فلسطين

الإثنين 28 أكتوبر 2024 8:42 صباحًا - بتوقيت القدس

قصف المستشفيات وقتل النساء والأطفال.. محاولة لقطع النسل بالإبادة بلا هوادة!

رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم

د. عمر رحال: استهداف مستشفيات شمال غزة لدفع المواطنين للهجرة ولإقامة منطقة عازلة قد تتحول لمستوطنات

هاني أبو السباع: الاحتلال يلجأ لقتل الأطفال كجزء من نظرية الردع والصدمة ومساعٍ لإقامة حكم عسكري بالمنطقة

عدنان الصباح: إخلاء المستشفيات يهدف إلى دفع سكان شمال غزة للنزوح القسري عبر إلغاء أي مقومات للحياة

فراس ياغي: قتل إسرائيل الأطفال سياسة ممنهجة تهدف إلى التأثير على التوازن الديموغرافي في المستقبل

د. رائد أبو بدوية:  الظروف الإقليمية والدولية شجّعت حكومة الاحتلال على تنفيذ مخطط السيطرة على شمال غزة

د. أحمد رفيق عوض: استهداف مستشفيات شمال غزة يعكس سياسة إسرائيلية لتدمير المدن كما العصور القديمة

نزار نزال: قصف المستشفيات وقتل الأطفال ضمن استراتيجية واضحة لإعدام الحياة في شمال غزة


لم تكتف إسرائيل بقصف المنازل والمدارس، في قطاع غزة، خاصة في شمال القطاع، بل إنها قصفت واستهدفت المستشفيات وقتلت الأطفال، كجزء من سياسة التهجير والتدمير للبنية الحياتية ولمقومات الحياة لأجيال قادمة.


ووفقاً لعدد من الكتاب والمحللين السياسيين والأكاديميين والمختصين، تحدثوا لـ"ے"، فإن ما تقوم به إسرائيل يأتي ضمن مخطط يسعى إلى إفراغ شمال غزة من سكانه بهدف إنشاء منطقة عازلة، حيث تقوم إسرائيل باستهداف المستشفيات والمرافق الصحية لدفع المدنيين نحو الهجرة، وتعتبر هذه العمليات جزءاً من مخطط أوسع لإقامة منطقة خالية من السكان قد تتحول لاحقاً إلى مستوطنات إسرائيلية.


ويشيرون إلى أن استهداف المستشفيات بالقصف والتدمير يخلق وضعاً مأساوياً تسعى إسرائيل من خلاله إلى دفع المواطنين إلى اتخاذ قرار الهجرة حمايةً لأبنائهم وهرباً من الموت، لافتين في الوقت ذاته إلى أنه يتم استهداف الأطفال بالقتل كجزء من استراتيجية تستهدف الأجيال المقبلة، داعين إلى تحرك دولي لحماية المستشفيات، إذ تُعد حمايتها واجبة بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.



خطة جديدة تتضمن إقامة منطقة عازلة في شمال غزة


يرى د. عمر رحال، الكاتب والمحلل السياسي ومدير مركز "شمس" لحقوق الإنسان، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، فشل فشلاً ذريعاً في تنفيذ مخطط التهجير المقرر، وفي ظل عدم تحقيق أهداف الحرب المعلنة، يسعى نتنياهو حالياً إلى تنفيذ خطة جديدة تتضمن إقامة منطقة عازلة في شمال غزة، ما يعكس توجهات "خطة الجنرالات" الإسرائيلية الرامية إلى جعل هذه المنطقة خالية من السكان.


ويوضح رحال أن هناك مؤتمرات تُعقد حالياً تناقش الاستيطان في شمال غزة، وأن جميع هذه التطورات تدلل على فكرة التهجير المتزايدة. 


ويعتبر رحال أن استهداف المستشفيات، بما في ذلك القصف والاقتحام والمحاصرة، يُعد خطوة واضحة نحو تحقيق هذا التهجير، ما يضغط على المدنيين الذين يلجأون إلى هذه المرافق بحثاً عن الأمان.


ويرى رحال أن هناك ارتباطاً بشكل وثيق بين استهداف المستشفيات والترحيل القسري، حيث كانت الخطة الأصلية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع، وعندما فشلت هذه المحاولات، لجأ الاحتلال إلى استراتيجية النزوح للفلسطينيين وإخلاء منطقة الشمال من سكانها لإنشاء منطقة عازلة قد تتحول في المستقبل إلى مستوطنات.


