Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 24 مارس 2025 9:26 صباحًا - بتوقيت القدس

التطهير العرقي هدف حرب الإبادة الفاشية على غزّة



رغم عدم وجود خلاف على أن من أهم دوافع نتنياهو لاستئناف حرب الإبادة على قطاع غزّة الحفاظ على حكومته، واسترجاع الفاشي بن غفير إلى صفوفها، وضمان نجاح التصويت على الميزانية في الكنيست الإسرائيلي، فمن الخطأ الاعتقاد أن ذلك هو الدافع الوحيد لخرق إسرائيل إتفاق الهدنة، والتصعيد الخطير الذي تجاوز في وحشيته كل القيود والمحاذير. ذلك أن الدافع الاستراتيجي الأكبر لاستئناف حرب الإبادة كان، من دون شك، طموح نتنياهو وحكومته الفاشية إلى تحقيق ما فشلوا في تحقيقه 15 شهراً من الحرب الدموية، وهو التطهير العرقي لقطاع غزّة وإبادة أكبر عدد ممكن من سكانه. ويشكل ذلك جوهر الأيديولوجيا الصهيونية الفاشية التي يمثلها نتنياهو، الذي صار يروّج نظرية حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني من خلال نسف كل حق له في تقرير المصير وإنشاء دولته المستقلة.

وكل دارس لتاريخ نتنياهو السياسي وفكره الأيديولوجي، بما في ذلك ما كتبه صراحة في كتابيه "مكان تحت الشمس" و"بيبي"، يجد أنه كرّس حياته السياسية لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، ولتمرير رؤيته بأن فلسطين بكاملها لليهود فقط. وقد جسّد نتنياهو ذلك في حملته المعروفة ضد إسحاق رابين و"اتفاق أوسلو"، على علاته، حتى انتهى الأمر باغتيال رابين وانتخابه رئيساً للوزراء عام 1996. ومنذ تلك اللحظة، كرّس طاقاته لتنفيذ فكره العنصري المتطرّف. وقد بدأ أولاً بنسف كل الاتفاقيات مع الفلسطينيين، وتنفيذ وتوسيع غير مسبوقَين للاستيطان الاستعماري في الضفة الغربية، وبذل كل جهد ممكن لفصل الضفة الغربية عن القدس وقطاع غزّة. ثم مرّر بعنجهية "قانون القومية" في الكنيست قبل 7 أكتوبر بسنوات، ومضمونه أن حقّ تقرير المصير على أرض فلسطين محصورٌ باليهود فقط. ثم سعى، بالتعاون مع ترامب والإدارات الأميركية، إلى استخدام التطبيع وما سمّيت "الاتفاقيات الإبراهيمية" لعزل القضية الفلسطينية وتصفيتها بكل مكوّناتها. وألحق ذلك بقانون آخر في الكنيست، إلى جانب قوانين عديدة أخرى، لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة. وهو يحاول حالياً، بحربه الدموية في قطاع غزّة والضفة الغربية، معالجة التحدّي الأكبر الذي يواجه الحركة الصهيونية، وهو الوجود الديمغرافي للفلسطينيين على أرض فلسطين بأعدادٍ تفوق عدد اليهود، رغم تهجير ما لا يقل عن سبعة ملايين فلسطيني خارج وطنهم.

وبما أن إسرائيل، بكل مكوّناتها في الحكومة والمعارضة، ترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة، وترفض فكرة حل الدولة الديمقراطية الواحدة، فلا يوجد سوى حلّ واحد بالنسبة للفكر الصهيوني، وهو تنفيذ التطهير العرقي أولاً لسكان غزّة، ثم لسكّان الضفة الغربية.

