Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الثّلاثاء 05 نوفمبر 2024 1:20 مساءً - بتوقيت القدس

بقرارها السماح للبنوك باقتطاع كامل القروض.. هل فقدت سلطة النقد سلطتها؟

رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم

محمد مناصرة: قرار سلطة النقد بعد نجاح الحكومة بتسديد راتب كامل لما يزيد عن 72% من الموظفين

أيهم أبو غوش: الحكومة لا تريد أن تتحمل مزيداً من الديون وتركت الموظف ليحل سداد قرضه مع البنك

د. سامح العطعوط: إجراء مساعد للبنوك في ظل ظروفها الصعبة والموظفون متوسطو الدخل المتضرر الأكبر 

د. ثابت أبو الروس: عودة الخصومات الكاملة ستؤدي إلى تراجع القوة الشرائية وستؤثر سلباً على الأسواق

طلعت علوي: سلطة النقد والبنوك تتعاملان مع الموظفين كأن الأوضاع الاقتصادية عادت إلى طبيعتها

فراس ياغي: دعم للقطاع المصرفي على حساب الموظفين ولا مؤشرات لاستقرار اقتصادي أو سياسي


تطرق الخصومات على الرواتب باب الموظفين مجدداً، بعدما أعلنت سلطة النقد قرار استئناف تلك الخصومات، في ظل ظروف اقتصادية وسياسية صعبة، لكن ذلك الاستئناف للخصومات ربما يهدف إلى التقاط البنوك أنفاسها المالية في ظل تراجع أرباحها.


ويُجمع محللون ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، على أن هذا القرار يزيد من الضغط على الاقتصاد الفلسطيني المنكمش أصلاً، وقد تكون له تأثيرات سلبية على مستوى الاستهلاك، ما يعمق حالة الركود الاقتصادي في الضفة الغربية.


ويدعو المحللون والمختصون، الحكومة إلى اتخاذ خطوات فاعلة لدعم القطاع المصرفي ولضمان استمرارية عمل البنوك، بالتوازي مع دعم الموظفين وإسنادهم، والتعاون بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق استقرار مالي واقتصادي يساعد على تحسين الظروف المعيشية في الضفة الغربية.



سلطة النقد توضح حيثيات القرار


يوضح محمد مناصرة، نائب محافظ سلطة النقد، أن سلطة النقد أصدرت في بداية العام 2024 التعليمات رقم (2024/2) التي تضمنت منح موظفي القطاع العام المقترضين سقف جاري مدين/ تمويل مرابحة سلعية بهدف تمكين الموظفين من استلام الدفعة من الراتب في ظروف بالغة التعقيد، خاصة بعد حجز اموال المقاصة بعد الحرب التي شنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، حيث اضطرت الحكومة لدفع 50% من الراتب في حينه، كما ساهم قرار منح الجاري مدين للموظفين في ضخ سيولة إضافية في السوق، ومؤخراً نجحت الحكومة في تسديد راتب كامل لما يزيد عن 72% من الموظفين ورفع الحد الأدنى للراتب ليصبح بقيمة 3500 شيكل، لذلك قررت سلطة النقد استئناف العمل بالتعليمات رقم (2021/25) واستئناف خصم الأقساط من موظفي القطاع العام اعتباراً من راتب الشهر الحالي.


ويؤكد مناصرة أنه في حال تحويل كامل الراتب، فسيتم سداد كامل قيمة القسط المستحق على الموظف، أما في حال تحويل نسبة من الراتب، فسيتم تسديد القسط نسبة وتناسب من قيمة الدفعة المحولة وبما لا يتجاوز 50% منها أو من قيمة القسط-أيهما أقل، وبإمكان الموظفين الراغبين في تخفيض قيمة القسط الشهري إعادة جدولة قروضهم ومعالجة الأقساط المستحقة عليهم من خلال توجه الموظفين إلى فروع البنوك وطلب جدولة القروض.


