أقلام وأراء

الأربعاء 31 مايو 2023 10:42 صباحًا - بتوقيت القدس

الإلهام التركي للفلسطينيين

أدّت تركيا.. مشهداً ديموقراطياً فاق في جودته.. ما أدّته العديد من المجتمعات التي تسمي نفسها بالراقية، فلقد ذهب ستون مليون ناخب إلى صناديق الإقتراع مرتين في أقل من شهر، وقبل أن يفوز حزب العدالة والتنمية وحلفاءه في معركة البرلمان، وقبل أن يفوز صديقنا المقرّب رجب طيب أردوغان بالرئاسة، فقد تفوقت تركيا على كارثة الزلزال، وتراجع الاقتصاد وهبوط قيمة العملة، وأشياء كثيرة تسجل في دائرة السلب، لتضع أقدامها على أول طريق إما أن يفضي إلى النهوض مجدداً من الكبوات، وإما أن يأتي فريق آخر لسدة الحكم، وفق مبدأ هكذا تقول ديموقراطية الانتخابات..


تركيا شريكة تاريخنا لمئات السنين، وجارتنا الأزلية في الجغرافيا، وشقيقتنا في الدين، وحاضنة ملايين العرب الذين هربوا من جحيم ربيعهم اللاهب، تستحق منا أن نقول لها ألف مبروك على نجاحكم في المشهد الانتخابي، مع أمنيات مخلصة لكم بمزيد من التقدم والإزدهار، ولأخوَّتنا معكم كل ثبات وفاعلية ومنفعة متبادلة.


ما حدث في تركيا، والنتائج تأتي في المقام الثاني، انعكس علينا غيرةً وشعوراً بالتقصير في حق أنفسنا، وإذا كانت الانتخابات أضحت سنّة الكون في بناء النظم وتجددها وشرعيتها، إلا أنها بالنسبة للفلسطينيين تعني أكثر من ذلك، فهي ليست مجرد إيصال شخص إلى موقع الرئيس، ولا إيصال أشخاص وقوى إلى البرلمان، ولا حتى مجرد توليد حكومة تتمتع بشرعية الجمهور، فهي إلى جانب ذلك كله، المجال الأكثر فاعلية، لإثبات عكس ما يسعى الاحتلال إلى تثبيته قسراً على حياتنا الوطنية، أي أن لا نقترب من أي عملٍ يجسد إرادتنا الحرة في السيادة، وجدارتنا الأكيدة في الحرية والاستقلال وبناء دولة حديثة..


الذين يفتشون عن ذرائع لتفادي الانتخابات، وربط إجراءها بقرار المحتل خصوصاً في عاصمتنا الأبدية القدس، يفوتون على الشعب الفلسطيني فرصة ثمينة لتنظيم نفسه، وبناء نظام سياسي حديث، يجمع كل الطاقات الشعبية في إطار مؤسساتي واحد، ويقول للعالم إن هذا الشعب الذي اعتنق الديموقراطية سبيلا للحفاظ على حركته الوطنية متعددة الاجتهادات والاطياف وحتى البرامج.


لجدير ببناء دولة حديثة هي الوحيدة المتبقية خارج منظومة دول العالم في القرن الحادي والعشرين.


الانتخابات الفلسطينية العامة والرئاسية والوطنية "منظمة التحرير"، تقع في صلب العملية الكفاحية نحو التحرر والاستقلال، فإن تمت كما تمت في المرتين السابقتين في كل الوطن، فهذا أمر جيد، وإن أشهر بن غفير بطاقة حمراء لمنعها وخصوصا في القدس، فلا يصح انتظار تبديل البطاقات، بل الذي يصح أن تخاض الانتخابات وأولا في القدس وفي باقي الوطن، ولتكن في هذه الحالة انتخابات تحدٍ لا يملك العالم إلا أن يقف معنا بإعجاب حين يرى صراعا ميدانيا بين بندقية الاحتلال وصندوق الاقتراع الفلسطيني.


