قال المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بأنه لا يعتقد أن حماس "عصية على الحل أيديولوجيًا"، مجادلًا بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "متحمس"، لكنه يعمل ضد الرأي العام الإسرائيلي الذي يُعطي الأولوية لتحرير الرهائن المتبقين من غزة على تدمير حماس.
وناقش ويتكوف في مقابلة استمرت 90 دقيقة، مع الإذاعي المحافظ، تكر كارسلون، دوافع إسرائيل وحماس وقطر في حرب غزة الدائرة، وقدّم دفاعًا حازمًا عن الدوحة في وجه المنتقدين الذين يشككون في دوافعها، وأقرّ بقلقه من احتمالية زعزعة حرب غزة لاستقرار دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية.
كما أشار إلى أن الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، قد يكون شخصًا مختلفًا تمامًا عما كان عليه في تنظيم القاعدة، وكشف عن تفاصيل جديدة حول نجاحه في التوسط في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، الذي بدأ يوم 19 كانون الثاني الماضي، وانتهى يوم 2 آذار الجاري، والذي أنهاه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو باستئناف الحرب فجر يوم 18 آذار ، وأصرّ (ويتكوف ) على إمكانية حل التهديد النووي الإيراني دبلوماسيًا.
وأجرى ويتكوف الحوار مع كارلسون، مُقدّم البرامج الحوارية اليميني الذي تعرّض لانتقادات لاذعة في الأوساط اليهودية الأميركية لاستضافته ضيوفًا روّجوا لمزاعم معادية للسامية وتحريف أحداث الهولوكوست. يُعرف عنه أيضًا تمتعه بقاعدة جماهيرية واسعة، لا سيما بين مؤيدي ترامب.
بدأت مقابلة البودكاست المصورة بمبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط وهو يشرح أن وظيفته تتطلب منه فهم دوافع مختلف الأطراف التي يتعامل معها.
قال ويتكوف: "ماذا تريد حماس؟ أعتقد أنهم يريدون البقاء هناك إلى الأبد. يريدون حكم غزة، وهذا أمر غير مقبول. كان علينا أن نعرف أن... ما يريدونه غير مقبول".
وأضاف: "ما هو مقبول لدينا هو أنهم بحاجة إلى نزع سلاحهم. عندها ربما يمكنهم البقاء هناك قليلًا... والمشاركة سياسيًا". لكن... لا يمكن أن نسمح لمنظمة إرهابية بإدارة غزة لأن ذلك لن يكون مقبولًا لدى إسرائيل. حينها سنعيش نفس التجارب تمامًا، أي أننا سنشهد 7 تشرين الأول آخر كل خمس أو عشر أو خمس عشرة سنة".
وعندما سُئل ويتكوف عن طبيعة التفاوض مع حماس، أقر بأنه لا يتحدث إليها مباشرةً، وأنه يستخدم قطر كوسيط.
وكان المبعوث الأميركي قد وافق على أن يجري مبعوث ترامب لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، محادثات سرية مباشرة مع مسؤولي حماس في وقت سابق من شهر آذار الجاري. إلا أن واشنطن تخلت عن تلك المحادثات بعد أن سرّبتها إسرائيل، التي علمت بها لاحقًا.
وبينما عمل ويتكوف على فهم حماس من خلال المفاوضات، قال إنه اطلع أيضًا على لقطات مُجمّعة لهجوم الحركة في 7 تشرين الأول، والتي عرضتها السلطات الإسرائيلية له خلال زيارته الأولى لإسرائيل عند توليه المنصب.
وادعى ويتكوف : "لقد كان الأمر مروعًا. يتعلق الأمر بعمليات اغتصاب جماعي. كانت هناك صور لأفراد من حماس يقطعون رأس جندي إسرائيلي... إنه يتجاوز كل ما رأيته في حياتي".
يشار إلى أن إدعاءات إسرائيل عن الاغتصاب تم تفنيدها بشكل كامل، ولم تتمكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإبراز دليل واحد على يثبت تلك الإدعاءات.