المطالبة بحماية دولية للمستشفيات


ويطالب رحال الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف إلى التحرك الفوري لحماية المستشفيات الفلسطينية من اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي باعتبار حمايتها واجبة بموجب القانون الدولي الإنساني، وذلك استناداً لمعاهدة لاهاي بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية لسنة 1907، خاصة المادة رقم (27)، وأيضاً لاتفاقية جنيف الأولى لسنة 1949، لاسيما المادة رقم (19) والمادة رقم (24)، وأيضاً لاتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949، لا سيما المادة رقم (18)، وأيضاً لميثاق روما المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998، خاصة المادة رقم (8)، ولقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (2675) لسنة 1970.


ويدعو رحال منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي ونقابات الأطباء في الدول العربية والإسلامية ونقابة الأطباء الفلسطينيين إلى التحرك الفوري لحماية المستشفيات في شمال قطاع غزة من الاستهداف. 

ويطالب رحال السلطة الفلسطينية بالتحرك نحو مجلس الأمن الدولي للضغط من أجل منع الهجمات على المرافق الصحية، محملاً المجتمع الدولي والعربي مسؤولية حماية المدنيين في ظل التصعيد العسكري المستمر.


قتل الأطفال ضمن معتقد عنصري يقوم على الإفناء


في سياق متصل، يشير رحال إلى أن استهداف الأطفال وقتلهم يندرج ضمن معتقد ديني متطرف يحمل طابعاً عنصرياً، حيث يتم توجيه تعليمات بقتل وطرد السكان، بما في ذلك الأطفال والشيوخ والنساء. 


ويوضح رحال أن هناك رؤية ديمغرافية تهيمن على السياسة الإسرائيلية تجاه غزة، تعتمد على منطق الإفناء، ما يجعل من قتل الأطفال جزءاً من إستراتيجية مدروسة.


ويلفت رحال إلى أن نتنياهو وركائزه في مجلس الحرب يعتقدون أن ترحيل مواطني شمال قطاع غزة قد يوفر الأمن للمستوطنين في غلاف غزة، كما يُظهر نتنياهو من خلال هذه الإجراءات أنه قد حقق أهداف الحرب المتعلقة بتهجير واقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم، الأمر الذي يراد منه إغلاق أي نقاش حول التسويات السياسية المستقبلية المتعلقة بالحدود لتكون الأراضي المسيطر عليها في إطار الضم لدولة الاحتلال الإسرائيلي.


ويوضح رحال أن هذه الإجراءات تُعد بمثابة ضم قسري، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى اعتبار هذه المناطق "مناطق حرام" ليست خاضعة للتفاوض، ما يمهد الطريق أمام ضمها بشكل ملتوٍ.


تشكل هذه الأحداث، وفقاً لرؤية رحال، جزءاً من استراتيجية شاملة تسعى إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، في ظل تصعيد غير مسبوق تجاه المدنيين.


الاحتلال يسعى لإنشاء حكم عسكري


يوضح الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم حالياً بعمليات إخلاء للمستشفيات في شمال قطاع غزة، في محاولة جادة للقضاء على مظاهر الصمود وكسر معنويات السكان لإجبارهم على النزوح الطوعي.


ويعتبر أبو السباع أن هذه الإجراءات تأتي في إطار جهود الاحتلال لفرض مخططاته بإنشاء حكم عسكري في المنطقة بعد ما يسميه "تنظيف المنطقة من المسلحين".


ويشير أبو السباع إلى أن الجيش الإسرائيلي يرتكب جرائم بحق الطواقم الطبية، سواء أكانوا داخل المستشفيات أم العاملين ضمن فرق الإسعاف والإنقاذ.


وبالرغم من المناشدات والدعوات لتجنيب المستشفيات القصف، والسماح بإدخال المستلزمات الطبية والوقود، يؤكد أبو السباع أن الاحتلال يصر على تنفيذ مخططاته بإفراغ المستشفيات من المرضى والعاملين تحت ذريعة وجود مسلحين بين أروقتها.


ويرى أبو السباع أن اقتحام المستشفيات أصبح نهجاً دأب عليه الاحتلال خلال الحرب، مشيراً إلى أحداث مستشفى الشفاء كمثال واضح على ذلك. 


