تزداد أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي صعوبة وقساوة مع مرور الوقت. وهذا ليس كما يعتقد البعض أن مع مرور الوقت سوف تخف هذه الهجمة. ولكن من الواضح أن قوات الاحتلال استغلت الظروف الحالية من أجل أن تقوم باشتداد الهجمة، بل وأن تصبح نهجاً دائما متذرعة بأن هذه الممارسات مرتبطة بأوضاع أسراها لدى المقاومة الفلسطينية. ولكن في الحقيقة، فقد بدأت الهجمة منذ أن تولى بن غفير وزارة الأمن القومي في اسرائيل قبل نحو عام وأول ما طبق سياسته الفاشية على الأسرى.

إجراءات انتقامية مكثفة وواسعة تندرج ضمن جريمة (العقاب الجماعي) فرضها الاحتلال بحقّ الأسرى.

فشرعت إدارة سجون الاحتلال، بعد السابع من أكتوبر، بفرض إجراءات انتقامية جماعية في إطار جريمة (العقاب الجماعي) الثابتة والممنهجة بحقّ الأسرى والتي كانت الأشد والأخطر منذ عقود. وقد تمكّنت المؤسسات المختصة، من خلال زيارات محدودة نفّذتها لبعض السّجون، وجرت ضمن ظروف بالغة الصعوبة، ومن خلال الشهادات التي حصلت عليها من من أفرج عنهم مؤخرًا؛ من رصد هذه الإجراءات، والتي تشكّل امتدادًا لجملة من السّياسات والإجراءات التي انتهجتها بحقّ الأسرى على مدار عقود طويلة.

فقد نفّذت قوات القمع المدججة بكافة أنواع الأسلحة، عمليات اقتحام واسعة لأقسام الأسرى وزنازينهم، ووضعت الأسرى بعزل جماعي، ومضاعف، حيث تحوّلت كافة (غرف الأسرى) إلى زنازين بعد تجريدهم من كافة مقتنياتهم، ومصادرة كافة الكهربائيات البسيطة التي كانوا يستخدمونها، لتلبية احتياجات أساسية لهم. ونفّذت اعتداءات واسعة بحقّ الأسرى، من خلال الضرب المبرح مستخدمة العصي والهراوات، وتسببت بإصابة العشرات منهم وتعمدت بعد ذلك تركهم دون علاج. ومنذ أن منعت الكنتينا فقد حرم الأسرى من الحصول على السجاير والقهوة والشاي.

ومسّت هذه الإجراءات مقومات الحياة الأساسية (الطعام، الماء، العلاج، والكهرباء)، بعد أن أقدمت على قطع الكهرباء عن أقسام الأسرى، وتقليص كمية المياه، وساعات توفرها لهم، وضيقت بشكل غير مسبوق على الأسرى المرضى، وضاعفت من سياسات الحرمان من العلاج القائمة أصلا بحقهم، وأوقفت نقل الأسرى إلى عيادات السّجون، وكذلك الى المستشفيات. كما وفرضت عملية تجويع، بعد إغلاق (الكانتينا)، ومصادرة ما تبقى مع الأسرى من مواد غذائية (كالمعلبات)، وقلصت وجبات الطعام إلى وجبتين، والتي لم تعد ترتقي إلى وصفها بالوجبات فهي عبارة عن لقيمات غير صالحة للأكل.

وأغلقت كافة المرافق منها المغسلة التي كان الأسرى يستخدمونها لغسل ملابسهم، وذلك بعد أن صادرت ملابسهم وأبقت للأسير غيار واحد فقط. وفي بعض السّجون صادرت الأحذية، والمخدات، كما ونفّذت عمليات نقل جماعية بحق الأسرى، وعزلت العديد منهم انفراديًا بعد الاعتداء عليهم بالضرب المبرح. ونتيجة لحملات الاعتقال اليومية، فقد اكتظت السّجون بالمعتقلين الجدد، فالغرفة التي تتسع لستة أسرى، تجاوز عدد الأسرى فيها العشرة، وإلى جانب كل هذا نفّذت عمليات استجواب وتحقيق للعديد من الأسرى حول الوضع الراهن.

وشملت هذه الإجراءات كذلك "عيادة سجن الرملة" والتي يحتجز فيها الأسرى المرضى، حيث اشتكى الأسرى في سجن (عيادة سجن الرملة) من صعوبة التفتيش وكميات الطعام التي لا تتناسب مع كمية الأدوية التي يتناولونها. إضافة إلى ذلك شملت الإجراءات سجن "الدامون" حيث تتواجد فيه الأسيرات، اللواتي تعرضن منذ السابع من أكتوبر لعدة عمليات قمع ترافقت مع رش الغاز، ووضع ثلاثة أسيرات بالعزل، حيث تقبع ممثلة الأسيرات مرح باكير في العزل الإنفرادي في معتقل الجلمة حتى اليوم.

كما ووصلت إجراءات الاحتلال إلى حد استهداف الأسرى عبر عملية اغتيال ممنهجة بحق المعتقلين وعن سبق إصرار ، حيث استشهد منذ اندلاع الحرب ستة أسرى جراء تعرضهم للضرب المبرح.

وفي هذا الإطار تؤكّد المؤسسات التي تعنى بالاسرى أنّ واقع الحياة الاعتقالية للأسرى اليوم، هي أشد صعوبة وخطورة، وهي أقرب إلى واقع الأسرى في سنوات نهاية الستينيات، وبداية السبعينيات.