أقلام وأراء
السّبت 09 نوفمبر 2024 9:35 صباحًا - بتوقيت القدس
مسؤول التكنولوجيا في امريكا
CTO of America
مسؤول التكنولوجيا في امريكا
إيلون ماسك، رجل الأعمال والتكنولوجيا الشهير، بات يشكل رمزا قويا ليس فقط في مجالات الابتكار بل في الساحة السياسية أيضًا، لسنوات عديدة، كان ماسك رمزا للريادة، حيث أطلق ثورة في مجالات الطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية واستكشاف الفضاء عبر شركاته مثل تسلا وسبيس إكس. واليوم، ومع الإعلان عن فوز الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، ظهرت تأثيرات الدعم العلني لماسك لحملة ترامب كموضوع رئيسي للنقاش، حيث يثير تساؤلات حول مدى تأثير ماسك ومنصاته الرقمية على السياسة الأمريكية.
في البداية، تجدر الإشارة إلى أن تدخل ماسك في السياسة ليس أمرًا جديدًا، فقد عبّر سابقًا عن آرائه السياسية والاقتصادية بوضوح، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي أو من خلال تصريحاته في المؤتمرات الصحفية، لكنه خلال هذه الانتخابات، تجاوز ما كان متوقعا، حيث استغل نفوذه الرقمي على منصة "X" (تويتر سابقا) للتعبير عن دعمه لترامب، وسعى جاهدا لتقديم نفسه كأحد أقوى حلفائه في القطاع التكنولوجي، مما جعله يلقب بـ"CTO of America". في المقابل، يستمد ماسك من ترامب موقفا مناهضا للرقابة الحكومية على قطاع التكنولوجيا ودعما لحريات السوق، وهي توجهات تنسجم مع طموحات ماسك التوسعية.
من بين الخطوات التي اتخذها ماسك لدعم ترامب، كان هناك استغلال كامل لمنصة "X"، حيث يتابعه نحو 143 مليون شخص، قام ماسك بالترويج للعديد من مواقف ترامب السياسية، وبخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والسياسة الخارجية، مما عزز من مكانة ترامب لدى قاعدة كبيرة من المتابعين، خصوصا أولئك الذين يعتبرون ماسك رمزا للريادة التكنولوجية، ويُظهر استطلاع أجرته وكالة "رويترز" أن حوالي 35٪ من مستخدمي "X" يرون أن ماسك يمتلك تأثيرا كبيرا على السياسة الأمريكية، مما يؤكد أن دعمه لترامب كان له دور مهم في إعادة تشكيل آرائهم.
الدعم الذي قدمه ماسك لترامب لم يكن فقط عبر التغريدات؛ بل أشارت تقارير إعلامية إلى أن ماسك ساهم أيضًا بموارد مالية كبيرة لدعم الحملة، إذ تشير بعض التقديرات إلى أن ماسك قد يكون قد استثمر أمولا ضخمة في تمويل أنشطة الحملة الانتخابية لترامب، وهو ما يعكس تصميمه على تقديم كل ما يمكنه لدعم عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ولكن هذا التدخل المالي قد أثار استياء البعض، حيث يرى معارضوه أن تأثير ماسك في السياسة قد يؤدي إلى سيطرة غير عادلة لرجال التكنولوجيا على الديمقراطية، ما يجعلهم يتساءلون عن مدى تأثير هذه الأموال على نزاهة العملية الانتخابية.
لم تكن علاقات ماسك وترامب دائما متناغمة، فقد شهدت فترة رئاسة ترامب الأولى بعض التوترات بينهما، حيث رفض ترامب سياسات مكافحة التغير المناخي التي كانت تتعارض مع رؤى ماسك فيما يخص الطاقة النظيفة، إلا أن إعادة ترامب تصوره لهذه السياسات وتبنيه لرؤية جديدة تدعم توسيع القطاع الخاص وتشجيع الحريات الاقتصادية قد جذب ماسك مرة أخرى ليكون أحد أبرز داعميه، خصوصًا في ظل رؤية ماسك الداعمة للتجارة المفتوحة والحد من الرقابة الحكومية، يبدو أن هذه العلاقة المتجددة بينهما لا تقتصر فقط على المصالح الاقتصادية، بل تعكس تداخلا في الرؤى السياسية التي تتجاوز التكنولوجيا.
تأثير ماسك يتجاوز مجرد دعم سياسي بسيط؛ إذ أظهرت دراسة من جامعة ستانفورد أن حوالي 25٪ من متابعي ماسك قد تأثروا بآرائه السياسية، ما يظهر مدى عمق تأثيره في توجيه الرأي العام، فبهذه القدرة على التأثير، أصبح ماسك ليس فقط قائدا تكنولوجيا بل أحد الشخصيات المؤثرة في السياسات العامة، ويثير هذا الأمر مخاوف بشأن إمكانية استخدام رجال الأعمال التكنولوجيين نفوذهم للتأثير على النتائج السياسية بما يتماشى مع مصالحهم الخاصة، ومع فوز ترامب بالانتخابات، يبدو أن هذه المخاوف قد تتحقق بشكل واضح.
لم يكن تدخل ماسك في السياسة بعيدا عن الانتقادات، فقد أبدى العديد من السياسيين من الحزب الديمقراطي تحفظهم على تدخل رجال التكنولوجيا في السياسة، حيث اعتبروا أن ما يقوم به ماسك قد يشكل تهديدا للتعددية الحقيقية في العملية الانتخابية، وقد انتقدت السيناتور إليزابيث وارين هذا الدور التكنولوجي المتزايد، مشيرة إلى "خطر هيمنة التكنولوجيا على الديمقراطية"، وأكدت أن رجال التكنولوجيا يجب أن يبقوا بعيدين عن التدخل المباشر في السياسة، إذ ترى أن دعم ماسك لترامب قد يؤدي إلى خلق حالة من التفاوت الكبير في الساحة الانتخابية، مما يهدد العدالة والمنافسة الشريفة بين المرشحين.
