أقلام وأراء

الإثنين 16 أكتوبر 2023 10:25 صباحًا - بتوقيت القدس

عملية طوفان الأقصى تقوض الأساس الوجودي لدولة إسرائيل في اقل من ست ساعات

لم تصل عملية طوفان الأقصى كما سماها قائد كتائب القسام (محمد ضيف) الى نهايتها بعد، لكنها حققت غايتها الإستراتيجية في اقل من ست ساعات على اندلاعها فجر يوم السبت 7/10/2023، وفيما أن جزء مهم من الخطة لم يكتمل وفقاً لمصادر إعلامية إسرائيلية، إلا أنها لم تسقط المنظومة الأمنية العسكرية والركائز التي تقوم عليها مظومة الأمن القومي الإسرائيلي (الردع والإنذار المبكر، والحسم السريع) بالكامل فحسب، بل اصابت الأساس الوجودي للدولة بجروح عميقة، هي جروح يبدو أنها أقرب للتعفن من التعافي.
تجدر الإشارة هنا الى أن إسرائيل قد تكون تعافت جزئياً من صدمة وهزيمة حرب اكتوبر العام 1973، التي أسقطت منظومات الدفاع الإسرائيلية في ست ساعات على الجبهتين المصرية والسورية، إلا أنها يقيناً لم تتعاف من هزيمة حرب لبنان العام 2006، الأمر الذي يجعل من القول أن الجراح التي أحدثها اكتوبر الفلسطيني لا ينطوي على أي مبالغة.
حيث كشفت العملية لكل مواطني الدولة وليس للمستوطنين في غلاف غزة فقط، أن دولتهم التي أعدت أن تكون دولة حرب والمعبأة بأكثر الأسلحة فتكاً، بأنها دولة عاجزة عن حمايتهم وتوفير الأمن لهم ليس فقط في الشوارع والأماكن والمواصلات العامة، أو في القواعد العسكرية المحصنة والمنيعة، أو في حدائق البيوت، بل في غرف النوم والملاجئ البيتية المحصنة.
وقد دفع تحقيق العملية لغايتها على الرغم من عدم اكتمالها، رئيس الوزراء نتنياهو للإعلان بعد ثمانية ساعات على بدء العملية، الأمر الذي لا يخلو بحد ذاته من دلالة، ان إسرائيل في حالة حرب، ثم الإضافة في اليوم الثالث على بدء الحرب أنه سيحول كل مكان تعمل فيه حماس الى خراب، ودفعت كذلك وزير الحرب (غالانت) للقول بعد 48 ساعة أن إسرائيل في حرب دفاع عن الوجود، ثم الإضافة في اليوم التالي أنه سيمنع الماء والكهرباء والدواء والغذاء عن غزة وأهلها
وفعلاً ترافقت هذه الأقوال والتصريحات بشن الطيران الحربي والزوارق والمدفعية الإسرائيلية حرب إبادة شاملة غير مسبوقة منذ خمسينات القرن الماضي على قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 15 عاما قتلت بعد ثمانية أيام على انلاعها أكثر من 1500 شخص (حتى تاريخ كتابة هذا المقال) من معظمهم من النساء والأطفال ودمرت آلاف البيوت والمنشآت.
وفي الوقت ذاته دفعت الولايات المتحدة الأمريكية الى إرسال حاملة الطائرات جيرالد فورد لشرق المتوسط لحماية إسرائيل، ودفعت كذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء الموافق 10/10/2023 للقول خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض أنه طلب من رئيس الوزراء نتنياهو أن ترد إسرائيل بحسم في الدفاع عن وجودها، وأعاد مستشاره للأمن القومي سوليفان إنتاج القول نفسه، وكذلك فعل الرئيس الفرنسي وغيره من قادة الدول الأوروبية الغربية شركاء الحركة الصهيونية في صناعة اسرائيل، ودفعت كذلك وزير الخارجية بلينكن للقدوم لإسرائيل والإعلان أنه هنا ليس كوزير خارجية لدولة عظمى بل كيهودي، ليتبعه في اليوم التالي وزير الدفاع الأمريكي.
وجاء إنضمام حزب المعسكر الرسمي بزعامة بيني جانتس لحكومة الطوارئ (حكومة الحرب) وتشكيل كابينت جديد التعبير الأكثر وضوحاً عن الحالة التي وصلت اليها إسرائيل نتيجة لطوفان الأقصى، لا سيما وأن نتنياهو قال في المؤتمر الصحفي الذي ضمه ووزير دفاعه جالنت والوزير الجديد جانتس مساء يوم الأربعاء الموافق 11/10/2023، أن مصير إسرائيل ومستقبلها على المحك، وأضاف جانتس ان الحكومة الجديدة هي شراكة في المصير، وأكد ثلاثتهم أن مهمة هذه الحكومة هي استئصال حماس وتأمين المصير والمستقبل.
ما تقدم يبين أن عملية طوفان الأقصى قد قوضت فعلاً الأساس الوجودي لإسرائيل، مما دفع الرئيس الأمريكي بايدن للمسارعة في التصدي لمهمة تثبيت وجود الدولة قبل حكومتها، والأهم أنه دفع حكومة إسرائيل للخروج الى حرب وجود غير متوقعة وغير مستعدة لها، مما يعني أن شهوة الإنتقام والقتل والتدمير ولإبادة الجماعية للفلسطينيين ستكون هي السمة المهيمنة على كل السلوك الإسرائيلي، الأمر الذي يعني أن غزة في انتظار مزيد من التدمير والذبح.
تجدر الإشارة هنا أن أرئيل شارون رئيس الوزراء الأسبق والذي أشرف على مذابح صبرا وشاتيلا العام 1983، كان قد دمر ومسح قطاع غزة في سبعينات القرن الماضي للقضاء على الفدائين في تلك الفترة، وربما يكون كل من غالانت وجانتس كانوا جنودا صغار في تلك المرحلة، الأمر الذي يثير التساؤل ماذا استقبل غالات وجانتس ومعهم الكثير من جنرالات الجيش بعد 50 سنة على مشاركتهم في تدمير غزة، هل إستأصلوا الفدائيين، وهل إستأصلوا روح وإرادة مقاومة الإحتلال، وهل نجحوا في ايقاف الفلسطينيين عن مواصلة النضال من أجل الحرية والإستقلال؟؟؟ أم أن العكس هو الصحيح وأن قدرة الفلسطينيين على الإنبعاث من جديد وتطوير قدراتهم في المقاومة تفوق كل قدرات منظومات الأمن والإستخبارات على رصدها وقراءة مسارات تطورها؟
وتأسيساً على ذلك فالأسئلة الذي يجب أن يدور حولها السجال والجدل في إسرائيل وفي الولايات المتحدة الأمريكية حيث تعيش الجالية اليهودية الأكبر خارج إسرائيل، والتي ربما يكون لا زال بينهم رجل رشيد، ماذا بعد؟ أو ما هو سيناريو اليوم التالي؟ حتى إذا ما حققت إسرائيل السيناريو الأفضل واستأصلت المقاومة في غزة كما أعلن نتنياهو وحكومته، السيناريو الذي أجزم ويدركه أصغر الإسرائليين سناً باستحالة تحققه، الأمر الذي يجعل من سؤال ما هي جدوى بقاء اسرائيل كدولة إحتلال وأبارتايد وتفرقة عنصرية؟ هو سؤال هذه الأسئلة.

دلالات

شارك برأيك

عملية طوفان الأقصى تقوض الأساس الوجودي لدولة إسرائيل في اقل من ست ساعات

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 220)

القدس حالة الطقس