أقلام وأراء
الجمعة 13 يناير 2023 11:19 صباحًا - بتوقيت القدس
إلى أين يتجه العالم في 2023؟
بقلم:خليل العناني
رحل عام 2022 بكل ما حمله من صراعات وحروب ومآسٍ دولية، ودخلنا عاما جديدا، لكنه يحمل معه الملفات ذاتها التي بدأ بها العام الماضي، وذلك دون مؤشر على إمكانية حلها أو التخلص من تكلفتها وأعبائها. وهذا كشف حساب لما حدث على مدار الأشهر الـ12 الماضية يشير إلى نقاط مهمة على مستوى النظام العالمي والعلاقات الدولية أبرزها:
أولا: أفول نظام القطبية الأحادية كما عرفناه على مدار العقود الثلاثة الماضية
خاصة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، الذي حاولت فيه الولايات المتحدة قيادة العالم بشكل منفرد دون مشاركة من القوى الدولية الأخرى، والتي على ما يبدو لم تكن راضية عن هذا التفرّد الأميركي. ولعل أحد الأسباب التي تفسر الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ أواخر فبراير/شباط الماضي يتعلق بهذه المسألة، ومحاولة بوتين كسر الهيمنة الأميركية على الساحة الدولية، وذلك كما اتضح في تصريحاته التي اتهم فيها أميركا والغرب بإشعال الحرب في أوكرانيا عبر توسيع رقعة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ووصوله إلى حدود بلاده، مما دفعه إلى شن "عملية عسكرية خاصة" على كييف على حد تعبيره.
ثانيا: صعود الصين كلاعب مهم على الساحة الدولية
ليس فقط اقتصاديا وتجاريا وتكنولوجيا كما كانت هي الحال خلال العقدين الأخيرين، ولكن أيضا كلاعب إستراتيجي وعسكري مهم، خاصة في منطقة شرق آسيا والمحيطيْن الهندي والهادي. وهو ما جعل الولايات المتحدة تعتبر بكين خطرا إستراتيجيا عليها وعلى مصالحها في تلك المنطقة في إستراتيجية الأمن القومي التي صدرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وعلى عكس ما كان يعتقد البعض فإن صعود الصين لن يكون صعودا سلميا ولكن صعودا مشوبا بالتوتر والتنافس والصراع. وربما الحرب مع الولايات المتحدة التي تسعى جاهدة لتعطيل هذا الصعود من خلال وجودها العسكري الكثيف في بحر جنوب الصين وتحالفاتها الإستراتيجية مع تايوان واليابان وكوريا الجنوبية والهند.
ثالثا: تحول موارد الطاقة العالمية
كالنفط والغاز إلى لاعب رئيسي في التفاعلات الصراعية للنظام الدولي، وازدياد دور ليس فقط منتجيها ولكن أيضا مستهليكها. وقد رأينا كيف أشعلت الحرب الروسية على أوكرانيا الصراع على الموارد وإدارتها وعلى إنتاجها واستهلاكها بين الشرق والغرب. ولأول مرة نشهد بروز ما يسمى بـ "كارتل المستهلكين"، وذلك لموازنة كارتلات المنتجين سواء في منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) أو أوبك بلس التي تضم روسيا وبلدانا أخرى من خارج الأوبك. فعلى سبيل المثال اتفقت الدول الأوروبية ومجموعة الدول السبع، وهي من أكبر الدول المستهلكة للطاقة، على تحديد سقف لأسعار النفط والغاز الروسيين، وذلك للمرة الأولى في تاريخ هذه البلدان.
رابعا: معاناة أزمات الأمن الغذائي
لم تعد المعاناة الناجمة عن أزمات الأمن الغذائي حكرا على دول الجنوب الفقيرة، فقد انضمت لها أيضا دول الشمال الغنية التي عانت من تداعيات مشكلة الغذاء الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا وتعطّل سلاسل الإمداد والتوزيع لأسابيع، قبل أن تتدخل الأمم المتحدة وتحلّ المشكلة عبر وساطة تركية. ورأينا تداعيات ذلك على كافة البلدان في شكل ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية كالقمح وزيوت الطعام التي يأتي معظمها من روسيا وأوكرانيا.
