي ويمنحه ذرائع إضافية لمواصلة عدوانه.
ويوضح بشارات أن الاستثمار السياسي لما بعد الحرب على غزة يجب أن يأتي لاحقًا، حيث الأولوية الآن يجب أن تكون لإنقاذ أرواح اهالي القطاع.
ويؤكد بشارات أن معاناة الفلسطينيين في غزة لا يجب أن تكون ورقة مساومة سياسية لأي طرف، سواء للمقاومة، أو للسلطة الوطنية، أو للوسطاء الإقليميين والدوليين.
ويلفت بشارات إلى أن استمرار الحرب بهذا الشكل قد يؤدي إلى انفجار شامل في المنطقة، وهو ما بدأنا نرى بعض إرهاصاته في سوريا.
ويعتقد بشارات أن مصر لعبت دورًا كبيرًا منذ بداية الحرب لمحاولة توحيد الموقف الفلسطيني السياسي، لكن استمرار الانقسام الفلسطيني وارتباطاته الإقليمية حال دون نجاح الجهود المصرية حتى الآن.
ويوضح بشارات أن مصر، كونها دولة ذات تماس مباشر مع غزة، تدرك خطورة استمرار الوضع الحالي في القطاع، لذلك، تسعى القاهرة جاهدة لإيجاد عنوان فلسطيني رسمي يمكنه لعب دور محوري في المرحلة المقبلة، لكن الحسابات السياسية الضيقة لبعض الأطراف الفلسطينية أعاقت تحقيق هذا الهدف حتى الآن.
ويشير بشارات إلى أن مصر قد تجد نفسها مضطرة للتحرك بشكل منفرد إذا استمرت حالة الجمود، كما أن القاهرة قد تتخذ خطوات تسعى من خلالها لحماية مصالحها الإقليمية والجيوسياسية في ظل غياب عنوان فلسطيني قادر على إدارة الوضع.
ويعتبر بشارات أن مصر تسعى لأن تكون شريكًا فاعلًا في تحديد مستقبل غزة، وليس مجرد منفذ لقرارات الأطراف الدولية، خصوصًا مع عودة الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، الذي يتخذ قرارات سريعة وانفعالية قد تؤثر على المنطقة.
ويؤكد بشارات أن نجاح اللجنة الإدارية المقترحة مرهون بعدة عوامل أهمها التوصل إلى وقف إطلاق نار أو على الأقل هدنة مؤقتة، يمكن البناء عليها لوقف شامل للحرب، وكذلك من أجل انجاحها يتطلب ذلك تحقيق توافق فلسطيني داخلي حول تشكيل وإدارة هذه اللجنة، وهو أمر يتطلب من السلطة الوطنية الفلسطينية المبادرة واحتضان هذه اللجنة بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة.
ويؤكد بشارات أن تجاوز الخلافات بين السلطة والفصائل الفلسطينية حول منهجية إدارة غزة يجب أن يكون أولوية في هذه المرحلة، لأن المصلحة الإنسانية لسكان القطاع يجب أن تكون فوق أي اعتبار آخر.
وبحسب بشارات، فإن قدرة اللجنة على تسويق نفسها كهيئة إنسانية وإدارية متزنة، قادرة على تنفيذ مهامها دون السماح بوجود فراغ قد تستغله الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أطراف أخرى لفرض تدخلات في الشأن الفلسطيني الداخلي أمر مهم لنجاحها.
ويشير بشارات إلى أن نجاح اللجنة في هذه المهام الأولية يمكن أن يمهد الطريق لاحقًا لإطلاق مسار سياسي فلسطيني شامل، يعتمد على الانتخابات والديمقراطية ومشاركة المواطن الفلسطيني في صناعة القرار.
ويشدد بشارات على أن المرحلة التالية لوقف الحرب يجب أن تشهد إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس سياسية وديمقراطية، بحيث يتمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بعيدًا عن الإملاءات الخارجية.
ويوضح بشارات أن تشكيل هذه اللجنة قد يكون بداية لإعادة بناء الثقة بين الأطراف الفلسطينية المختلفة، مما يسهم في تشكيل رؤية وطنية موحدة لمعالجة القضايا الكبرى.