لم تكن إسرائيل لتجرُؤ على ارتكاب كل هذه الآثام، لولا الدعم الأميركي المطلق والمعلن لجرائمها

لقد غذَّى نتنياهو وأركان الحركة الصهيونية ترامب بهذه الفكرة، حتى تجرّأ وخرج يدعو إليها علناً، رغم علمه أن دعوته إلى طرد سكان غزّة من وطنهم تمثل جريمة حرب حسب القانون الدولي. لكن ترامب تراجع عندما رأى صدًا عالميًا وعربيًا وإسلاميًا لهذه الفكرة، وصمودًا بطوليًا للشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه. وكان هذا التراجع مصدر قلق لنتنياهو وعتاة الحركة الصهيونية، فبدأوا يصعدون خروقاتهم لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقعوه ثم تنكروا له، على أمل أن يؤدّي التصعيد إلى استعادة التأييد الأمريكي لفكرة التطهير العرقي للشعب الفلسطيني.

ولعل أخطر الأفكار التي تجسّد هذا التوجه، ما ورد على لسان بعض القادة العسكريين الإسرائيليين، بأنهم سيعيدون احتلال قطاع غزّة بالكامل، وسينشئون أكبر معسكر اعتقال في التاريخ البشري باسم "منطقة آمنة" مزعومة وصغيرة في قطاع غزّة، ليحشروا فيها مليوني فلسطيني، ويغلقوا أبوابها، ويتحكّموا بمن يخرج منها أو يدخل إليها، ثم يصفوا ويقتلوا كل من بقي خارجها، ويبدأوا بعد ذلك عملية ترحيل تدريجي للقاطنين في معسكر الاعتقال إلى أي مكانٍ يقبل استقبالهم، مدّعين أنه "رحيل طوعي" للفلسطينيين بعد وضعهم في ظروفٍ إنسانيةٍ خانقة وقاتلة.

وما من أمر مشين أكثر من الإعلان الأميركي بدعم ما تنفذه إسرائيل في غزّة من حرب إبادة، ومحاولة تحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية عن ذلك، في تكرار صار مقرفاً ومملاً لمحاولات تحميل الضحية مسؤولية الجرائم التي تتعرّض لها على يد حكام إسرائيل. وما يثير الاشمئزاز استمرار أطراف غربية كثيرة في دعم إسرائيل، ورفض إدانتها وفرض عقوبات عليها، رغم معرفة هذه الأطراف الدقيقة بارتكاب إسرائيل أكثر من 1400 خرق لاتفاقية وقف إطلاق النار، التي وقعت عليها، بما في ذلك قتل 175 فلسطينيًا أثناء وقف إطلاق النار، ورفض تنفيذ ما ورد في الاتفاق من بدء التفاوض بشأن تفاصيل المرحلة الثانية، ثم فرض حصارٍ خانقٍ لا سابق له على قطاع غزّة، يمنع دخول أي قطعة خبز أو حبة دواء أو كأس ماء لمليوني إنسان محاصرين في القطاع، وأخيراً البدء بالقصف الجوي الهمجي الشامل والاجتياح البرّي، الذي أودى بحياة مئات الأطفال والنساء والمدنيين العزّل.

الفاشية الصاعدة والحاكمة في إسرائيل بدأت تمزّق البنيان الداخلي لإسرائيل نفسها، بما في ذلك الصراع الذي انفجر بسبب إقالة رئيس الشاباك.

ولم تكن إسرائيل لتجرُؤ على ارتكاب كل هذه الآثام، لولا الدعم الأميركي المطلق والمعلن لجرائمها، ولولا ضعف الموقف العربي والإسلامي والدولي، الذي لم يتجاوز مرحلة البيانات والإدانات، إلى فرض عقوباتٍ حقيقيةٍ على إسرائيل، تجبرها على التوقف عن استهانتها بأبسط حقوق الإنسان، واستخفافها الكامل واعتدائها على القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.