من جانب آخر، يعتقد أبو السباع أن الاحتلال يلجأ إلى قتل الأطفال بكل الطرق كجزء من نظرية الردع والصدمة، ما يرسخ حالة من الرعب والخوف في وعي المواطنين، بهدف كسر الحاضنة الشعبية، ومنعهم من التفكير في تكرار أحداث السابع من أكتوبر.


وفي سياق متصل، يشير أبو السباع إلى محاولات الاحتلال لتهجير السكان قسراً، حيث تظهر الطوابير الطويلة من المدنيين المحرومين من الحقوق، في مشهد يذكر بأحداث النكبة والنكسة.


دعوات لتنفيذ هجرة جماعية جديدة بحق الشعب الفلسطيني

 

ويلفت أبو السباع إلى أن هناك دعوات لتنفيذ هجرة جماعية جديدة بحق الشعب الفلسطيني، حيث تسعى إسرائيل لنقل سكان شمال غزة إلى الوسط والجنوب، مع العودة للاستيطان في القطاع.


ويستشهد أبو السباع بمقولة لبن غوريون، أحد مؤسسي إسرائيل، الذي قال: "إن على إسرائيل أن تضرب أعداءها بقوة مفرطة، لتسبب لهم صدمة لأجيال متعاقبة وتحملهم على القبول بشروطها".


في هذه الأثناء، يدعو أبو السباع السلطة الفلسطينية إلى طرق جميع الأبواب لوقف هذه المخططات. 


ويؤكد أبو السباع أهمية استغلال الفرصة الحالية، في ظل الحديث عن حلول سياسية ومؤتمرات دولية لوقف الحرب. 


ويشير إلى أن هناك الآن فرصة أكبر من أي وقت مضى لوقف العدوان، خاصة بعد رد إسرائيل على القصف الإيراني وقرب الانتخابات الأمريكية.


ويؤكد أبو السباع على الحاجة الملحة للتحرك الدولي لوقف هذه المجازر وحماية المدنيين في ظل تصاعد الأحداث.


تكتيك ممنهج في استهداف المدنيين خاصة الأطفال


يرى الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تنفيذ عملية إخلاء كامل لسكان شمال قطاع غزة، ويتضح ذلك بشكل جلي من خلال استهدافه المستشفيات، التي تمثل إحدى أبرز أدوات الحياة والرموز الحيوية في تلك المناطق.


إخلاء المستشفيات، بحسب الصباح، يحمل دلالات قوية تهدف لدفع السكان نحو النزوح القسري، وإلغاء أي مقومات للحياة شمال القطاع، في محاولة لتشديد الخناق على أهالي غزة ودفعهم للهجرة.


ويشير الصباح إلى أن الاحتلال يعتمد تكتيكاً ممنهجاً في استهداف المدنيين، وخاصة الأطفال، بهدف إثارة قلق الأهالي ودفعهم لاتخاذ قرارات إنسانية تلقائية بسبب أطفالهم لتُستغل عواطف الأبوة والأمومة كأداة ضغط على السكان.


ويؤى الصباح أن الاعتداءات المتواصلة على الأطفال والمستشفيات هي جزء من استراتيجية أوسع لتحطيم الروح المعنوية ولخلق حالة من الرعب والذعر بين الأهالي، بحيث يصبح النزوح خياراً وحيداً أمامهم لحماية أطفالهم، ما يُعد من أدوات الاحتلال لدفعهم بعيداً عن ديارهم وأراضهيم.


 الضغط على جنوب القطاع وزيادة أعبائه الاقتصادية والمعيشية


ويلفت الصباح إلى أن الهدف غير المعلن لإسرائيل قد يكون الضغط على جنوب قطاع غزة، حيث إن انتقال سكان الشمال إلى الجنوب سيزيد من الأعباء الاقتصادية والمعيشية في تلك المناطق، ما قد يؤثر على قدرة المقاومة الفلسطينية ويضعف من تماسكها عبر الضغط غير المسبوق على حاضنتها الشعبية.


هذا السيناريو، وفقاً للصباح، قد يدفع إسرائيل لاحقاً للتوجه نحو طلب إخلاء سكان الجنوب أيضاً، ما يجعل من عملية التهجير أداة مستمرة للضغط على المقاومة وكسرها وكسر إرادة الشعب.