ويعتبر بشارات أن نجاح اللجنة في تحقيق مهامها الإنسانية سيعزز من قدرتها على لعب دور سياسي في المستقبل، مما يمنع أي تدخلات خارجية في الشأن الفلسطيني الداخلي، خصوصًا من الولايات المتحدة أو إسرائيل.
ويؤكد بشارات على ضرورة التخلي عن الحسابات السياسية الضيقة والانتقال إلى رؤية شاملة تراعي المصلحة الوطنية الفلسطينية.
ويشدد بشارات على أن الأولوية الآن يجب أن تكون لإنهاء معاناة أهالي غزة، مع التركيز على إيجاد حلول مستدامة تنهي حالة الجمود السياسي والإنساني التي يعاني منها القطاع.
ويشير بشارات إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب جهودًا مكثفة من جميع الأطراف، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية، والسلطة الوطنية، والدول العربية، لضمان مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني.
خلافات عميقة لا تزال تعرقل التوافق بين السلطة وحماس
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص بالعلاقات الدولية والاستراتيجية د.عمرو حسين أن فكرة تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة جاءت نتيجة اجتماعات عقدتها الدولة المصرية مع الفصائل الفلسطينية في القاهرة قبل شهر ونصف، بهدف وضع تصور لإدارة القطاع في اليوم التالي لانتهاء العدوان الإسرائيلي وانسحاب قوات الاحتلال.
ويشير حسين إلى أن خلافات عميقة لا تزال تعرقل التوافق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وهو ما تسعى مصر جاهدة لتجاوزه.
ويوضح حسين أن مصر تبذل جهوداً كبيرة لجمع الأطراف الفلسطينية وتوحيد رؤاها حول اليوم التالي للحرب على غزة، وتهدف هذه المساعي إلى تحقيق توافق فلسطيني يضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، باعتبارها الطرف الذي يمكنه إدارة القطاع، خاصة فيما يتعلق بتشغيل معبر رفح وإدخال المساعدات الإنسانية.
ويشدد حسين على أن مصر تدرك أهمية دورها في حل هذه الأزمة الإنسانية، لا سيما أن غزة تحتاج يومياً إلى أكثر من 500 شاحنة مساعدات لإغاثة السكان المتضررين من العدوان.
ويشير حسين إلى أن تعنت إسرائيل في رفضها لعودة حماس إلى حكم غزة يمثل تحدياً كبيراً، لكنه يؤكد أن مصر تعمل على تجاوز هذه العقبة من خلال تقريب وجهات النظر بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، بهدف تحقيق التوافق الوطني الذي يضمن استقرار قطاع غزة وإعادة إعماره وخاصة كون المرحلة تتطلب وجود السلطة الفلسطينية.
ويرى حسين أن نجاح لجنة الإسناد المجتمعي يعتمد على استجابة حماس للواقع الميداني، خاصة في ظل السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويوضح حسين أن المصلحة الفلسطينية تقتضي عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بالتوافق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، من أجل إدارة القطاع وضمان إدخال المساعدات الإنسانية وتقوية الموقف الفلسطيني في المفاوضات.
ويؤكد حسين أن إعادة إعمار غزة ستكون التحدي الأكبر، حيث تشير التقديرات إلى أن القطاع يحتاج إلى أكثر من 100 مليار دولار لإعادة بناء بنيته التحتية ومنازله المدمرة وهو أمر يتطلب سنوات طويلة.
ويشير حسين إلى أن مصر ستعمل بعد وقف الحرب على تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، متوقعاً أن تكون هذه العملية طويلة ومعقدة.
ويلفت حسين إلى أن مصر ما يهمها في هذه الفترة هو إبرام اتفاق يهدف إلى إنهاء الأزمة الإنسانية في القطاع، بما في ذلك وقف الحرب ونزيف الدماء، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومعالجة الجرحى، وتأمين انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
ويشدد حسين على أن القضية الفلسطينية تظل القضية الأولى للعرب، وأن مصر تعطيها أولوية قصوى، خاصة في ظل العدوان الغاشم الذي يتعرض له قطاع غزة.