وبخصوص الموظفين المتعثرين، يوضح مناصرة أن عليهم مراجعة المصارف لتنظيم مديونياتهم لأغراض الاستفادة من الجزء المحول من الراتب.


وبشأن متابعة التزام البنوك بما نص عليه القرار الجديد، يؤكد مناصرة أن سلطة النقد ستقوم بفحص مدى التزام المصارف بنسب الخصم المحددة بالتعليمات مكتبياً وميدانياً، وسيتم التعامل مع أيّ شكاوى أو اعتراضات واردة من موظفي القطاع العام المقترضين بشأن عدم التزام المصارف، وسيتم اتخاذ المقتضى القانوني اللازم بحق المصارف المخالفة وإعادة المبالغ المخصومة بخلاف ما نصت عليه التعليمات لصالح الموظف.


الحكومة في وضع صعب


يوضح الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي أيهم أبو غوش أن قرار سلطة النقد الفلسطينية الأخير باستئناف خصم القروض من الرواتب يُلزم موظفي القطاع العام بالعودة إلى الصيغة التعاقدية الأصلية مع البنوك بعد انتهاء الفترة الاستثنائية التي سُمح خلالها بإعادة جدولة قروض الموظفين حتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، والتي جاءت نتيجة أحداث 7 أكتوبر، وما تلاها من تدهور اقتصادي، وتعمّق الأزمة المالية للسلطة الوطنية التي لم تعد قادرة على صرف إلا نسبة معينة من الراتب نتيجة قرصنة الاحتلال على مزيد من أموال المقاصة.


ويشير أبو غوش إلى أن هذا القرار الجديد يسري فقط على موظفي الضفة الغربية، وهو يعني أن البنوك ستعود لخصم الأقساط كاملة من رواتب الموظفين كما هو متفق عليه تعاقدياً، ما سيؤدي إلى إلغاء الاستثناء الذي كان يُمنح للموظفين، والذي نص على اقتطاع جزء من قيمة القسط وفق نسب محددة. 


ويلفت أبو غوش إلى أن سلطة النقد اشترطت ألا تزيد نسبة الخصم عن 50% من دخل الموظف، لكنها لم توضح كيف سيتم التعامل في حال لم تُغطِّ النسبة الكاملة القسط، مرجحاً أن يترك الموضوع لترتيبات بين الموظف نفسه وبين البنك إما بأن يخصم قيمة المبلغ كاملاً أو منح الموظف ما يُعرف بـ(الجاري مدين) أو إعادة جدولة القرض بتمديد فترة السداد نظير فوائد إضافية.


هذا القرار، وفقاً لأبو غوش، استند إلى أن الحكومة الفلسطينية اعتبرت أن نحو 70% من الموظفين يتلقون رواتبهم كاملة، وبالتالي يحق للبنوك استعادة حقها في الخصم الكامل للأقساط. 


تأثير كبير على الموظفين متوسطي الدخل


ويرى أبو غوش أن هذا التوجه قد يؤثر بشكل كبير على شريحة الموظفين متوسطي الدخل تحديداً، حيث تترواح رواتبهم بين 5 و6 آلاف شيكل، وهم الأكثر تضرراً لأنهم لن يتمكنوا من تسديد القروض كاملة، أما الفئة ذات الرواتب العليا، فتتقاضى نحو 70% من راتبها، ما يجعلها قادرة نسبياً على الالتزام بسداد الأقساط بسبب ارتفاع قيمة رواتبهم، لكن الفئات الدنيا من الموظفين لن تتأثر بالقرار، لأن هذه الفئة تتلقى رواتبها كاملة، وهي حصلت على القروض بموجب دخلها الثابت.


ويؤكد أبو غوش أن البنوك مرغمة على استرجاع مستحقاتها بناءً على الصيغة التعاقدية المتفق عليها مسبقاً، حيث يُعد تسديد هذه القروض في مواعيدها ملزماً من الناحية المالية حتى لا يتم اعتبارها متعثرة وفق معايير المحاسبة الدولية، ما يجنبها مزيداً من المخصصات المالية التي ستثقل عليها مالياً.


