حين يتحول الشغف إلى طموح وكيان ملموس، فسنعرف أنَّ هناك قصة نجاح مختلفة بطلتها ليست من نسج الخيال استطاعت أن تحقق نجاحات وإنجازات وصولا إلى عالم الريادة، وبطلت حكايتنا غالية أحمد صالح (40 عاما)، التي أثبتت أن أكثر الاشخاص نجاحاً في هذه الحياة هم أولئك الذين عرفوا شغفهم الحقيقي واستثمروه بكل ما بقلوبهم من طاقة وحب، كي يصلوا إلى أهدافهم بطرقٍ مليئة بالمتعة والبهجة.

أول الطريق

لكل نجاح كبير ومشروع مزدهر خطوة بداية كانت هي الاساس للانطلاق، وغالية التي درست تخصص الصيدلة وعملت في مجال دراستها مدة ثماني سنوات ، وجدت شغفها في مكان مختلف تماما وبعيدا عن دراستها ومجال عملها وكان دليلها إلى ما تحب لتبدع فيه فيما بعد.

تقول عن البداية: درست الصيدلة واشتغلت فيها لمدة ٨ سنوات، لكني كأي أم بعد أن أصبح عندي ثلاث بنات كان صعبا التوفيق بين أطفالي والعمل وبالتاكيد اخترت الاهتمام ببناتي وترك العمل بمهنة الصيدلة، ولأنني أعمل لسنوات فكان الجلوس في المنزل بلاعمل ليس بالأمر السهل ابدا ، وصدفة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي شاهدت ابنتي كتابا تفاعليا من القماش وطلبت مني أن أصنع لها مثله وكان من الصعب عليي ان ارسم واعمل واحدا لها خاصة وأنني لم أكن أمتلك مزاجا في الرسم والتلوين والأشغال اليدوية.

وتابعت: كنت عائدة من عند طبيب العيون بعد فحص ابنتي وطلب مني الطبيب أن أمنعها من استخدام الأجهزة الذكية للحفاظ على عينيها، فبدأت افكر في بديل يكون ممتعا وينسيها الأجهزة الذكية ،خاصة وأن الالعاب التي نقوم بشرائها من السوق مهما كانت غاليه ونوعيتها ممتازة فإن الاطفال يملون منها بعد فتره ، ولا أحد فينا يقدر في كل يوم شراء لعبه جديده ، من هنا قررت أن أجرب عمل هذا الكتاب التفاعلي، وبالفعل توجهت للسوق واشتريت المواد المطلوبة لصناعة كتاب واحد فقط ،وانطلقت للعمل فيه حتى قمت بانجازه وبالرغم من ان منظره لم يكن جميلا ابدا، لكن بناتي فرحتهن فيه كبيرة جدا وكأنهن يمتلكن الدنيا وما  فيها ، شعرت وكأنهن يمتلكن شيء من عالم اخر، غير أن الطاقه الكامنه بداخلي تفجرت وخرجت اثناء العمل على الكتاب وانا لا أدري بان هذه الطاقه بداخلي .

الإنطلاق للعمل

بالشغف وحده يمكن للإنسان رسم حياته كما يريد، هذا الشعار الذي انطلقت منه غاليه لتفكر في جعل هذا الكتاب الذي جعلها تكتشف طاقات كامنه داخلها تتفجر واستطاعت انجاز شيء عظيم يعود بالفائدة والنفع عليها وعلى عائلتها وبفضل تشجيع بناتها قررت البدء في مشروعها .

تتحدث غاليه قائلة: من شدة حب بناتي للكتاب واستمتاعهم به، بتن يطلبن مني أن أصنع هذا الكتاب للاطفال فالكثير من الامهات مثلي يحاولن ابعاد اطفالهن عن الاجهزة الذكية ولا يمتلكن البديل، فلماذا لا أصنع هذا الكتاب وأبيعه، واخبرنني أن الكتاب جميل جدا وعليّ أن أبدا العمل به، وكانت فكرة جميلة وفيها شغفي يزداد وشرعت بالعمل في الكتاب للاقارب والمحيطين فقط من عائلتي وعائلة زوجي، وصرت اتابع التغذية الراجعة عليه ايجابية جدا ومن هنا قررت أن أحول هذا الكتاب لمشروع ريادي أوسعه وأطوره وأتطور .