ويؤكد حسين أن مصر ملتزمة بدعم الشعب الفلسطيني وإيجاد حلول للأزمات الإنسانية والسياسية التي تواجهه، بما يضمن تحقيق الاستقرار في القطاع وتعزيز فرص الحل السياسي على المدى البعيد.
أولوية تشكيل اللجان يجب أن تعتمد على قاعدة الوحدة الوطنية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أهمية تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطينية كضرورة أساسية لإدارة شؤون الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل موحد وشامل.
ويشدد الصباح على أن حكومة الوفاق يجب أن تكون القاعدة التي تنبثق منها كافة اللجان المختصة، مثل لجنة إعادة الإعمار، ولجنة إدارة شؤون السكان، ولجنة الإغاثة، لضمان عدم عزل قطاع غزة عن بقية الوطن الفلسطيني، أو تصويره ككيان منفصل.
ويشير الصباح إلى أن أولوية تشكيل اللجان يجب أن تعتمد على قاعدة الوحدة الوطنية، مستندة إلى اتفاق إعلان بكين، وعلى مبدأ إقامة حكومة وفاق وطني حتى لو كانت حكومة تكنوقراطية غير سياسية، تضم جميع القوى الوطنية وتعمل لصالح كافة أبناء الشعب الفلسطيني.
ويؤكد الصباح أن هذه الحكومة، إن شُكلت، ستلقى دعماً من جميع الأطراف الفلسطينية، بالإضافة إلى دعم الأشقاء العرب، خاصة مصر.
ويوضح الصباح أن مصر، باعتبارها العمق القومي الأهم لقطاع غزة، تولي اهتماماً كبيراً لتحقيق السلام والاستقرار واستعادة وحدة القطاع.
ويؤكد الصباح أن مصر تواجه تحديات كبيرة وأطماعاً من أطراف إقليمية ودولية، ما يجعلها معنية أكثر من أي جهة أخرى بدعم استقرار غزة وضمان توحيدها مع بقية الأراضي الفلسطينية.
ويشدد الصباح على أن دور مصر محوري في كل ما يجري في المنطقة، وخاصة في القضية الفلسطينية، حيث تمثل عنصراً أساسياً في تعزيز الوحدة الفلسطينية ودعم جهود إعادة الإعمار، مشدداً على أن موقعها الاستراتيجي ومكانتها التاريخية يجعلها شريكاً رئيسياً في دعم أي خطوات تعزز الاستقرار والسلم في غزة.
ويعتقد الصباح أن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هو السبيل الوحيد لمعالجة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذه الحكومة يجب أن تستند إلى برنامج عمل مشترك يحقق الوحدة الوطنية، ويضمن مشاركة الجميع في إدارة الشأن الفلسطيني.
ويشير الصباح إلى أن نجاح أي لجنة تُشكل في إطار حكومة الوفاق يعتمد على وحدة الصف الفلسطيني ودعم الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، التي لها دور رئيسي في دعم القضية الفلسطينية وجهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
هل ستكون اللجنة ضمن ولاية السلطة أم موازية لها؟
يوضح الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أنه ومنذ ساد مصطلح لجنة الإسناد المجتمعي لقطاع غزة وأصبح هذا المصطلح قيد التداول في الاوساط الفلسطينية وفي وسائل الإعلام، العربية منها والدولية، كلجنة ستتولى إدارة الأمور في قطاع غزة في اليوم التالي لوقف الحرب عليها، فإن كافة فئات وطبقات شعبنا وشرائحه السياسية أصبحت في حالة من الجدل حول ماهية هذه اللجنة وعملها ومرجعيتها وصلاحياتها، إضافة إلى طرح تساؤل ملح وما زال مطروحاً، وهو إذا ما كانت هذه اللجنة ستكون ضمن ولاية السلطة وتابعة لها أم موازية لها وربما بديلاً عنها.
ويرى هديب أن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي دون مشاركة السلطة الفلسطينية أو موافقتها هي بمثابة الكارثة الوطنية لأنها تهدد الدولة والهوية.