إسرائيل قد تضع من يتبقى في الشمال ضمن "الأهداف المقاومة"


ومن جهة أخرى، يرى الصباح سيناريو آخر يتمثل في أن إسرائيل قد تضع من يتبقى في شمال غزة ضمن خانة "الأهداف المقاومة"، ما يعني أنهم سيواجهون ملاحقات وعمليات استهداف مباشرة من قبل الاحتلال على اعتبار أنهم مقاومون، حتى ولم تكن لهم أي علاقة. 


ولا يستبعد الصباح أن تكون لهذه الخطوات علاقة بمخططات إسرائيلية أوسع تسعى إلى إعادة تشكيل الخريطة السكانية لغزة، وربما التحضير لمشاريع استيطانية أو توسيع نطاق السيطرة في تلك المناطق.


تشكيل حكومة وفاق وطني


وفي ظل هذه الظروف، يشدد الصباح على أن السبيل الوحيد لمواجهة هذه المخططات التوحد الوطني الفلسطيني، من خلال تشكيل حكومة وفاق وطني تشمل كافة الأطياف السياسية الفلسطينية، وتستند إلى برنامج سياسي موحد يمكن من خلاله ممارسة ضغوط حقيقية على الاحتلال عبر حراك دولي شامل. 


ويرى الصباح أن هذه الوحدة الوطنية هي الطريق الأمثل لوقف المخططات الإسرائيلية ومواجهة سياسات الاحتلال التوسعية والاستيطانية، والتصدي لما يصفه بـ"المقتلة المستمرة" بحق الشعب الفلسطيني.


تهيئة الأجواء لطرد سكان الشمال والسيطرة عليه


يعتقد الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن قيام الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء المستشفيات والمرافق الصحية شمال قطاع غزة، يعكس نية إسرائيلية واضحة لتحويل هذه المنطقة إلى منطقة غير قابلة للعيش، وبالتالي تهيئة الأجواء لطرد سكانها والسيطرة الكاملة عليها. 


ويشير ياغي إلى أن وجود مستشفيات يعني تواجد السكان واستمرارية الحياة، وهي أمور لا ترغب إسرائيل في رؤيتها ضمن شمال قطاع غزة، مما يبرر سياستها في استهداف وتدمير المنشآت الطبية والخدمات العامة في تلك المناطق.


وحول استهداف إسرائيل الأطفال الفلسطينيين، يرى ياغي أن ذلك يعكس مخاوفها من النمو الديموغرافي الفلسطيني، وأن استهداف الأطفال ليس مجرد نتاج عرضي للحرب، بل سياسة ممنهجة تهدف إلى التأثير على التوازن الديموغرافي في المستقبل من خلال قتل جيل كامل من الفلسطينيين. 


ويرى ياغي أن قتل الأطفال يُضعف المجتمع الفلسطيني على المدى البعيد ويعيق تكاثره ونموه، ما يؤكد السياسة المتعمدة في استهداف النساء والأطفال، حيث تمثل النساء الركيزة الأساسية للخصوبة والنمو السكاني في المجتمع الفلسطيني.


أما عن سياسات الترحيل القسري، فيوضح ياغي أنها تتماشى مع مساعي الاحتلال في فرض السيطرة على شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أن صمود الشعب الفلسطيني في جباليا ورفضه التهجير دفع إسرائيل إلى تكثيف استخدام القوة العسكرية والضغط الممنهج عبر القصف الجوي والبري. 


لكن ياغي يلفت إلى أن عمليات التهجير الحالية تستهدف نقل السكان لمناطق قريبة داخل القطاع، مع وجود نية إسرائيلية واضحة لطردهم كلياً من شمال غزة بما في ذلك مدينة غزة نفسها، إذ ترى إسرائيل في ذلك السبيل الوحيد لتحقيق النجاح الكامل لاستراتيجيتها بالسيطرة والاستيطان هناك.


ويؤكد ياغي ضرورة تدخل المجتمع الدولي والعربي بشكل عاجل، داعياً جامعة الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى اتخاذ موقف أكثر صلابة عبر الضغط لعقد اجتماع فوري لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة الجرائم التي تُرتكب في شمال غزة. 