خطوات المشروع

تتحدث غالية عن الخطوات الحقيقية للمشروع قائلة : لفت نظري نقطة مهمة لماذا يكون الاخوة في نفس البيت ويعيشون نفس الظروف لكن أحد منهم يتفاعل مع الكتاب بشكل اكبر من الاخر هذا التفاوت في ردات الفعل والاستجابة للكتاب احتاج مني الاجابة عن هذا التسؤل اربع سنوات من عمر المشروع ، والبداية الصحيحة كانت للمشروع من فترة الكورونا، وتعد الفترة التي قبلها من عمر المشروع وهي اول سنتان مجرد تجارب، خاصة انني كنت اتعلم وابدا اعتمادا على اجتهادي الشخصي دون توجيه من احد وكان الموضوع صعبا جدا اسئلة متعددة كانت تدور برأسي وتخبطت بالبداية وكان هنالك اغلاط لكن الحمد الله كنت متاكده ان داخلي طاقات كبيره وباني قادره على توجيهها بالشكل الصحيح وعندي رساله اريد توصيلها للاهل ان هنالك بديل ويساعد الاهل على التخلص من مشكلة الاجهزة الذكية .

العمل الحقيقي

وتسترسل غالية قائلة: ببدايه الكورونا كنت مع ابنتي الصغيره بزيارة للأردن عند أهلي وقتها فرض كورونا الحجر على الجميع وانحجرت مدة ستة شهور فترة الحجر الكلي، وكان عندي متسع من الوقت للالتحاق بدورات متعددة ومنوعة من خلال الاونلاين ومكثفه استفدت منها بشكل كبير واستغليت هذه الفتره جيدا، واخدت استشارات متعدده من خلال تطوير مشروعي لينصحوني ماذا اعمل وكيف اطور بالمشروع، لان الاستشارات كان من خلال ريادين اعمال وهذا ما جعلني اتطور كثيرا وانتقل نقلة نوعية واقفز قفزة كبيرة في عملي  .

وأكملت: اخدت دروة لتحليل الشخصيات من خلال علم الفراسه ما ساعدني كثيرا لأجد أجوبة على اسئلتي وافهم شخصيات الاطفال وماذا يناسب كل طفل عن غيره، وصرت افهم شخصيات الامهات ايضا واعرف كيف اتناقش معهن فيما يناسب ابنائهن من الانشطه عن سواها حتى اعمل الكتاب المناسب لكل طفل على حدى، من هنا فان كل كتاب لدي مختلف عن الاخر حسب شخصية الطفل وعمره وميوله وهذه احدى الصعوبات التي تجعل الانتاج عندي قليل،  فالهدف ان يستفيد الطفل من الكتاب اكثر من اني اربح وانتج كميات كبيرة من الكتاب بهدف البيع ،وتم تسليط الضوء على مشروعي اعلاميا ما جعلني اعمل كتب واوصلها لدول عربية مختلفة ومنوعة من عمان للامارات لعُمان وغيرها .

التنوع

 غالية التي تصنع كتبا منوعة حتى للحالات الخاصة كل حسب ما يحتاجه وذلك بعد تشاورها مع مختصين كل واحد حسب حالته كالتوحد مثلا، تتحدث عن اول كتاب من القماش قامت باعداده وما تتميز به هذه الكتب، حيث قالت: اول كتاب كان من القماش في انشطة منوعة ومختلفة ما بين ثمانية إلى عشرة انشطه تحتوي على مهارات أساسية، والكتب يتم عملها من عمر المولود الصغير من ثلاث شهور، يكون لونه ابيض واسود واحمر ، لان الطفل بهذا العمر  لا يميز الا هذه الالوان وبعد الخمس شهور يصبح قادرا على تمييز اللون الاحمر، لاساعدهم على التركيز من خلالها كما أعلم الام عندما يبدا طفلها يحبو كيف تضع له الكتاب ليكون رياضه للعين والجسم حتى يشد جسده ويقف ليمسك الكتاب ما يقوي عظام كتفه ويديه وظهره ورقبته بطريقه علميه مدروسه وليست عشوائية .

وتضيف: الفئة الثانية من عمر الست شهور يكون كتاب اللمس ويتفاوت بين الناعم والخشن والالوان الجذابة لأن الأطفال يتعرفوا من خلال اللمس ، والكتب التفاعليه من خلال الانشطه لعمر سنه فما فوق مثلا نشاط الالوان لعمر السنة أضع لونين، السنتين ٦ ألوان وهكذا كل ما زاد العمر يزيد تعقيد النشاط ويحتوي المهارات الاساسيه التي نحب تعليمها لاولادنا مثل الالوان الاشكال الهندسية الارقام القصص، ونعلمهم كيف ينظفوا اسنانهم ويربطو حذائهم ويصففوا شعرهم والعديد من المهارات التي يتم اختيارها حسب شخصية الطفل، مثلا الطفل الذي شخصيته صفراء يميل الى الاهتمام بنفسه ورعايتها، والشخصية الزرقاء دقيق ويحب العاب الذكاء فاضع له ما يناسبه حتى مفتاح الحل يختلف حسب شخصيه الطفل بزيادة التحدي او تقليله ، وهو جدا ممتع ليتعلقو بالكتاب وعندما يمل منه بعد يومين يعود ليسال عنه لانني اضع العناصر والمهارات عن دراسه وليس اشكال اعجبتني فقط .