وأضاف ويتكوف: "يمكن أن يؤثر ذلك على مشاعرك تجاه حماس. أحيانًا، كمفاوض، عليك أن تكون محايدًا". "ليس من السهل اتخاذ القرارات إذا كنت ستشاهد الفيلم، ولكن كان عليّ أن أراه... لا يمكننا تجاهل حقيقة ما حدث في 7 تشرين الأول. سيقولون لك إن لديهم مبررًا، لكن لا يوجد مبرر... لما حدث في ذلك اليوم". ومع ذلك، عاد ويتكوف إلى أهمية فهم دوافع حماس.
وقال: "عليك أن تعرف ما تريده حماس... ثم عليك أن تحدد ما يمكنك تقديمه لهم بما يسمح لهم بالانسحاب، لأن هذا هو المطلوب هنا".
وأضاف "ما سمعناه في بداية هذا الصراع هو أن حماس أيديولوجية، وأنها مستعدة للموت لأسباب متنوعة. أنا شخصيًا - وأنا أتحدث مع الرئيس حول هذا الأمر... قلت له: 'لا أعتقد أنهم منغلقون أيديولوجيًا إلى هذا الحد'. إنهم ليسوا عنيدين أيديولوجيًا. لم أصدق ذلك أبدًا".
"بمجرد أن تفهم أن [حماس] تريد البقاء، يمكنك التحدث معهم بطريقة أكثر فعالية"، قال ويتكوف.
وعندما سُئل ويتكوف عن كيفية توصله إلى هذا الاستنتاج بشأن حماس، قال إنه قرأ العديد من تقارير الاستخبارات الأميركية وشعر أيضًا "بإيقاع ووتيرة المفاوضات". قال: "عندها توصلتُ إلى استنتاج أنهم يريدون بدائل".
يشار إلى أن ما قاله ويتكوف عن حماس يشبه إلى حد ما التصريحات ألتي أدلى بها آدم بوهلر في سلسلة من المقابلات مع الصحافة الأميركية والإسرائيلية في 9 آذار، والتي أثارت غضب نتنياهو ودائرته المقربة.
وكشفت صحيفة في وقتٍ سابق من هذا الشهر بأن مسؤوول أميركي كبير أخبرها بأن كبير مساعدي نتنياهو ، وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، واصل الضغط على مسؤولي ترامب لتهميش بوهلر بعد تلك المقابلات.
رفضت حركة حماس اقتراحًا لقب باقتراح "الجسر" قدّمه الأسبوع الماضي كان من شأنه أن يُمدّد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار حتى نهاية شهر رمضان ، وعطلة عيد الفصح اليهودي الشهر المقبل، إلى جانب إطلاق سراح خمسة رهائن أحياء وعدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.
أصرّت حماس على الالتزام بالشروط الأصلية للاتفاق الذي ساعد ويتكوف في إبرامه في كانون الثاني، والذي كان من المفترض أن يشهد بدء مفاوضات المرحلة الثانية بعد حوالي أسبوعين من وقف إطلاق النار (3 شباط 2025). لكن إسرائيل رفضت المضي قدمًا في مثل هذه المحادثات، لأن المرحلة الثانية ستلزم جيش الاحتلال الإسرائيلي بسحب كامل قواته من غزة والموافقة على إنهاء الحرب بشكل دائم.
بينما وافق نتنياهو على هذه الشروط، أصر أيضًا على أنه لن يوافق على إنهاء الحرب قبل تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية. وقبلت الولايات المتحدة بالموقف الإسرائيلي الجديد وعملت على تمديد المرحلة الأولى، بدلاً من المضي قدمًا في الثانية.
لم تقبل حماس هذا النهج، وعرضت بدلاً من ذلك إطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي إيدان ألكسندر مع جثث أربعة رهائن آخرين يحملون الجنسية الأميركية - وهو عرض استند إلى المناقشات التي أجرتها حماس مع بوهلر في وقت سابق من هذا الشهر، لكن إدارة ترامب كانت قد تجاوزت بالفعل تلك المحادثات المباشرة، ووصف ويتكوف في 16 آذار اقتراح حماس بأنه "غير قابل للتنفيذ".
شارك برأيك
ويتكوف: حماس ليست عصية على الحل أيديولوجيًا، ويمكن إنهاء صراع غزة بالحوار