أقلام وأراء
السّبت 01 يونيو 2024 11:09 صباحًا - بتوقيت القدس
على خلفية تشريح جثمانه.. من الذي يشرّح الآخر.. الدكتور عدنان البرش أم الاحتلال؟
تلخيص
يريدون تشريح جثّة الدكتور الشهيد المعتقل كي يعرفوا سبب وفاته، وكأنّ السبب غير معروف؟! تماما كمن يريد أن يعرف لماذا احتلّوا فلسطين؟ لماذا دمّر الاحتلال غزة؟ لماذا يقتل الأطفال والنساء وكل مقوّمات الحياة، لماذا يعتقل؟ لماذا يسرق الأرض ويقيم مستوطنة؟ لماذا يقتحم المسجد "الأقصى" ليقيم صلاته هناك؟ لم لا يُنتج الاحتلال إلا الجريمة والفساد في الأرض؟ لِم قتل الاحتلال الدكتور عدنان البرش رئيس قسم العظام في مجمع الشفاء الطبي؟ لِم اعتقله ولِم قتله؟ أحضروا الاحتلال وشرّحوه لعلّكم تجدون ما يدفع الاحتلال لارتكاب كلّ هذه الجرائم، هذا أولى من تشريح جثّة الدكتور عدنان البرش.
هذا الرجل العدنانيّ الذي سمّاه أبوه بهذا الاسم وارثا ذلك أبا عن جدّ ليبقى شاهدا على عمق ارتباطه بتاريخ هذه الفلسطين العظيمة، ذات التاريخ الموغل في القدم وذات الرسوخ الذي يلفظ كل طارئ أو غاشم معتد على رسوخ هذا التاريخ في هذه الأرض رسوخ جباله الراسيات، هذا الرجل العدنانيّ المتجذر في الأرض يثبت ذلك بروح مثابرة حقّق بها أعلى الدرجات العلمية وعاد تاركا كلّ مغريات الغربة ليكون وفيّا لوطنه العزيز وليكمل مشوار الحياة، متفانيا بعطائه، وليصبّ كلّ خبراته وعلومه خدمة لشعبه المكلوم والمبتلى بهذا الاحتلال اللئيم، يخوض مع شعبه الحرب تلو الحرب ويرفض كلّ إغراءات الهروب والأبواب المفتوحة له كمبدع في مجال ترحّب به كل المشافي الشهيرة ذات الرغد في الراتب والمعيشة، ويصرّ على أن يكون مرابطا في هذه المشافي الفقيرة.
يواصل الليل والنهار وهو على جبهتين، جبهة علاج الجرحى ذوي الأطراف التي تحتاج إلى البتر أو الجبر في ظروف قاسية وأليمة، وجبهة هذا المحتل الذي يمعن بطرق جهنّمية في إيقاع أسوأ ما عرفته البشريّة من إصابات بليغة في الكمّ والنوع، وفي ذات الوقت يضرب المشافي بالنار والصواريخ الثقيلة، مستهدفا ما تبقى في الإنسان الفلسطيني من قدرة على تحمّل الألم وقهر الاحتلال.
ويقدم الاحتلال على اعتقاله بعد أن طارده من مشفى لآخر في هذه الحرب القاسية، يُخرج الاحتلال مشفى عن الخدمة فيطارد هذا العدنانيّ مكاناً آخر ليواصل فيه فدائيته المتفانية في خدمة من تهتّك عظمه ولحمه من شعبه. حار الاحتلال بهذا الطبيب المصرّ على الاشتباك مع هذه السياسة الفاشية للمحتلّ، فاعتقله وأدخله ماكينة العذاب وقهر الرجال، عرّاه من ملابسه ومن علومه وخبراته ومن مكانته ومكانه وزمانه، تلذّذ الاحتلال في النظر إلى طبيب بهذا المقام العالي في مجتمعه وهو عار كما ولدته أمّه، ما هذا النجاح والتفوّق أيها الاحتلال في تعرية طبيب من ملابسه؟
الاحتلال الآن يريد تشريح جثمان الدكتور عدنان ليزيّف سبب الوفاة وكأنّنا لم نخبره من قبل، ولا نعرف على سبيل المثال سبب وفاة ما يزيد عن خمس وثلاثين ألفا في هذه الحرب، وكذلك سبب استشهاد العشرات من أبطال الحركة الأسيرة من قبل فردا فردا، وهم يشرحون جثمانه، نحن نرى العكس تماما، فالدكتور عدنان هو الذي يضع الاحتلال على طاولة التشريح، وهو الآن يمسك مبضعه ويُري العالم حقيقة الاحتلال، يُري العالم نازيته وتوحشّه الفظيع، يُري العالم ويكتب للتاريخ حقيقة هذا الاحتلال الدموية والاجراميّة، هو الآن يكشف للعالم ما احتوى عليه الاحتلال من عنصرية حاقدة وصهيونية فاشية لا تعرف إلا القتل والتعذيب والدمار. هو الآن يكشف ساديّته حيث لا يروق له أن يرى فلسطينيا مبدعا في علمه متفانيا في إنسانيّته. هو الآن يُشرّح الاحتلال ويري العالم الحرّ.. المجرم ما لا يريد أن يراه في الشأن الفلسطيني المنكوب.