ويشير أبو غوش إلى أن أحد الاقتراحات التي طُرحت كانت تتضمن أن تسعى الحكومة للحصول على قرض مجمع، كما فعلت الحكومة السابقة نهاية العام الماضي، لسداد جزء من الديون المتراكمة على الموظفين، إلا أن الحكومة الحالية لم تلجأ إلى هذه الخطوة خشية من زيادة الدين العام وعدم قدرتها على زيادة قيمة القسط الشهري لسداد القرض، الأمر الذي قد يؤثر على قدرتها على تسديد نسبة الرواتب الحالية، وتركت الموضوع لتتم تسويته بين الموظفين والبنوك مباشرة، ما يشير إلى عدم رغبتها في تحمل مزيد من الديون أو إعادة جدولة قروض الموظفين في ظل الظروف المالية الصعبة.


ويرى أبو غوش أن القرار الجديد يعكس الوضع الحرج الذي تواجهه الحكومة، إذ تبدو غير قادرة على سداد مستحقات الموظفين أو إلزام البنوك بتقديم تسهيلات إضافية والتي عليها التزامات مالية هي الأخرى يجب أن تفي بها.


ويشير أبو غوش إلى الحرج والضائقة التي تعاني منها البنوك، في حال اعتبرت هذه القروض متعثرة، ما يعني أنها ستلجأ إلى زيادة مخصصات احتياطات المخاطر، ما يضعف قدرتها المالية ويزيد من حدة الأزمة الاقتصادية.

ويؤكد أبو غوش أن المرحلة الحالية تبرز الحاجة الملحة لحلول مالية أكثر شمولية تساعد الموظفين والفئات المتضررة في التخفيف من تداعيات الأزمة الحالية، بدلاً من ترك الموظف يصارع الأزمة مع البنوك.


تداعيات سلبية


ويلفت أبو غوش إلى أن تداعيات القرار الأخير ستكون سلبية بشكل كبير على الموظفين، وبخاصة من ذوي الفئة الوسطى الذين سيكونون ملزمين إما بتسديد قيمة أقساط القروض كاملة وهذا سيكون عل حساب معيشتهم، أو بإعادة جدول القروض وفق صيغة متفقة مع البنوك ما يحملها أعباء فوائد إضافية.


ويوضح أبو غوش أن القرار سيؤثر أيضاً على مستوى توفير السيولة النقدية في الأسواق، ما يعني مزيداً من الانكماش والتراجع في الدورة الاقتصادية، وما يترتب على ذلك من رفع لنسبة البطالة والفقر، وربما مزيداً من إغلاق للمنشآت الاقتصادية.


القرار في وقت حرج مالياً للبنوك


يوضح الخبير المالي والاقتصادي وأستاذ العلوم المحاسبية في جامعة النجاح الوطنية د.سامح العطعوط أن سلطة النقد تتابع عن كثب أوضاع البنوك المحلية، وأن قرار استئناف الخصومات من رواتب الموظفين لصالح القروض المستحقة عليهم جاء كإجراء مساعد للبنوك في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمر بها.


ويؤكد العطعوط أن هذا القرار يأتي في وقت حرج مالياً للبنوك التي تعاني من وضع مالي صعب وخسائر تكبدتها خلال أكثر من عام وتعمقت الأزمة خلال الأشهر الماضية، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز وضعها المالي.


ويشير العطعوط إلى أن توقيت استئناف الخصومات جاء بعد تقييم دقيق من قبل سلطة النقد، التي رأت أن القطاع المصرفي، مع قرب انتهاء السنة المالية، بحاجة ماسة إلى الدعم والمساندة، وهذه الخطوة تهدف إلى إعادة حماية قطاع البنوك وتحسين استدامتها، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.