ويشير ياغي إلى أهمية إبقاء قضية شمال قطاع غزة حاضرة في الإعلام وعلى مستوى العلاقات الدولية، مع التشديد على ضرورة أن يتحرك النظام العربي الرسمي فوراً لوقف "المجزرة" والتصدي لمحاولات "التطهير العرقي" التي تُمارس هناك.


التمهيد لسياسات استيطانية جديدة في القطاع


ويوضح ياغي أن إسرائيل تريد فرض سيطرتها بالقوة، إذ يشير إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن استفسر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول تنفيذ خطة الجنرالات في شمال غزة، لكن نتنياهو نفى الأمر ورفض الإعلان عن ذلك، ما يشير إلى مراوغة إسرائيلية لكن في الواقع تقوم بها.


ويلفت ياغي إلى أن تصريحات نتنياهو وخطط اليمين الإسرائيلي الحاكم تستند إلى فكرة الاستيطان المستقبلي في شمال القطاع، مشيراً إلى مؤتمر عُقد مؤخراً حول الاستيطان في غزة حضره عدد من أعضاء حزب الليكود، ومن بينهم شخصيات متطرفة مثل الوزيرين بحكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ما يعزز المخاوف من أن تهجير الفلسطينيين قد يكون تمهيداً لسياسات استيطانية جديدة في القطاع.


خلق بيئة طاردة تُجبر المواطنين على عبور الأراضي المصرية


يوضح د. رائد أبو بدوية، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية، أن التصعيد الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة يعود إلى خطة وضعتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر من العام الماضي، حيث دعا بعض الساسة الإسرائيليين إلى تهجير سكان غزة من خلال الضغط على الأهالي في الشمال لدفعهم نحو الجنوب، ومن ثم خلق بيئة طاردة تجبرهم على العبور نحو الأراضي المصرية. 


ويشير أبو بدوية إلى أن هذا المخطط واجه معارضة من بعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها مصر والأردن، إضافة إلى رفض أمريكي وأوروبي واسع لهذا التوجه الذي اعتُبر بمثابة تهجير قسري للفلسطينيين من القطاع.


ويلفت أبو بدوية إلى أن هذا المخطط تحوّل حالياً إلى خطة مرحلية تنفذها إسرائيل بمرحلة أولية تستهدف إخلاء شمال غزة، وتحديداً قرب محور نتساريم، عبر تصعيد عمليات القصف ودعوة السكان للنزوح نحو الجنوب، وقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعداً حاداً في استهداف المدنيين، حيث لجأت إسرائيل إلى تنفيذ مجازر طالت الأطفال والمدارس وأماكن النزوح والمستشفيات، ما يخلق حالة من الذعر تشبه أسلوب التهجير الذي اتبعته في النكبة عام 1948، وبالتالي إجبار الناس على الرحيل.


فرض سيطرة عسكرية وأمنية في الشمال


ويوضح أبو بدوية أن الاحتلال يسعى، عبر هذه العمليات، إلى فرض سيطرة عسكرية وأمنية في شمال قطاع غزة، مع نية سياسية لاستيطان المنطقة في المستقبل، وإن كان الحديث عن الاستيطان لا يزال مبكراً إلا أنه محتمل. 


ويرى أبو بدوية أن الظروف الإقليمية والدولية قد شجعت إسرائيل على تنفيذ هذه الخطط، خاصة في ظل العجز الدولي عن وقف المجازر ضد الفلسطينيين، إلى جانب الدعم غير المعلن من بعض الدول الغربية والأمريكية، سواء من خلال الدعم العسكري أو الاستخباري.


ويلفت أبو بدوية إلى أن هناك أيضاً بعض الدول العربية التي اكتفت بتصريحات سياسية دون اتخاذ خطوات عملية، بل وأبدت بعضها توافقاً ضمنياً مع العدوان الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بموقفها من حركة حماس وحكمها في غزة والقضاء عليه. 


وتعد هذه العوامل مجتمعة بحسب أبو بدوية، أسباباً في تعزيز قدرة إسرائيل على الاستمرار في مشروع التهجير والتوسع في شمال قطاع غزة، بل وامتداد ذلك إلى الضفة الغربية.


ضرورة إنهاء الانقسام الداخلي في أسرع وقت


وحول كيفية مواجهة الفلسطينيين لهذا العدوان، يشدد أبو بدوية على ضرورة إنهاء الانقسام الداخلي بأسرع وقت، من أجل توحيد الصف الفلسطيني وتقديم موقف قوي ضد المخططات الإسرائيلية. 