وإذا كانت الانتخابات التركية.. قد أثارت حنينا فلسطينيا ملحا لإجراء مثلها عندنا.. حتى أننا تابعناها كما لو أنها تجري في بلادنا، فإن كفاحنا الوطني والعادل والفعال، يحتاجها بشدة، ونحن نسترجع مناسبة تأسيس منظمة التحرير، ونقرأ تدهور حالها في زمن انقسام الوطن، وتراجع دورها التاريخي الجامع لكل الفلسطينيين في كل مكان، وفي الزمن الذي يُحصى فيه من هم خارجها وهم ربما أكثر ممن هم بداخلها، في هذا الزمن، لا تصلح الإجراءات الترقيعية لبناء نظام سياسي يليق بالشعب الفلسطيني وتطلعاته، لأن الذي يصلح حقاً ولا بديل عنه، أن يستعيد الشعب الفلسطيني الذي يعد بالملايين داخل الوطن وفي الشتات دوره وتمثيله الشرعي المتماسك والموحد، والبداية من هنا ومن خلال صناديق الاقتراع، وعمل كبير كهذا لا يجوز انتظار إذن إسرائيلي به، بل مبادرة فلسطينية خالصة، وليضرب بن غفير رأسه في حائط القدس، وليطلق ناره العنصرية على صناديق الاقتراع التي يستطيع أهلنا ملء المدينة المقدسة عاصمتنا بها، حين نفعل ذلك فلن تكون بحاجة لأن تضع غزة صناديق اقتراع رمزية كمظهر تضامني مع الشقيق التركي، ولا تتحسر الضفة على أن مطر الانتخابات ينهمر في كل مكان، الا على بلادنا وأهلنا .. الذين شقق العطش نفوسهم لرؤية ما يتطابق مع ما يريدون..
ولتذكير خصوم الانتخابات في بلادنا بمعلومتين دون تعليق..


الأولى: تسجيل ست وثلاثين قائمة انتخابية حين كانت الانتخابات العامة قد تقررت بإجماع وطني في القدس أولا وفي كل الوطن.


والثانية: أن أكثر من خمس وتسعين بالمائة من المواطنين جددوا سجلاتهم الانتخابية.

دلالات

شارك برأيك

الإلهام التركي للفلسطينيين

نابلس - فلسطين 🇵🇸

محمد قبل 4 شهر

نعم لما جاء في هذا التقرير الموضوعي والجريء نعم تركيا علمت العالم الذي يسمي نفسه حرا وديمقراطية دروسا كثيرة وملهمة

عمان - الأردن 🇯🇴

بسام قبل 4 شهر

شتان بالوصف والمقارنه

المزيد في أقلام وأراء

دعوات اقتحام المسجد الاقصى المبارك وخطر تقسيمه وتهويده

حديث القدس

افيقوا ايها الملتصقون بالكراسي

ابراهيم دعيبس

باديكو والاقتصاد المقاوم

د. دلال صائب عريقات

احتجاز الجثامين جرح نازف لمشاعرنا وكرامتنا

نهاد أبو غوش

دروس من فيضان درنة وزلزال الحوز

المحامي إبراهيم شعبان

رسائل الرئيس أبو مازن للعالم في الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة

د. هاني العقاد

تطويع الإلهام في زنزانة الأسير

الأسير حسام شحادة

رواية عباس الحقيقية وخريطة نتنياهو المزورة..

الدكتورة أماني القرم

"لو لم يقتل رابين"

الدكتور إياد البرغوثي

الكلام لم يعد مجديا ازاء ممارسات الاحتلال

حديث القدس

الشباب والانخراط بالسياسة

بكر أبو بكر

خطة المستعمرة الحاسمة

حمادة فراعنة

مدارسنا في القدس والمسؤولية المجتمعية

سناء حسن أبو هلال

ثلاثون عاماً على أوسلو : محطات على الطريق إلى الاتفاق

د.ماهر شريف

العرب والحضيض

حمدي فراج

الوهم والحقيقة في الواقع الفلسطيني

مصطفى إبراهيم

خطاب شامل ومجتمع دولي غير مسؤول

حديث القدس

حسين منذر الذي تشرَّب حب فلسطين

ظاهر صالح

هل يمكن التفاؤل والثقة بتحولات”الشيطان”؟!

د.أسعد عبدالرحمن

أخرجوا الألوان من قفص الاتهام

زبيدة صبحي سلمان

هل تعتقد أن السعودية قريبة من اتفاق تطبيع مع الاحتلال؟

%65

%35

(مجموع المصوتين 574)

القدس

()

أسعار العملات

الأربعاء 20 سبتمبر 2023 8:54 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.81

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.38

شراء 5.36

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05