أقلام وأراء

الإثنين 23 يناير 2023 10:28 صباحًا - بتوقيت القدس

حروب الماضي والمستقبل

بقلم:ياسر قبيلات

تعلّق شبكة «سي. إن. إن» الأمريكية على إعلان الولايات المتحدة واليابان عن «تعزيز كبير لعلاقتهما العسكرية، تضمن رفع مستوى وضع القوات العسكرية الأمريكية في اليابان»، بقولها: إن «ما يحدث بين أمريكا واليابان يأتي ضمن رغبة وزارة الدفاع الأمريكية في التحول من حروب الماضي في الشرق الأوسط إلى منطقة المستقبل في المحيطين الهندي والهادئ».

هل فعلاً أن أولويات الولايات المتحدة تغيرت، بعد أن رسخت دول منطقة الشرق الأوسط، سياسات تراعي التوازن الدولي، فاتجهت واشنطن بأنظارها إلى «منطقة المحيطين الهندي والهادئ»؟

في الواقع، إن انصراف الولايات المتحدة باتجاه آخر، لا يعني انفراجاً في القضايا التي تكون محل اهتمامها، فالمقاربات الأمريكية للأزمات، عموماً، لم تبن على حلول مستدامة أو تصفية نهائية للقضايا الملحة، موضع النزاع.

من المؤكد أن الولايات المتحدة تدرك ذلك، ولكن المخاطر التي تستشعرها واشنطن تلعب دوراً حاسماً في تغيير أجندتها، وإعادة ترتيب أولوياتها؛ والتحدي الذي تستشعره الولايات المتحدة في «منطقة المستقبل»، يتضمن القلق على تفردها السياسي والاقتصادي والعسكري.
في المقابل، تدرك الولايات المتحدة بخبرتها، أن التحدي الرئيسي في «منطقة المستقبل» هو الصين. وهي تدرك أن أي اشتباك معها سيكون مثل افتعال شجار في متجر للخزف، لن يضعف الصين بقدر ما سيستنزف الدول الحليفة في جنوب وشمال شرق آسيا.

وهنا، من الملاحظ أن واشنطن، التي كانت تعبر عن تفردها بقدرتها على لعب أدوار متنوعة، في قارات مختلفة، في نفس الوقت، هي مضطرة اليوم إلى الاختيار بين الأخطار التي ينبغي أن تواجهها، فلم تعد قادرة على الوجود المكثف في أكثر من منطقة في العالم، في الوقت الذي تريد أن تكون فيه هناك، في «منطقة المستقبل». وهي تريد أن تكون في «منطقة المستقبل»، لكنها تعلم أن مهمتها مستحيلة.

إن هذا، يرجح أن الولايات المتحدة انتقلت من حالة الدولة ذات القوة اللامحدودة، إلى موقع الدولة صاحبة القدرة واضحة الحدود. وفي مثل هذا الوضع، فإن حالة الاشتباك الشاملة مع كل قضايا العالم ستصبح عبئاً، لا يمكن احتماله من جهة، ولكن لا يمكن التخلي عنه من جهة ثانية.

وهذه حالة لها اسم واحد: محدودية القوة!

وبالطبع، فإن التاريخ مليء بالدول التي شهدت حالات لا حصر لها بخصوص الانتقال من القوة اللامحدودة إلى المحدودة، وبعضها حالات مزمنة اليوم، وصادرة عن ضعف. ولكن هذا ليس أكثر خطورة، أبداً، من قوة عظمى تعيش تراجعاً في بؤر ومناطق مختلفة، وتضطر إلى نقل اهتمامها من منطقة إلى أخرى، بلا توقف.

ينعكس هذا بالضرورة على الوضع الداخلي، الذي يرى المراقبون اليوم أنه بات في الولايات المتحدة مفتوحاً على صراعات داخلية بلا ضوابط، كما ينعكس هذا قلقاً وتوتراً على الحلفاء الاستراتيجيين الكبار، مثلما نرى في أوروبا. كما ينعكس على الاقتصاد نفسه، الأمريكي والعالمي.

وبالطبع، سيبقى العالم يشاهد أمريكا القوية، ويراهن على متانة نظامها السياسي، وقوة اقتصادها، وجبروت آلتها العسكرية، وقدرتها على النهوض من النكسات؛ لكن الاستحقاقات الكثيرة غير الملباة، والالتزامات العديدة تجاه قضايا ومناطق نزاع كثيرة في العالم، ستحل مرة واحدة، لتثبت حقيقة مؤكدة، هي أن «القوة» لا تعني، بالضرورة «القدرة»، بينما الالتزامات الأمريكية في العالم، اليوم، تتطلب قدرة مطلقة.

وفي الحقيقة، لا تعاني الولايات المتحدة من الضعف، ولكنها تدفع باهظاً ثمن قوتها!

عن "البيان الاماراتية"

دلالات

شارك برأيك

حروب الماضي والمستقبل

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 71)

القدس حالة الطقس