ويؤكد أبو بدوية أن الاستمرار في الانقسام يضعف الجبهة الداخلية الفلسطينية، وأن الوحدة باتت أمراً ضرورياً لتفويت الفرصة على الاحتلال في فرض الأمر الواقع سواء في غزة أو الضفة.


ويشدد أبو بدوية على أهمية التحرك الفلسطيني على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشيراً إلى إمكانية الاستفادة من دول صديقة في الاقليم مثل تركيا وإيران، إضافة إلى الضغط في المؤسسات الدولية والدبلوماسية والقضائية لوقف المخططات الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة. 


ويشير أبو بدوية إلى الحاجة إلى برنامج سياسي فلسطيني يتماشى مع المستجدات على الأرض، خصوصاً بعد انتهاء العدوان، إذ يجب رفض أي محاولات لفرض تسويات سياسية تأخذ بعين الاعتبار الوقائع التي فرضها الاحتلال.


لكن أبو بدوية يتساءل عن جاهزية الفلسطينيين للتعامل مع سيناريوهات الاحتلال المحتملة، موضحاً أن الوضع الحالي يستلزم استجابة قوية وشاملة لمواجهة المخاطر التي تهدد مستقبل القضية الفلسطينية وبشكل خاص قطاع غزة والضفة الغربية.


جريمة مزدوجة تطول أساسات الحياة المدنية


يوضح الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض أن استهداف المستشفيات في قطاع غزة، خاصة في شماله، يعد جريمة مزدوجة تتعدى أضرارها المباشرة لتطول أحد أسس المجتمع المدني بأسره. 


ويشير عوض إلى أن المؤسسات الأساسية كالمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة ومراكز الشرطة، تعد معالم رئيسية في بناء المجتمع الحضري والمدني، وأن ضرب هذه المؤسسات يعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف تدمير المدن كما العصور القديمة وتحويلها إلى أماكن غير قابلة للعيش، عبر هدم البنية المجتمعية ونشر الفوضى.


ويعتقد عوض أن قصف المستشفيات وطرد المرضى والمواطنين منها لا يهدف فقط إلى إحداث ضرر مباشر، بل يسعى أيضاً إلى تعميق معاناة السكان من خلال نشر المرض والموت، وإظهار إسرائيل كقوة متوحشة تتجاوز كل الخطوط الإنسانية والأخلاقية. 


ويلفت عوض إلى أن استهداف مستشفى كمال عدوان للمرة الرابعة عشرة يعكس رغبة إسرائيل الواضحة في القضاء على كل ما يرتبط بالحياة المدنية في شمال قطاع غزة، وتفريغ المدينة من مقوماتها الحضارية وإضعاف بنيتها التحتية بما يجعل استمرار الحياة فيها شبه مستحيل.


ويرى عوض أن هذا الاستهداف ليس عشوائياً، بل إنه جزء من سياسة إسرائيلية شاملة تهدف إلى التهجير القسري للسكان وتحويل شمال قطاع غزة إلى منطقة عازلة أو منطقة استثمارية أو حتى مفترق طرق يخدم المصالح الإسرائيلية الاستيطانية. 


ويؤكد عوض أن إخلاء المستشفيات والمدارس والمؤسسات المدنية هو في حقيقته "هجوم على فكرة المدينة" نفسها، وعلى أساسات الحياة المدنية، في محاولة لتفكيك التجمعات السكانية وجعلها مناطق خالية من أي مقومات حضرية.



قتل الأطفال جزء من سياسة الإبادة المتعمّدة


من جانب آخر، يشدد عوض على أن قتل الأطفال، الذي تمارسه إسرائيل بشكل يومي، يمثل جزءاً من سياسة الإبادة المتعمدة. 


ويوضح عوض أن الأطفال هنا يلعبون دورًا مركزيًا في هذا المخطط، حيث يُنظر إلى قتلهم كوسيلة لتقليل أعداد الفلسطينيين وضمان عدم نشوء جيل جديد يمكن أن يقاوم الاحتلال. 


ويستشهد عوض بتصريح وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالنت، الذي أشار إلى أن الهجوم على غزة سيؤثر على أجيال فلسطينية عدة.


