Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 07 مايو 2024 10:18 صباحًا - بتوقيت القدس

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

تلخيص

القبّة الحديدة خيّمت تحتها دولة الاحتلال من أجل تشكيل حماية من أيّ اختراق جوّي خارجي، صاروخي كان أو طائرات مسيّرة أو أجسام مشبوهة تقضّ عليها مضجعها، ولكن هذه المرّة أتاها الاختراق من الداخل، ومن داخل السجون، فاخترق القبّة الحديدية المضروبة على السجون ووصل العالم كلّه، كانت رواية، بقوّة صاروخ أو طائرة مسيّرة وقد نجحت في الاختراق ونجحت في إصابة هدفها وهو ضرب السرديّة الإسرائيلية في مقتلها، لقد هرّب قلما وكتب في عمق الرقابة الأمنيّة المشدّدة في داخل زنزانته، استمرّ في الكتابة عدّة أشهر وهو يخفي ما يكتب ويتجاوز التفتيش تلو التفتيش، عين على قلمه وعين على نافذة الزنزانة كي لا تباغته عيونهم المتربّصة، ثم كبسل ما كتب أيّ حوله إلى كتابة صغيرة على ورق شفاف، يُطوى ويُسيّح عليه البلاستيك ليتحوّل إلى كبسولة يغامر بها مفرج عنه فيبلعها ويخاطر في تحرير مساحة من كدّ أديب يقبع في زنزانة خاوية.


ثمّ هناك تحت الضوء تُفتح الكباسيل وتحرّر الرواية لترى النور ثم تنطلق لتشارك في مسابقة البوكر للرواية العربيّة وتفوز بالمرتبة الأولى، ويتساءل صاحب القبّة الحديدية كيف حصل هذا؟ هل القبّة واهية هزيلة أم أن لهؤلاء قوى خارقة، هي بالفعل الإرادة الحرّة الصادقة والعزائم النبيلة والانتماء العظيم لقضية عظيمة، هي الإرادة التي تنتصر في خضمّ صراع إرادات كاسرة، تنفذ من قبّتهم الحديدة ببراعة وتصل إلى هدفها لتفعل فعلها العظيم.


فوز الأسير باسم خندقجي بجائزة البوكر العربية بروايته قناع بلون السماء هو انتصار فلسطيني ساحق وإصابة الاحتلال في مقتل كبير. خاصة وأن هذا الفوز يأتي في سياق هجمة شرسة بهمجية نازية فظيعة وفي ظروف مجزرة مفتوحة في غزة. فيأتي خندقجي ليرد بأصغر وسيلة ممكنة. بقلمه المهرب الصغير يكتب من وهج قلبه ويرصد دقات قلبه الجميل بلغة إبداعية راقية، يمهر هذه الرجفات السامية ومن خلف أعين السجان المتربص اللئيم ينجح في إطلاقها مع نسائم صباحية تعانق شعاع شمس يحملها على أجنحته إلى حيث فضاء الحرية، نجح كاتبنا أيما نجاح من عمق القهر في أن يقهر سجانه.


نجح في أن يوصل روح أسرانا لتلامس أرواح الملايين من البشر، لقد خطّ أعظم رسالة تعبّر عما يريده الاسرى، عن آمالهم وعن معاناتهم وعن تضحياتهم وعن توقهم الشديد للحريّة، لقد سطّر بهذه الرواية ورسم أركان القضيّة التي يسجن من أجلها آلاف الفلسطينيين طوعا وحبّا وانتماء صادقا، برهن للناس أن هذه قضية حق وعدل وأنها ولأجلها يسجن الشرفاء وتقدّم لها كلّ أشكال الفداء وهو بهذا يكشف القناع عن ذاك المعتدي الذي يريد أن يقيم سيل أكاذيبه على سيل دمائنا، بهذا الاختراق العظيم تنسج الحكاية الصحيحة وينقض غزل الافتراء الكبير الذي اقاموه بقوّة السلاح على أرض فلسطين الطاهرة.


نجح في اختراق أساطيرهم الواهية وأساطيلهم البرية والجوية والبحرية وان يتخطى قبتهم الحديدية وصواريخهم المريعة ليعلي راية فلسطين ولتكبر به القضية.


وليقول للناس بلغة الحكاية المروية أن الانتصار القريب القادم بعد انتصار السردية هو انتصار فلسطين الحرة الأبية.


وإن من الاهمية بمكان أن هذه الرواية وغيرها مما خرج فيما يسمّى بأدب السجون تعتبر شكل من أشكال المقاومة وهي الفعل من صميم العمل المقاوم وذلك لاعتبارات كثيرة أهمّها أنها تسهم في بنية ثقافة المجتمع الذي يقع عليه الاحتلال وبالتالي تقوّي من عزائم صموده وتمدّه بالروح الثائرة القادرة على الاشتباك بكل قوة واقتدار، وهي كذلك تصدّر خطابا ناجحا مبدعا للثقافة الانسانيّة العالميّة والتي من شأنها أن تؤثّر في هذه الثقافة بما يحرّك الرأي العام للوقوف مع القضيّة الفلسطينيّة. وهذا على سبيل المثال ما تشهده الجامعات الامريكية والغربية في تضامنها مع غزّة ومعركتها الخالدة.


هنيئا لأسيرنا الروائي المشتبك من زنزانته بهذا الإنجاز العظيم وهذا الاختراق الحرّ للقبة الحديدية، وهنيئا للحركة الاسيرة وللشعب الفلسطينيّ ولكلّ حرّ ينبض قلبه مع هذا الادب الأصيل.

دلالات

شارك برأيك

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 78)