وبخصوص الأداء المالي للبنوك، يوضح العطعوط أن هناك خسائر كبيرة قد لحقت بالبنوك نتيجة تراجع الأرباح، وهو ما سيظهر بوضوح في التقرير الربعي الأخير للسنة المالية. 


ويرى العطعوط أن هذه الخسائر تعكس حالة عدم الاستقرار التي يعاني منها القطاع المصرفي، ما يثير القلق حول مستقبل السيولة والقدرة على تلبية احتياجات السوق.


وفي ما يتعلق بعودة الرواتب، يعتقد العطعوط أن حجم المديونية المستحقة على السلطة الفلسطينية كبير جدًا، مما يؤثر سلبًا على قدرة الحكومة على تسديد الالتزامات، ورغم إمكانية حدوث بعض التحسينات المالية، إلا أنه لا يتوقع تغييرات جوهرية على الواقع المالي في الضفة الغربية خلال الفترة الراهنة وحتى الأشهر القليلة المقبلة، كما أن نسب صرف الرواتب ستظل متقاربة مع ما كانت عليه في الأشهر السابقة، مما يساهم في تعميق حالة الركود الاقتصادي بالتوازي مع استئناف الخصومات من الرواتب.


تأثير كبير على الواقع المعيشي للمواطنين


ويشير العطعوط إلى أن قرار سلطة النقد سيؤثر بشكل كبير على الواقع المعيشي للمواطنين، حيث من المتوقع أن يؤدي إلى تقليل الإنفاق والاستهلاك، ونتيجة لذلك سيشهد السوق ركوداً في حركة الشراء، الأمر الذي سينعكس سلباً على نسبة السيولة المتاحة، وقد تزداد نسبة الفقر في الضفة الغربية في حال استمرت هذه الظروف.


ويؤكد العطعوط أن هذه المعطيات تتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات متوازنة بين الحفاظ على رواتب الموظفين ودعم البنوك لضمان استمرارية عملها، ما يتطلب التخطيط الدقيق لإجراءات مهمة تسهم في تعزيز استدامة القطاع المصرفي، ولضمان استمرارية عمل البنوك، ويجب أن تسعى الحكومة إلى اتخاذ خطوات فاعلة لدعم ذلك القطاع، بما يعزز من قدرته على مواجهة التحديات المالية التي تعصف به.


ويشير العطعوط إلى أن الوقت الراهن يتطلب من كافة الأطراف المعنية التعاون لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في الضفة الغربية، بما يساعد على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين ويعزز من الثقة في القطاع المصرفي، وهذه الخطوات لا بد أن تتم بشكل مدروس ومنسق لضمان تحقيق النتائج المرجوة، وتعزيز قدرة النظام المالي على مواجهة التحديات المستقبلية وكذلك عدم ركود الأسواق وتقليل نسبة الفقر.


توجهات مختلفة للسياسات المالية والمصرفية للسلطة


يعتقد الكاتب والمحلل الاقتصادي د.ثابت أبو الروس أن قرار سلطة النقد استئناف الخصومات الكاملة على القروض المستحقة على موظفي القطاع العام، الذي جاء بعد تعليق استمر قرابة عشرة أشهر، يعكس دلالات عدة ومؤشرات قد تحمل في طياتها تحليلات اقتصادية وسياسية دقيقة. 


ويوضح أبو الروس أن هذا القرار يعبر عن توجهات مختلفة للسياسات المالية والمصرفية للسلطة الفلسطينية والبنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والضغوط المالية المتزايدة على الحكومة والمواطنين.


ويرى أبو الروس أن هذا القرار من سلطة النقد يوحي بأن هناك رؤية لدى الجهات الرسمية نحو عودة تدريجية للحراك المالي المعتاد داخل السلطة الفلسطينية، وأن الأوضاع قد تتجه نحو استقرار نسبي يتيح المجال لعودة الخصومات على القروض.