ويوضح عوض أن هذا الهجوم على الأطفال يأتي في سياق الإبادة الجماعية وتقليص الوجود الفلسطيني، من خلال قتل الأطفال ومنع زيادة أعدادهم.


ويؤكد عوض أن هذه السياسات الإسرائيلية، التي تهدف أيضاً لمنع إقامة دولة فلسطينية لها أبعاد إقليمية ودولية لا يمكن تجاهلها، حيث تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي.


ويشدد عوض على أن الرد على هذه الانتهاكات يجب أن لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل يجب أن يشمل تحركاً عربياً جاداً وحقيقياً. 


ويوضح عوض أن انهيار فكرة الدولة الفلسطينية لن يؤثر فقط على الفلسطينيين، بل سيهدد استقرار المنطقة بأسرها، ما يتطلب استجابة عربية لحماية الأمن القومي المشترك.


المؤسسات الدولية أثبتت ضعفها


ويعتقد عوض أن المجتمع الدولي بحاجة إلى دور أكثر فعالية، إذ إن المؤسسات الدولية أثبتت ضعفها في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، معرباً عن قلقه من موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الداعم لإسرائيل، محذراً من أن هذا الانحياز يشكل تهديداً لاستقرار المنطقة ويغذي حالة الاحتقان. 


ويبيّن عوض أن استمرار هذا الدعم قد يدفع ثمنه الغرب ذاته، خاصة مع وجود جاليات عربية وإسلامية في الولايات المتحدة وأوروبا قد تتأثر بالانتهاكات التي تحدث في قطاع غزة.


ويشدد عوض على أن مواجهة هذه السياسات تتطلب وحدة فلسطينية شاملة على الصعيدين الشعبي والرسمي، إلى جانب دعم عربي ودولي واسع النطاق، لوقف هذه المجازر وحماية الوجود الفلسطيني في قطاع غزة.


المؤسسات الطبية في قلب المواجهة الشرسة


يعتقد الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع، نزار نزال، أن استهداف المستشفيات في قطاع غزة، وخاصة شماله، يمثل تصعيداً غير مسبوق يدخل المؤسسات الطبية في قلب المواجهة الشرسة ضد الشعب الفلسطيني. 


ويوضح نزال أن هذا الاستهداف للمستشفيات وقتل الأطفال ليس مجرد حادث عرضي، بل يأتي ضمن استراتيجية واضحة تهدف إلى إعدام الحياة وقبرها في هذه المنطقة الجغرافية المحددة، لإجبار المواطنين على الرحيل وإفراغ شمال غزة من سكانه.


ويشير نزال إلى أن إسرائيل تسعى لتدمير مقومات الحياة كافة في شمال غزة، من أجل جعل المنطقة غير صالحة للعيش، ودفع المواطنين نحو التفكير في الهجرة القسرية، مما يسهل على إسرائيل ضم الأراضي وتثبيت خطط الاستيطان فيها. 


ويؤكد نزال أن "استهداف المستشفيات جزء من منظومة تهدف إلى إضعاف قدرة الفلسطينيين على الصمود"، مشدداً على أن "إسرائيل ماضية في مشروعها الذي لا يترك للمواطن الفلسطيني أي مجال للتحمل".


ويبيّن نزال أن هذه السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة لا تقتصر على المستشفيات وحدها، بل تشمل كذلك المدارس والشوارع والبنى التحتية الأساسية، مما يعني محاولات اجتثاث شاملة لمقومات الحياة. 


وبالرغم من أن المستشفيات لها خصوصية لارتباطها المباشر بحياة الفلسطينيين اليومية واحتياجاتهم الصحية العاجلة، يرى نزال أن الخطة الإسرائيلية تمضي قدماً في محو كل ما قد يساهم في تعزيز صمود الفلسطينيين.


"الصراع الاجتماعي الممتد"


ويوضح نزال أن هذه الممارسات الإجرامية القاسية تندرج ضمن مفهوم "الصراع الاجتماعي الممتد"، وهو نظرية في علم الصراع وضعها أحد المفكرين اللبنانيين يشير إلى نهج يهدف إلى تدمير المجتمع الآخر كلياً، وإلغاء وجوده بشكل كامل من أجل حسم الصراع نهائياً، فيما يعتبر نزال أن هذا النوع من الصراعات يعد من أشدها دموية وشراسة على مستوى العالم.