لكن في المقابل، يرى آخرون أن تدخل ماسك في السياسة ليس سوى تعبير مشروع عن حقوق الأفراد في التأثير على مسار بلادهم،إذ يعتقد مؤيدو ماسك أن دوره في دعم ترامب هو تجسيد للحرية الشخصية التي يجب أن يتمتع بها رجال الأعمال، خاصة في بيئة ديمقراطية تتيح لهم حرية التعبير عن آرائهم والمشاركة في توجيه مسار السياسة،بل ويعتبرون أن دوره يعكس حقيقة التحول الحاصل في طبيعة الاقتصاد الحديث الذي يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا ورجال الأعمال المبدعين الذين يدفعون عجلة التطوير والتغيير.
ومع فوز ترامب، يبقى السؤال حول تداعيات هذا الدعم السياسي المفتوح من قِبل شخصيات تكنولوجية بهذا الحجم ودور التكنولوجيا في مستقبل السياسة الأمريكية، فهل سيكون لهذا الدعم تأثيرات إيجابية في تعزيز حرية التعبير وإثراء النقاش السياسي؟ أم أنه سيؤدي إلى زيادة الاستقطاب السياسي ويساهم في تصاعد هيمنة القطاع الخاص على صنع القرار؟
على كل حال، يبقى ماسك شخصية لا يمكن تجاهلها، حيث أصبح نفوذه يتجاوز حدود الابتكار التقني ليصل إلى السياسة والاقتصاد وحتى القضايا الاجتماعية. ومع استمرار نفوذه في التوسع، يبدو أن ماسك يسير بخطى ثابتة نحو مزيد من التأثير على مسار السياسة الأمريكية، ما يطرح تحديات جديدة حول دور التكنولوجيا في الديمقراطيات الحديثة، وما إذا كان بالإمكان إبقاء هذا التأثير تحت السيطرة لضمان مستقبل سياسي أكثر توازنًا.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
الذكاء الاصطناعي والعلاقات الرقمية: تحول شامل في نمط التواصل والاتصال
بقلم : صدقي ابوضهير، باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
هل الذكاء الاصطناعي "حرامي"؟
بقلم عبد الرحمن الخطيب، مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
بلاد الحرب أوطاني!
ابراهيم ملحم
النرويج تتضامن مع فلسطين: ملكاً وحكومة وشعباً وسفراء من كل أنحاء العالم
اياد أبو روك
تقييم متزن
غيرشون باسكن
الحل من عند رب السماء!
حديث القدس
الحـرب الإسـرائيلية عـلى لـبـنان: حـصـيـلة قـاسـيـة وهـدنة هـشـة
د. ماهر الشريف
تصريح وتغريدة يكشفان حقيقة الأطماع التركية في سوريا
وسام رفيدي
حكم الأغنياء أم حكومة الأثرياء؟
جواد العناني
هل يدمرون (الأونروا)... "دولة" اللاجئين الفلسطينيين؟
د. أسعد عبدالرحمن
نزوح تحت النيران ونيران تحرق كل مكان
حديث القدس
من لا يعرف سيدرا فليُغرق رأسه في الرمل
عيـسى قراقـع
حملات المقاطعة الرقمية بين الوعي الجماهيري والضغط الاقتصادي
مريم شومان
تحقيق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني
سري القدوة
التعليم من أجل الأمل
فواز عقل
غزة وأخطاء السياسة الأميركية
جيمس زغبي
الصراع العربي الإسرائيلي وتداعياته على بلدان الجوار الفلسطيني
حمادة فراعنة
رسالة إلى السيد الرئيس ترمب!
حديث القدس
حديث النفس التي تخزها إبَرُ الشعر
فراس حج محمد
الرهائن في عهدي جيمي كارتر وجو بايدن
عقل صلاح
الأكثر تعليقاً
الجولاني لسي إن إن: هدفنا هو الإطاحة بالأسد وإقامة دولة مؤسسات
ترمب يهدد "حماس" في حال لم تطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين
محدث:: إحراق منزلين و3 مركبات ومحلاً تجارياً وهدم منشأتين في نابلس
استشهاد مسن بعد اعتداء قوات الاحتلال عليه جنوب نابلس
واشنطن: مزاعم الإبادة الجماعية في غزة لا أساس لها من الصحة
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة
الاحتلال يفرج عن المعتقلتين ليان ناصر وليان كايد
الأكثر قراءة
اتفاق "فتح" و"حماس".. لجنة إسناد لوحدة الساحات في الضفة والقطاع
الحـرب الإسـرائيلية عـلى لـبـنان: حـصـيـلة قـاسـيـة وهـدنة هـشـة
حماس وفتح تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة غزة
بانتظار القادم الجديد للبيت الأبيض.. لا مؤشرات تعد بإنطفاء الحريق
الرهائن في عهدي جيمي كارتر وجو بايدن
يديعوت: مؤشرات على أن الاحتلال الإسرائيلي لغزة سيستمر سنوات
فورين بوليسي تخوض في الأسباب وراء التقارب السعودي الإيراني وابتعاد الرياض عن التطبيع
أسعار العملات
الجمعة 06 ديسمبر 2024 8:09 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.6
شراء 3.59
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.79
دينار / شيكل
بيع 5.07
شراء 5.06
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 187)
شارك برأيك
مسؤول التكنولوجيا في امريكا