ويوضح أبو الروس أن هذه الخطوة توحي بوجود ضغوط من البنوك، التي تعتبر أن مواصلة عدم الخصم الكامل قد يؤثر سلباً على استراتيجياتها الاستثمارية، ويضعف من قدرتها على رسم خطط مالية واضحة.


 ويشير ابو الروس إلى أن البنوك تعتمد بشكل كبير على التدفقات النقدية الثابتة، ومواصلة الامتناع عن الخصم الكامل يعرض مصالحها المالية للخطر، وقد يدفعها إلى إعادة النظر في خططها المستقبلية إذا استمرت هذه السياسات.


وبحسب أبو الروس، تستند سلطة النقد في قرارها إلى دراسات تشير إلى أن نحو 70% من موظفي القطاع العام باتوا يحصلون على رواتب كاملة، ما يجعل من الصعب الاستمرار في منح استثناءات، خاصة في ما يتعلق بخصم القروض المستحقة. 


ويلفت أبو الروس إلى أنه نتيجة لذلك يبدو أن سلطة النقد ترى أن موظفي القطاع العام قادرون على تسديد التزاماتهم تجاه البنوك، خاصة في ظل رفع الحد الأدنى للصرف، الذي بات يبلغ 3500 شيكل شهرياً، فضلاً عن جهود الحكومة في ترشيد الاستهلاك الحكومي وتحقيق التوازن المالي النسبي من خلال السعي للحصول على تمويلات خارجية، وهو ما ساعد على تحسين السيولة النقدية لديها.


ويوضح أبو الروس أن هذا القرار قد يكون مرتبطاً باحتياجات البنوك لزيادة تدفقاتها النقدية مع اقتراب نهاية السنة المالية، حيث يُعد هذا التوقيت مناسباً للبنوك لتأمين أرباحها وزيادة السيولة لديها، وهو أمر يتماشى مع رغباتها في استرداد قروض الموظفين. 


ويشير أبو الروس إلى أن البنوك الأجنبية العاملة في فلسطين تولي أهمية خاصة للتوجهات المالية المستقبلية المرتبطة بالوضع السياسي، وتعتبر أن زيادة تدفقاتها النقدية تمنحها مرونة أكبر للتعامل مع الأحداث الاقتصادية التي قد تطرأ.


القرار يخدم البنوك ولا يخدم الموظفين


ويلفت إلى أن توقيت القرار ربما جاء ليخدم القطاع البنكي، ولكنه قد لا يخدم بشكل مباشر مصلحة الموظفين، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الفقر وغلاء الأسعار وتدهور مستوى المعيشة نتيجة لتآكل قيمة الرواتب بسبب التضخم. 


ويوضح أبو الروس أن التزام الموظفين بدفع كامل الخصومات على قروضهم قد يؤثر بشكل كبير على قدرتهم على توفير حاجاتهم الأساسية، حيث من المتوقع أن ينخفض مستوى استهلاكهم بشكل ملحوظ، وقد يضطر البعض منهم إلى التخلي عن نفقات ضرورية لتسديد أقساط قروضهم للبنوك، ما سيؤدي إلى انخفاض مستويات الاستهلاك الشخصي والعام.


ويؤكد أبو الروس أن عودة الخصومات الكاملة ستؤدي بلا شك إلى تراجع في القوة الشرائية لدى الموظفين، حيث سيواجه الموظف عبئاً إضافياً على ميزانيته الشهرية، الأمر الذي قد يؤثر سلباً على الأسواق المحلية ويدفع إلى تراجع الطلب على السلع والخدمات. 


ويرى أبو الروس أن هذا القرار، وبالرغم من ضرورته للحفاظ على سلامة النظام المصرفي، يعكس التحديات التي يواجهها المواطن، خاصة مع ارتفاع نسب الفقر نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة.