ويلفت نزال إلى أن إسرائيل لا تتوانى عن استهداف الأطفال والنساء وكبار السن، في مشاهد تتجلى فيها عمليات الإعدام الميداني، فضلاً عن فصل العائلات في الساحات استنادا إلى ذرائع دينية وأيديولوجية. 


مشروع إسرائيلي قديم يتجدد وسط الحرب


ويصف نزال هذه الاستهدافات المتعمدة بأنها محاولات لتعميق معاناة الفلسطينيين وإلحاق الألم بأكبر قدر ممكن، مشيراً إلى أن الهدف الإسرائيلي النهائي هو دفع السكان نحو الهجرة من المنطقة، ضمن سياسة الترحيل القسري التي يوضح نزال أنها امتداد لمشروع إسرائيلي قديم يتجدد اليوم وسط هذه الحرب.


ويرى نزال أن الترحيل القسري، الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه عبر سيطرتها على مناطق شمال غزة، يهدف إلى تهيئة الظروف المناسبة لاستيطان إسرائيلي مستقبلي. 


ويربط نزال بين هذه السياسات وبين "خطة الجنرالات" التي لا تستطيع إسرائيل تنفيذها دون التخلص من السكان الفلسطينيين، مشيراً إلى أن هناك أحاديث متداولة عن بناء خمس مستوطنات كبرى في شمال القطاع. 


ويوضح نزال أن استهداف شمال غزة ليس عبثياً، حيث يرى أن هذه المنطقة تمثل، من منظور إسرائيلي، نقطة انطلاق للمقاومين الفلسطينيين، ما يجعلها هدفاً انتقامياً لإخلاء السكان تمهيدًا لخطط استيطانية مستقبلية.


وبالرغم من هذا المخطط، يشير نزال إلى أن هناك عوامل تعيق تنفيذ إسرائيل لسياسة الترحيل القسري في غزة، مؤكداً أن الصمود الفلسطيني يمثل عائقاً كبيراً أمام هذه المخططات، قائلاً: "إن صمود الفلسطينيين الأسطوري أصبح جزءاً من التاريخ"، مؤكدًا أن قوة الصمود هذه قد تمنع إسرائيل من التوسع إلى ما بعد محور نتساريم باتجاه الجنوب.


ويرى نزال أن إسرائيل تستغل الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر، كفرصة لتنفيذ هذا المخطط طويل الأمد. 

ويقول نزال: "إن سياسات التهجير الإسرائيلية ليست جديدة، لكنها تجد اليوم أرضية خصبة لاستعادتها وتنفيذها بتغطية من الصراع الحالي"، معتبراً أن ما يحدث اليوم في غزة يعيد إنتاج سيناريوهات قديمة تستهدف إفراغ الأرض من أهلها لصالح الاستيطان.


وبشأن السبل التي يجب اتباعها لمواجهة هذه السياسات الإسرائيلية، يدعو نزال إلى تشكيل قيادة فلسطينية موحدة تجمع كل الأطياف والمكونات الفلسطينية، مشدداً على أهمية تقديم رؤية واضحة للعالم وللحلفاء والأصدقاء الدوليين، لكشف وفضح هذه المشاريع الإسرائيلية التي تُنفذ علناً في القرن الحادي والعشرين.


ويؤكد نزال أهمية تكوين تحالفات دولية لمواجهة هذه المجازر، خاصة في ظل صعود قوى عالمية جديدة من شأنها تغيير ميزان القوى، ما يتطلب من الفلسطينيين حراكًا دوليًا فعالًا، للضغط على إسرائيل ووقف هذه المجازر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.


ويرى نزال أن التحرك الدولي أمام هذا الوضع المأساوي للفلسطينيين بات ضرورة قصوى، مشيراً إلى أن القيادة الفلسطينية يجب أن تتحرك عبر المؤسسات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، لدعم حق الفلسطينيين ولو بجزء بسيط من حقوقهم التاريخية.

دلالات

شارك برأيك

قصف المستشفيات وقتل النساء والأطفال.. محاولة لقطع النسل بالإبادة بلا هوادة!

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 23 أكتوبر 2024 8:57 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.78

شراء 3.77

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.33

شراء 5.3

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%19

%81

(مجموع المصوتين 491)