خامسا: المعاناة من أزمات اقتصادية عديدة خلال العام الماضي
وذلك نتيجة لحرب روسيا على أوكرانيا، وما كاد الاقتصاد العالمي يخرج من تداعيات أزمة كورونا التي فرضت إغلاقا تاما على الاقتصادات الكبرى خاصة الاقتصاد الصيني، حتى جاءت تلك الحرب الروسية لتشعل أزمات التضخم وارتفاع الأسعار وترفع تكاليف المعيشة في الدول الغربية بشكل لم يحدث منذ 40 عاما على الأقل. وهو ما ترتب عليه وقوع اضطرابات اقتصادية واجتماعية عديدة كالاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات في كافة القطاعات الحيوية. بل تمت الإطاحة بحكومات دول أوروبية كما حدث في بريطانيا وإيطاليا، وشهدنا صعودا غير مسبوق لليمين المتطرف في أكثر من بلد أوروبي.
ومع دخولنا للعام الجديد، فإنه من المتوقع أن تزداد هذه الأزمات تعقيدا وسوءا، خاصة في ظل عدم وجود أفق واضح لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا. ولعل أهم المؤشرات المقلقة على احتمال وقوع أزمات عديدة في العام الجديد هي ما يلي:
زيادة الصراعات الإقليمية والدولية، وتزايد احتمالات وقوع حروب جديدة سواء في منطقة شرق آسيا (بين الصين وتايوان، أو بين الكوريتين، أو بين اليابان والصين، إلخ) وكذلك في منطقة وسط أوروبا (خاصة في شرق أوروبا والبلقان) أو في الشرق الأوسط (خاصة بين إيران وحلفائها وإسرائيل وحلفائها) أو في إفريقيا أو في أميركا الوسطى واللاتينية. بل الأكثر من ذلك، فإن هذه الحروب الإقليمية قد تشعل حربا عالمية جديدة سواء بين الصين والولايات المتحدة أو بين الأخيرة وروسيا أو بين الأخيرة ودول أوروبية أخرى، مع زيادة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية نتيجة للأزمات الاقتصادية.
لن يتوقف الأمر عن حدود الشرق الأوسط الذي من المتوقع أن يشهد مزيدا من عدم الاستقرار السياسي وربما انهيار لأنظمة سلطوية، ولكن أيضا في أوروبا التي قد تشهد انزياحا جديدا باتجاه التيارات اليمينية الشعبوية. ولربما نشهد سقوط لأنظمة راسخة ديمقراطيا في براثن اليمين المتطرف، سواء من خلال الانتخابات أو الانقلابات، مع احتمال حدوث انهيار اقتصادي عالمي وليس مجرد ركود أو تباطؤ في النمو، خاصة في ظل حالة الاعتماد المتبادل بين الاقتصادات العالمية، وارتباطها ببعضها البعض بشكل غير مسبوق نتيجة للعولمة التجارية والاقتصادية.
ستدفع الدول النامية والفقيرة الثمن الأكبر لهذا الانهيار الذي قد يحدث نتيجة للصراع السياسي والتنافس والإستراتيجي بين القوى الكبرى. هناك احتمال كبير لاشتعال حروب الموارد بشكل غير مسبوق، خاصة في ظل أمرين: أولهما زيادة الطلب على هذه الموارد (خاصة موارد الطاقة كالنفط والغاز)، وثانيهما استخدام هذه الموارد كسلاح إستراتيجي في الصراع الدولي.
كذلك هناك احتمال لاشتعال نزاعات وحروب المياه، خاصة في ظل التغيرات المناخية الشديدة التي يشهدها العالم بشكل مطرد كالجفاف والتصحر وغيرها.
وأخيرا، من المتوقع أن تحدث تحولات كبيرة في خارطة التحالفات الإقليمية والدولية، خاصة في منطقتي آسيا والشرق الأوسط، وهو ما قد ينجم عنه زيادة التوترات والنزاعات بشكل لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية في ظل عجز تام للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية على حل هذه النزاعات.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 89)
شارك برأيك
إلى أين يتجه العالم في 2023؟