ويشير هديب إلى أنه إلى الآن لم تصدر عن الجهات الرسمية أي إجابات واضحة عن تلك التساؤلات المطروحة، وان ما يتم تداوله هو عبارة عن تسريبات عبر الإعلام، ما يعني ان مستقبل هذه اللجنة سيخضع لسيناريوهات متعددة وفقاً للمواقف المتباينة.
ووفق هديب، فإن السيناريو الأول هو أنها لجنة موازية للسلطة وبديل عنها، خاصة إذا وافقت حماس على لجنة الإسناد المجتمعي، في ظل إصرار السلطة على رفضها، ولذلك ستصبح هذه اللجنة التي ستشكل بإشراف من حماس وبتنسيق الفصائل معها أكثر نفوذاً من السلطه وحكومتها في رام الله، وهذا ما سيعزز الانقسام والاتجاه فعلياً نحو الانفصال السياسي والجغرافي، تهرّباً من استحقاقات السلام التي تضغط الأطراف الإقليمية والدولية على نتنياهو، من أجل دفعها ثمناً لما ارتكبه من تدمير وإبادة في غزة.
ويشير هديب إلى أن السيناريو الثاني، فإنه في حال إصرار السلطة على رفض المشاركة في هذه اللجنة، وفي ظل تمسك نتنياهو باشتراطاته أن لا مكان لحماس أو فتح في إدارة غزة، فإن عمل هذه اللجنة سينحصر في إطار تقديم المساعدات الإنسانية فقط، مع إبقاء غزة منطقة صراعات وحروب لا تتبع لولاية السلطة، وهذا ما يعزز انفصالها عن المشروع السياسي، وبذلك تصبح غزة بمثابة منطقة إنسانية لا هوية لها ولا عنوان سياسياً، وهذا ما يسعى إليه نتنياهو ويخطط لتنفيذه.
السيناريو الثالث، وفق هديب، هو لجنة ستتبع لولاية السلطة وإشراف الرئيس المباشر عليها، بعد مشاركه السلطة بها، ولكن بعد تلقي السلطة ضمانات دولية بأن غزة ستكون ضمن مشروع الدولة التي تسعى كافة الأطراف إلى الاتجاه نحو إعلانها في إطار حل سياسي كامل وشامل، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وهذا ما يعمل عليه الرئيس منذ سيطره حماس على غزة.
ويعتقد هديب أن السيناريو الثالث هو الأكثر ترشيحاً بفعل عوامل كثيرة، ومن بينها أن هذا المصطلح كان من أجل التحايل على الشارع الإسرائيلي الذي تعهّد له نتنياهو بعدم عوده السلطة إلى غزة، وعدم استمرار سيطرة حركه حماس على غزة.
ويرى هديب أن "مصر ستقف كما اعتدنا منها دوماً بجانب الحق الفلسطيني والتمسك بوحدانية تمثيله، بعيداً عما يقال بأن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية على ميزان ما يحقق لها من أرباح على مستوى تعزيز دورها السياسي خارجياً وعلى تعزيز مستواها الاقتصادي داخلياً".
ويشير إلى أن عزم مصر على تحقيق تلك اللجنة بمشاركة السلطة أو من دونها يقودنا إلى السيناريو الثاني وهو اعتبار غزة منطقة إنسانية تتولاها إداره مجتمعية لإغاثة من يتبقى فيها، وهذا ما يؤدي إلى ضرب تمثيل منظمة التحرير والسلطة، وهذا ما يعزز أيضاً الانفصال السياسي والجغرافي بين الضفة وغزة، وبذلك يتم العمل على إنهاء المشروع الوطني والقضاء على مشروع الدولة التي ناضل الشعب الفلسطيني عبر امتداد سنوات طويلة من أجل تحقيقه، مستبعداً أن تسلك مصر هذا الاتجاه.
دلالات
الأكثر تعليقاً
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
مصطفى يبحث مع خارجية قبرص الرومية إنهاء الإبادة الإسرائيلية بغزة
الأكثر قراءة
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 305)
شارك برأيك
لجنة الإسناد المجتمعي.. هل تؤسس للقطيعة بين شطري الوطن؟