ويشير أبو الروس إلى أن الحكومة الفلسطينية، وبالرغم من محاولاتها لتحسين الأوضاع المالية، لا تزال تواجه صعوبات في توفير الرواتب بشكل كامل ومستقر لجميع الموظفين، إلا أن القرار الحالي من شأنه أن يمهد لعودة تدريجية نحو استقرار مالي أفضل، حيث تعمل وزارة المالية ورئاسة الوزراء على تأمين المزيد من الدعم المالي الخارجي، الذي يمكن أن يسهم في توفير استقرار مالي نسبي على المدى المتوسط، ويسمح للموظفين بتغطية نفقاتهم الأساسية وتسديد ديونهم في الوقت ذاته.


ويعتقد أبو الروس أن هذا القرار يمثل خطوة نحو استعادة النظام المالي المعتاد، لكنه يحمل في طياته تأثيرات سلبية على مستوى المعيشة لدى الموظفين، خاصة الطبقة الوسطى التي تتحمل العبء الأكبر في تغطية قروضها ومستحقاتها المالية. 


وبالرغم من جهود الحكومة ووزارة المالية لتحسين مستوى السيولة، يرى أبو الروس أن قرار الخصم الكامل يطرح تحديات كبيرة للموظفين، ويتطلب توازناً دقيقاً بين مصالح البنوك وحماية الحقوق المالية والمعيشية للمواطنين.


مساعي البنوك لتحسين نتائجها المالية للعام 2024


يوضح الصحفي والإعلامي الاقتصادي طلعت علوي أن قرار سلطة النقد بشأن استئناف الخصومات على قروض موظفي القطاع العام يعيد النظام إلى الصيغة التعاقدية القديمة ما قبل السابع من أكتوبر 2023، والتي تتبع القواعد المالية والقانونية السابقة، بعد أن كانت الاستثناءات تمنع خصم القروض عقب أحداث السابع من أكتوبر، بنسب معينة، واستمر ذلك حتى نهاية سبتمبر الماضي. 


ويبين علوي أن القرار لا يشمل موظفي قطاع غزة، الذين لم يكونوا ضمن هذه الإجراءات أساساً، مؤكداً أن صيغة القرار تعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر 2023، وهي خطوة تعكس تعامل سلطة النقد والبنوك مع الموظفين على أساس أن الأوضاع الاقتصادية عادت إلى طبيعتها، بالرغم من أن الأوضاع لم تعد كما كانت، بل لا تزال الأزمة قائمة وتشتد.  


ويشير علوي إلى أن ما يقارب 70% من الموظفين يتلقون رواتبهم بشكل كامل، ومع ذلك يتساءل حول كيفية تطبيق الخصومات على بعض الفئات التي تتلقى رواتب غير مكتملة أو تأثرت بشكل أكبر من غيرها، مشيراً إلى أن هذا النوع من القرارات بحاجة إلى توضيح وآليات تطبيق واضحة، لأن البعض قد يجد نفسه غير قادر على تحمل أعباء الخصومات نتيجة عدم وضوح آلية التعامل مع القروض هل تُحسب على أساس جاري ومدين أم لا. 


قرارات مبهمة تتيح مرونة للبنوك في تنفيذها


ويوضح علوي أن مثل هذه القرارات عادة ما تكون مبهمة، حيث تتيح للبنوك مرونة في تنفيذها، ما قد يؤدي إلى إشكالات لدى الموظفين خلال الأيام المقبلة.


ويؤكد علوي أن استئناف الخصومات لا يمكن اعتباره مؤشراً على عودة الرواتب الكاملة للموظفين، فالحكومة تعاني من أعباء ديون ثقيلة، حيث يقدر الدين العام بقرابة 14٫5 مليار شيكل بحسب البيانات المعلنة والتي تحتمل النقاش. 


ويشير علوي إلى أن الالتزامات الشهرية الثقيلة والتزامات الحكومة تجاه الموظفين والقطاع الخاص، تصل إلى نحو 11 مليار شيقل، تفرض ضغوطاً إضافية، لافتاً إلى أن تسديد الرواتب بشكل كامل ليس أمراً وارداً على المدى القريب.