صناعة الكتاب وأهميته

وتصف غالية طريقة صناعة كتابها وتحكي: الكتاب يصنع من مادة أساسية هي الجوخ او اللباد لأنها قابله للغسل وتتحمل الضغط من الاطفال واحيانا يدخل خيوط بعدد قليل وتكون امنه للطفل مئة بالمئة ، وهذه الكتب تجعل الكتاب بديل عن الأجهزة الالكترونية أولا وتعمل على زيادة التركيز وطولة البال والدقة اضافة لتقويه العضلات الدقيقة بيدي الطفل لما فيها من تازر حسي بصري حركي سمعي، مع تعدد الخيال وتعدد المخزون اللغوي سواء من الكتب التفاعلية او القصص التفاعلية التي عندي فهي قصص شعبيه لكن طرحها يكون بشكل جديد فيها القراءة واللمس لتفاعل الحواس ما يعني تخزين المعلومة في الذاكرة طويلة المدى وهذه نقطة قوة في منتجاتي لأن القصص في السوق مطبوعة وملونة لا تخزن في الذاكرة طويلة المدى، وعندما ادخل فيها عناصر كثيرة مع الشخوص تصنع من مواد يلمسها الطفل ويسمع القصة من حكواتيه متخصصة من خلال الباركود بطريقة مبهرة ومناسبة للروضات وللبيوت من خلال تقليدها لاصوات الحيوانات وغيرها ما يجعلها ترسخ في ذهن الطفل .

اسعار الكتب ووقت العمل

ماما غالية التي صنعت الكتاب لبناتها اليوم بات هذا الشغف مع الخبرة والمعرفة مشروعا ناضجا لا يضاهيه شيئ فمن احتياجها لأسبوع للعمل في الكتاب إلى يومين او ثلاثة فقط بعد اكتسابها للخبرة، وعن اسعار الكتب تقول : اسعار الكتب مناسبه ولا اتجة نحو الربح المهم أن لا اخسر فانا أقدم نوعين من الخدمات فورية وابدية لأنها تعلق بذاكرة الطفل، لأن الكتاب فيه اسم الطفل وشخصيته والمعلومات الأساسية التي يجب أن يعرفها الطفل وهو يلعب ويصنع ذكرياته ما يعزز الأواصر بين الأم وابنها، بالبدايه كان سعر الكتاب ٨٠ شيكلا والآن بعد التطورأصبح سعره ١٢٠ شيكلا بما يناسب أن لا أخسر فالمواد غاليه جدا والأهم من ذلك هو ثقتي بمنتجي ومن قيمتة .

التطور والخطط المستقبلية

وعن خططها المستقبلية وتطور المشروع تحكي: البداية كانت كتاب تفاعلي ثم قصص تفاعليه ثم ألعاب تفاعلية،عملت جسم الانسان بطريقة مبتكرة وعملت المجموعة الشمسية وجدول الضرب واجزاء النبات، أطلقت موقعي الالكتروني حديثا، والفيس بوك الذي اطلقت عليه اسم كتابي الأول مع ماما غالية بحكم التدريبات التي اخدتها المكثفة من العديد من الجهات وحصلت على شهادة اعتماد مدربين محترفين حاليا سأتفرع بعملي لمساعدة الرياديات باعطاء تدريبات تحوي ما يفيدهم وينفعهم بعد تجربتي خاصة انني في اول سنتين كنت اتمني ان اجد من يوجهني لأبدأ بشكل صحيح .

واختتمت ماما غالية حديثها برسالة قالت فيها: استمرارية السعي تعني حتمية الوصول لا لمتلازمة منتصف الطريق من يبدا بشغف وحماس لايقف بمنتصف الطريق يجب أن نكمل للنهاية فليست كل النتائج سريعة وأول سنتين كنت محبطة جدًا، لذا لابد من استمرارية السعي والايمان بان لكل منا رسالة ورؤية عليه ايصالها بالشغف وحده يمكن للإنسان رسم حياته كما يريد.