هناك وضعٌ خطيرٌ لا سابق له، ليس في قطاع غزّة فحسب، بل في الضفة الغربية أيضاً، ولن يكون علاجه إلا بموقف فلسطيني موحّد، وقيادة وطنية موحّدة على برنامج كفاحي للتصدّي لجرائم التطهير العرقي والإبادة والعقوبات الجماعية، وبموقف عربي وإسلامي ودولي فوري، يهدّد إسرائيل بعقوباتٍ فعلية، ويشعر الولايات المتحدة بأن مصالحها في المنطقة ستكون معرّضة للخطر، ما لم يلجم ترامب نتنياهو مرّة أخرى ويجبره على وقف تصعيده العسكري الخطير، والالتزام بوقف إطلاق نار يؤدي إلى تبادل كامل للأسرى، وإنهاء الحرب، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزّة.

ولعلّ من مفارقات القدر أن الفاشية الصاعدة والحاكمة في إسرائيل بدأت تمزّق البنيان الداخلي لإسرائيل نفسها، بما في ذلك الصراع الذي انفجر بسبب إقالة رئيس الشاباك، رونين بار، ونيّة الحكومة طرد المستشارة القانونية للحكومة، وإعلان نتنياهو رفض تنفيذ قرار المحكمة العليا تجميد قرار فصل بار. وكما توقّعنا، بدأت الفاشية الوحشية الموجهة ضد الشعب الفلسطيني تأكل بنيانها الداخلي نفسه.



.............

لم تكن إسرائيل لتجرُؤ على ارتكاب كل هذه الآثام، لولا الدعم الأميركي المطلق والمعلن لجرائمها، ولولا ضعف الموقف العربي والإسلامي والدولي، الذي لم يتجاوز مرحلة البيانات والإدانات، إلى فرض عقوباتٍ حقيقيةٍ على إسرائيل.

دلالات

شارك برأيك

التطهير العرقي هدف حرب الإبادة الفاشية على غزّة

تبوك - السعودية 🇸🇦

ضعف الموقف العربي والإسلامي والدولي قبل يوم واحد

وما دام الفلسطينيون وقادتهم يمدحون المواقف الضعيفة هذه فكيف يرجون أن تتحسن؟ فما لم يطالبوا من يدعي أنه مع الفلسطينيين وحقوقهم -قبل الغذاء والدواء والمال والدعاء والاستنكار والشتم- بوضع الحركة الصهيونية على رأس

المزيد في أقلام وأراء

مرآة الصراع والمأزق الفلسطيني

جمال زقوت

الخطابات الشعبوية بين القول والفعل

بهاء رحال

الإبادة الموضعية!

إبراهيم ملحم

جامعة الدول العربية في خضم نكبات الشرق العربي المتتالية

كريستين حنا نصر

هل خطاب الإدارة الأمريكية متناقض حقاً؟!

د. أحمد رفيق عوض

تفاقم ظواهر التناقض لدى المستعمرة الإسرائيلية

حمادة فراعنة

"الكابنيت" يفصل ويثبت.. والسلطة تواجه أشباح الماضي

أمين الحاج

الواقع العربي والتحديات المستعصية

محمـد علوش

على مسرح الخذلان.. ذُبح يوسف وأُغرقت غزة بدماء الشهداء

خضير المرشدي

السلوك محكوم بنتائجه

د. أفنان نظير دروزه

لماذا أعاد نتنياهو إشعال الحرب في غزة؟ خيار سياسي أم ضرورة أمنية ؟

د. دلال صائب عريقات

غزة.. إبادة ممنهجة

بهاء رحال

النهر الذي يفرش خضرته على ضفتيه

رمزي الغزوي

دبابات وأموال !!

أنهار الدم والدموع تجري في القطاع بلا انقطاع!

ابراهيم ملحم

مستقبل سوريا السياسي يحدد مستقبل الشرق العربي

كريستين حنا ناصر

معركة الحسم المقبلة في قطاع غزة

حمادة فراعنة

إيلون ماسك يستحوذ على شركة ناشئة لتوليد مقاطع الفيديو بالذكاء الاصطناعي

العائلة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي: عائلتك لم تعد كما تعتقد.. هل تتحكم بها خوارزميات...

المصانع المظلمة - مستقبل الصين المشرق

أسعار العملات

الإثنين 24 مارس 2025 9:52 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 4.0

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 903)