ويلفت علوي إلى التزامات الحكومة عن قروضها من القطاع المصرفي التي تجاوزت 2٫5 مليار دولار وما يترتب عليها من فوائد، وهذا على حساب الموازنة العامة والخدمات الأساسية وموازنة المواطن. 


ويرى علوي أن الحكومة تحاول سد عجزها المالي عبر المنح الدولية والعربية، إلا أن هذه الحلول المؤقتة لا تُعالج جذور الأزمة، خاصةً في ظل نظام توزيع غير عادل للموازنة العامة، وهو خلل قائم منذ تأسيس السلطة الفلسطينية ويدفع الجميع اليوم ثمنه.



توقيت حساس مع قرب نهاية السنة المالية


ويعتقد علوي أن استئناف الخصومات يأتي في توقيت حساس مع قرب نهاية السنة المالية، حيث تسعى البنوك لتعزيز موقفها المالي، لافتاً إلى أن العام المالي الحالي كان مليئاً بالتحديات، إذ انخفضت أرباح البنوك بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وبالتالي تحتاج البنوك إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من مستحقاتها من الموظفين والحكومة.


ويؤكد علوي أن هذا القرار باستئناف الخصومات من الموظفين سيكون له تأثير على مستويات المعيشة، إذ إن الموظف سيتحمل المزيد من الأعباء المالية، ما يزيد من تدهور القوة الشرائية للمواطنين، التي شهدت بالفعل تراجعاً كبيراً، خصوصاً في بعض المحافظات التي تجاوز فيها الانخفاض النصف، حيث يواجه الموظفون في رام الله تحديات إضافية نظراً لارتفاع تكاليف المعيشة هناك. 


ويرى علوي أن جذور المشكلة تعود إلى عهد الحكومة الثالثة عشرة برئاسة سلام فياض، التي شجعت على الاقتراض بشكل غير مسبوق بدلاً من تحسين أوضاع الموظفين، معتبراً أن الاقتراض لم يكن حلاً سليماً.


ويشير علوي إلى أن تشجيع الاقتراض لدى موظفي القطاع العام أدى إلى تراكم الديون عليهم بشكل كبير، حيث تشير الأرقام إلى أن هناك أكثر من ثلث الموظفين يعتمدون على القروض البنكية، وهو ما يعتبره خللاً كبيراً في البنية الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني. 


ويشير علوي إلى أن هذا الاعتماد المتزايد على القروض يجعل الاقتصاد الفلسطيني أكثر هشاشة وعرضة للتأثر بالتقلبات السياسية والمالية.


ويرى علوي أن هذه السياسات الاقتصادية التي تعزز من دور القروض دون حلول حقيقية تعكس خللاً بنيوياً في السياسات المالية والاقتصادية الفلسطينية.


ويؤكد علوي أن العودة إلى استئناف الخصومات قد تمثل مؤشراً على مواجهة اقتصادية ومالية قاسية، تترافق مع استمرار الأزمات الاقتصادية وارتفاع الدين العام.


 دعم مباشر للقطاع المصرفي على حساب حقوق الموظفين


يعتبر الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن قرار استئناف الخصومات من رواتب الموظفين لصالح سداد قروضهم يُعد دعماً مباشراً للقطاع المصرفي على حساب حقوق صغار الموظفين، واصفاً القرار بالاستخفاف بحقوق الموظفين. 


ويلفت ياغي إلى أن قرار الخصومات جاء تحت لافتة أن 70% من الموظفين يحصلون على رواتبهم كاملة، إلا أن ياغي يتساءل قائلاً: "إذا كان الوضع كذلك، فلماذا لا تُعطى كامل استحقاقات الموظفين دون اقتطاع؟".