الدكتور هو الذي يضع الاحتلال على المشرحة ليُري العالم الذي يريد أن يعاقب الطلاب والجامعات الذين وقفوا مع المظلومية الفلسطينية وهتفوا ضد نازية الاحتلال وعهره الفاشي المجرم، مبضع الدكتور يكشف لهؤلاء طبيعة الدماء التي تجري في عروق جثمان الاحتلال، يريهم دماء قد لوثتها عنصرية بغيضة حاقدة متطرّفة، ويريهم قلبا مسودّا قاتم السّواد، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا بل يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا، قلب قد تبدّلت موازينه وانقلبت لتخرج أسوأ ما في الإنسان من شرّ ورذيلة وفساد وقدرة عالية على قلب الحقائق وتخريب الفطرة وتشويه الروح الإنسانيّة.
الدكتور عدنان هو الذي يضع الاحتلال على المشرحة، فيُري محكمة العدل العليا ومحكمة الجنايات وكلّ محاكم الأرض عقل الاحتلال وكيف يخطط للجريمة، وكيف يضع الأهداف والخطط والبرامج لصهر الإنسان الفلسطيني ومحوه عن خارطة الحياة، يريهم كيف يفكّر هذا العقل وكيف يقول وماذا يفعل وكيف يروّج بضاعته السياسية والقيمية الكاسدة، وكيف يغتال عقول البشر لتتقبّل إجرامه، وما يفعل مما يفوق طاقة البشر على تحمل حجم ما يجرم ويفسد في الأرض، ويعبث في عالم الوعي الإنساني العالمي. يكشف الدكتور بتشريحه للاحتلال طبيعة هذا العقل وأنه يشكّل خطراً عظيما على البشرية جمعاء.
الدكتور عدنان لم يكن الضحية الأولى ولا الأخيرة للاحتلال في سجونه، هناك ما لا يدع مجالاً للشك فيه، سجون قد وفّر فيها الاحتلال كلّ أسباب الموت والهلاك، خاصة بعد أن صار ابن غفير وزيراً لما يسمّى الامن القومي، واعتبر أن المعتقلين في سجونه في حالة من الرفاه فقرّر أولا أن يحوّلهم إلى هياكل عظمية بالتجويع المبرمج، ونجح في تحويل السجون إلى جحيم بالإهانة والتنكيل والضغط النفسي المريع على مدار الساعة، فاستحدث فرقا للموت وعمل على سوم المعتقلين سوء العذاب، وأطلق يد هذه الفرق المتوحشة كي تتفنّن في إخراج كل ما لديها من حقد وسادية دون حسيب أو رقيب. وقد ظهرت على كلّ من أُطلق سراحه هذه الأيام آثار التعذيب والتوحّش.
بقي القول أن أسرانا عاجلا أم آجلا سيكونون نور ونار انتفاضة قادمة لا محالة، وأن شهداء الحركة الأسيرة هم منارات على الطريق نحو الحرية لهم والتحرير ولأوطانهم، الدكتور عدنان وكلّ أسرانا ليسوا مجرّد أرقام، فكل منهم له مكانته العالية، وفي يده مشعل حريّة وفي روحه مداد للحياة الفلسطينية، لن تذهب دماءهم ولا آلامهم ولا مكابدتهم لآسرهم هدرا ولا في أي حال من الأحوال.
--------------------
وهم يشرحون جثمان الدكتور الشهيد عدنان البرش، نحن نرى العكس تماما، فالدكتور عدنان هو الذي يضع الاحتلال على طاولة التشريح، وهو الآن يمسك مبضعه ويُري العالم حقيقة الاحتلال، يُري العالم نازيته وتوحشّه الفظيع، يُري العالم ويكتب للتاريخ حقيقة هذا الاحتلال الدموية والاجراميّة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
الاحتلال يخلي المستشفى الإندونيسي ويقصف المستشفيين الآخرين شمالي غزة
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
مصطفى يبحث مع خارجية قبرص الرومية إنهاء الإبادة الإسرائيلية بغزة
الأكثر قراءة
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
وقف إطلاق النار في غزة "أقرب من أي وقت مضى"
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 303)
شارك برأيك
على خلفية تشريح جثمانه.. من الذي يشرّح الآخر.. الدكتور عدنان البرش أم الاحتلال؟