ويستند ياغي في انتقاده إلى الوضع الاقتصادي المتردي للموظف الفلسطيني، حيث يغرق العديد منهم في الديون بسبب عدم انتظام حصولهم على رواتبهم كاملة خلال الفترات الماضية. 


ويلفت ياغي إلى أنه كان الأجدر بسلطة النقد والحكومة أن توفر أولاً المستحقات المتراكمة للموظفين، بحيث تكون مصدر سداد القروض المستحقة عليهم، مشدداً على أن هذا التراكم هو الذي أثقل كاهل الموظفين وسلبهم القدرة على العيش بكرامة في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة.


ويرى ياغي أن هذا القرار سيزيد من الأعباء الاقتصادية على الموظفين، ما سيؤدي إلى مزيد من الفقر وقهر شريحة كبيرة من المواطنين، الأمر الذي يعتبره ياغي غير عادل ولا يسهم في خلق توازن أو استقرار على الصعيد الاجتماعي، مؤكداً أنه يؤثر على السلم الأهلي والمجتمعي، وهو ما قد يُفسّر دلالات خطيرة على مستويات التوتر الاجتماعي.


ويلفت ياغي إلى أن ذلك يستدعي من الموظفين الاحتجاج السلمي وفقاً للقانون، حيث يجب رفض أي قرار من شأنه أن يزيد من الأعباء عليهم دون أن يوفر الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة. 


ويشدد ياغي على أن الموظفين يستحقون الحصول على كافة مستحقاتهم المتراكمة، مشيراً إلى أهمية ربط الرواتب بجدول غلاء المعيشة لضمان تحقيق مستوى معيشي يتماشى مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة.


تعميق الفجوات الاجتماعية


ويشير ياغي إلى أن هذا التوجه باستئناف الخصومات من شأنه أن يعمّق الفجوات الاجتماعية ويدفع فاتورته فقراء الشعب الفلسطيني، متسائلاً عن كيفية اتخاذ قرار بهذه الصيغة في ظل المديونية الضخمة التي تثقل الحكومة لصالح الموظفين.


ويتساءل عن الأساس الذي بُني عليه هذا القرار، مشيراً إلى أنه إذا كانت الحكومة قد اعتمدت في اتخاذها للقرار على معطيات تشير إلى عودة الاستقرار المالي وانتهاء أزمة الرواتب، فإنه يتوجب عليها أن تعلن عن ذلك رسمياً. 


ويشكك ياغي بوجود استقرار فعلي سواء سياسي او اقتصادي، قائلاً: لا توجد دلائل واضحة على انتهاء أزمة الرواتب في ظل الظروف الراهنة.


ويلفت ياغي إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وبالرغم من الضغوطات الأمريكية والأوروبية، قامت فقط بتمديد العلاقة المصرفية لمدة شهر عبر مكالمة هاتفية، دون توقيع اتفاقية مكتوبة، مؤكداً أن حكومة الاحتلال رفضت التمديد لمدة سنة كما طالبت الولايات المتحدة، ما يُظهر عدم الاستقرار المالي الذي تواجهه السلطة الفلسطينية. 


ويتساءل ياغي: "عن أي استقرار مالي نتحدث حتى يتم اتخاذ قرار كهذا يثقل كاهل الموظفين، خاصة صغارهم الذين يشكلون الأغلبية؟".


ويشير ياغي إلى أن هذا القرار لا يعكس أي مؤشرات استقرار اقتصادي أو سياسي، لافتاً إلى أن الخطوات المتخذة قد تؤدي إلى المزيد من الضغوط على شريحة الموظفين محدودي الدخل، ما يزيد من حدة الأزمة ويزيد من صعوبة تحقيق استقرار اقتصادي حقيقي.


دلالات

شارك برأيك

بقرارها السماح للبنوك باقتطاع كامل القروض.. هل فقدت سلطة النقد سلطتها؟

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الثّلاثاء 05 نوفمبر 2024 8:35 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.29

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.06

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 59)